٢٩ -
(وَخِيَارُ الْخَلْقِ هُدَاتُهُمُ ... وَسِوَاهُمْ مِنْ هَمَجِ الْهَمَجِ)
وَخيَار الْخلق وَفِي نُسْخَة النَّاس أَي أفضلهم هداتهم إِلَى طَرِيق الْحق وهم الْعلمَاء الْعَامِلُونَ يُقَال هديته الطَّرِيق وللطريق وَإِلَى الطَّرِيق أَي دللته عَلَيْهِ وَيدل لما قَالَه أَدِلَّة كَثِيرَة كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة وَأولُوا الْعلم قَائِما بِالْقِسْطِ ...﴾ فَبَدَأَ بِنَفسِهِ وثنى بملائكته وَثلث بأولي الْعلم دون غَيرهم وناهيك بِهِ شرفا وَقَوله ﴿يرفع الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَالَّذين أُوتُوا الْعلم دَرَجَات﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس ﵄ لَهُم دَرَجَات فَوق الْمُؤمنِينَ بِسبع مئة دَرَجَة مَا بَين الدرجتين مسيرَة خمس مئة عَام وَقَوله ﴿إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء﴾ فحصر خَشيته فيهم وَأعظم بِهِ شرفا لِأَن مَعْرفَته سَبَب خَشيته وَقَوله
من سلك طَرِيقا يَبْتَغِي بِهِ علما سهل الله لَهُ طَرِيقا إِلَى الْجنَّة وَإِن الْمَلَائِكَة لتَضَع أَجْنِحَتهَا لطَالب الْعلم رضَا بِمَا يصنع وَإِن الْعَالم ليَسْتَغْفِر لَهُ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض حَتَّى الْحيتَان فِي المَاء وَإِن فضل الْعَالم على العابد كفضل الْقَمَر على سَائِر الْكَوَاكِب وَفِي رِوَايَة كفضلي على أدناكم وَإِن الْعلمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء وَإِن الْأَنْبِيَاء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما إِنَّمَا ورثوا الْعلم
1 / 104