ثم إن المؤلف أبا داود لم يعتن بمؤلفاته أحد ولم يسبق أن حقق له كتاب، كما لم يعتن أحد بحياة المؤلف، بل لم يعرف من كتبه إلا هذا، لذا أحببت أن أسهم في إحياء هذا الكتاب الذي كاد يندرس، وبإبراز جوانب مهمة عن شخصية أبي داود العلمية وآثاره ومؤلفاته، فكان جديرا بالدراسة والتقويم والتحليل، فالمؤلّف والمؤلّف كلاهما وصف بالإمام والحجة، فكتابه «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» إمام الكتب، وحجة فى موضوع هجاء المصاحف.
والمؤلّف أبو داود إمام القراء والإقراء، وحجة في هجاء المصاحف، فإليه المرجع وبه القدوة، ولم يدانه أحد في صناعته هذه نظرا لمكانته في هذا العلم ورسوخه فيه، وكثرة اشتغاله بالنسخ والإقراء والتأليف والتصنيف طوال حياته.
فأردت أن أزيح صفحة النسيان عن علم من أعلام الأندلس المعتبرين، فكان جديرا بأن يلحق بأقرانه كالداني، ومكي، والطلمنكي، والمهدوي، وغيرهم.
ولو لم يكن من فوائد هذه الرسالة، إلا أنها تعرف هذا العلم أبا داود سليمان بن نجاح، وتبرز معالم شخصيته وآثاره العلمية، لكان ذلك كافيا. وقد شاهدنا كثيرا من الباحثين نالوا درجة علمية على تناولهم هذا الجانب من الدراسة فقط. فكيف بدراسة يضاف إليها تحقيق ديوان من دواوين المؤلف أبي داود المهمة، ومن أمهات كتب هجاء المصاحف التي ضن بها الزمن. لذا فإن دراستي للمؤلف، وتحقيق كتابه سوف تكون بإذن الله بكرا، والفضل لله وحده.
1 / 11