المجلد الأول
المقدمات
مقدمة الطبعة الثانية
...
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
وبعد:
فهذه هي الطبعة الثانية لكتاب "المنتخب من مسند عبد بن حميد، رحمه الله تعالى" بتحقيقي وتعليقي، أقدمها لإخواني أهل الإسلام وفّقهم الله لكل خير، بعد أن نفدت الطبعة الأولى، إذ قد طبعت الطبعة الأولى منذ ما يقارب من سبعة عشر عامًا، وبلا شك فقد ظهرت في هذه السنوات كتبٌ في علل الأحاديث ودواوين من دواوين السنن كانت من قبل في عالم المخطوط المحفوظ في الخزائن والأدراج، فخرجت إلى الناس وتداولوها بالنشر والتوزيع والبحث والاطلاع، ومما لا شك فيه أن هذا له تأثير على تخريج الأحاديث التي خُرجت من قبل، وعلى الحكم عليها كذلك بعد ظهور هذا الكم الهائل من كتب العلل والسنن، فأضفت ما تيسر لي إضافته من التخريج وأقوال علماء العلل على الطبعة السابقة، وإن لم أحرص على ذكر كل من أخرج الحديث خشية إثقال الكتاب بالحواشي، ثم لوجود الموسوعات التي عني أهلها بإيراد أطراف الحديث فيها.
هذا، ومما تمتاز به هذه الطبعة عن سابقتها ما يلي:
أولًا: مراجعة متون الأحاديث على عدة مخطوطات "للمنتخب"، فقد كان
1 / 5
بالطبعة السابقة بعض السقط، وعدم الوضوح في مواطن، إذ قد اعتمدنا فيها على مخطوطة المكتبة الصديقية بمنى لصاحبها الشيخ عبد الرحيم صديق ﵀ وقد آلت بعد موته إلى مكتبة الحرم المكي، زاده الله تشريفًا.
أما هذه الطبعة التي بين أيدينا، فقد رُوجعت على عدة مخطوطات منها:
١- نسخة مكتبة الفتياني بالقدس، وعدد أوراقها: "٢٤٩" ورقة، وسيأتي وصفها ضمن وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق، وبهذه النسخة سقط من الحديث رقم [١٢٥٥] إلى رقم [١٤٤٢] استكملنا هذا النقص بالاعتماد على نسخة خزانة جامعة القرويين.
٢- نسخة خزانة جامعة القرويين بفاس بالمغرب، وعدد أوراقها: "٢٠٤" وروقات وسيأتي وصفها.
٣- نسخة الزيدانية بالخزانة الملكية بالرباط، وعدد أوراقها: "١٢" ورقة.
٤- نسخة المكتبة الصديقية، واعتمدنا عليها من خلال الطبعة الأولى للكتاب.
ثانيًا: إيراد مزيد من أقوال علماء العلل على بعض الأحاديث، مع مزيد من التخريج حيث يحتاج الأمر إلى مزيد من التخريج.
ثالثًا: بعض التعديلات في الأحكام على بعض الأحاديث، وهذا شيءٌ قليل، وذلك بناء على تغير الاجتهادات وظهور العلل، وكذلك ظهور مزيد من الطرق.
هذا، ولم تكن همتي -كما أسلفت- التوسع في التخريج لما قد أشرت إليه.
1 / 6
ثم إنه لا يفوتني بعد شكر الله ﷿ أن أشكر أخي الشيخ أبا مصعب طعلت الحُلواني -جزاه الله خيرًا- وهو أحد إخواننا من طلبة العلم النجباء الذين لهم اهتمامات بالمخطوطات؛ على ما قام به من إمدادي بالمخطوطات لهذا الكتاب.
هذا، وما كان من توفيق في هذا الكتاب فمن الله وحده، فله الحمد وله الشكر، وما كان من خطإٍ فمن نفسي ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان من ذلك.
نفع الله المسلمين بهذا السِّفْر الجليل، وجعله في موازين حسناتنا يوم نلقاه.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
أبو عبد الله
مصطفى بن العدوي
1 / 7
ترجمة المصنف "عبد بن حميد":
هو أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ بنُ حُمَيدِ بن نصر الكِسِّي١، ويقال له: الكَشِّي، بالفتح والإعجام، يقال: اسمه عبد الحميد.
