مختصر سنن أبي داود
تأليف
الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (المتوفى سنة ٦٥٦ هـ)
خرج أحاديثه وضبط نصه وعلق عليه ورقم كتبه وأحاديثه وقارن أبوابه مع المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف «ووضع حكم المحدث الألباني على الأحاديث» «بطلب من صاحب مكتبة المعارف - الرياض حيث أنه صاحب الحق في ذلك»
محمد صبحي بن حسن حلاق (أبو مصعب)
[الجزء الأول]
Bilinmeyen sayfa
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 2
مُخْتَصر سنَن أبي دَاوُد
[١]
1 / 3
جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة للناشر، فَلَا يجوز نشر أَي جُزْء من هَذَا الْكتاب، أَو تخزينه أَو تسجيله بأية وَسِيلَة، أَو تَصْوِيره أَو تَرْجَمته دون مُوَافقَة خطية مسبقة من الناشر.
الطبعة الأولى
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
(ح) مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، ١٤٣١ هـ
فهرسة مكتبة الْملك فَهد الوطنية أثْنَاء النشر
الْمُنْذِرِيّ، زكي الدّين عبد الْعَظِيم بن عبد الْقوي
مُخْتَصر سنَن أبي دَاوُد / زكي الدّين عبد الْعَظِيم بن عبد الْقوي الْمُنْذِرِيّ، مُحَمَّد صبحي حسن حلاق - الرياض، ١٤٣١ هـ
٣ مج.
ردمك:
٥ - ٣١ - ٨٠٢٨ - ٦٠٣ - ٩٧٨ (مجموعة)
٢ - ٣٢ - ٨٠٢٨ - ٦٠٣ - ٩٧٨ (ج ١)
١ - الحَدِيث - سنَن.
٢ - الحَدِيث - شرح:
أ. حلاق، مُحَمَّد صبحي حسن (مُحَقّق) - ب. العنوان
ديوي ... ٢٣٥.٤
رقم الْإِيدَاع: ٥٧١٦/ ١٤٣١
ردمك:
٥ - ٣١ - ٨٠٢٨ - ٦٠٣ - ٩٧٨ (مجموعة)
٢ - ٣٢ - ٨٠٢٨ - ٦٠٣ - ٩٧٨ (ج ١)
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
هَاتِف: ٤١١٤٥٣٥ - ٤١١٣٣٥٠
فاكس: ٤١١٢٩٣٢ - ص. ب: ٣٢٨١
الرياض - الرَّمْز البريدي: ١١٤٧١
1 / 4
مقدمة
إن الحمد للَّه نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)﴾ [آل عمران: ١٠٢]
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)﴾ [النساء: ١].
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١].
أما بعد:
أولًا: ترجمة المصنف أبو داود:
١ - عصره:
ولد المؤلف ﵀ في مطلع القرن الثالث الهجري، وتوفي في أواخر. والقرن الثالث هو العصر العلمي الذهبي في تاريخنا كله، وقد أتيح لأبي داود ﵀ أن يشهد نضج الحضارة الإسلامية في هذا القرن، كما أتيح له أن يعيش هذا العصر الذي ازدحم بالعبقريات والموهوبين الأفذاذ في شتى شئون الفكر.
ويكفينا للدلالة على ذلك أن نذكر من أعلام هذا القرن الأسماء الآتية:
ففي الحديث:
1 / 5
كان البخاري، ومسلم، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، والترمذي، والنسائي.
وفي الفقه:
كان الربيع والمزني صاحبا الشافعي، وداود الظاهري وغيرهم.
وفي الشعر:
كان علي بن الجهم، وابن الرومي، والبحتري، وابن المعتز.
وفي العلم والأدب:
كان المبرد، وابن قتيبة، والجاحظ، وثعلب، والفراء، وغيرهم كثير. وهكذا. . .
ولا شك أن أبا داود كان واحدًا من هؤلاء العمالقة الأفذاذ في هذا العصر.
