0
0.1
[0.1]
مما ألفه الشيخ الفاضل جمال الدين عبد الرحيم بن عمر بن أبي بكر الدمشقي
~~المعروف بالجوبري وهو يشتمل على ثلاثين فصلا وعدة الفصول مائتان وتسعة
~~وسبعون بابا كاملا والحمد لله حق حمده وصلواته على محمد خير خلقه وآله وسلم
~~وشرف ومجد وكرم صلى الله عليه وقال مؤلفه [كامل]
يا ناظرا فيما قصدت بجمعه
أعذر فإن أخا الفضيلة يعذر
علما بأن المرء لو بلغ المدى
في العمر فات العمر وهو مقصر
سيما وقد رمت العلوم فما حصل
إلا القليل وغاب عني الأكثر
والعذر في التقصير عن إدراكه
في العلم منظوما وفيما ينثر
فإذا ظفرت بزلة فافتح لها
باب التجاوز والتجاوز أجدر
ومن المحال بأن يرى أحد حوى
وصف الكمال ووصفه متعذر
والنقص في نفس الطبيعة كامن
فبنو الطبيعة نقصهم لا يذكر
0.2
[0.2]
بسم الله الرحمن الرحيم
وما توفيقي إلا بالله الحمد لله الملك الأعظم مظهر الموجودات بعد العدم
~~جاعل الأنوار والظلم ومبدع اللوح والقلم ليصرفهما في إثبات ما تأخر من
~~حكمته وتقدم وصلى الله على نبيه الأكرم المبعوث بالشرع المعظم والكلم
~~الوجيز المنظم فصلى الله عليه وسلم وكرم صلاة يحيي ويعرف نسيمها النعيم
~~ويتقد بنورها من المحل الفاني المظلم إلى المحل المشرق المسلم قال العبد
~~الفقير إلى الله تعالى عبد الرحيم بن أبي بكر الدمشقي المعروف بالجوبري عفا
~~الله عنه
[0.3]
أما بعد فإنه لما طالعت كتب الحكماء والسادة المتقدمين من العلماء رأيت
~~ما قد وضعوه من العلوم وقرأت ما وقع إلي من الكتب من سائر العلوم والفنون
~~مثل علوم الرياضة وغيرها وحصلت كتب ينبوع الحكمة لآصف بن برخيا بن شمويل
~~العشرة الموجودة في زمن نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام مثل كتاب
~~الطوالق والأصطنة والجمهرة وسر السر والمصحف الخفي والمصابيح والأفاليق
~~وذات الدوائر وغاية الآمال والأجناس والعهد الكبير فطالعت هذه الكتب العشرة
~~وحللت رموزها ثم بحثت على أصول العلوم فوجدت أصل ذلك في كتب الأسفار الخمسة
~~وهو سفر الخفايا وسفر المستقيم المخلفة عن أبونا آدم عليه السلام ثم سفر
~~شيث بن آدم عليه السلام ثم سفر نوح عليه السلام ثم سفر إبرهيم عليه السلام
~~فحصلت هذه الأسفار الخمسة ثم طالعتها وحللت رموزها ثم بحثت عن الأصول فطلبت
~~كتب هرمس المثلث وهو إدريس عليه السلام ويقال المثلث بالحكمة لأن بعض
~~الحكماء كان ملك وحكيم مثل بطلميوس والإسكندر ولاذن وغيرهما ولم يكن لهما
~~درجة النبوة ويقال المثلث لأنه كان له ثلاثة أسماء اسمه في الأصل أخنوخ
~~وسمي إدريس لكثرة دراسته الكتب فطالعت له عشرة كتب أولها كتاب الهاديطوس
~~وآخرهما الميلاطيس الأكبر ولولا خوف الإطالة وتوسع الدائرة وإلا لذكرت جميع
~~أسماء الكتب وذكرت كل كتاب وما يقتضي وما يختص ولكن قصدنا الاختصار
[0.4]
ثم طالعت كتب الحكماء المتقدمين مثل طمطم الفيلسوف وشرف وبليناس ودعميوس