ولد بعد السبعين ومائة.
قال الذهبي في السير "١٢/ ٢٣٥": وحدَّث عن: علي بن عاصم الواسطي، ومحمد بن بشر العبدي، وابن أبي فديك، ويزيد بن هارون، ويحيى بن آدم، وأبي علي الحنفي، وأبي داود الحَفَرِي، وعبد الرزاق، وجعفر بن عون، وأبي أسامة، وأبي داود الطيالسي، وأبي بدر السَّكُوني، وعبد الرحمن بن عبد الله الدَّشْتكيِّ، ومسلم بن قتيبة، وزيد بن الحباب، وعبد الله بن بكر، وعمر بن يونس اليمامي، والواقدي، ومحاضر بن المورع، ومصعب بن المقدام، وأبي عاصم، وخلق كثير مذكورين في "تفسيره الكبير" وفي "مسنده" الذي وقع لنا "المنتخب" منه.
حدث عنه: مسلم، والترمذي، والبخاري تعليقًا في دلائل النبوة من "صحيحه" فقال: وقال عبدُ الحميد: حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا معاذ به
_________
١ قال ابن ماكولا في "الإكمال" "٧/ ١٨٥": أما الكِسي بالسين المهملة، فجماعة كثيرة ينسبون إلى "كِس" بلد يقارب "سمرقند" منه جماعة من المحدثين، والعراقيون، وغيرهم يقولونه بفتح الكاف، وربما صحفه بعضهم فقال بالشين المعجمة، وهو خطأ.
وقال ابن السمعاني في الأنساب "٤/ ٦٢٥": الكِسِّي، بكسر الكاف وتشديد السين المهملة، هذه النسبة إلى بلدة بما وراء النهر، يقال لها: كِس، أقمت بها اثني عشر يومًا، وقد ذكر الحفاظ في تواريخهم أن اسم هذه البلدة "كس" بكسر الكاف والسين غير المنطوقة، والنسبة إليها كسي، غير أن المشهور "كش" بفتح الكاف والشين المنقوطة، بقرب "نخشب" والمعروف من هذه البلدة: أبو محمد عبد الحميد بن حميد بن نصر الكشي، وهو المعروف بعبد بن حميد.
1 / 10
العلاء، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ "في حنين الجذع" فقيل: هذا هو عَبْد.
وروى أيضًا ولده محمد عنه، وبكر بن المرزبان، وشُريح بن أبي عبد الله النسفي الزاهد، والمكي بن نوح المقرئ، وعمر بن محمد بن بُجَيْر، ومحمد بن عبد بن عامر السمرقندي، وإبراهيم بن خُزَيْم بن قمير الشاشي، وأبو معاذ العباس بن إدريس بن الفرج الكِسِّي، وأبو سعيد حاتم بن حسن الشاشي، والحسن بن الفضل بن أبي البزاز، وأبو عمرو حفص بن بوخاش، وسلمان بن إسرائيل بن جابر الخُجَنْدي، وسهل بن شاذويه البخاري، وأبو سعيد الشاه بن جعفر بن حبيب النَّسَفي، وأبو بكر محمد بن عمر بن منصور الكشي، ومحمد بن موسى بن الهذيل النسفي، ومحمود بن عنبر بن نُعَيم الأزدي النَّسَفي، وغيرهم من أهل ما وراء النهر ممن لا نعرِفُ أحوالهم.
ثناء العلماء عليه:
قال ابن حبان: وكان ممن جمع وصنّف١.
وقال أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي: عبد الحميد بن حميد بن نصر الكشي أبو محمد، يعرف بـ "عبد بن حميد"، صاحب "المسند" و"التفسير"، وكان من الأئمة المتقنين والثقات من المحدثين٢.
وقال ابن السمعاني: إمام جليل القدر، ممن جمع وصنف ... وكانت إليه الرحلة في أقطار الأرض٣.
_________
١ "الثقات" "٨/ ٤٠١".
٢ التقييد في رواية السنن والمسانيد "ص٣٧٤".
٣ "الأنساب" "٤/ ٦٢٥".
1 / 11
وقال ياقوت الحموي: صاحب "المسند" وأحد أئمة الحديث١.