٢ - اسمه ونسبه ونسبته:
هو أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو، ابن عمران الأزدي السجستاني.
وأبو داود عربي صميم من الأزد، والأزد قبيلة في اليمن.
والسجستاني نسبة إلى بلد بسجستان، وهي في القسم الجنوبي من بلاد الأفغان.
٣ - نشأته:
ولد أبو داود سنة (٢٠٢ هـ)، وتلقى العلم في بلده، ثم ارتحل وطوف في البلاد في طلب العلم وتحصيل الرواية، فزار العراق والجزيرة والشام ومصر وكتب من علماء هذه البلاد جميعًا.
والبلاد التي سكنها كثيرة، نذكر منها:
سجستان التي كانت بلده، والتي نسب إليها، وخراسان، والري، وهراة، والكوفة، وبغداد، وطرسوس التي أقام بها عشرين سنة، ودمشق التي سمع الحديث فيها، كما يذكر ابن عساكر، ومصر، والبصرة. . .
1 / 6
٤ - ثناء العلماء عليه:
لقد كان ﵀ مثلًا عاليًا في صفتي المحدث القوي، وهما: العدالة، والضبط.
- قال أبو بكر الخلال: أبو داود سليمان بن الأشعث، الإمام القدم في زمانه رجل لم يسبقه إلى معرفته بتخريج العلوم، وبصره بمواضعها أحدٌ في زمانه، رجل ورع مقدم.
- وقال أحمد بن محمد بن ياسين الهروي: سليمان بن الأشعث، أبو داود السجزي، كان أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول اللَّه، وعلمه وعلله وسنده في أعلى درجات النسك والعفاف والصلاح والورع، كان من فرسان الحديث.
- وقال إبراهيم الحربي: ألين لأبي داود الحديث، كما ألين لداود النبي ﵇ الحديد.
- وغيرهم كثير. . .
٥ - مشايخه: إن شيوخه كثر نورد بعضًا منهم:
أحمد بن حنبل، يحيى بن معين، عثمان بن أبي شيبة، وسليمان بن حرب، وأبو الوليد الطيالسي، وموسى بن إسماعيل المنقري البتوذكي، وعبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، وهناد بن السري، ومخلد بن خالد، وقتيبة بن سعيد، ومسدد بن مسرهد، ومحمد بن بشار، وزهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، وعمرو بن محمد الناقد، وسعيد بن منصور، وحميد بن مسعدة، وحفص بن عمرو وهو أبو عمرو الضرير، وتميم بن المنتصر، وحامد بن يحيى، وإسحاق بن إسماعيل الطالقاني. . .
٦ - تلامذته:
روى عنه خلق كثير من العلماء الأئمة، نذكر منهم من أمثال الإمام أحمد بن حنبل، الذي روى عنه حديثًا واحدًا كان أبو داود يعتز بذلك جدًا.
ومن الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، والإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، والإمام أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال. . .
1 / 7
ومنهم: إسماعيل بن محمد الصفار، وأبو بكر بن داود الأصفهاني، وحرب بن إسماعيل الكرماني، وأبو عوانة الإسفراييني، وزكريا الساجي، وأبو بشر محمد بن أحمد الدولابي، ومحمد بن نصر المروزي، وأبو بكر محمد بن يحيى الصولي. . .
٧ - كتبه:
١ - المراسيل.
٢ - مسائل الإمام أحمد.
٣ - إجاباته على سؤالات أبي عبيد محمد بن علي بن عثمان الآجري.
٤ - رسالته في وصف كتاب السنن.
وغيرها من الكتب التي لا تزال مخطوطة.
٨ - أقسام سنن أبي داود وتبويبه:
١ - خلا الكتاب من المقدمة. إلا أن رسالته إلى أهل مكة في وصف سننه تسدّ مسدّ المقدمة.
٢ - ينقسم كتاب "السنن" إلى كتب كبيرة بلغت (٣٦) كتابًا.
