Mukhtasar Tefsir-i İbn Kesir
مختصر تفسير ابن كثير
Yayıncı
دار القرآن الكريم
Baskı Numarası
السابعة
Yayın Yılı
١٤٠٢ هـ - ١٩٨١ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
Türler
- ٣١ - وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
- ٣٢ - قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
- ٣٣ - قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ
هَذَا مقامٌ ذَكَر اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ شرفُ آدم على الملائكة، بما اختصه مِنْ عِلْمِ أَسْمَاءِ كُلِّ شَيْءٍ دُونَهُمْ، وَهَذَا كَانَ بَعْدَ سُجُودِهِمْ لَهُ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ هَذَا الْفَصْلَ عَلَى ذَاكَ لِمُنَاسَبَةِ مَا بَيْنَ هَذَا المقام وعدم علمهم بحكمة خلق الخليقة، حين سألوا عن ذلك فأخبرهم تَعَالَى بِأَنَّهُ يَعْلَمُ مَا لاَ يَعْلَمُونَ، وَلِهَذَا ذكر الله هَذَا الْمَقَامَ عَقِيبَ هَذَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ شَرَفَ آدَمَ بِمَا فُضِّلَ بِهِ عَلَيْهِمْ فِي الْعِلْمِ، فقال تعالى: ﴿وعلم آدم الأسمآء كُلَّهَا﴾ قال السدي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ علمه أَسْمَاءَ وَلَدِهِ إِنْسَانًا إِنْسَانًا، وَالدَّوَابِّ فَقِيلَ هَذَا الحمار، هذا الجمل، هذا الفرس (هذه رواية السدي عن بن عباس، والثانية رواية الضحاك عنه) وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ قَالَ: هِيَ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ الَّتِي يتعارف بها الناس: إنسان، ودواب، وسماء، وأرض وسهل، وبحر، وخيل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها. وقال مجاهد ﴿وعلم آدم الأسمآء كُلَّهَا﴾: عَلَّمَهُ اسْمَ كُلِّ دَابَّةٍ، وَكُلِّ طَيْرٍ، وَكُلِّ شَيْءٍ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُ عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ كل شيء وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا ذَوَاتَهَا وصفاتها وأفعالها، وَلِهَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ أنَس عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يَجْتَمِعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وعلَّمك أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ حتى يريحنا ⦗٥٢⦘ من مكاننا هذا (أخرجه البخاري عن أنَس بن مالك ورواه مسلم والنسائي وابن ماجة)» الحديث. فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ﴾ يعني المسميات ﴿فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾، قال مجاهد: ثم عَرَضَ أَصْحَابَ الْأَسْمَاءِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ.
وَقَالَ ابْنُ جرير عن الحسن وقتادة قال: علَّمه اسْمَ كُلِّ شَيْءٍ، وَجَعَلَ يُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ بِاسْمِهِ وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ أُمَّةً أُمَّةً، وَبِهَذَا الإسناد عن الحسن وقتادة في قوله تعالى ﴿إِنَّ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ إِنِّي لَمْ أَخْلُقْ خَلْقًا إلى كُنْتُمْ أَعْلَمَ مِنْهُ فَأَخْبِرُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، وقال السدي ﴿إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ أَنَّ بَنِي آدَمَ يُفْسِدُونَ فِي الأرض ويسفكون الدماء، ﴿قَالُواْ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ هَذَا تَقْدِيسٌ وَتَنْزِيهٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يُحِيطَ أَحَدٌ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ، وَأَنْ يَعْلَمُوا شَيْئًا إِلَّا مَا عَلَّمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَلِهَذَا قَالُوا: ﴿سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إلى مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ أَيِ العليمُ بِكُلِّ شَيْءٍ الحكيمُ فِي خَلْقِكَ وَأَمْرِكَ، وفي تعليمك ما تشاء ومنعك ما تَشَاءُ، لَكَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ وَالْعَدْلُ التَّامُّ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ﴾ قَالَ: تَنْزِيهُ الله نفسه عن السوء.
قوله تَعَالَى ﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السموات وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾: لما ظَهَرَ فَضْلُ آدَمَ ﵇ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ﵈ فِي سَرْدِهِ مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَسْمَاءِ الْأَشْيَاءِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السموات وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ أَيْ أَلَمْ أَتَقَدَّمْ إِلَيْكُمْ أَنِّي أَعْلَمُ الْغَيْبَ الظاهر والخفي، كما قال تَعَالَى: ﴿وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ وكما قال إِخْبَارًا عَنِ الْهُدْهُدِ أَنَّهُ قَالَ لِسُلَيْمَانَ: ﴿أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ﴾، وعن ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾: أَعْلَمُ السِّرَّ كَمَا أَعْلَمُ الْعَلَانِيَةَ، يَعْنِي مَا كَتَمَ إِبْلِيسُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْكِبْرِ وَالِاغْتِرَارِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ فكان الذي أبدوا هو قَوْلُهُمْ: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدماء﴾ وكان الذي كتموا بينهم هو قَوْلَهُمْ: لَنْ يَخْلُقَ رَبُّنَا خَلْقًا إِلَّا كُنَّا أَعْلَمَ مِنْهُ وَأَكْرَمَ. فَعَرَفُوا أَنَّ اللَّهَ فَضَّلَ عَلَيْهِمْ آدَمَ فِي الْعِلْمِ وَالْكَرَمِ وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾: وَأَعْلَمُ مَعَ عِلْمِي غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَا تُظْهِرُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تُخْفُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ فَلَا يَخْفَى عَلَيَّ شَيْءٌ سَوَاءٌ عِنْدِي سَرَائِرُكُمْ وَعَلَانِيَتُكُمْ. وَالَّذِي أَظْهَرُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ قَوْلُهُمْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا، وَالَّذِي كَانُوا يكتمونه مَا كَانَ عَلَيْهِ مُنْطَوِيًا إِبْلِيسُ مِنَ الْخِلَافِ عَلَى اللَّهِ فِي أَوَامِرِهِ وَالتَّكَبُّرِ عَنْ طَاعَتِهِ، قَالَ: وَصَحَّ ذَلِكَ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: قُتِلَ الْجَيْشُ وَهُزِمُوا، وَإِنَّمَا قُتِلَ الْوَاحِدُ أَوِ الْبَعْضُ وَهُزِمَ الْوَاحِدُ أَوِ الْبَعْضُ، فَيَخْرُجُ الْخَبَرُ عَنِ الْمَهْزُومِ مِنْهُ وَالْمَقْتُولِ مَخْرَجَ الْخَبَرِ عَنْ جَمِيعِهِمْ، كما قال تعالى: ﴿إن الذي يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ الْحُجُرَاتِ﴾ ذُكِر أَنَّ الَّذِي نَادَى إِنَّمَا كَانَ وَاحِدًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾.
1 / 51