وقال الذهبي: الإمام الحافظ، الحجة الجَوَّال٢.
وقال: وكان من الأئمة الثقات٣.
مؤلفاته:
١- "التفسير": ذكره ابن نقطة في "التقييد"، والذهبي في "سير أعلام النبلاء"، وفي "تذكرة الحفاظ"، وابن كثير في "البداية والنهاية" وغيرهم.
٢- "المسند الكبير": ذكره العلماء باسم "المسند".
٣- "المنتخب": وهو الذي ذكره العلماء باسم "المنتخب"، وقالوا: إنه القدر المسموع لإبراهيم بن خزيم الشاشي من "المسند".
_________
١ "معجم البلدان" "٥/ ٤٦٠".
٢ السير "١٢/ ٢٣٥".
٣ تذكرة الحفاظ "٢/ ٥٣٤".
1 / 12
توثيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه:
١- ذكره الذهبي في "السير" "١٢/ ٢٣٥" في ترجمة عبد بن حميد ... قال: وفي "مسنده" الذي وقع لنا "المنتخب" منه.
وقال: وقد وقع لنا "المنتخب" عاليًا، ثم لصغار أولادنا١.
٢- قال ابن حجر في "المعجم المفهرس" "ص١٣٤" برقم "٤٨٢":
"مسند عَبْدُ بنُ حُمَيدِ بنِ نَصْرٍ الكِسي" ويسمى "المنتخب"، وهو القدر المسموع لإبراهيم بن خزيم من عبد، وهو أعلى المسانيد التي وقعت لي، ثم ساق أسانيده إليه.
٣- وقال ابن نقطة في "التقييد" في ترجمة إبراهيم بن خزيم الشاشي "ص١٨٩": حدَّث عن عبد بن حميد الكشي بكتاب مختصر "المسند" وغيره.
٤- وقال ابن نقطة في "التقييد" في ترجمة عبد الأول السجزي "ص٣٨٦": إنه حدَّث بالمنتخب من مسند عبد بن حميد.
٥- تخريج العلماء لزوائد هذا المسند في كتبهم بنفس أسانيده ومتونه، ومنهم:
أ- الحافظ ابن حجر في كتابه "المطالب العالية في زوائد المسانيد الثمانية".
ب- الحافظ البوصيري في كتابه "إتحاف الخيرة المهرة في زوائد المسانيد العشرة".
_________
١ "سير أعلام النبلاء" "١٢/ ٢٣٦".
1 / 13
٦- ذكره فؤاد سزكين في كتاب "تاريخ التراث العربي" "ص١١٣" برقم "٦٤" وفي النسخة المطبوعة بالعربية "١/ ٢١٦" فقال:
آثاره: "المسند الكبير"، ومن المرجح أنه وصلت إلينا منه مختارات في المخطوطات التالية، ثم ذكر المخطوطات.
وذكره بروكلمان ملحق "١/ ٢٥٧".
1 / 14
سبب تسمية الكتاب بـ"المنتخب":
قال ابن حجر في "المعجم المفهرس": "مسند عبد بن حميد الكسي"، ويسمى "المنتخب"، وهو القدر المسموع لإبراهيم بن خزيم بن عبد١.
وقال الكتاني في "الرسالة المستطرفة": إن عبد بن حميد له مسندان؛ أحدهما كبير والآخر صغير، وهو المسمى بـ"المنتخب"، وهو القدر المسموع لإبراهيم بن خزيم الشاشي منه، وهو الموجود بين أيدي الناس مجلد لطيف، وهو خالٍ من مسانيد كثير من مشاهير الصحابة٢.
_________
١ المعجم المفهرس "ص١٣٤" برقم "٤٨٢".
٢ الرسالة المستطرفة "ص٥٩".
1 / 15
تراجم سند نسخة "المنتخب من مسند عبد حميد"
...
تراجم سند نسخة "المنتخب من مسند عبد بن حميد":
١- أَبُو الوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عيسى السجزي ١:
قال الذهبي: الشيخ الإمام الزاهد الخير الصوفي، شيخ الإسلام، مسند الآفاق، أبو الوقت، عبد الأول ابن الشيخ المحدث المعمر أبي عبد الله عيسى بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق، السجزي، ثم الهروي الماليني.
