Mukhtasar Tefsir-i İbn Kesir
مختصر تفسير ابن كثير
Yayıncı
دار القرآن الكريم
Baskı Numarası
السابعة
Yayın Yılı
1402 AH
Yayın Yeri
بيروت
Türler
Tefsir
الله أنزل هذه الآية حتى تلاها عليهم أبو بكر، فتلاها منه الناس كلهم فما أسمع بشرًا من الناس إلاّ يتلوها. وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بكر تلاها فعرقت حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلَايَ، وَحَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأرض.
وقال أبو القاسم الطبراني، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عَلِيًّا كان يقول فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: ﴿أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ والله لا ننقلب على أعقابنا عبد إذا هَدَانَا اللَّهُ، وَاللَّهُ لَئِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ لَأُقَاتِلَنَّ عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ حَتَّى أَمُوتَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخُوهُ وَوَلِيُّهُ وَابْنُ عَمِّهِ وَوَارِثُهُ فم أحق به مني؟ وقوله تعالى: ﴿وما كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تموت إلا ذبإذن اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا﴾ أَيْ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ إِلَّا بِقَدَرِ اللَّهِ وَحَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمُدَّةَ الَّتِي ضَرَبَهَا اللَّهُ لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿كِتَابًا مُّؤَجَّلًا﴾ كَقَوْلِهِ: ﴿وَمَا يُعَمَّر مِن مُعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ﴾، وَكَقَوْلِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ﴾ وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا تَشْجِيعٌ لِلْجُبَنَاءِ وَتَرْغِيبٌ لَهُمْ في القتال، فإن الإقدام الإحجام لَا يَنْقُصُ مِنَ الْعُمُرِ وَلَا يَزِيدُ فِيهِ، كما قال ابن أبي حاتم عن حبيب بن ظبيان: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ (حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ): مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَعْبُرُوا إِلَى هَؤُلَاءِ العدو هذه النطفة - يعني دجلة - ﴿ما كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا﴾ ثُمَّ أَقْحَمَ فَرَسَهُ دِجْلَةَ، فَلَمَّا أَقْحَمَ أَقْحَمَ النَّاسُ، فَلَمَّا رَآهُمُ الْعَدُوُّ قَالُوا: ديوان ... فهربوا.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا، وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾ أَيْ مَنْ كان عمله للدنيا فقط ناله مِنْهَا مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ، وَمَنْ قَصَدَ بعمله الدار الآخرة أعطاه الله منها وما قسم له في الدنيا كما قال تَعَالَى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ، وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نصيب﴾، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا﴾، ولهذا قال ههنا: ﴿وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾ أَيْ سَنُعْطِيهِمْ مِنْ فَضْلِنَا وَرَحْمَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِحَسْبِ شُكْرِهِمْ وَعَمَلِهِمْ. ثُمَّ قال تعالى مسليًا للمؤمنين عَمَّا كَانَ وَقَعَ فِي نُفُوسِهِمْ يَوْمَ أُحُدٍ، ﴿وَكَأَيِّن مِّن نبيّ قالت مع رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ قِيلَ مَعْنَاهُ: كَمْ مِنْ نَبِيٍّ قبل وَقُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ مِنْ أَصْحَابِهِ كَثِيرٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ. وَقَدْ عاتب الله بِهَذِهِ الْآيَاتِ وَالَّتِي قَبْلَهَا مَنِ انْهَزَمَ يَوْمَ أحد وتركوا القتال لما سمعوا الصائح يصيح بأن مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَعَذَلَهُمُ اللَّهُ عَلَى فِرَارِهِمْ وَتَرْكِهِمُ الْقِتَالَ فَقَالَ لَهُمْ: ﴿أَفإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ﴾، أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ارْتَدَدْتُمْ عَنْ دِينِكُمْ ﴿وَانْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ وَقِيلَ: وَكَمْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ.
وَكَلَامُ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ يَقْتَضِي قَوْلًا آخَرَ، فإنه قال: وَكَأَيِّن مِّن نبي أصابه القتل ومع رِبِّيُّونَ أَيْ جَمَاعَاتٌ فَمَا وَهَنُوا بَعْدَ نَبِيِّهِمْ، وَمَا ضَعُفُوا عَنْ عَدُوِّهِمْ، وَمَا اسْتَكَانُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي الْجِهَادِ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ دِينِهِمْ، وَذَلِكَ الصَّبْرُ ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ فَجَعَلَ قَوْلَهُ: ﴿مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ حَالًا، وَقَدْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ السُّهَيْلِيُّ وَبَالَغَ فِيهِ، وَلَهُ اتِّجَاهٌ لِقَوْلِهِ: ﴿فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ﴾ الآية. وقرأ بعضهم: ﴿قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ أَيْ أُلُوفٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ومجاهد وقتادة: الربيون الجموع الكثيرة، وقال الْحَسَنِ: ﴿رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾، أَيْ عُلَمَاءُ كَثِيرٌ، وَعَنْهُ أيضًا: علماء صبر أي أَبْرَارُ أَتْقِيَاءُ، وَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِ نُحَاةِ الْبَصْرَةِ أَنَّ الرِّبِّيِّينَ هُمُ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الرب
1 / 323