ثم أحدث أمورا لم يعمل بها صاحباه قبله وعهد الناس بنبيهم حديث فلما رأى المؤمنون ما أحدث أتوه فكلموه وذكروه بكتاب الله وسنة من كان قبله من المؤمنين فشق عليه أن ذكروه بآيات الله وأخذهم بالجبروت وضرب منهم من شاء وسجن ونفى . وكتبت إلي يا عبد الملك طالبا أن أكتب إليك بجواب كتابك وأجتهد لك في النصيحة وإني أبين لك إن كنت تعلم فضل ما كتبت إليك به ، وذكرتني بالله أن أبين لك فإني قد بينت لك بجهد نفسي وأخبرتك خبر الأمة وكان حقا علي أن أنصح لك لما قد علمت أن الله يقول ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ) . فإن الله لم يتخذني عبدا لأكفر به ولا أن أخادع الناس بشيء ليس في نفسي وأخالف إلى ما أنهى عنه . أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولتحلوا حلاله ولتحرموا حرامه ولترضوا بحكمه وتتوبوا إلى ربكم وتراجعوا كتاب الله . وأدعوكم إلى كتاب الله ليحكم بيني وبينكم في الذي اختلفنا فيه ويحرم ما حرم الله ونقسم بما قسم الله ونحكم بما حكم الله ونبرأ ممن برأ الله ورسوله ونتولى من يتولاه الله ونطيع من أحل لنا طاعته في كتابه ونعصي من أمر الله بمعصيته . فهذا الذي أدركنا عليه نبينا عليه السلام وأن هذه الأمة لم تسفك دما إلا حين تركوا كتاب ربهم الذي أمرهم أن يعتصموا به وأنهم لا يزالون متفرقين مختلفين حتى يراجعوا كتاب الله وسنة نبيه ويحكموه فيما اختلفوا فيه فإن الله يقول ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب ) .
Sayfa 25