Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

Abdullah Al-Zaid d. Unknown
15

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

Yayıncı

دار السلام للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٦هـ

Yayın Yeri

الرياض

Türler

[٢٠] ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ﴾ [البقرة: ٢٠] أَيْ: يَقْرُبُ، يُقَالُ: كَادَ يَفْعَلُ إِذَا قَرُبَ وَلَمْ يَفْعَلْ، ﴿يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ [البقرة: ٢٠] يَخْتَلِسُهَا، وَالْخَطْفُ اسْتِلَابٌ بِسُرْعَةٍ ﴿كُلَّمَا﴾ [البقرة: ٢٠] مَتَى مَا، ﴿أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا﴾ [البقرة: ٢٠] أَيْ: وَقَفُوا مُتَحَيِّرِينَ، فَاللَّهُ تَعَالَى شَبَّهَهُمْ فِي كُفْرِهِمْ وَنِفَاقِهِمْ بِقَوْمٍ كانوا في مفازة وسواد فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فِيهِ ظُلُمَاتٌ، مِنْ صِفَتِهَا أَنَّ السَّارِيَ لَا يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ فِيهَا، وَرَعْدٌ مِنْ صِفَتِهِ أَنْ يَضُمَّ السَّامِعُونَ أَصَابِعَهُمْ إِلَى آذَانِهِمْ مِنْ هَوْلِهِ، وَبَرْقٌ مِنْ صِفَتِهِ أَنْ يَقْرُبَ مِنْ أَنْ يَخْطِفَ أَبْصَارَهُمْ وَيُعْمِيَهَا مِنْ شِدَّةِ تَوَقُّدِهِ، فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْقُرْآنِ، وَصَنِيعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ مَعَهُ، فَالْمَطَرُ: الْقُرْآنُ لِأَنَّهُ حَيَاةُ الْجِنَانِ كَمَا أَنَّ الْمَطَرَ حَيَاةُ الْأَبْدَانِ، وَالظُّلُمَاتُ: مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ، وَالرَّعْدُ مَا خُوِّفُوا بِهِ مِنَ الْوَعِيدِ، وَذِكْرِ النَّارِ، وَالْبَرْقُ مَا فِيهِ مِنَ الْهُدَى وَالْبَيَانِ والوعد، وذكر الجنة، فالكافرون يَسُدُّونَ آذَانَهُمْ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَخَافَةَ مَيْلِ الْقَلْبِ إِلَيْهِ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ عِنْدَهُمْ كُفْرٌ، وَالْكُفْرُ مَوْتٌ، يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ أَيِ: الْقُرْآنُ يَبْهَرُ قُلُوبَهُمْ. وَقِيلَ: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ، فَالْمَطَرُ: الْإِسْلَامُ، وَالظُّلُمَاتُ: مَا فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْمِحَنِ، وَالرَّعْدُ: مَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ وَالْمَخَاوِفِ فِي الْآخِرَةِ، وَالْبَرْقُ: مَا فِيهِ مِنَ الْوَعْدِ، ﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ﴾ [البقرة: ١٩] يَعْنِي: أَنَّ الْمُنَافِقِينَ إِذَا رَأَوْا فِي الْإِسْلَامِ بَلَاءً وَشِدَّةً هَرَبُوا حَذَرًا مِنَ الْهَلَاكِ، وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ: جَامِعُهُمْ، يَعْنِي: لَا يَنْفَعُهُمْ هَرَبُهُمْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ وَرَائِهِمْ يَجْمَعُهُمْ فَيُعَذِّبُهُمْ، ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ﴾ [البقرة: ٢٠] يَعْنِي: دَلَائِلَ الْإِسْلَامِ تُزْعِجُهُمْ إِلَى النَّظَرِ لَوْلَا مَا سَبَقَ لَهُمْ مِنَ الشَّقَاوَةِ ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ﴾ [البقرة: ٢٠] يَعْنِي: أَنَّ الْمُنَافِقِينَ إِذَا أَظْهَرُوا كَلِمَةَ الْإِيمَانِ آمَنُوا فَإِذَا مَاتُوا عَادُوا إِلَى الظُّلْمَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كُلَّمَا نَالُوا غَنِيمَةً وَرَاحَةً فِي الْإِسْلَامِ ثَبَتُوا وَقَالُوا: إِنَّا مَعَكُمْ، وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ يَعْنِي: رَأَوْا شِدَّةً وَبَلَاءً تَأَخَّرُوا وَقَامُوا، أَيْ: وقفوا ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ﴾ [البقرة: ٢٠] أي: بأسماعهم ﴿وَأَبْصَارِهِمْ﴾ [البقرة: ٢٠] الظَّاهِرَةِ، كَمَا ذَهَبَ بِأَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمُ الْبَاطِنَةِ، وَقِيلَ: لَذَهَبَ بِمَا اسْتَفَادُوا مِنَ الْعِزِّ وَالْأَمَانِ الَّذِي لَهُمْ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٠] قادر. [قَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ] وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [٢١] قَوْلُهُ تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ [البقرة: ٢١] قال ابن عباس: يَا أَيُّهَا النَّاسُ: خِطَابُ أَهَّلِ مَكَّةَ، وَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خطاب أهل المدينة، وهو ههنا عَامٌّ إِلَّا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الصِّغَارُ وَالْمَجَانِينُ ﴿اعْبُدُوا﴾ [البقرة: ٢١] وحدوا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلُّ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْعِبَادَةِ فَمَعْنَاهَا التَّوْحِيدُ، ﴿رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ [البقرة: ٢١] وَالْخَلْقُ اخْتِرَاعُ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ ﴿وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ٢١] أَيْ وَخَلَقَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ٢١] لِكَيْ تَنْجُوا مِنَ الْعَذَابِ،

1 / 21