İngilizce Hikayelerden Seçmeler
مختارات من القصص الإنجليزي
Türler
وحتى هذا الدافع الفني يزول آخر الأمر، وقد شارف الزوال في الوقت الذي رأيته. فلم يبق من الروح الفني أكثر من الميل إلى التزين بالأزهار، وإلى الرقص والغناء، في ضوء الشمس. وسيظل هذا الميل يفتر، حتى ينقلب جمودا مرضيا، وإنا في عصرنا هذا لقائمون على مسن الألم والضرورة، وقد خيل إلي - في رحلتي - أن هذا المسن البغيض قد تحطم أخيرا.
وخطر لي، وأنا واقف في الظلام الزاحف، أني اهتديت بهذا التفسير إلى الحل الصحيح لمسألة العالم، ووقفت على سر هؤلاء الناس الظرفاء. ولعل ما ابتدعوه لضبط النسل ومنع الكثرة قد جاوز الحد المنشود، فهم يتناقصون، وعسى أن يكون هذا هو السبب في كثرة المباني المتداعية المهجورة. وإنه لتعليل بسيط، قريب المتناول، ومقبول أيضا كأكثر النظريات الخاطئة. (7) صدمة مباغتة
وبينما كنت واقفا أفكر في هذا النصر المبين الذي ناله الإنسان طلع القمر باهتا مقوسا من فيض ضوء فضي في الشمال الشرقي، فانقطعت الأشخاص الصغيرة المشرقة عن الحركة في الوادي، ومرت بي بومة صامتة، وانتفضت من البرد في قبل الليل، فقلت أنحدر وأنظر أين أنا.
وتلفت باحثا عن البناء الذي كنت فيه، ودارت عيني إلى تمثال أبي الهول الأبيض على قاعدته البرونزية، وقد غمره نور القمر الطالع، ورأيت شجرة التامول الفضية قبالته، وشجيرات الدفلي المتوشجة الأغصان، وقد اكتست السواد في الضوء الخافت، والممشى الضيق، فرجعت بصري إلى الممشى، فخالجني شك غريب وقلت لنفسي: «كلا! ليس هذا بالممشى.»
ولكنه كان الممشى الذي أعرفه، فقد كان وجه التمثال المجذوم إليه، فهل تستطيعون أن تتصوروا ما شعرت به لما عمر صدري هذا اليقين؟ ولكنكم لا تستطيعون. لقد اختفت آلة الزمان!
وخطر لي، بمثل وقع السوط على أديم الوجه، أن من الممكن أن أفقد زمني، وأن أترك بلا حول أو عون في هذا العالم الجديد الغريب. وكان هذا الخاطر يورثني ألما بدنيا مبرحا. وإني لأحسه يأخذ بمخنقتي ويحبس أنفاسي، وشاع في نفسي الخوف فانطلقت أعدو بخطوات سريعة واسعة، وعثرت مرة فوقعت على وجهي وجرحته، فلم أضيع الوقت في حبس الدم بل نهضت وذهبت أعدو ، والدم الحار يسيل على وجهي ويقطر من ذقني، وكنت، وأنا أجري، أقول لنفسي: «لعلهم زحزحوها قليلا عن الطريق وألقوا بها بين الشجر.» ولكني مع ذلك كنت أجري بكل ما في من قوة، وقد كبر في وهمي أن هذا الاطمئنان حماقة، وأن الآلة قد أصبحت بعيدة عن متناولي. وكان التنفس يؤلمني، وأحسبني قطعت المسافة من ذروة التل إلى الممشى - وهي ميلان - في عشر دقائق. وإني لكهل، ولكنت ألعن الحظ وأسخط، وأنا أجري، على حماقتي إذ تركت الآلة، ورحت أصيح، ولا مجيب، وأنظر فلا أرى مخلوقا يبدو في هذا العالم المقمر.
وبلغت الممشى فكان ما خفت أن يكون، ولم أجد أثرا للآلة، فأحسست بالضعف والبرد وأنا أجيل عيني في هذا الفضاء بين الأشجار السوداء المتشابكة. وقد طفت بها كالمجنون، لعل الآلة تكون مخبأة في ركن، ثم وقفت فجأة ويداي تشدان شعري. وكان أبو الهول يشرف علي من فوق قاعدته البرونزية، بوجهه الأبيض المضيء المجذوم، تحت نور القمر الطالع، وكان كأنما يبتسم ساخرا مما أصابني.
وكنت خليقا أن أعزي نفسي بالقول بأن هؤلاء الصغار قد حملوا الآلة إلى مكان حريز، ليصونوها لي فيه، لولا أني كنت على يقين من ضعف عقولهم وأبدانهم. وهذا هو الذي أرعبني؛ الشعور بقوة غير مرتقبة اختفت بسببها الآلة التي اخترعتها. على أني كنت واثقا من أمر واحد؛ ذلك أن الآلة ما كان يمكن أن تتحرك وتنتقل إلا إذا كان عصر آخر قد أخرج مثيلها بلا فرق. وكان نزع القضبان الرافعة يحول دون انطلاقها في الزمان - وسأريكم الطريقة فيما بعد - فهي قد تحركت وانتقلت واختفت، ولكن في الفضاء فقط. فأين يمكن أن تكون؟
وأحسب أنه أصابني مس. وأذكر أني كنت أعدو بلا وعي، فأدخل هنا وأخرج من هنا، بين الأشجار التي يضيئها القمر، حول أبي الهول وأفزع حيوانا أبيض ظننته في الضوء الخافت غزالا صغيرا. وأذكر أيضا أني كنت في الهزيع الثاني من الليل أضرب الشجيرات بقبضة يدي، حتى جرحت عقلهما الأغصان المكسورة. ثم رحت أبكي وأهذي من مرارة الألم، وأنا أمشي إلى البناء. وكانت القاعة الكبيرة مظلمة ساكنة مهجورة، فانطرحت على الأرض، فوقعت على إحدى المناضد، وكدت أكسر ساقي، فأشعلت عود ثقاب ومررت بالأستار المعفرة التي حدثتكم عنها.
ووجدت قاعة كبيرة أخرى حافلة بالوسائد التي نام عليها حوالي عشرين من هؤلاء الصغار، وما أشك في أنهم استغربوا ظهوري لهم مرة أخرى، وقد دخلت عليهم فجأة من الظلام الساكن وأنا أتكلم بما لا يفهمون، وفي يدي عود مشتعل، فقد نسوا الكبريت، وشرعت أسألهم: «أين آلتي؟» وأصيح كالطفل المحنق، وأهزهم بيدي ولا بد أنهم تعجبوا لهذا، وقد ضحك بعضهم، وبدا الخوف على البعض الآخر، ولما رأيتهم وقوفا حولي خطر لي أن أسخف ما أصنع في هذه الحالة هو أن أوقظ في نفوسهم الشعور بالخوف، فقد كان سلوكهم في النهار يدل على أنهم نسوا الخوف.
Bilinmeyen sayfa