وكل كتاب ينقسم إلى أبواب، باستثناء ثلاثة كتب لم نجد فيها أبوابًا هي: كتاب اللقطة، وكتاب الحروف والقراءات، وكتاب المهدي. ولا يستوي عدد أبواب الكتب.
٩ - خصائص سنن أبي داود:
١ - تعدد الطرق لبعض الأحاديث.
٢ - تكرار الحديث الواحد في أكثر من مكان بحسب المعنى الوارد في الحديث.
٣ - الدقة في إيراد الروايات.
٤ - عناوين أبي داود هي رءوس مسائل فقهية بحثها الفقهاء.
كما أنها تغري قارئها وسامعها بقراءة أحاديث الباب التي تندرج تحته.
وكذلك يأتي بالعنوان بصيغة الإثبات، والحديث يدل على النفي.
وقد يأتي بالعنوان بصيغة استفهام. . . إلخ.
1 / 8
٥ - كلامه في الرجال على ضربين: إما للتعريف بهم، وإما لجرحهم أو تعديلهم، وقد يورد الحكم على الرجل من قوله فيه، وينقل الحكم عليه من غيره.
١٠ - شروح ومختصرات سنن أبي داود:
أولًا: الشروح:
١ - شرح الخطابي: من أنفع الشروح وأقدمها وعنوانه (معالم السنن) لأبي سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، المتوفي سنة (٣٨٨ هـ)، وهو منسوب إلى زيد بن الخطاب.
وهو يشرح المفردات الغريبة، والكلمات التي تحتاج إلى شرحها شرحًا لغويًا واسعًا يدل على معرفة متبحرة باللغة، وقد يستشهد لشرحه بأبيات أو جمل مأثورة عند العرب.
ويشرح المراد من الجملة، ثم يشرح الحديث ويوفق بينه وبين ما روي على وجه قد يُظن أن فيه خلافًا.
ثم يتحدث عن فقه الحديث ويذكر آراء العلماء في موضوع الحديث، ويرجح الرأي الذي يرتضيه من هذه الآراء.
ثم يذكر ما في الحديث من الفوائد والاستنباطات الأخرى مما قد لا يتصل بعنوان الباب.
وقد طبع عدة طبعات.
٢ - شرح بدر الدين العيني: شرح منه قطعة حتى نهاية الجنائز: محمود بن أحمد العيني الحنفي المتوفي سنة (٨٥٥ هـ). ط: مكتبة الرشد - الرياض.
٣ - شرح السهارنفوري: شرح العلامة الشيخ خليل أحمد السهارنفوري المتوفي سنة (١٣٤٦ هـ). وعنوانه: (بذل المجهود في حل أبي داود).
ط: دار الكتب العلمية - بيروت.
1 / 9
٤ - شرح العلامة الشيخ شمس الحق العظيم آبادي، وعنوانه: (عون المعبود شرح سنن أبي داود)، طبع عدة طبعات.
أما شرحه فهو من أفضل الشروح وأكثرها استيعابًا لما قاله العلماء من قبله.
٥ - شرح الشيخ محمود محمد خطاب السبكي. وعنوانه: (المنهل العذب المورد شرح سنن الإمام أبي دود). وقد توفي المؤلف ﵀ سنة (١٣٥٢ هـ)، وكان وصل إلى باب الهدي من مناسك الحج ولم يكمل الكتاب.
وقد قام (مصطفى علي البيومي) بوضع مفتاح لهذه الأجزاء العشرة.
كما قام ابن المؤلف الشيخ: أمين محمود خطاب السبكي بمحاولة إكمال الكتاب، فأصدر منه أربعة أجزاء وسماه (فتح الملك المعبود تكملة: المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود)، وانتهى بباب في تعظيم الزنا.
ثانيًا: المختصرات:
١ - مختصر المنذري: وهو أهم المختصرات التي اختصرت سنن أبي داود، والمنذري هو زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، المتوفي سنة (٦٥٦ هـ)، وعرف مختصره باسم "مختصر سنن أبي داود" للمنذري.
