348

Mukhtasar Ma'arij al-Qubool

مختصر معارج القبول

Yayıncı

مكتبة الكوثر

Baskı

الخامسة

Yayın Yılı

١٤١٨ هـ

Yayın Yeri

الرياض

Türler

ب-كتابته المصاحف وجمعه الناس على مصحف واحد:
لما خشي ﵁ الاختلاف في القرآن والخصام فيه أثناء خلافته جمع النَّاسَ عَلَى قِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَتَبَ الْمُصْحَفَ عَلَى القراءة الأخيرة التي دارسها جبريل رسول الله ﷺ في آخر سني حياته ﷺ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنُ الْيَمَانِ ﵁ كَانَ فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ وَقَدِ اجْتَمَعَ فِيهَا خَلْقٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامَ مِمَّنْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِمَّنْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى، وَجَعَلَ مَنْ لَا يَعْلَمُ بِجَوَازِ الْقِرَاءَةِ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ يُفَضِّلُ قِرَاءَتَهُ عَلَى قِرَاءَةِ غَيْرِهِ وَرُبَّمَا خَطَّأَهُ الْآخَرُ أَوْ كَفَّرَهُ، فَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى خِلَافٍ شَدِيدٍ وَانْتِشَارِ الْكَلَامِ السَّيْءِ بَيْنَ النَّاسِ، فَرَكِبَ حُذَيْفَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ تَخْتَلِفَ فِي كِتَابِهَا كَاخْتِلَافِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي كُتُبِهِمْ، وَذَكَرَ لَهُ مَا شَاهَدَ مِنَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ جَمَعَ الصَّحَابَةَ وَشَاوَرَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَرَأَى أَنْ يَكْتُبَ الْمُصْحَفَ عَلَى حر وَاحِدٍ، وَأَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ فِي سَائِرِ الْأَقَالِيمِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِهِ دُونَ مَا سِوَاهُ لِمَا رَأَى فِي ذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ كَفِّ الْمُنَازَعَةِ وَدَفْعِ الِاخْتِلَافِ، فَاسْتَدْعَى بِالصُّحُفِ الَّتِي كَانَ أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ بِجَمْعِهَا فَكَانَتْ عِنْدَ الصِّدِّيقِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ صَارَتْ إِلَى حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. فَاسْتَدْعَى بها عثمان وأمر زيد ابن ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ أَنْ يَكْتُبَ وَأَنْ يُمْلِيَ عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ الْأُمَوِيُّ بِحَضْرَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْأَسَدِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ وَأَمَرَهُمْ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَنْ يَكْتُبُوهُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، فَكُتِبَ لِأَهْلِ الشام مصحفًا، ولأهل مصر آخر، وَإِلَى الْيَمَنِ مِثْلَهُ، وَأَقَرَّ بِالْمَدِينَةِ مُصْحَفًا، وَيُقَالُ لِهَذِهِ الْمَصَاحِفِ (الْأَئِمَّةُ)، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بَقِيَّةِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي بِأَيْدِي النَّاسِ مِمَّا يُخَالِفُ مَا كَتَبَهُ فَحَرَقَهُ لِئَلَّا يَقَعَ بِسَبَبِهِ اخْتِلَافٌ.

1 / 380