156

El-Cami’u Li Ahkami’l-Kur’an

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Soruşturmacı

سيد إبراهيم

Yayıncı

دار الحديث

Baskı

الأولى

Yayın Yılı

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Yayın Yeri

القاهرة - مصر

Türler

هُوَ الشِّرْكُ الَّذِي هُوَ وَضْعُ الْعِبَادَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، وَالْأَمْنُ وَالْهُدَى الْمُطْلَقُ هُوَ الْأَمْنُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْهُدَى إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.
وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤] أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَكْلِيفِهِمْ بِمَا لَا يُطِيقُونَهُ، فَأَمَرَهُمْ ﷺ أَنْ يُقَابِلُوا النَّصَّ بِالْقَبُولِ، فَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، وَأَنَّهُ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا نَسُوا أَوْ أَخْطَئُوا فِيهِ، وَأَنَّهُ لَا يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ إِصْرًا كَمَا حَمَلَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ; وَأَنَّهُ لَا يُحَمِّلُهُمْ مَا لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ، وَأَنَّهُمْ إِنْ قَصَّرُوا فِي بَعْضِ مَا أُمِرُوا بِهِ أَوْ نُهُوا عَنْهُ ثُمَّ اسْتَغْفَرُوا عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ وَغَفَرَ لَهُمْ وَرَحِمَهُمْ، فَانْظُرْ مَاذَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَابَلُوا خَبَرَهُ بِالرِّضَى وَالتَّسْلِيمِ وَالْقَبُولِ وَالِانْقِيَادِ دُونَ الْمُعَارَضَةِ وَالرَّدِّ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا سَمِعَتْ قَوْلَهُ ﷺ: " «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» عَارَضَتْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤] وَلَمْ تُعَارِضْهُ بِالْعَقْلِ ; بَلْ غَلَّطَتِ الرُّوَاةَ، وَالصَّوَابُ عَدَمُ الْمُعَارَضَةِ وَتَصْوِيبُ الرُّوَاةِ، فَإِنَّهُمْ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ، وَهُمْ عُمَرُ وَابْنُهُ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَالْعَذَابُ الْحَاصِلُ لِلْمَيِّتِ بِسَبَبِ بُكَاءِ أَهْلِهِ تَأَلُّمُهُ وَتَأَذِّيهِ بِبُكَائِهِمْ عَلَيْهِ ; وَالْوِزْرُ الْمَنْفِيُّ حَمْلُ غَيْرِ صَاحِبِهِ لَهُ هُوَ عُقُوبَةُ الْبَرِيءِ وَأَخْذُهُ بِجَرِيرَةِ غَيْرِهِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي تَأَذِّيَ الْبَرِيءِ السَّلِيمِ بِمُصِيبَةِ غَيْرِهِ، فَالْقَوْمُ لَمْ يَكُونُوا يُعَارِضُونَ النُّصُوصَ بِعُقُولِهِمْ وَآرَائِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا يَطْلُبُونَ الْجَمْعَ بَيْنَ النَّصَّيْنِ يُوهِمُ ظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضَ.
[إنكار الصحابة على من عارض النصوص بآراء الرجال]
وَلِهَذَا لَمَّا عَارَضَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَوْلَهُ ﷺ: " «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ " بِرَأْيِهِ وَعَقْلِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ، أَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ فَسَبَّهُ سَبًّا مَا سَبَّهُ مِثْلَهُ، وَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَتَقُولُ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ» .

1 / 171