عزاء1
كتب يعزي كبيرا في بنية له:
لا قوة إلا بالله، ولقد خبرتك يا سيدي دهري الأطول، فإذا رأس لم يطأطأ لعظيم، وإذا قلب لم يهن في يوم الروع، وإذا ساق لم تنخذل من دون أفدح الأعباء، فكيف كانت حالك يا سيدي يوم التمست زهرتك الناضرة فإذا قد عراها الذبول، واستقبلت شمسك الساطعة فإذا قد لحقها الأفول، أفترى عزمك قد تضعضع، وقلبك قد تصدع، ورأسك قد ألقي إلى كفيك فلا تسمع بينهما إلا زفرة، ولا ترى إلا عبرة تترقرق في عبرة؟
وا رحمتا لك، فقد طالما كبرت على غبر الدهر، وشمست على أحداث الليالي، فلم يزدك امتحان الزمان إلا شدة على الشدة، وقوة على القوة؛ ولم يزدك جلاد الأيام إلا صبرا على الجلاد، وعزما في الكفاح والجهاد، حتى كان قضاء الله في بنيتك، فسرعان ما سلمت لقضاء الله، ووهت قوتك كلها حين لا قوة إلا بالله.
ولو كان للموت قلب لكنت آخر من يعتدي الموت على قلبه، فإن عظيما أن يجرح آسي الكلوم، والدافع عن ظلامة المظلوم، والقائم طول العمر في وجه الأقوياء الطغاة، ذيادا عن حقوق الضعاف العفاة، والباذل كل مواهبه العظام في سبيل الوطن وفي سبيل الله!
ليس في الموت حيلة إلا أن يعين الله على بلائه بالصبر وجميل العزاء، ثم يثيب من فضله عليهما بالأجر وحسن الجزاء، وقد حق لك يا سيدي الرئيس أن تظفر في الأولى بالصبر الجميل، وأن تفوز في الأخرى بالأجر الجزيل، والسلام عليك ورحمة الله .
تعزية صديق لصديقه1
إلى صديقي الدكتور بيومي
لقد ضربك الدهر فأدمى، وطعنك فأصمى؛ واعتمد أزكى زهرة في يدك فاقتطفها اقتطافا، وأكرم درة في بيتك فاختطفها اختطافا، ولطالما تألقت فيه نورا، ولطالما سطعت فيه أرجا وعبيرا.
وإن صديقك الذي أنقذت في الله والمودة ولده، لحقيق بأن ينخلع فؤاده بما عصف الدهر بولدك، فجمل الله يا أخي صبرك، وأجزل فيه أجرك، والسلام عليك ورحمة الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
Bilinmeyen sayfa