يقول قائل: أنا أحق أو يتمنى متمنى، ويأبى الله ورسوله والمؤمنون إلا أبا بكر)) (1) .
وروى أيضا - ويأبى الله والنبيون إلا أبا بكر - قال: فهذا نص جلي على استخلافه صلى الله تعالى عليه وسلم - أبا بكر على ولاية الأمة بعده.
قال: واحتج من قال لم يستخلف بالخبر المأثور عن عبد الله بن عمر، عن عمر، أنه قال إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر، وإلا أستخلف فلم يستخلف من هو خير مني، يعني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (2) . وبما روي عن عائشة - رضي الله عنه - ا، أنها سئلت: من كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مستخلفا لو استخلف؟ (3)
قال: ومن المحال أن يعارض إجماع الصحابة الذي ذكرنا عنهم، والأثران الصحيحان المسندان إلى رسول الله صلى تعالى الله عليه وسلم، من لفظه بمثل هذين الأثرين الموقوفين على عمر وعائشة، مما لا تقوم به حجة ظاهرة. مع أن هذا الأثر خفي على عمر، كما خفي عليه كثير من أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، كالاستئذان وغيره، وأنه أراد استخلافا بعهد مكتوب، ونحن نقر أن استخلافه لم يكن بعهد مكتوب، وأما الخبر في ذلك عن عائشة - رضي الله عنه - افكذلك أيضا، وقد يخرج كلاهما عن سؤال سائل. وإنما الحجة في روايتهما لا في قولهما.
(قلت) : الكلام في تثبيت خلافة أبي بكر وغيره مبسوط في غير هذا الموضع، وإنما المقصود هنا البيان لكلام الناس في خلافته، هل حصل عليها نص خفى أو جلى، وهل تثبت بذلك أو بالاختيار، من أهل الحل والعقد فقد تبين
أن كثيرا من السلف والخلف قالوا فيها بالنص الجلي، أو الخفي، وحينئذ فقد بطل قدح الرافضي في أهل السنة بقوله: إنهم يقولون إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينص إلى إمامة أحد، وإنه مات عن غير وصية.
وكذلك أن هذا القول لم يقله جميعهم، فإن كان حقا فقد قاله بعضهم، وإن كان الحق هو نقيضه فقد قال بعضهم ذلك، فعلى التقديرين لم يخرج الحق عن أهل السنة، أيضا فلو قدر أن القول بالنص هو الحق لم يكن في ذلك حجة للشيعة فإن الرواندية تقول بالنص على العباس كما قالوا هم بالنص على علي.
Sayfa 57