وذكر المنذري عقب كل حديث من وافق أبا داود من الأئمة الخمسة على تخريجه بلفظه أو نحوه.
والحق أن كتاب المنذري له وجهان: وجه يلحقه بالمختصرات، ووجه يلحقه بالشروح، فهو مختصر وشرح بآن واحد، وهو كتابنا هذا.
١ - تهذيب ابن القيم:
وابن القيم هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي المتوفي سنة (٧٥١ هـ)، وتهذيبه أشبه بالحاشية منه بالتهذيب. فهو قد يسكت عن أحاديث عديدة.
1 / 10
ثم تراه يفصل القول في شرح حديث وبيان فقهه، وقد يفصل تفضيلًا لا تراه في المطولات. [أبو داود حياته وسنته: تأليف: د. محمد بن لطفي الصباغ].
١ - سنن أبي داود، وخرَّج أحاديثه مطولًا، وتكلم على أسانيده ورجاله مفصلًا، تعديلًا وتجريحًا، تصحيحًا وتضعيفًا، وعلى النحو الذي انتهجه ﵀ في السلسلتين "الصحيحة" و"الضعيفة" إلا أنه لم يكمله ﵀ ووصل إلى آخر الجنائز.
٢ - قسم المحدث الألباني ﵀ سنن أبي داود إلى صحيح وضعيف وبين درجة أحاديثها.
1 / 11
ثانيًا: ترجمة الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري:
مصنف مختصر سنن أبي داود.
١ - اسمه ونسبه ومولده:
الإمام الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد اللَّه بن سلامة بن سعد المنذري الشامي الأصل، المصري، الشافعي، ولد في غُرّةِ شعبانَ سنة إحدى وثمانين وخمسمائةٍ (٥٨١ هـ).
٢ - نشأته وحياته:
نشأ عبد العظيم في رعاية والده عبد القوي، الذي كانت له مشاركة علمية، وله بعض السماعات في الحديث، وظهرت عناية الأب بابنه منذ طفولته، فأسمعه الحديث من حفظه، وكان يرغبه فيه -بعد أن أتم حفظ القرآن الكريم- وحضه على الاشتغال بالحديث وعلومه.
مات أبوه وعبد العظيم لا يزال في ريعان الصبا، لا يزيد عمره عن (١١) سنة، فذاق مرارة اليتم وهمومه.
واستجابة لتوجيهات والده ثابر على حضوره مجالس العلم، والدأب على السماع من العلماء، وأخذ عنهم، حتى أصبح من العلماء الذين يشار إليهم.
وأول منصب تقلده المنذري هو الإمامة بالمدرسة الصاجية، بعد أن قدَّمه شيخه أبو الحسن المقدسي للوزير صفي الدين بن شكر باني المدرسة.
ثم وليَ التدريس بالجامع الظافري بالقاهرة، وتولى بعدها مشيخة دار الحديث الكاملية، واستمر فيه (٢٠) سنة، لا يغادرها إلا إلى صلاة الجمعة حتى مات.
٣ - مكانته العلمية (١):
_________
(١) المنذري وكتابه التكملة (ص ١٤٩ - ١٥٩).
1 / 12
لقد اهتم بالحديث والرحلة في طلبه، حتى أصبح المنذري علمًا من أعلامه الكبار، واستحق ألقاب: حافظ الوقت، ومحدِّث مصر وحافظها، قبل ثلاثين سنة من وفاته.
وظهرت مكانة المنذري واضحة جليلة في تراجم العلماء له، سواء كانوا أقرانًا أو تلاميذ. وعبارات الإجلال والتقدير لتفصح عن إعجاب وحب حتى بأقلام المخالفين والأخصام.
٤ - زهده وورعه وأقوال العلماء فيه:
اتسمت حياة الحافظ المنذري بالتواضع والزهد والتقلل من متاع الحياة الدنيا، والورع، والتدين، والتقوى، لقد أعطى العلم اهتمامه، بل كل حياته.