~~ولاذن وإسطخر وأفلاطون ومارية وإشراسيم وسيرا وكنكه وأراطو وأرسطوطاليس
~~وهرمزان وصصه وابن تميم وبمثلهما من العلماء الكبار وأصحاب الهياكل ممن لم
~~أسمه خوف الإطالة وأما العلماء المتأخرون مثل ابن سينا وابن وحشية وجابر بن
~~حيان والخوارزمي وابن خطيب الري وصالح بن أبي صالح المديبري وابن قنان
~~ولوهق بن عرفجة وابن عصفور وخلف بن سعيد بن يوسف وعبد الله بن هلال الكوفي
~~والعبادلة فهم خمسة وقد ذكرهم الفخر الرازي في كتابه السر المكتوم ومثل أبو
~~القاسم ذا النون المصري الإخميمي وغيرهما ممن لم أسمه فحصلت كتب هؤلاء
~~العلماء وغيرهما إلى أن حصلت نيف وثلاثمائة كتاب
[0.5]
ثم قرأت جميع الكتب الموضوعة في فنون النواميس مثل حيل بني موسى ونواميس
~~أفلاطون وكتاب الباهر وغيرهما من النواميس ثم أخذت في كشف دكها وقرأت كتاب
~~ابن شهيد المغربي في كشف الدك وإيضاح الشك ثم كتاب ابن شهيد النيسابوري
~~مثله ثم كتاب إرخاء الستور والكلل في كشف المدكات والحيل فطالعت هذه الكتب
[0.6]
ثم بعد ذلك طالعت كتب علم الرمل فحصلت منها أربعة عشر كتابا لأربعة عشر
~~شيخ أولهم طمطم ثم الزناتي وآخرهم أبو الخير وكان أعلم علماء الرمل في
~~زمانه وقد اجتمعت به وصاحبته ثم قرأت الكتب المتعلقة بعلم الفلك من علم
~~الأزياج والأحكام وأحكام الدرج بشيء يعجز عن معرفة أسمائها فضلا عن معرفتها
~~وما يتضمن كل كتاب منها من العلوم فلما طالعت هذه الكتب سألني بعض أصحابي
~~أن أصنف له مدخلا في علم التنجيم والروحانية ففعلت ذلك وعملت كتابا في علم
~~التنجيم ووسمته بالصراط المستقيم في علم الروحانية وصناعة التنجيم ثم صنعت
~~كتابا ملخصا منظوما في علم الرمل يحتوي على أصول الرمل وفروعه
[0.7]
ثم لما جرى في مجلس مولانا السلطان الأعظم الملك المسعود أعز الله أنصاره
~~ذكر كتاب ابن الشهيد وما كشف فيه من ذكر أرباب الصنائع والعلوم فأحضر
~~الكتاب ثم طالعه وتعجب من ذلك وقال لي ما تقول فيه وما اقصر فقلت ما كان
~~إلا فاضل وما عسى أن يقال في الفضلاء فقال اعمل كتابا تحذو فيه حذوه وتسلك
~~فيه طريقته بل يكون أقل مسلك وأوضح معاني فاستقلت من ذلك فلم يقلني
[0.8]
فلما لم أجد بدا من ذلك بدأت على اسم الله وحسن عونه وعملت هذا الكتاب
~~ووسمته بكتاب المختار في كشف الأسرار وهو يشتمل على ثلاثون فصلا كل فصل
~~منها يحتوي على عدة الأبواب والفصول مائتان وتسعة وسبعون بابا
* الفصل الأول أربعة عشر بابا في كشف أسرار الذين يدعون النبوة
* الفصل الثاني أربعة وعشرون بابا في كشف أسرار الذين يدعون المشيخة
* الفصل الثالث أربعة أبواب في كشف أسرار الوعاظ وما يعملون
* الفصل الرابع خمسة أبواب في كشف أسرار الرهبان وما يعملون
* الفصل الخامس خمسة أبواب في كشف أسرار اليهود وفعلهم
* الفصل السادس ثمانية أبواب في كشف أسرار بني ساسان وفعلهم
