في ذكر السجود في الصلاة والسجود في الصلاة فرض في كتاب الله تعالى، من تركه ناسيا أو متعمدا فسدت صلاته، وقيل هما حدان، وقد قيل حد واحد، قال الله تعالى: { اركعوا واسجدوا } * ومن شك في السجود بعد أن جاوزه لم يرجع إلى الشك، وإن ذكر أنه لم يسجد وهو في حال القعود فإنه يرجع إلى حده ويسجد، وإن سجد وشك أنه سجد سجدة أو سجدتين، فإنه يرجع ويسجد حتى لا يشك فيه، لأنه لم يجاوز الحد، وإذا خر ساجدا من قيامه خر على أطراف أصابعه، ووضع يديه على ركبتيه إن أمكنه ذلك، وقدم ركبتيه إلى الأرض قبل يديه إن قدر على ذلك، وإن لم يمكنه ذلك قدم يديه قبل ركبتيه للعذر، إن أمكنه ذلك من الكبر أو لعلة، فإذا طرح ركبتيه إلى الأرض للسجود جعل يديه حذاء أذنيه، وبسط كفيه على الأرض، وضم أصابعه، وفتح بين مرفقيه، حتى يرى بياض إبطه، واعتدل في سجوده وأمكن جبهته من الأرض، من غير أن يجعل عليها الاعتماد، ولكن يعتمد على كفيه، ولينل طرف أنفه الأرض، ويجعل أطراف أصابع قدميه على الأرض، ويسجد على السبعة الأعضاء: الوجه، واليدين، والركبتين، والقدمين، كما جاءت السنة عن النبي - عليه السلام - أنه قال: »أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء« فهي التي وصفناها، »ولا أكف شعرا ولا ثوبا« فأما كف الشعر فهو أن يكف شعره ألا يقع في التراب، وأم كف الثوب فإنه يرفعه عن الأرض إذا قعد وسجد، ومن فعل ذلك خفت عليه النقض، ثم يسبح في سجوده ثلاثا، يؤمر بذلك، ولا نقض عليه إن زاد أو نقص، وقد روي عن النبي - عليه السلام - أنه قال لما نزلت: »سبح اسم ربك الأعلى«* قال: »اجعلوها في سجودكم فهي سنة«، ومن تركها متعمدا فسدت صلاته، ولا فساد على من تركها ناسا، حتى ينسى ذلك التسبيح في أكثر سجوده، وإن شك في التسبيح وقد جاوزه لم يرجع إلى الشك، وإن ذكر أنه لم يقله وقد جاوزه قاله حيث ذكره، والقعود بن السجدتين حتى يرجع كل عضو إلى مفصله ثم يسجد بتكبيرة أخرى ويكبر مع كل سجدة تكبيرة ويرفع رأسه بتكبيرة، وتلك سنة من تركها متعمدا فسدت صلاته، ولا فساد على من نسي حتى ينسى أكثر ذلك في صلاته، وإن شك وقد جاوزه فلا يرجع إلى الشك، ومن لم يسجد على السبعة الأعضاء فسدت صلاته، وإن لم يسجد على جبهته فسدت صلاته إلا من عذر، وإن لم يجعل أنفه على الأرض فيكره ذلك له، ولا فساد عليه في صلاته، ومن لم يسجد على يديه فسدت صلاته، ومن رفع ركبتيه متعمدا في سجوده فسدت صلاته، واختلفوا في الركبتين، وقيل من نفخ في صلاته انتقضت صلاته، لأنه قيل إن النفخ كلام، ومن لم يسجد على قدميه ويديه فسدت صلاته، قال الله تعالى: { وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا } * فهذه المساجد هي الأعضاء التي وصفت لك، فمن لم يسجد عليها فصلاته منتقضة غير تامة، ولا يدعى في السجود غير الله، ولا يرى في عمله أحدا كما قال الله: { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } * يعني من خلقه، ولا يسجد المصلي على عود ولا على فراض ولا مسواك ولا وسادة، ويسجد على ما يتمكن عليه مما أنبتت الأرض لا غير ذلك، وإذا فرغ من السجود وقعد جعل ظاهر قدمه الشمال مما يلي الأرض، وتورك على فخذه الأيسر، وجعل ظاهر قدمه الأيمن على باطن قدمه الأيسر، وجعل أطراف ظاهر رجله اليمنى مما يلي الأرض، وتورك وسجد وقعد متمكنا، وجعل يديه على فخذيه مما قاصد ركبتيه، وبسط أصابعه وفرق بينهما، وجعل نظره فيما بين يديه وسجوده وركبتيه.
الباب الثاني والثلاثون
Sayfa 46