بعض أمراء الأسرة البارونية هؤلاء هم أجدادنا وسلفنا الصالح عليهم رحمة الله . وأول من أشتهر منهم أبو هارون بن موسى الباروني أسندت إليه أول المر المشيخة العامة في عهد الأمير أبي زكريا المتقدم ذكره آنفا ثم أسندت إليه بعده الإمارة وكان نفوذه شاملا سائر البلاد التابعة للجبل يومئذ إلى غدامس وفزان وزلة جنوبا وإلى سرت وغيرهما شرقا وإلى جبل دمر ( من نواحي تونس ) غربا . ولما انتخب للإمارة انتقل من تملو شايت التي كان ينسب إليها إلى بلد ابناين أم قرى ذلك الوادي المنسوب إلى كباو في هذا العصر فسميت البلدة باسم آل بيته إلى الآن ( اتبارون بالبربرية المحرفة ) فسكنها نهائيا وبنى بها مسجدا لا يزال قائما إلى اليوم ومدرسة . وبالجملة فقد كان كما قالوا من العلماء العاملين والزهاد المشهورين وكهفا لأهل نفوسة أجمعين . ومنهم ابنه العلامة الفحل التقي الورع المير العادل أبو الربيع سليمان بن هارون ، ولي مشيخة الإسلام على عهد أبيه ثم بعد وفاته ولوه الإمارة وكان اسم الشيخ في عصره إذا أطلق لا ينصرف إلى أحد غيره ولم ينفصل عنه هذا اللقب المحترم حتى في عهد إمارته . وكان مطاع الأمر نافذ القول واسع البر كثير الإحسان إلى طلبة العلم ، وكان يتولى بنفسه تعيين أمراء الجهات بعد الفحص والتثبت من كفاءتهم . ثم لا يقبل بعدئذ الطعن فيهم إذا فهم منه وصح لديه أن ذلك لغاية شخصية من حسد أو تعصب أو غيرهما كما أنه لا يتسرع إلى نقل المراكز وعزل العمال إلا بموجب شرعي : ومما امتاز به عهده السعيد أنه كان يستعمل أناسا مخصوصين لرقابة الأسواق يمنعون بيع ما لا يحل من الأموال فيها حتى لا يجد الحرام سبيلا إلى الديار النفوسية وأهلها . هكذا هكذا وإلا فلا لا . وينسبون إليه رحمه الله خوارق من الكرامات ليس هذا محل ذكرها فليراجع السير من شاء الوقوف عليها .
Sayfa 55