- قال التاج السبكي في "الطبقات الكبرى" (١) عن أبيه صورًا من حياته، وهو شيخ المدرسة الكاملية بلا منازع، تُظهر انقطاعه للعلم، وورعه عن الشبهات. قال: "وأما ورعه، فأشهر من أن يُحْكى، وقد درَّس بأخرة في دار الحديث الكاملية، وكان لا يخرج منها إلا لصلاة الجمعة، حتى أنه كان له ولد نجيب مُحدِّث فاضل، توفاه اللَّه تعالى في حياته؛ ليضاعف له في حسناته، فصلى عليه الشيخ داخل المدرسة، وشيَّعه إلى بابها، ثم دمعت عيناه وقال: "أودعتك يا ولدي اللَّه".
- وقال ابن دقيق العيد، تلميذه -وكان زاهدًا متحريًا يخاف اللَّه ﷿: "كان أدين مني، وأنا أعلمَ به" (٢).
- وقال الشيخ محمد بن أحمد بن سراقة الشاطبي، تلميذه: "الشيخ الإمام العالم العامل، الحافظ، فخر الحفاظ، قدوة المحدثين. . " (٣).
_________
(١) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (٥/ ١٠٨ - ١٠٩).
(٢) حسن المحاضرة (١/ ١٦٦).
(٣) المنذري وكتابه التكملة (ص ١٦٣).
1 / 13
- وقال الذهبي مؤرخ الإسلام في "سير أعلام النبلاء" (١): "الإمام العلامة الحافظ المحقق شيخ الإسلام. . . وكان متين الديانة، ذا نسك متورع، وسمعة وجلالة".
- قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: "ما على وجه الأرض مجلس في الحديث أبهى من مجلس الشيخ زكي الدين عبد العظيم" (٢).
- ووصفه تلميذه شمس الدين ابن خلكان المتوفي سنة (٦٨١ هـ) في وفيات الأعيان (٣) بأنه "حافظ مصر".
- وقال ابن دقماق: "حافظ الوقت" (٤).
٥ - شيوخه وتلاميذه:
أ- شيوخه:
كان المنذري حسن القراءة جيِّدها، يختاره الشيوخ ليقرأ بين أيديهم ويُسمع الطلبة، وقد رحل مدة، وسمع من جماعة كثيرة جدًا، لقيهم بالحرمين ومصر والشام والجزيرة، وأجاز له العلماء من مختلف البلاد، حتى بلغ معجم شيوخه الذي خرَّجه لنفسه ثمانين عشر جزءًا، وهو ما يعادل ثلث كتابه "التكملة".
ومن أبرز مشايخه الذين سمع منهم:
أ- أبو عبد اللَّه محمد بن حمد الأَرْتاحيّ، وهو أول شيخ لقيه، وذلك في سنة (٥٩١ هـ)، وسمع منه الحديث بإفادة والده، وتوفي سنة (٦٠١ هـ) (٥).
_________
(١) (٢٣/ ٣١٩) ط: الرسالة. وهو قيد الطباعة بتحقيقي: الرشد ناشرون - الرياض.
(٢) حسن المحاضرة (١/ ١٤٢).
(٣) وفيات الإيمان، الترجمة (٤١٤).
(٤) شذرات الذهب (٥/ ٢٧٨).
(٥) التكملة (٢/ ٧٢).
1 / 14
٢ - عمر بن طَبَرْزد، وهو أعلى شيخ له، أبو حفص، المؤدِّب، البغدادي، الدارقزِّيّ، المتوفي سنة (٦٠٧ هـ)، قرأ عليه "الغيلانيات" وسمع منه بدمشق كثيرًا من الكتب والأجزاء (١).
٣ - ستّ الكتبة نعمة بنت عليّ بن الطَّرَّاح، توفيت بدمشق سنة (٦٠٤ هـ). لقيها الحافظ بدمشق وسمع منها، وقال عنها: شيختنا (٢).
