El-Cami’u Li Ahkami’l-Kur’an
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Araştırmacı
سيد إبراهيم
Yayıncı
دار الحديث
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Yayın Yeri
القاهرة - مصر
Türler
الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ الْمُعَارِضِينَ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ قَدِ اعْتَرَفُوا بِأَنَّ الْعِلْمَ بِانْتِفَاءِ الْمُعَارِضِ مُطْلَقًا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، إِذْ مَا مِنْ مُعَارِضٍ نَفْسَهُ إِلَّا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مُعَارِضٌ آخَرُ، وَهَذَا مِمَّا اعْتَمَدَ صَاحِبُ نِهَايَةِ الْعُقُولِ وَجَعَلَ السَّمْعِيَّاتِ لَا يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الْعِلْمِ بِحَالٍ، وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّا لَا نَعْلَمُ ثُبُوتَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ حَتَّى نَعْلَمَ انْتِفَاءَ مَا يُعَارِضُهُ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ الْمُعَارِضِ مُطْلَقًا لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَيْضًا فَلَا يَلْزَمُ مِنَ انْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالْمَعَارِضِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَفْسَدُ أَقْوَالِ الْعَالَمِ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أُصُولِ أَهْلِ الْإِلْحَادِ وَالزَّنْدَقَةِ، وَلَيْسَ فِي عَزْلِ الْوَحْيِ عَنْ رُتْبَتِهِ أَبْلَغُ مِنْ هَذَا.
الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [النور: ٥٤] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة: ٦٧] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] وَقَدْ شَهِدَ اللَّهُ لَهُ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بِالْبَلَاغِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ فَقَالَ: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ﴾ [الذاريات: ٥٤] وَشَهِدَ لَهُ أَعْقَلُ الْخَلْقِ وَأَعْلَمُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ بِأَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، فَأَشْهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ فِي أَعْظَمِ مَجْمَعٍ وَأَفْضَلِهِ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ فِي عَرَفَاتٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: " «إِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَرَفَعَ إِصْبَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ مُسْتَشْهِدًا بِرَبِّهِ الَّذِي فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ، وَقَالَ: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ» " فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَرَفَ الْمُسْلِمُونَ وَتَيَقَّنُوا مَا أُرْسِلَ بِهِ وَحَصَلَ لَهُمْ مِنْهُ الْعِلْمُ وَالْيَقِينُ، لَمْ يَكُنْ قَدْ حَصَلَ مِنْهُ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ، وَلَمَّا رُفِعَ عَنْهُ اللَّوْمُ، وَغَايَةُ مَا عِنْدَ النُّفَاةِ أَنَّهُ يُفْهِمُهُمْ أَلْفَاظًا لَا تُفِيدُهُمْ عِلْمًا وَلَا يَقِينًا، وَأَحَالَهُمْ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ عَلَى عُقُولِهِمْ وَفِطَرَهِمْ وَآرَائِهِمْ، لَا عَلَى مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ، هَذَا مَعْلُومُ الْبُطْلَانِ بِالضَّرُورَةِ.
الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ عَقْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَكْمَلُ عُقُولِ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى
1 / 97