Züht ve Rakiklerden Seçmeler
المنتخب من كتاب الزهد والرقائق
Araştırmacı
د. عامر حسن صبري
Yayıncı
دار البشائر الإسلامية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٠هـ - ٢٠٠٠م
Yayın Yeri
بيروت / لبنان
قُلْتُ: " وَمَتَى يَجِدُ الْعَبْدُ الرَّاحَةَ "؟ قَالَ: " إِذَا وَضَعَ قَدَمَهُ فِي الْجَنَّةِ " قُلْتُ: " لِمَ تَخَلَّيْتَ مِنَ الدُّنْيَا وَتَعَلَّقْتَ فِي هَذِهِ الصَّوْمَعَةِ "؟ قَالَ: " لِأَنَّهُ مَنْ مَشَى عَلَى الْأَرْضِ عَثَرَ وَخَافَ اللُّصُوصَ، فَتَعَلَّقْتُ فِيهَا وَتَحَصَّنْتُ بِمَنْ فِي السَّمَاءِ مِنْ فِتْنَةِ أَهْلِ الْأَرْضِ، لِأَنَّهُمْ سُرَّاقُ الْعُقُولِ، فَخِفْتُ أَنْ يَسْرِقُوا عَقْلِي، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَلْبَ إِذَا صَفَا ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْأَرْضُ، وَأَحَبَّ قُرْبَ السَّمَاءِ، وَفَكَّرَ فِي قُرْبِ الْأَجَلِ، فَأَحَبَّ أَنْ يُوَكَّلَ إِلَى رَبِّهِ " قُلْتُ: " يَا رَاهِبُ، مِنْ أَيْنَ تَأْكُلُ "؟ قَالَ: " مِنْ زَرْعٍ لَمْ أَبْذُرْهُ، بَذَرَهُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ الَّذِي نَصَبَ الرَّحَا، يَأْتِيهَا بِالطَّحِينِ، وَأَشَارَ إِلَى ضِرْسِهِ قُلْتُ: " كَيْفَ تَرَى حَالَكَ "؟ قَالَ: " كَيْفَ يَكُونُ حَالُ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا بِلَا أُهْبَةٍ، وَيَسْكُنُ قَبْرًا بِلَا مُؤَنِسٍ، وَيَقِفُ بَيْنَ يَدَيِّ حَكَمٍ عَدْلٍ " ثُمَّ أَرْسَلَ عَيْنَيهِ فَبَكَى قُلْتُ: " ما يُبْكِيكَ "؟ قَالَ: ذَكَرْتُ أَيَّامًا مَضَتْ مِنْ أَجَلِي لَمْ أُحَقِّقُ فِيهَا عَمَلِي، وَفَكَّرْتُ فِي قِلَّةِ الزَّادِ، وَفِي عَقَبَةِ هُبُوطٍ إِلَى جَنَّةٍ أَوْ إِلَى نَارٍ " قُلْتُ: " يَا رَاهِبُ، بِمَا يُسْتَجْلبُ الْحُزْنُ "؟ قَالَ: " بِطُولِ الْغُرْبَةِ، وَلَيْسَ الْغَرِيبُ مَنْ مَشَى مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَلَكِنَّ الْغَرِيبَ صَالِحٌ بَيْنَ فُسَّاقٍ " ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ سُرْعَةَ الِاسْتِغْفَارِ تَوْبَةُ الْكَذَّابِينَ، لَوْ عَلِمَ اللِّسَانُ مِمَّا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَجَفَّ فِي الْحَنَكِ، إِنَّ الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْمَ سَاكَنَهَا الْمَوْتُ مَا قَرَّتْ لَهَا عَيْنٌ، كُلَّمَا تَزَوَّجَتِ الدُّنْيَا زَوْجًا طَلَّقَهُ الْمَوْتُ، وَالدُّنْيَا مِنَ الْمَوْتِ طَالِقٌ لَمْ تَقْضِ عِدّتَهَا، فَمَثَلُهَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ ليِّنٌ مَسُّهَا وَالسُّمُّ فِي جَوْفِهَا ثُمَّ قَالَ الرَّاهِبُ: " يَا هَذَا، كَمَا لَا يَجْوزُ الزَّائِفَةُ مِنَ الدَّرَاهِمِ، كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَلَامُهُمْ إِلَّا بِنُورِ الْإِخْلَاصِ، إِنَّ الْفِضَّةَ السَّوْدَاءَ لَتُزَخْرَفُ بِالْفِضَّةِ
1 / 96