٤ - يونس بن يحيى الهاشمي، لقيه بمكة وسمع منه، توفي بمكة سنة (٦٠٨ هـ) (٣).
٥ - جعفر بن محمد بن آموسان، أملى عليه بالمدينة، وقال: لقيته بمكة والمدينة -شرفهما اللَّه تعالى- وسمعت منه، واستمليت عليه. توفي بالمدينة، ودفن بالبقيع سنة (٦٠٧ هـ) (٤).
٦ - الإمام علي بن المفضل الحافظ، ولازمه مدَّه، وبه تخرّج، وقال الحافظ المنذري: قرأتُ عليه الكثير، وكتبتُ عنه جملة صالحة، وانتفعت به انتفاعًا كثيرًا. توفي سنة (٦١١ هـ) (٥).
٧ - عبد المجيب بن زهير الحربي، أبو محمد، توفي في حماه سنة (٦٠٤ هـ)، حدث ببغداد والشام ومصر والإسكندرية، وسمع منه المنذري (٦).
٨ - إبراهيم بن هبة اللَّه، المعروف بابن البُتَيت المتوفي سنة (٦٠٥ هـ).
قال الحافظ المنذري: حدَّث في مصر وسمعتُ منه (٧).
_________
(١) التكملة (٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨).
(٢) التكملة (٢/ ١٣٠، ١٣٤).
(٣) التكملة (٢/ ٢٢٩).
(٤) التكملة (٢/ ١٩٧).
(٥) التكملة (٢/ ٣٠٦ - ٣٠٧).
(٦) التكملة (٢/ ١٢٦).
(٧) التكملة (٢/ ١٦١).
1 / 15
٩ - أبو عبد اللَّه محمد بن أبي المعالي بن البنّاء الصوفي، توفي في دمشق سنة (٦١٢ هـ)، سمع منه الحافظ المنذري بمكة سنة (٦٠٦ هـ)، وسمع منه بمصر سنة (٦٠٧ هـ) (١).
١٠ - أبو المعالي محمد بن الزَّنِف، المتوفي سنة (٦٠٦ هـ) حدَّث ببغداد ودمشق، لقيه الحافظ المنذري، وسمع منه بها (٢).
١١ - أبو اليُمن زيد بن الحسن الكِندي، المتوفي سنة (٦١٣ هـ)، سمع منه بدمشق، وكان أحد البارعين في علم الأدب، وانتهى التقدم فيه إليه (٣).
١٢ - الشيخ أبو الفضل، أحمد بن محمد سيدهم الأنصاري المعروف والده بالهرَّاس، توفي سنة (٦١٦ هـ). قال الحافظ المنذري: لقيته بدمشق وسمعت منه (٤).
١٣ - الفقيه الحافظ، أبو نزار ربيعة بن الحسن الحضرميّ اليمانيّ، توفي في مصر سنة (٦٠٩ هـ). قال المنذري: سمعتُ منه كثيرًا، وكتبت عنه قطعة صالحة، وكانت أصولها أكثرها باليمن (٥).
١٤ - الإمام أبو محمد عبد اللَّه بن أحمد، موفق الدين بن قدامة، توفي في دمشق سنة (٦٢٠ هـ). قال الحافظ المنذري: لقيته بدمشق، وسمعتُ منه (٦).
١٥ - أبو محمد عبد اللَّه بن عبد الجبار العثماني، توفي بمكة سنة (٦١٤ هـ).
_________
(١) التكملة (٢/ ٣٥٣ - ٣٥٤).
(٢) التكملة (٢/ ١٨٤).
(٣) التكملة (٢/ ٣٨٣).
(٤) التكملة (٢/ ٤٧٣).
(٥) التكملة (٢/ ٢٥١ - ٢٥٢).
(٦) التكملة (٣/ ١٠٧).
1 / 16
قال الحافظ المنذري: سمعتُ منه كثيرًا بمصر، وبـ (قُوص) من صعيد مصر الأعلى (١).
