ولكن هذا الدرويش أراد أن يكون بطركا كما يكون البطرك الماروني، فوضع الأمور في نصابها: أعطى كل ذي حق حقه، وضبط الكرسي أيما ضبط، وفى ديونا باهظة ركبت الكرسي، وظل يبني ويشيد ويفي ديون الأوقاف الأخرى حتى مات، واقفا ما بقي من ماله على عمل البر والإحسان.
قد يقول القارئ: ومن أين لهذا البطريرك هذه الملايين؟ وعن هذا القول نجيب: كان البطرك أنطون مواطنا عاملا، فأسس شركة شكا المشهورة. وعندما زار رومية أسقفا قال له البابا: إنك تتاجر.
فأجابه على الفور: عملا بقول الإنجيل: وأسأل الله أن أكون كصاحب الوزنات الخمس.
عاش البطرك أنطون مريضا طول عمره، ومع ذلك جاز التسعين.
يقولون: إن المعدة بيت الداء، ومرضه كان في معدته، ومع ذلك ظل قبل مرضه لا يجاريه شاب رياضي: إذا مشى يفر فرا، ويصعد الدرج ثلاثا ثلاثا.
كان إذا فرغ من عمله الإداري يحمل المنجل والمجز، ويعصب رأسه بفوطة كفلاح لبناني، ويمضي في تشحيل حرش بكركي حتى إذا عاد وقعد يسن الفأس والمنجل كأنه أجير لا بطرك.
رآه رجل على هذه الحال والزي فسأله - وهو يحسبه الراهب الذي يسميه الإكليروس «ريس الحقلة»: يا «خي»، البطرك في الكرسي؟
فضحك البطرك ضحكته البريئة: أنا البطرك.
فبهت الرجل ثم هوى على يده يقبلها، فقال له: ضروري أن يظل البطرك على الكرسي حتى يكون بطركا، ماذا تريد؟
فقال الرجل: أنا من الشيعة الفلانية، احترق بيتي، وما معي مال حتى أسقفه.
Bilinmeyen sayfa