مولده في سنة ٤٥٨هـ٢.
وقال ابن نقطة: حدث بـ"صحيح البخاري" عن عبد الرحمن بن محمد الداودي، و"مسند الدارمي" عن أبي الحسن الداودي، وبـ"المنتخب من مسند عبد بن حميد"٣.
وقال ابن نقطة: سمعت والده عيسى حمله على رقبته من هراة إلى بوشنج، وسمّعه "مسند الدارمي"، و"صحيح البخاري"، و"المنتخب من حديث عبد بن حميد"٤.
قال السمعاني: شيخ صالح، حسن السمت والأخلاق، متودد، متواضع، سليم الجانب، استسعد بصحبة الإمام عبد الله الأنصاري، وخدمه مدة، وسافر إلى العراق وخوزستان والبصرة، نزل بغداد برباط البسطامي فيما حكاه
_________
١ من عند أبي الوقت اختلفت أسماء الرواة في النسخ، فلم نترجم لهم خشية الإطالة.
٢ "السير" "٢٠/ ٣٠٣، ٣٠٤".
٣ "التقييد" لابن نقطة "ص٣٨٦"، وذكر ذلك الذهبي في "السير" "٢٠/ ٣٠٤".
٤ "التقييد" "ص٣٨٧" والمستفاد من "ذيل تاريخ بغداد" لابن الدمياطي "ص١٥٠".
1 / 16
لي، وسمعت منه بهراة ومالين، وكان صبورا على القراءة محبا للرواية، حدث بـ"الصحيح"، و"مسند عبد"، و"الدارمي" عدة نُوب١.
قال زكي الدين البرزالي: طاف أبو الوقت العراق وخوزستان، وحدث بهراة ومالين وبوشنج وكرمان ويزد وأصبهان والكرج وفارس وهمذان، وقعد بين يديه الحفاظ والوزراء، وكان عنده كتب وأجزاء، سمع عليه من لا يحصى ولا يحصر٢.
وقال ابن الجوزي: كان صبورا على القراءة، وكان صالحا، كثير الذكر والتهجد والبكاء، على سمت السلف، وعزم عام موته على الحج وهيأ ما يحتاج إليه، فمات٣.
قال أبو الفرج ابن الجوزي: حدثني محمد بن الحسين التكريتي الصوفي قال: أسندته إليّ٤، وكان آخر كلمة قالها: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ ومات٥.
قال الذهبي: أنبأنا طائفة عن ابن النجار، قال: أنشدنا داود بن معمر بأصبهان، أنشدنا محمد بن الفضل العقيلي لنفسه في سنة إحدى وخمسين:
أتاكم الشيخ أبو الوقت ... بأحسن الأخبار عن ثبت
طوى إليكم ناشرا علمه ... مراحل الأبرق والخبت٦
_________
١ "السير" "٢٠/ ٣٠٦".
٢، ٣ "السير" "٢٠/ ٣٠٧".
٤ أي: وهو يحتضر.
٥ "المنتظم" "١٠/ ١٨٣".
٦ الأبرق: الأرض المتسعة الغليظة، مختلطة بحجارة ورمل.
والخبت: ما اطمأن من الأرض واتسع، وقيل: هو الوادي العميق الوطيء.
1 / 17
ألحق بالأشياخ أطفالكم ... وقد رمى الحاسد بالكبت
فمنة الشيخ بما قد روى ... كمنة الغيث على النبت
بارك فيه الله من حامل ... خلاصة الفقه إلى المفتي
انتهزوا الفرصة يا سادتي ... وحصِّلوا الإسناد في الوقت
فإن من فوّت ما عنده ... يصير ذا الحسرة المقت١
توفي أبو الوقت في ليلة الأحد سادس ذي القعدة سنة ٥٥٣هـ ودفن بالشونيزية٢، وكان مستقيم الرأي حاضر الذهن٣.
٢- أَبُو الحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ محمد بن المظفر الداودي ٤:
قال ابن السمعاني: وجه مشايخ خراسان فضلا عن ناحيته، والمشهور في أصله وفضله وسيرته وورعه، له قدم راسخ في التقوى، ينسب إلى جده الأعلى داود بن أحمد، قرأ الأدب على أبي علي الفنجكردي، وقرأ الفقه بمرو على أبي بكر القفال، وبنيسابور على أبي سهل الصعلوكي، وببغداد على أبي
_________
١ "السير" "٢٠/ ٣١٠، ٣١١".