* الفصل السابع بابين في كشف أسرار الذين يمشون بالنملة السليمانية
* الفصل الثامن سبعة أبواب في كشف أسرار أصحاب السلاح والحرب
* الفصل التاسع تسعة أبواب في كشف أسرار أهل الكاف وهو الكيمياء
* الفصل العاشر اثنا عشر بابا في كشف أسرار العطارين
* الفصل الحادي عشر خمسة أبواب في كشف أسرار أصحاب الميم وهو المطالب
* الفصل الثاني عشر تسعة أبواب في كشف أسرار المنجمين أرباب الطريق
* الفصل الثالث عشر ثلاثة عشر بابا في كشف أسرار المعزمين وفعلهم
* الفصل الرابع عشر اثنا وعشرون بابا في كشف أسرار أصحاب الطريق في الطب
* الفصل الخامس عشر ستة أبواب في كشف أسرار الذين يخرجون الدود من الضرس
* الفصل السادس عشر باب واحد في كشف أسرار أصحاب الحديد من الكحالين
* الفصل السابع عشر ستة أبواب في كشف أسرار الذين يصبغوا الخيل
* الفصل الثامن عشر عشرة أبواب في كشف أسرار الذين يصبغون بني آدم
* الفصل التاسع عشر ثلاثة أبواب في كشف أسرار الذين يلعبون بالنار
* الفصل العشرون ثمانية أبواب في كشف أسرار الذين يعملون الطعم
* الفصل الحادي والعشرون خمسة أبواب في كشف أسرار الذين يمشون بالعلفات
* الفصل الثاني والعشرون ستة أبواب في كشف أسرار الكتاب أصحاب الشروط
* الفصل الثالث والعشرون ثمانية أبواب في كشف أسرار المشعوذين
* الفصل الرابع والعشرون احدى عشر بابا في كشف أسرار الجوهرية وأعمالهم
* الفصل الخامس والعشرون ستة أبواب في كشف أسرار الصيارف والدك عليهم
* الفصل السادس والعشرون باب واحد في كشف أسرار الذين يدبون على المردان
* الفصل السابع والعشرون اثنان وثلاثون بابا في كشف أسرار أرباب الصنائع مجمل
* الفصل الثامن والعشرون ثلاثة أبواب في كشف أسرار اللصوص الهجامين
* الفصل التاسع والعشرون أربعة أبواب في كشف أسرار اللصوص أصحاب النقوب
* الفصل الثلاثون بابين في كشف أسرار النساء وما لهم من الدهاء والمكر
~~وقلة الحياء وهو خاتمة الكتاب
1 الفصل الأول أربعة عشر بابا في كشف أسرار الذين يدعون النبوة
1.1
[1.1]
اعلم وفقك الله ورعاك أن الأنبياء صلوات الله عليهم والمرسلين فلا طعن عليهم ولا في نبواتهم وإرسالهم إلى الأمم مع ما قد أمدهم الله عز وجل من القوة والتقدم في الأمور الصعاب فهذه قوة متصلة بهم من الله عز وجل وهي المادية الإلهية منها صبروا على المجاهدة وأداء الرسالة وتبلغها لطفا من الله عز وجل وبهم عرفت الطريق إلى الخالق جلت قدرته وإن كانت الشرائع مختلفة فمن سلك سبيل ذلك النبي الذي أرسل إليه وإلى قومه وتبع شريعته ولم يبدل ولم يغير ولم يتبع الهوى فقد تبع الحق لأن الأنبياء صلوات الله عليهم لم يبعثهم الله عز وجل بالباطل وما جاءوا إلا بالحق من الله عز وجل
[1.2]
