174

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

Yayıncı

دار السلام للنشر والتوزيع

Baskı

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٦هـ

Yayın Yeri

الرياض

Türler

عنهم، وقال الآخرون: بل الْمُرَادُ مِنَ الصَّلَاةِ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ﴾ [الْحَجِّ: ٤٠] وَمَعْنَاهُ: لَا تَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ وَأَنْتُمْ جُنُبٌ إِلَّا مُجْتَازِينَ فِيهِ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ، مِثْلَ أَنْ يَنَامَ فِي المسجد فيجنب أو يصيبه جَنَابَةٌ وَالْمَاءُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ يكون طريقه عليه، فيمر به وَلَا يُقِيمُ، وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالضَّحَّاكُ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَتْ أَبْوَابُهُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَتُصِيبُهُمُ الْجَنَابَةُ وَلَا مَاءَ عِنْدَهُمْ وَلَا مَمَرَّ لَهُمْ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ، فَرُخِّصَ لَهُمْ فِي الْعُبُورِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [النساء: ٤٣] جمع مريض، وأراد به مرضا يَضُرُّهُ إِمْسَاسُ الْمَاءِ مِثْلَ الْجُدَرِيِّ وَنَحْوَهُ، أَوْ كَانَ عَلَى مَوْضِعِ الطهارة جِرَاحَةٌ يَخَافُ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِيهَا التَّلَفَ أَوْ زِيَادَةَ الْوَجَعِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَعْضَاءِ طَهَارَتِهِ صَحِيحًا وَالْبَعْضُ جَرِيحًا غَسَلَ الصَّحِيحَ مِنْهَا وَتَيَمَّمَ لِلْجَرِيحِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [النساء: ٤٣] أَرَادَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ طَوِيلًا كَانَ أَوْ قَصِيرًا، وَعُدِمَ الْمَاءُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلِيَمَسَّهُ بشره فإن ذلك خير» (١) أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ مَرِيضًا وَلَا فِي سَفَرٍ لَكِنَّهُ عَدِمَ الْمَاءَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُعْدَمُ فِيهِ الْمَاءُ غَالِبًا بِأَنْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ انْقَطَعَ مَاؤُهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ يُعِيدُ إذا قدر على رش الْمَاءِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَعِنْدَ مَالِكٍ والأَوْزَاعِيِّ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ أبي حنيقة ﵄ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء: ٤٣] أَرَادَ بِهِ إِذَا أَحْدَثَ، وَالْغَائِطُ اسْمٌ لِلْمُطْمَئِنِّ مِنَ الْأَرْضِ، وَكَانَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ إتْيَانَ الْغَائِطِ لِلْحَدَثِ فَكُنِيَّ عَنِ الْحَدَثِ بِالْغَائِطِ، ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النِّسَاءَ: ٤٣] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (لَمَسَتْمُ) ههنا وَفِي الْمَائِدَةِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ (لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ) وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى اللَّمْسِ والملامسة، فقال قوم: هو الْمُجَامَعَةُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ، وَكَنَّيَّ بِاللَّمْسِ عَنِ الْجِمَاعِ لِأَنَّ الْجِمَاعَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِاللَّمْسِ، وَقَالَ قَوْمٌ: هُمَا الْتِقَاءُ الْبَشَرَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ، وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حكم هَذِهِ الْآيَةِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَفْضَى الرَّجُلُ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ إِلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِ الْمَرْأَةِ وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُمَا، ينتقض وضوؤهما، وهو قول ابن مسعود

(١) رواه أبو داود في كتاب الطهارة / ١٢٣، والترمذي في الطهارة / ٩٢، والنسائي في الطهارة / ٢٠٣، والإمام أحمد ج ٥ / ١٤٦، ١٤٧، ١٥٥، ١٨٠. وله شاهد من حديث أبي هريرة.

1 / 182