٢ "تكملة الإكمال" لابن نقطة "٣/ ٣١٦"، والمستفاد من "ذيل تاريخ بغداد" لابن الدمياطي "ص١٥٢، ١٥٣".
٣ "التكملة" لابن نقطة "٣/ ٣١٦".
* انظر لمزيد من ترجمة أبي الوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيسَى "السير" "٢٠/ ٣٠٣-٣١١" و"الأنساب" "٣/ ٢٤٩"، و"المنتظم" "١٠/ ١٨٢، ١٨٣"، و"تكملة الإكمال" "٣/ ٣١٥، ٣١٦"، و"التقييد" لابن نقطة "٢/ ١٦٣"، و"وفيات الأعيان" "٣/ ٣٦٦"، و"تذكرة الحفاظ" "٤/ ١٣١٥"، و"العبر" "٣/ ٢٠" و"المستفاد" "ص١٥٠-١٥٣"، و"النجوم الزاهرة" "٥/ ٣٢٨"، وغيرهم.
٤ قال ابن السمعاني في "الأنساب" "٢/ ٥١١": الداودي بفتح الدال المهملة والألف والواو المضمومة بين الدالين المهملتين، هذه النسبة إلى مذهب داود.
1 / 18
حامد الإسفراييني، وببوشنج على أبي سعيد يحيى بن منصور الفقيه.
وكان حال التفقه يحمل ما يأكله من بلاده احتياطا وتورعا، صحب الأستاذ أبا علي الدقاق وأبا عبد الرحمن السلمي، سمع ببغداد أبا الحسن بن الصلت المجبر، وبنيسابور أبا عبد الله الحافظ، وبهراة أبا محمد بن أبي شريح، وببوشنج أبا محمد الحمويي، وجماعة كثيرة من هذه الطبقة.
روى لنا عنه: أبو الحسن مسافر، وأبو محمد أحمد ابنا محمد بن علي البسطامي بنيسابور، وأبو الوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيسَى السجزي بهراة، وأبو المحاسن أسعد بن علي الحنفي بمالين، وأم الفضل عائشة بنت أبي بكر بن بحر البلخي ببوشنج، وغيرهم.
أخبرنا أبو الحسن الفارسي كتابة، أنشدنا أبو القاسم أسعد بن علي البارع لنفسه في الحسن الداودي:
أئمة العالم جربتهم ... من بين مذموم ومحمود
سيرة داوديهم خيرهم ... وخير درع درع داود١
سمع "صحيح البخاري" من أبي مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أَحْمَدَ بن حمويه السرخسي في صفر سنة ٣٨١هـ٢.
ولد أبو الحسن الداودي في شهر ربيع الآخر سنة ٣٧٤هـ، وتوفي ببوشنج في شوال سنة ٤٦٧هـ٣.
_________
١ "الأنساب" "٢/ ٥١١، ٥١٢".
٢ "التقييد" لابن نقطة "ص٣٣٥".
٣ "الأنساب" لابن السمعاني "٢/ ٥١٢".
1 / 19
٣- أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أحمد بن حمويه السرخسي:
قال الذهبي: الإمام المحدث الصدوق المسند، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أحمد بن حمويه بن يوسف بن أعين، خطيب سرخس١.
قال ابن السمعاني: نزيل بوشنج وهراة، كان رحل إلى بلاد ما وراء النهر، وسمع بفربر أبا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يوسف بن مطر الفربري راوية "الصحيح"٢، في سنة ست عشرة وثلاثمائة٣، وبسمرقند أبا عمر العباس بن عمر السمرقندي٤، راوي "الدارمي"، وبخرشكت أبا إسحاق إبراهيم بن خزيم الشاشي٥، راوي "عبد بن حميد"٦.
حدث عنه: الحافظ أبو ذر الهروي، والحافظ أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم القرّاب، ومحمد بن عبد الصمد الترابي المروزي، وعلي بن عبد الله الهروي، ومحمد بن أحمد بن محمد بن محمود، وأبو الحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ الداودي، وآخرون٧.