١٦ - موسى بن عبد القادر الجيلي، أبو نصر، توفي في دمشق سنة (٦١٨ هـ).
قال المنذري: حدَّث بدمشق، لقيته بها وسمعتُ منه (٢).
١٧ - العلامة أبو محمد عبد اللَّه بن نَجْم بن شاسٍ المالكي. توفي غازيًا بثغر دمياط سنة (٦١٦ هـ)، حدّث في مصر، وسمع منه الحافظ المنذري (٣).
١٨ - القاضي أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن عبد الله بن مُجَلِّي، توفي في مصر سنة (٦١٣ هـ). حدَّث بمصر، وسمع منه الحافظ المنذري، وقال: وسمع منه جماعة من شيوخنا ورفقائنا (٤).
١٩ - عبد الجليل بن مندويه الأصبهاني، توفي في دمشق سنة (٦١٠ هـ).
قال الحافظ المنذري: حدَّث بدمشق، لقيته بها، وسمعت منه (٥).
٢٠ - نجيب بن بَشارة بن محُرز بن رحمة السعدي، المقرئ، سمع منه الحديث وكتاب "العنوان"، توفي سنة (٦١٣ هـ) (٦).
٢١ - عبد العزيز بن باقا، أبو بكر السِّيبيّ الأصل، البغدادي المولد، توفي بالقاهرة سنة (٦٣٠ هـ). حدَّث بالكثير، وسمع منه الحافظ المنذري (٧).
_________
(١) التكملة (٢/ ٤١٦ - ٤١٧).
(٢) التكملة (٣/ ٤٦ - ٤٧).
(٣) التكملة (٢/ ٤٦٨ - ٤٦٩).
(٤) التكملة (٢/ ٣٨٩).
(٥) التكملة (٢/ ٢٧٨ - ٢٧٩).
(٦) التكملة (٢/ ٣٦٦).
(٧) التكملة (٣/ ٣٤٩).
1 / 17
٢٢ - محمد بن عماد، الشيخ المسند، المتوفي سنة (٦٣٢ هـ). سمع منه بثغر الإسكندرية، وكان يُرْحَلُ إليه لأجل سماعه كتاب فوائد "الخِلْعِيّ" (١).
ب- تلاميذه (٢):
ولا ريب أن المرتبة العلمية العالية التي بلغها الإمام زكيّ الدين في علم الحديث رواية ودراية، والمشيخة لدار الحديث الكاملية عشرين سنة متصلة؛ جعلت منه قبلة طلاب العلم، ومقصد التلاميذ النجباء، الذين أصبحوا فيما بعد مهوى القلوب ومحط الأنظار.
ولم يقتصر الأمر على من هم أصغر سنًا منه، بل سمع منه جماعة من شيوخه وأقرانه، فيهم المحدثون الثقات، كابن القصار المتوفي سنة (٦١٣ هـ)، والإمام ابن نقطة المتوفي سنة (٦٢٩ هـ)، والبِرْزاليّ المتوفي سنة (٦٣٦ هـ).
وتقدم حضورُ سلطان العلماء العز بن عبد السلام مجلسه وسماع الحديث منه. وقد أظهر الحافظ المنذري إزاء هذا التواضع تواضعًا واحترامًا أعظم، فكان يمتنع عن الفتيا، ويقول: حيث دخل الشيخ عز الدين لا حاجة بالناس إليَّ (٣).
ومن أشهر تلاميذه الذين تخرجوا به، وأصبحوا من أعلام الثقافة الإسلامية:
١ - الشريف عز الدين أحمد بن محمد الحسيني، المتوفي سنة (٦٩٥ هـ).
٢ - الإمام شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي، المتوفي سنة (٧٠٥ هـ).
٣ - الشيخ العلامة، قاضي القضاة، تقي الدين أبو الفتح، محمد بن علي بن دقيق العيد، المتوفي سنة (٧٠٢ هـ).
_________
(١) التكملة (٣/ ٣٨٤).
