وَاعْلَم أَن كل من وصل إِلَى صفو الْيَقِين بطرِيق الذَّوْق والوجدان فَهُوَ ذُو رُتْبَة فِي الْوُصُول وَإِن تفاوتوا فِيهَا كالملائكة فَمنهمْ من يجد الله بطرِيق الْأَفْعَال فيفنى عَن فعله وَفعل غَيره لوقوفه مَعَ فعل الله تَعَالَى. . وَيخرج فِي هَذِه الْحَالة من التَّدْبِير والاختبار وَهَذَا تجلى بطرِيق الْأَفْعَال وَمِنْهُم من يُوقف فِي مقَام الهيبة والأنس بِمَا يُكَلف قلبه من مطالعة الْجمال والجلال وَهَذَا تجل بطرِيق الصَّفَا وَمِنْهُم من يترقى إِلَى مقَام الفناء مُشْتَمِلًا على بَاطِنه أنوار الْيَقِين والمشاهدة ففنى فِي شُهُوده عَن وجوده وَهَذَا ضرب من تجلي الذَّات لخواص المقربين والمقربون هم الَّذين أخذُوا حظوظهم وإراداتهم واستعملوا فِي الْقيام بِحُقُوق مَوْلَاهُم عبودية لَهُ وطلبا لمرضاته وهم العارفون أهل صفو الْيَقِين واليهم أَشَارَ النَّاظِم بالمبتهج والأبرار هم الَّذين بقوا مَعَ حظوظهم وإلراداتهم وَأقِيمُوا فِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة ومقامات الْيَقِين ليجزوا على مجاهدتهم برفيع الدَّرَجَات وهم الزاهدون وإليهم أَشَارَ بالمنتهج وَمَعَ الْأَحْوَال الْمَذْكُورَة يَنْبَغِي للْعَبد أَن يعلم أَنه لم يصل إِلَى شَيْء فَأَيْنَ الْوُصُول هَيْهَات أَولا ترى أَن النَّبِي
كَانَ يسْتَغْفر فِي الْيَوْم مئة مرّة واستغفاره إِنَّمَا هُوَ بِحَسب اخْتِلَاف رتب التجلي لَهُ حَتَّى يرى أَن كل تجل بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فَوْقه مُوجب للاستغفار وَلذَلِك قَالَ لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك
1 / 81