قال أبو ذر عَبْدُ اللَّهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ محمد الحافظ الهروي: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حمويه أبو محمد السرخسي قرأت عليه، ثقة صاحب أصول سنة٨.
_________
١ "سر أعلام النبلاء" "١٦/ ٤٩٢".
٢ "الأنساب" للسمعاني "٢/ ٣١٣".
٣ "السير" "١٦/ ٤٩٢".
٤ "الأنساب" "٢/ ٣١٣" وأضاف الذهبي أنه سمع منه مسند الدارمي.
٥ "الأنساب" "٢/ ٣١٣" وأضاف الذهبي أنه سمع منه "المسند الكبير" و"التفسير" عبد بن حميد.
٦ "الأنساب" "٢/ ٣١٣".
٧ "السير" "١٦/ ٤٩٣".
٨ "التقييد" لابن نقطة "ق١٢٥، ١٢٦"، ونقل هذا النص الذهبي في "السير" إلا أنه قال: "صاحب أصول حسان".
1 / 20
قال الذهبي: له جزء مفرد، عد فيه أبواب "الصحيح" وما في كل باب من الأحاديث، فأورد ذلك الشيخ محيي الدين النواوي في أول شرحه لـ"صحيح البخاري". وقد بقي حديثه يروى عاليا في سنة ثلاثين وسبعمائة عند أبي العباس الحجار.
مولده في سنة ثلاث وتسعين ومائتين.
وقال أبو يعقوب القراب: توفي لليلتين بقيتا من ذي الحجة، سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة١.
٤- أبو إسحاق إِبْرَاهُيمُ بنُ خُزَيمٍ الشَّاشِيُّ:
قَالَ الذهبي عنه: المحدث الصدوق، أبو إسحاق الشاشي، المروزي الأصل.
سمع من عبد بن حميد "تفسيره" و"مسنده" في سنة تسع وأربعين ومائتين، وحدث بهما، وطال عمره.
حدث عنه: أبو حاتم بن حبان، وعبد اللَّهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّوَيْهِ السرخسي، وغيرهما. وسماع ابن حمويه منه بالشاش -مدينة من مدائن الترك- وكان ذلك في سنة ثماني عشرة وثلاثمائة في شعبان٢.
وقال ابن ماكولا: يروي عنه محمد بن عبد الله البروجردي وغيره٣.
_________
١ "السير" "١٦/ ٤٩٣"، وانظر غير ما ذكرنا من مراجع، "العبر" "٣/ ١٧"، و"تاريخ الإسلام" "ج٤/ ق٤٢ب" ومشتبه النسبة "١/ ٢٥٠" وتبصير المنتبه "٢/ ٥١٥"، والنجوم الزاهرة" "٤/ ١٦١"، و"شذرات الذهب" "٣/ ١٠٠".
٢ "سير أعلام النبلاء" "١٤/ ٤٨٦، ٤٨٧".
٣ "الإكمال" لابن ماكولا "٣/ ١٣٤".
1 / 21
وقال ابن نقطة: حدث عن عبد بن حميد الكشي بكتاب مختصر "المسند" وغيره١.
وقال الذهبي: ولم تبلغنا وفاة ابن خزيم ولا شيء من سيرته. وهو في عداد الثقات، ومن أبناء التسعين، رحمه الله٢.
_________
١ "التقييد في رواة السنن والمسانيد" "ص١٨٩".
٢ "سر أعلام النبلاء" "١٤/ ٤٨٧"، وانظر لمصادر ترجمته غير ما ذكرنا "المشتبه" للذهبي "١/ ٢٦٣"، و"تبصير المنتبه" لابن حجر "٢/ ٥٢٨"، و"توضيح المشتبه" لابن ناصر الدين "٣/ ٤١٠".
1 / 22
وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق:
اعتمدنا في تحقيق الكتاب على النسخ الآتية:
١- نسخة مكتبة الفتياني بالقدس، ونرمز لها بالرمز "س"، وهي نسخة قديمة، كتبت سنة "٦٨٠" هجرية بخط علي بن محمد بن شاملي، وعليها قراءات عديدة، غير أن بها آثار أرضة كثيرة وتقطيع، إلا أنها مقروءة وقد سقط منها الأحاديث من رقم "١٢٥٥" إلى رقم "١٤٤٢".
