وَلَقَد خيلوا إِلَى الْخلق أَنه لَا علم إِلَّا فَتْوَى حُكُومَة يَسْتَعِين بهَا الْقُضَاة على فصل الْخِصَام عِنْد تهاوش الطغام
أَو جدل يتذرع بِهِ طَالب المباهاة إِلَى الْغَلَبَة والإفحام
أَو سجع مزخرف يتَوَصَّل بِهِ الْوَاعِظ إِلَى اسْتِدْرَاج الْعَوام
إِذْ لم يرَوا مَا سوى هَذِه الثَّلَاثَة مصيدة لِلْحَرَامِ وشبكة للحطام
فَأَما علم طَرِيق الْآخِرَة وَمَا درج عَلَيْهِ السّلف الصَّالح مِمَّا سَمَّاهُ الله ﷾ فِي كِتَابه فقها وَحِكْمَة وعلما وضياء ونورا وهداية ورشدا فقد أصبح بَين الْخلق نسيا منسيا
١٧٨ - ثمَّ أثنى على علم الْمُعَامَلَة وَقَالَ هُوَ علم أَحْوَال الْقلب كالصبر وَالشُّكْر وَالْخَوْف والرجاء والرضى والزهد وَالتَّقوى والقناعة والسخاء وَحسن الْخلق والصدق وَالْإِخْلَاص وَمَا يذم كالغل والحقد والحسد والغش وَالْكبر والرياء وَالْبخل والتزين لِلْخلقِ والمداهنة والخيانة وَطول الأمل وَالْقَسْوَة وَقلة الْحيَاء وَقلة الرَّحْمَة فَهَذِهِ وأمثالها من صِفَات الْقلب مغارس الْفَوَاحِش والأخلاق المحمودة منبع الطَّاعَات
١٧٩ - إِلَى أَن قَالَ وَلَا يَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يغتر بقول سُفْيَان تعلمنا الْعلم لغير الله فأبا أَن يكون إِلَّا لله وَكَانَ علمهمْ الْكتاب وَالسّنة
وَإِن الْعلمَاء يتعلمون لغير الله لِأَن مَا يشتغلون بِهِ غير مأمورين بِهِ وَانْظُر إِلَى أَعمار الْأَكْثَرين مِنْهُم واعتبروهم فَإِنَّهُم مَاتُوا وهم هلكى على طلب الدُّنْيَا وَلَيْسَ الْخَبَر كالمعاينة
١٨٠ - وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ دع الراغبين فِي صحبتك والتعلم مِنْك فَلَيْسَ لَك مِنْهُم مَال وَلَا جمال إخْوَان الْعَلَانِيَة أَعدَاء السِّرّ إِذا لقوك تملقوا لَك وَإِذا غبت عَنْهُم سلقوك وَمن أَتَاك مِنْهُم كَانَ عَلَيْك رقيبا وَإِذا خرج كَانَ
1 / 73