(٢) المنذري وكتابه التكملة (ص ١٣٦ - ١٤١).
(٣) الطبقات الكبرى؛ للسبكي (٥/ ١٠٩).
1 / 18
٦ - كتبه (١):
صنَّف الحافظ المنذريّ في فترة اعتكافه بدار الحديث الكاملية كتبًا قيمة، فخلف للأمة الإسلامية بعد وفاته علمًا مسطورًا خالدًا، وثقافة مؤثرة فاعلة، تُسهم في إيجاد المسلم الكامل، الصالح للاستخلاف والبناء، المسلم المتوازن الذي يعمل لدنياه وآخرته، ويحيا بروحه وعقله وجسمه، وتجلت عبقرية المنذريّ في ثلاث مجالات وهي: الحديث، والفقه، والتاريخ، وقد طبعت أهم كتبه، ولا يزال الباقي في عالم الغيب والمجهول.
أولًا: كتب الحديث:
١ - أربعون حديثًا في الأحكام "الأربعون الأحكامية" ذكره حاجي الخليفة في كشف الظنون (١/ ٥٤ - ٥٥) "خ".
٢ - أربعون حديثًا في اصطناع المعروف بين المسلمين، وقضاء حوائجهم، طبع في دمشق عام (١٣٠٦ هـ).
٣ - أربعون حديثًا في فضل العلم والقرآن والذكر والكلام والسلام والمصافحة. ذكر بروكلمن نسخًا منه (الذيل ١/ ٦٢٧) باللغة الألمانية (٢).
٤ - أربعون حديثًا في قضاء الحوائج "خ".
٥ - أربعون حديثًا في هداية الإنسان لفضل طاعة الإمام والعدل والإحسان "خ".
٦ - الترغيب والترهيب.
٧ - جزء المنذري، جمع فيه ما ورد من الحديث فيمن غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر "خ" ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون (١/ ٥٨٩).
٨ - جزء فيه حديث "الطهور شطر الإيمان" "خ". ذكره الحافظ المنذي في كتابه "الترغيب والترهيب".
_________
(١) المنذري وكتابه التكملة (ص ١٧٥ - ١٩٥).
(٢) المنذري وكتابه التكملة (ص ١٧٥ - ١٩٥).
1 / 19
٩ - الجمع بين الصحيحين "خ".
١٠ - زوال الظمأ في ذكر من استغاث برسول اللَّه ﷺ من الشدة والعمى "خ". ذكره البغدادي في إيضاح المكنون (١/ ٦١٤).
١١ - صحيح المنذري "خ".
١٢ - عمل اليوم والليلة "خ" ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون (٢/ ١١٧٢ - ١١٧٣).
١٣ - كفاية المتعبد وتحفة المتزهد "خ".
١٤ - مجالس في صوم يوم عاشوراء "خ".
١٥ - مختصر سنن أبي داود. طبع في القاهرة لأول مرة سنة
١٦ - مختصر سنن الخطيب البغدادي. "خ".
١٧ - مختصر صحيح مسلم. طبع في القاهرة لأول مرة سنة
١٨ - الموافقات. ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (٢٣/ ٣٢١) وقال: إنه في مجلد من أضرب الإسناد العالي النسبي، وهي الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير طريقة. . .
ثانيًا: كتب الفقه:
١ - الخلافيات ومذاهب السلف "خ". ذكره المنذري في مقدمة "الترغيب والترهيب".
٢ - شرح التنبيه، لأبي إسحاق الشيرازي "خ". ذكره اليونيني في ذيل مرآه الزمان (١/ ٢٤٩)، وذكره الذهبي في السير (٢٣/ ٣٢١).
ثالثًا: كتب التاريخ (علم الرجال):
١ - الإعلام بأخبار شيخ البخاري محمد بن سلام. ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون (١/ ١٢٨).
٢ - تاريخ من دخل مصر "خ". ذكره السيوطي في مقدمة كتابه "بغية الوعاة" (١/ ٤).
1 / 20