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إن لله مائة وسبعة عشر شريعة من وافاها بخلق رضي دخل الجنة واعلم أن الأنبياء لم تزل تأتي بما أمرهم الله عز وجل به إلى أن بعث سيد الأولين والآخرين محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم فنسخت شريعته جميع الشرائع فلزم كل من كان على شريعة أن يتركها ويتبع شريعة سيد المرسلين ثم أنزل عليه الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فنسخ جميع الكتب وقد قال تعالى مخبرا عن دين نبيه {إن الدين عند الله الإسلام}
[1.3]
فأما من ادعى بعد نبينا صلى الله عليه وسلم النبوة فقد كذبه الله عز وجل إذ قال {ولكن رسول الله وخاتم النبين} وقال النبي عليه السلام لا نبي بعدي فمن ادعى هذا المقام بعده فقد طعن في نبينا عليه السلام وإن الله أظهره على ما يكون بعده فأخبر عنه فكذب دعوى من ادعى النبوة بعده فقال لا نبي بعدي فقال إن الذي يأتي بعدي فاحصبوه علما بمن يدعي بعده النبوة
1.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[1.4]
أول من ادعى النبوة رجل يعرف بنجدة بن عامر الحنفي الخارج باليمامة ويقال
~~له أبو ثمامة ومسيلمة الكذاب وكان خبيرا بالمخيلات فأوراهم المخرقات وتبعه
~~خلق كثير وقتله خالد بن الوليد رحمه الله
1.3 الباب الثاني في كشف أسرار من ادعى النبوة
[1.5]
وقد كان ظهر في آخر خلافة السفاح بإصفهان رجل يعرف بإسحق الأخرس فادعى
~~النبوة وتبعه خلق كثير وسلك إلى البصرة وعمان وفرض على الناس فرائض وفسر
~~لهم القرآن على ما أراد ثم قتل وكان من حديثه أنه نشأ بالمغرب فتعلم القرآن
~~ثم قرأ التوراة والإنجيل والزبور وجميع الكتب المنزلة ثم قرأ الشرائع ثم حل
~~الرموز والأقلام ولم يخل من علم حتى أتقنه ثم ادعى أنه أخرس وسافر فنزل
~~إصفهان وخدم قيم في مدرسة فأقام بها عشر سنين وعرف جميع أهلها وكبارها
[1.6]
ثم بعد ذلك أراد الدعوة فعمل له أدهان إذا دهن منها وجهه لا يمكنه أن
~~ينظر أحد إليه من شدة الأنوار ثم نام في المدرسة وغلق عليه الأبواب فلما
~~ناموا الناس وهدت الحواس قام فدهن وجهه من ذلك الدهن ثم أوقد شمعتان مصبوغة
~~لها أنوار ليست كالشمع ثم صرخ صرخة أزعج الناس ثم أتبعها ثانية وثالثة ثم
~~انتصب في المحراب يصلي ويقرأ القرآن بصوت أطيب ما يكون بنغمة ألذ من النسيم
~~فلما سمعوا الفقهاء تواثبوا وأشرفوا عليه وهو على تلك الحالة فحارت أفكارهم
~~من ذلك ثم أعلموا المعشر المدرس ذلك فأشرف عليه وهو على تلك الحالة
[1.7]
فلما رآه خر مغشيا عليه فلما أفاق عمد إلى باب المدرسة ليفتحه فلم يقدر
~~على ذلك فخرج من المدرسة وتبعه الفقهاء حتى انتهى إلى دار القاضي والمدينة
~~قد شاشت فأخبر القاضي بذلك فخرج القاضي واتصل الخبر بالوزير واجتمع الناس
~~على باب المدرسة وهو قد فتح الأقفال وترك الأبواب غير مفتحة فلما صار
~~القاضي والمدرس وكبراء البلد إلى الباب اطلع عليه الفقهاء وقالوا بالذي
~~أعطاك هذه الدرجة افتح لنا الباب فأشار بيده إلى الباب وقال تفتحي أيتها
