Mukhtasar Tefsir-i İbn Kesir
مختصر تفسير ابن كثير
Yayıncı
دار القرآن الكريم
Baskı
السابعة
Yayın Yılı
1402 AH
Yayın Yeri
بيروت
Türler
Tefsir
سَدِيدًا
- ١٠ - إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَجْعَلُونَ الْمَالَ لِلرِّجَالِ الْكِبَارِ، وَلَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ وَلَا الْأَطْفَالَ شَيْئًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مما ترك الوالدان والأقربون﴾ الآية. أَيِ الْجَمِيعُ فِيهِ سَوَاءٌ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، يَسْتَوُونَ فِي أَصْلِ الْوِرَاثَةِ، وَإِنْ تَفَاوَتُوا بحسب ما فرض الله لِكُلٍّ مِنْهُمْ، بِمَا يُدْلِي بِهِ إِلَى الْمَيِّتِ مِنْ قَرَابَةٍ، أَوْ زَوْجِيَّةٍ، أَوْ وَلَاءٍ، فَإِنَّهُ لحمة كلحمة النسب. وروى ابن مردويه عن جابر قال: ﴿أتت أم كحة إلى رسول الله ﷺ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِيَ ابْنَتَيْنِ قد مَاتَ أَبُوهُمَا وَلَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾ الآية. وقوله: ﴿وَإِذَا حَضَرَ القسمة﴾ الآية. قِيلَ: الْمُرَادُ: وَإِذَا حَضَرَ قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ ذَوُو الْقُرْبَى مِمَّنْ لَيْسَ بِوَارِثٍ، ﴿وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ﴾ فَلْيَرْضَخْ لَهُمْ مِنَ التَّرِكَةِ نَصِيبٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَاجِبًا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ مَنْسُوخٌ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، فقال البخاري عن ابن عباس: هي محكمة وليست بمنسوخة، وقال عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَإِذَا حضر القسمة أولو الْقُرْبَى﴾ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ في أَوْلاَدِكُمْ﴾ وروى العوفي عن ابن عباس: كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْفَرَائِضَ فَأَعْطَى كُلَّ ذِي حَقِّ حَقَّهُ، فَجُعِلَتِ الصَّدَقَةُ فِيمَا سمَّى الْمُتَوَفَّى، وقال ابن أبي حاتم عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ﴾ نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمِيرَاثِ، فَجُعِلَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ نُصِيبُهُ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أو كثر. وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَصْحَابِهِمْ، والمعنى: أَنَّهُ إِذَا حَضَرَ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءُ مِنَ الْقَرَابَةِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ قِسْمَةَ مَالٍ جَزِيلٍ، فَإِنَّ أَنْفُسَهُمْ تَتُوقُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ، وإذا رأوا هذا يَأْخُذُ وَهَذَا يَأْخُذُ وَهُمْ يَائِسُونَ لَا شَيْءَ يُعطَونه، فأمر الله تعالى وهو الرؤوف الرَّحِيمُ أَنْ يُرْضَخَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْوَسَطِ يَكُونُ بِرًّا بِهِمْ وَصَدَقَةً عَلَيْهِمْ، وَإِحْسَانًا إِلَيْهِمْ وَجَبْرًا لِكَسْرِهِمْ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ وَذَمَّ الَّذِينَ يَنْقُلُونَ الْمَالَ خِفْيَةً خَشْيَةَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِمُ الْمَحَاوِيجُ وَذَوُو الْفَاقَةِ كَمَا أَخْبَرَ به عَنِ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ: ﴿إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ﴾ أَيْ بِلَيْلٍ، وَقَالَ: ﴿فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ* أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ﴾ ف ﴿دَمَّرَ الله عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا﴾ فَمَنْ جَحَدَ حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ عَاقَبَهُ فِي أعز ما يملكه.
وقوله تعالى: ﴿وليخش الذي لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ﴾ الآية، قال ابْنِ عَبَّاسٍ: هَذَا فِي الرَّجُلِ يَحْضُرُهُ الْمَوْتُ، فيسمعه رجل يُوصِي بِوَصِيَّةٍ تَضُرُّ بِوَرَثَتِهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي يَسْمَعُهُ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ وَيُوَفِّقَهُ وَيُسَدِّدَهُ للصواب، فينظر لورثته كما كان يجب أَنْ يُصْنَعَ بِوَرَثَتِهِ إِذَا خَشِيَ عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ؛ وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةً، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي، قَالَ: لَا، قَالَ: فَالشَّطْرُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَالثُّلُثُ قَالَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٍ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء خر مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» وَفِي الصحيح عن ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنَ الثُّلُثِ إِلَى الرُّبُعِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ».
قَالَ الْفُقَهَاءُ: إِنْ كَانَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ أغنياء استحب للميت أن يستوفي في وصيته الثلث، وَإِنْ كَانُوا فَقُرَاءَ اسْتُحِبَّ
1 / 360