============================================================
كما أن الطحاوي لم يكن بذعا في تحوله إلى المذهب الحنفي حيتما اقتنع بمهجهم الفقهي - وليس هذا غريبا من إمام بلغ درجة الاجتهاد - أن يغير رأيه إذا ظهر له منهج في الاستنباط يخالف مسلك إمامه الأول، بل هذا هو المرجو من مثل الطحاوي في علمه، وممن بلغ هذه الدرجة العلمية: ومما شجعه على هذا الانتقال، ما تميز به المذهب الحنفي من سمات بارزة، من افتراض للمسائل، ووضع حلول مناسبة لما يجد من أحداث ونحوها من الأمور التي تتفق مع عقلية الطحاوي المتفتحة.
كل هذه الأسباب مجموعة ساقته إلى أن يكون فقيها حنفيا بدلا منه شافعيا، والله أعلم.
رحلاته في طلب العلم: الرحلة في طلب العلم تعد من أهم مميزات تلك العصور الفاضلة وهي من أبرز صفات المبرزين والنابغين في العلم من أصحاب الهمم العالية وندر أن يجد الباحث عالما (في تلك العصور) قد بلغ شأوا من العلم والمكانة، لم يقم برحلات علمية عديدة، بحثا عن العلماء ومصنفاتهم والاستزادة بالجديد مما لم يتيشر له الحصول عليه في بلدته.
والباحث في ترجمة الإمام الطحاوي لا يجد للرحلات العلمية ذكرا، اللهم إلا ما ذكره بعض المؤرخين: بأن الطحاوي خرج إلى الشام سنة (268ه) فلقي بها قاضي القضاة أبا خازم: عبد الحميد بن عبد العزيز (م 292ها فتفقه عليه وسمع منه(1).
كما تنقل في رحلته السابقة بين بيت المقدس، وغزة، وعسقلان، ودمشق، ولقي علماءها، فاستفاد منهم وأفادهم (1) انظر: تاريخ دمشق، (ح 2، ل 89)؛ الجواهر المضية، 366/2.
Sayfa 27