وبهذا أيضا تمكن من نسخ ديوان الإمام جابر بن زيد الموجود يومئذ بمكتبة بغداد بإذن الخليفة العباسي ( و لعله المأمون ) فإن الإمام أفلح يعاصر ستة من خلفائهم من الرشيد إلى المتوكل و قد تم له نسخ الديوان في أيام معدودات مع أنه في عشرة أجزاء ؛ لكن الخطب سهل فإن نفاتا كان من أغنياء الناس فاستأجر عددا من حذاق الخطاطين ، و يقال أن الجزء العاشر لم يكتبه لأن المدة المرخص له فيها قد انتهت و إنما استصدر أمرا آخر في المرور عليه سردا فنقله في رأسه حفظا و عاد إلى الجبل يحمل معه هذا الكنز الثمين ، إلا أن خبث نيته و سوء سريرته حملاه على دفن الكتاب و إخفائه قبل أن يصل الوطن إذ علم أن الإمام لم ينقص من نفوذه بل زادت دولته قوة و ملكه توطدا و رسوخا . و لم يظهر لخلاف نفات أثر بعد رجوعه من الشرق و كأنه لما وجد الدولة قوية الجانب هاب الخلاف و جنح إلى السكون إلى أن مات ، و قيل تاب قبل موته. و إليه تنسب النفاتية يومئذ. أما الآن فلا أثر لوجودهم و لا لغيرهم من النكار و الخلفية. و ما أطول الكلام على شخص الإمام نفسه المعدود من فحول العلماء و الأدباء و الشعراء فضلا عن كونه ملكا هماما سياسيا ضليعا أدار الإمامة بكياسة و مهارة و عدالة نصف قرن و في رواية ستين عاما عليه رحمة الله.
Sayfa 45