168

Mukhtasar Tefsir-i İbn Kesir

مختصر تفسير ابن كثير

Yayıncı

دار القرآن الكريم

Baskı Numarası

السابعة

Yayın Yılı

1402 AH

Yayın Yeri

بيروت

Türler

Tefsir
- ٢٧٠ - وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ
- ٢٧١ - إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
يُخْبِرُ تَعَالَى بِأَنَّهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِ مَا يَفْعَلُهُ الْعَامِلُونَ مِنَ الْخَيْرَاتِ مِنَ النَّفَقَاتِ وَالْمَنْذُورَاتِ، وَتَضَمَّنَ ذَلِكَ مُجَازَاتُهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْفَرَ الْجَزَاءِ لِلْعَامِلِينَ لِذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِهِ وَرَجَاءَ مَوْعُودِهِ. وَتَوَعَّدَ مَنْ لَا يَعْمَلُ بِطَاعَتِهِ بَلْ خَالَفَ أَمْرَهُ وكذَّب خَبَرَهُ وَعَبَدَ مَعَهُ غَيْرَهُ، فَقَالَ: ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن أَنْصَارٍ﴾ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُنْقِذُونَهُمْ مِنْ عذاب الله ونقمته.
وقوله تعالى: ﴿إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ﴾ أَيْ إِنْ أظهرتموها فنعم شيء هي، وقوله تعالى: ﴿وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ إِسْرَارَ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ مِنْ إِظْهَارِهَا، لِأَنَّهُ أَبْعَدَ عَنِ الرِّيَاءِ، إِلَّا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى الْإِظْهَارِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ مِنَ اقْتِدَاءِ النَّاسِ بِهِ، فَيَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْجَاهِرُ بِالْقُرْآنِ كَالْجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ والمسرُّ بِالْقُرْآنِ كَالْمُسِرِّ بِالصَّدَقَةِ». وَالْأَصْلُ: أَنَّ الْإِسْرَارَ أَفْضَلُ لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجِمَالٍ ⦗٢٤٣⦘ فَقَالَ: إِنِّي أخاف الله رب العالمين وَرَجُلٌ تصدَّق بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تنفق يمينه".
وفي الحديث المروي: «صدقة السر تطفىء غَضَبَ الرَّبِّ ﷿»، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حاتم فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنْ تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ﵄، أما عُمَرُ فَجَاءَ بِنِصْفِ مَالِهِ حَتَّى دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا خلَّفت وَرَاءَكَ لِأَهْلِكَ يَا عُمَرُ؟» قَالَ: خلَّفتُ لَهُمْ نِصْفَ مَالِي، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ بِمَالِهِ كُلِّهِ يَكَادُ أَنْ يُخْفِيَهُ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا خَلَّفْتَ وَرَاءَكَ لِأَهْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟» فَقَالَ: عِدَةُ اللَّهِ وَعِدَةُ رَسُولِهِ، فَبَكَى عُمَرُ ﵁ وقال: (بأبي أنت وأمي يَا أَبَا بَكْرٍ وَاللَّهِ مَا اسْتَبَقْنَا إِلَى باب خير قط إلا كنت سابقًا) ثُمَّ إِنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي أَنَّ إِخْفَاءَ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ سَوَاءً كَانَتْ مَفْرُوضَةً أَوْ مَنْدُوبَةً. لكن روى ابن جرير عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ صَدَقَةَ السِّرِّ فِي التَّطَوُّعِ تفضل علانيتها بِسَبْعِينَ ضِعْفًا، وَجَعَلَ صَدَقَةَ الْفَرِيضَةِ عَلَانِيَتَهَا أَفْضَلَ من سرها يقال بخمسة وعشرين ضعفًا.
وقوله تعالى: ﴿وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ﴾ أَيْ بَدَلَ الصَّدَقَاتِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَتْ سِرًّا يَحْصُلُ لَكُمُ الْخَيْرُ فِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمُ السَّيِّئَاتِ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ أَيْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَسَيَجْزِيكُمْ عَلَيْهِ.

1 / 242