221

Mukhtasar Tefsir-i İbn Kesir

مختصر تفسير ابن كثير

Yayıncı

دار القرآن الكريم

Baskı Numarası

السابعة

Yayın Yılı

1402 AH

Yayın Yeri

بيروت

Türler

Tefsir
بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، فَعَتَبَ مَنْ عَتَبَ منهم، بما فضَّل عليهم في القسمة بما أراده الله، فخطيهم فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي!! وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي!! وعالة فأغناكم الله بي!؟» فكلما قَالَ شَيْئًا قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أمنُّ.
وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرُهُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ (الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ)، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ، مَرَّ بِمَلَأٍ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَسَاءَهُ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الِاتِّفَاقِ وَالْأُلْفَةِ، فَبَعَثَ رَجُلًا مَعَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَهُمْ، وَيُذَكِّرَهُمْ مَا كَانَ مِنْ حُرُوبِهِمْ يَوْمَ بُعَاثٍ وَتِلْكَ الْحُرُوبِ فَفَعَلَ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى حَمِيَتْ نُفُوسُ الْقَوْمِ، وَغَضِبَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَتَثَاوَرُوا وَنَادَوْا بشعارهم، وطلبو أَسْلِحَتَهُمْ وَتَوَاعَدُوا إِلَى الْحَرَّةِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَأَتَاهُمْ فَجَعَلَ يُسَكِّنُهُمْ ويقول: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهرركم؟» وَتَلَا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ فَنَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ وَاصْطَلَحُوا وَتَعَانَقُوا، وَأَلْقَوُا السِّلَاحَ ﵃.
- ١٠٤ - وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
- ١٠٥ - وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
- ١٠٦ - يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ
- ١٠٧ - وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهم فِيهَا خَالِدُونَ
- ١٠٨ - تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ
- ١٠٩ - وَللَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ
يَقُولُ تَعَالَى: وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أمة مُنْتَصِبَةٌ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ اللَّهِ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الْخَيْرِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ قَالَ الضَّحَّاكُ: هُمْ خَاصَّةُ الصَّحَابَةِ، وَخَاصَّةُ الرُّوَاةِ يَعْنِي الْمُجَاهِدِينَ وَالْعُلَمَاءَ، وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ ثُمَّ قَالَ: «الْخَيْرُ اتِّبَاعُ الْقُرْآنِ وَسُنَّتِي» (أخرجه ابْنُ مَرْدَوَيْهِ) وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ تكون فرقة من هذه الْأُمَّةِ مُتَصَدِّيَةٌ لِهَذَا الشَّأْنِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الْأُمَّةِ بِحَسْبِهِ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ».
وروى الإمام أحمد عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ

1 / 306