Mukhtasar Tefsir-i İbn Kesir
مختصر تفسير ابن كثير
Yayıncı
دار القرآن الكريم
Baskı
السابعة
Yayın Yılı
1402 AH
Yayın Yeri
بيروت
Türler
Tefsir
كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾؛ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «اعْبُدِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، وَهَذَا إِرْشَادٌ وَأَمْرٌ بِمُرَاقَبَةِ الرَّقِيبِ، وَلِهَذَا ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّ أَصْلَ الْخَلْقِ مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ واحدة، ليعطف بعضهم على بعض ويحثهم عَلَى ضُعَفَائِهِمْ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ (جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ): أن رسول الله ﷺ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ أُولَئِكَ النَّفَرُ مِنْ مُضَرَ - وَهُمْ مُجْتَابُو النِّمار أَيْ مِنْ عُرْيِهِمْ وَفَقْرِهِمْ - قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ حَتَّى خَتَمَ الآية، ثم قَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قدمت لغد﴾ ثُمَّ حَضَّهُمْ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: «تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، من صاع تمره» (هو جزء من حديث آخرجه مسلم وأصحاب السُّنَنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ) وذكر تمام الحديث.
- ٢ - وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا
- ٣ - وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا
- ٤ - وَآتُواْ النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا
يَأْمُرُ تَعَالَى بِدَفْعِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إِلَيْهِمْ إِذَا بَلَغُوا الْحُلُمَ كَامِلَةً مُوَفَّرَةً، وَيَنْهَى عَنْ أَكْلِهَا وَضَمِّهَا إِلَى أَمْوَالِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَا تَعْجَلْ بِالرِّزْقِ الْحَرَامِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ الرِّزْقُ الْحَلَالُ الَّذِي قُدِّرَ لَكَ، وَقَالَ سَعِيدُ بن جبير: لا تتبدلوا الْحَرَامَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْحَلَالِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ، يقول: لا تبدلوا أَمْوَالَكُمُ الْحَلَالَ وَتَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمُ الْحَرَامَ، وَقَالَ سَعِيدُ بن المسيب: لا تعط مهزولًا وتأخذ سمينًا، وقال الضحاك لا تعط زيقًا وَتَأْخُذْ جَيِّدًا، وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ أَحَدُهُمْ يَأْخُذُ الشاة السمينة من غنم اليتيم، ويجعل مَكَانَهَا الشَّاةَ الْمَهْزُولَةَ، وَيَقُولُ: شَاةٌ بِشَاةٍ، وَيَأْخُذُ الدِّرْهَمَ الْجَيِّدَ وَيَطْرَحُ مَكَانَهُ الزَّيِّفَ وَيَقُولُ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ قال مجاهد وسعيد بن جبير: أَيْ لَا تَخْلِطُوهَا فَتَأْكُلُوهَا جَمِيعًا، وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ إثمًا عظيمًا. وفي الحديث المروي في سنن أبو دَاوُدَ: «اغْفِرْ لَنَا حُوبَنَا وَخَطَايَانَا» وَرَوَى ابْنُ مردويه بإسناده عن ابن عباس: أنا أيا أَيُّوبَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا أَبَا أَيُّوبَ إِنَّ طَلَاقَ أُمِّ أَيُّوبَ كَانَ حُوبًا» قَالَ ابْنُ سيرين: الحوب الإثم، وعن أنَس: أن أبا ايوب أرد طلاق أم أيوب، فاستأذن النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «إِنَّ طلاق أم أيوب لحوب» فأمسكها وَالْمَعْنَى: إِنَّ أَكْلَكُمْ أَمْوَالَهُمْ مَعَ أَمْوَالِكُمْ إِثْمٌ عَظِيمٌ وَخَطَأٌ كَبِيرٌ فَاجْتَنِبُوهُ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى﴾ أَيْ إِذَا كَانَ تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف أن لا يُعْطِيَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا فَلْيَعْدِلْ إِلَى مَا سِوَاهَا، فَإِنَّهُنَّ كَثِيرٌ وَلَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ البخاري عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ يَتِيمَةٌ فَنَكَحَهَا وَكَانَ لَهَا عَذْقٌ، وَكَانَ يُمْسِكُهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ شَيْءٌ فَنَزَلَتْ
1 / 355