83

Mukhtasar Tefsir-i İbn Kesir

مختصر تفسير ابن كثير

Yayıncı

دار القرآن الكريم

Baskı Numarası

السابعة

Yayın Yılı

1402 AH

Yayın Yeri

بيروت

Türler

Tefsir
- ١١٩ - إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أصحاب الجحيم عن ابن عباس قَالَ: «بَشِيرًا بِالْجَنَّةِ وَنَذِيرًا مِنَ النَّارِ»، وَقَوْلُهُ: ﴿ولا تسئل عن أصحاب الجحيم﴾ قراءة أكثرهم ﴿ولا تسئل﴾ بضم التاء على الخبر، وفي قراءة ابن مسعود ﴿ولن تسئل﴾ عن أصحاب الجحيم أَيْ لَا نَسْأَلُكَ عَنْ كُفْرِ مَنْ كَفَرَ بك، كقوله: ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ وعلينا الحساب﴾. عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي التَّوْرَاةِ فَقَالَ: أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِصِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ؛ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَا فَظٌّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا صَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَفْتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا) (رواه البخاري وأحمد)
- ١٢٠ - وَلَنْ تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ ⦗١١٤⦘ الذِي جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ - ١٢١ - الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ وَلَيْسَتِ الْيَهُودُ يَا مُحَمَّدُ وَلَا النَّصَارَى بِرَاضِيَةٍ عَنْكَ أَبَدًا، فَدَعْ طَلَبَ مَا يُرْضِيهِمْ وَيُوَافِقُهُمْ وَأَقْبِلْ عَلَى طَلَبِ رِضَا اللَّهِ فِي دُعَائِهِمْ إِلَى مَا بَعَثَكَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ. وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿قل إن هدى اللهو الْهُدَى﴾ أَيْ قُلْ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ هُدَى اللَّهِ الذِي بَعَثَنِي بِهِ هُوَ الْهُدَى، يَعْنِي هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ الذِي جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾ فيه تهديد شديد ووعيد للأمة في اتباع طرائق اليهود والنصارى، بعدما عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ - عِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ - فَإِنَّ الْخِطَابَ مَعَ الرَّسُولِ وَالْأَمْرَ لِأُمَّتِهِ، وقد استدل كثير من الفقهاء بقول: ﴿حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ حَيْثُ أَفْرَدَ الْمِلَّةَ عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾، فَعَلَى هَذَا لَا يَتَوَارَثُ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ، وكلٌ مِنْهُمْ يَرِثُ قَرِينَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ. وقوله: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ﴾، قَالَ قتادة: هم اليهود والنصارى وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ: هُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أَنْ يُحِلَّ حَلَالَهُ وَيُحَرِّمَ حَرَامَهُ، وَيَقْرَأَهُ كَمَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ وَلَا يُحَرِّفَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلَا يَتَأَوَّلَ مِنْهُ شَيْئًا عَلَى غير تأويله، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يَعْمَلُونَ بِمُحْكَمِهِ وَيُؤْمِنُونَ بِمُتَشَابِهِهِ ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود في قوله: ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ﴾ يتبعونه حق اتباعه. وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: مَنْ يَتَّبِعُ الْقُرْآنَ يَهْبِطُ بِهِ عَلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَعَنْ عُمَرَ بن الخطاب: هم الذين إذا مروا بآيى رَحْمَةٍ سَأَلُوهَا مِنَ اللَّهِ، وَإِذَا مَرُّوا بِآيَةِ عَذَابٍ اسْتَعَاذُوا مِنْهَا. قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ تَعَوَّذَ. وَقَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ خبر، أَيْ مَنْ أَقَامَ كِتَابَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ حَقَّ إِقَامَتِهِ آمَنَ بِمَا أَرْسَلْتُكَ بِهِ يَا مُحَمَّدُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أرجلهم﴾ الآية. وَقَالَ: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ﴾، أَيْ إِذَا أَقَمْتُمُوهَا حَقَّ الْإِقَامَةِ، وَآمَنْتُمْ بِهَا حَقَّ الْإِيمَانِ، وَصَدَّقْتُمْ مَا فِيهَا مِنَ الْأَخْبَارِ بِمَبْعَثِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَنَعْتِهِ وَصِفَتِهِ، وَالْأَمْرِ بِاتِّبَاعِهِ وَنَصْرِهِ وَمُؤَازَرَتِهِ، قَادَكُمْ ذَلِكَ إِلَى الْحَقِّ وَاتِّبَاعِ الْخَيْرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ والإنجيل﴾ الآية. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ ويدرؤون بالحسنة السيئة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ؟ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ والله بصير ⦗١١٥⦘ بالعباد﴾، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب فأنار موعده﴾ وَفِي الصَّحِيحِ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ لَا يُؤْمِنُ بِي إِلَّا دَخَلَ النار» (أخرجه مسلم عن أبي هريرة مرفوعًا).

1 / 113