وعدد أوراقها "٢٤٩" ورقة.
٢- نسخة خزانة جامعة القرويين بفاس بالمغرب، ونرمز لها بالرمز "م"، وهي نسخة بقلم نسخي نفيس، من خطوط القرن السابع -ظنا- وبآخرها تحبيس للوزير أبي الحسن علي بن يوسف الوطاسي سنة ٨٥٥هـ، وعلى حواشيها مقابلات، وبها أكل أرضة أيضا، وأولها مبتور، ويبدأ الموجود منها بقوله: حُصَيْنِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مُخَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ غَشَّ الْعَرَبَ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَفَاعَتِي، وَلَمْ تَنَلْهُ مودتي".
وآخرها: عَنْ أُمَّ أَيْمَنَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُوصِي بَعْضَ أَهْلِهِ، فَقَالَ: "لا تشرك بالله شيئا ... " كَانَ الْمُوصَى بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ ثَوْبَانَ ﵁. تم الكتاب. وعدد أوراقها: "٢٠٤" ورقة.
٣- نسخة الزيدانية بالخزانة الملكية بالرباط، ونرمز لها بالرمز "ز"،
1 / 23
وهي بخط مغربي رقيق، كتبت سنة "٧٢٠" هجرية، وتبدأ من مسند أبي بكر الصديق -وهو أول الكتاب- وآخرها مبتور، وتنتهي أثناء حديث عمرو بن عبسة من مسند زيد بن أرقم.
وآخر ما فيها: قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ ذلك عدل عتق رقبة".
وعدد أوراقها: "١٢" ورقة.
٤- نسخة المكتبة الصديقية بالحرم المكي الشريف، وهي التي اعتمدنا عليها في التحقيق الأول للكتاب، وقد اكتفينا بالرجوع إلى المطبوع بتحقيقنا.
٥- النسخة المطبوعة بتحقيق صبحي السامرائي، ومحمد خليل الصعيدي، وقد اعتمدا في تحقيقها على ثلاث نسخ خطية:
أ- نسخة الظاهرية.
ب- نسخة آيا صوفيا.
ج- نسخة جامعة القرويين، وهي إحدى النسخ التي اعتمدنا عليها -كما بينا- فيما سقط من نسخة الخالدية بالقدس، وفي بعض المواضع الأخرى.
1 / 24
منهج التحقيق:
١- قمنا بمقابلة النسخ الخطية على المطبوعتين بتحقيق السامرائي والصعيدي، وبتحقيقنا الأول.
٢- قمنا بإضافة الزيادات على المطبوع من النسخ الخطية، ونضع الزيادات بين أقواس صغيرة هكذا " "، ونكتب في الحاشية مثلا: من "س" أو: من "م" أو: من "ز".
٣- قمنا بتصويب النص، والكلمة التي نصوبها في النص نضعها بين معقوفتين هكذا [] ونشير إلى ذلك في الحاشية.
٤- قمنا بوضع علامات الترقيم المناسبة للكتاب، حيث إن المطبوعين ليس بهما علامات ترقيم مناسبة.
٥- قمنا بشرح بعض الكلمات الغريبة التي قد تشكل في القراءة من المخطوط.
٦- أشرنا إلى بعض الأخطاء في المطبوع في الحاشية.
٧- قمنا بعمل تراجم موجزة لرجال سند الكتاب، وقد اعتمدنا رجال سند نسخة الفتياني بالقدس.
٨- أثبتنا نسبة الكتاب إلى "عبد بن حميد".
٩- قمنا بعمل ترجمة موجزة للمصنف "عبد بن حميد" من كتب التراجم.
١٠- قمنا بوصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق.
1 / 25
١١- قمنا بتخريج أحاديث الكتاب والحكم على الأسانيد.
١٢- قمنا بعمل فهارس علمية للمسانيد والآيات والأحاديث والآثار الموجودة في الكتاب؛ ليتسنى للقارئ سهولة الوصول إليها.
ونسأل الله ﷿ أن يتقبل هذا العمل منا بقبول حسن، وأن يجعله في ميزان حسناتنا يوم نلقاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
1 / 26