162

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

Yayıncı

دار السلام للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٦هـ

Yayın Yeri

الرياض

Türler

الفرائض الْمَحْدُودَةِ، ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [النساء: ١٣]
[١٤]، ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [النساء: ١٤] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَابْنُ عَامِرٍ (نُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ، وَنُدْخِلْهُ نَارًا)، وَفِي سُورَةِ الْفَتْحِ (نُدْخِلْهُ) و(نُعَذِّبُهُ) وَفِي سُورَةِ التَّغَابُنِ (نُكَفِّرْ) و(نَدْخِلْهُ) وَفِي سُورَةِ الطَّلَاقِ (نُدْخِلْهُ) بِالنُّونِ فِيهِنَّ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ.
[قوله تعالى وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا] عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ. . . .
[١٥]، قَوْلُهُ ﷿: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ﴾ [النساء: ١٥] يَعْنِي: الزِّنَا، ﴿مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ﴾ [النساء: ١٥] يَعْنِي: مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا خِطَابٌ لِلْحُكَّامِ، أَيْ: فَاطْلُبُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً من الشهود، فيه بَيَانُ أَنَّ الزِّنَا لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِأَرْبَعَةٍ مِنَ الشُّهُودِ. ﴿فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٥] فَاحْبِسُوهُنَّ، ﴿فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٥] وَهَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ نُزُولِ الْحُدُودِ، كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا زَنَتْ حُبِسَتْ فِي الْبَيْتِ حَتَّى تَمُوتَ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْبِكْرِ بِالْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ، وفي حق الثيب بالرجم.
[١٦]، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ﴾ [النساء: ١٦] يَعْنِي الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ، وَالْهَاءُ رَاجِعَةٌ إلى الفاحشة ﴿فَآذُوهُمَا﴾ [النساء: ١٦] قال عطاء وقتادة: يعني فَعَيِّرُوهُمَا بِاللِّسَانِ: أَمَا خِفْتَ اللَّهَ؟ أَمَا اسْتَحْيَيْتَ مِنَ اللَّهِ حَيْثُ زَنَيْتَ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: سُبُّوهُمَا وَاشْتُمُوهُمَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ بِاللِّسَانِ وَالْيَدِ يُؤْذَى بِالتَّعْيِيرِ وَضَرْبِ النِّعَالِ، فَإِنْ قِيلَ: ذُكِرَ الْحَبْسُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى وَذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْإِيذَاءُ، فَكَيْفَ وَجْهُ الْجَمْعِ؟ قِيلَ: الْآيَةُ الْأُولَى فِي النِّسَاءِ وَهَذِهِ فِي الرِّجَالِ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَقِيلَ: الْآيَةُ الْأُولَى فِي الثَّيِّبِ وَهَذِهِ فِي الْبِكْرِ، ﴿فَإِنْ تَابَا﴾ [النساء: ١٦] من الفاحشة ﴿وَأَصْلَحَا﴾ [النساء: ١٦] الْعَمَلَ فِيمَا بَعْدُ، ﴿فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا﴾ [النساء: ١٦] فَلَا تُؤْذُوهُمَا، ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١٦] وَهَذَا كُلُّهُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الحدود، فنسخت بالجلد والرجم، الجلد فِي الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النُّورِ: ٢] وَالرَّجْمُ في السنة في «الرجلين اللذين اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: اقْضِ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَقَالَ الْآخَرُ وَكَانَ أَفْقَهَهُمَا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَائْذَنْ لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ، قَالَ: تَكَلَّمْ، قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا، أي: أجيرا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِي، ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فأخبروني أن عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عام، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: " أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لِأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غنمك وجاريتك فرد عليك،

1 / 170