~~الأقفال فسمعوا وقع الأقفال إلى الأرض فدخل الناس وسأله القاضي عن ذلك فقال
~~إنه له منذ أربعين يوما يرى في المكان أثر دليل ويطلع على أسرار الخلق
~~ويراها عيانا
[1.8]
فلما كان في هذه الليلة أتاني ملكان فأيقظاني وغسلاني ثم سلما علي
~~بالنبوة فقالا السلام عليك يا نبي الله فخفت من ذلك وطلبت أن أرد عليهم
~~السلام فلم أطق وجعلت أتململ على رد الجواب فلم أقدر على ذلك فقال أحدهما
~~افتح فاك وقل بسم الله الأزلي ففتحت فمي وأنا أقول في قلبي بسم الله الأزلي
~~فجعل في فمي شيئا أبيض ما أعلم ما هو بل أبرد من الثلج وأحلى من العسل
~~وأذكى من المسك فلما وقع في أمعائي نطق لساني فكان أول ما قلت أشهد أن لا
~~إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقالا جميعا وأنت رسول الله حقا
~~فقلت ما هذا الكلام أيها السادة فقالا إن الله قد بعثك نبيا فقلت وكيف ذلك
~~والله قد أخبر عن سيدنا محمد أنه خاتم النبيين فقالوا صدقت ولكن أراد الله
~~بذلك أنه خاتم النبيين الذي على غير ملته وشريعته فقلت إني لا أدعي ذلك فلا
~~أصدق ولا لي معجزات بها فقالا جميعا فوقع في قلوب الناس صدقك بعد أن كنت
~~أخرس منذ خلقت
[1.9]
وأما المعجزات التي أعطاك الله عز وجل فهي معرفة كتبه المنزلة على
~~أنبيائه ومعرفة شرائعه ومعرفة الألسن والأقلام ثم قالا اقرأ القرآن فقرأته
~~كما أنزل ثم قالا اقرأ التوراة والإنجيل والزبور والصحف فقرأت الجميع كما
~~أنزل فقالا قم فانذر الناس ثم انصرفوا عني فقمت وأنا أصلي وهذا آخر خبري
~~فمن آمن بالله وبمحمد ثم بي {فقد فاز} ومن كذب فقد عطل شريعة محمد
~~وهو كافر والسلام فعند ذلك سمع له خلق كثير وكان ظهر الدرس الذي له وقام
~~وسلك إلى البصرة وعمان فاستفحل أمره ولم يزل كذلك حتى قتل وله شيعة بعمان
~~إلى يومنا هذا
1.4 الباب الثالث في كشف أسرار من ادعى النبوة
[1.10]
وقد ظهر في سنة اثنين وخمسين ومائتين رجل يقال له أبو سعيد الحسن بن سعيد
~~الجنابي القرمطي وادعى النبوة وملك هجر والبحرين وعمان ونهب وسبى وهتك حرم
~~الإسلام وكان مع ذلك مريضا قد بطل شقه الأيسر وكان يحمل حملا فيوضع على ظهر
~~فرسه واختلف الناس في اسمه فقال قوم قرمط رجل انتمى إليه أبو سعيد فعرف به
~~وقال قوم قرمطونة قرية خرج منها أبو سعيد فكان أعرف الناس بنواميس أفلاطون
~~وأكثر مخاريقه وذبح أبو سعيد في الحمام سنة ثلاثمائة وخلف سبع بنين وهم
~~سعيد والفضل وإبرهيم ويوسف وأحمد والقاسم وسليمان ولما ادعى أبو سعيد
~~النبوة قال فيه شاعره القفطي الشيباني شعر [بسيط]
فمن له الوحي مكتوب صحائفه
منظم بكلام الله تنظيما
ومن به الأرض مشتد مراكزها
لولاه أصبح وجه الأرض مهدوما
وهي قصيدة طويلة ورأيت له عقب لهم مالا حسنا يعرفون بالسادة
1.5 الباب الرابع في كشف أسرار من ادعى النبوة
[1.11]
وقد ظهر في خلافة المعز بالديار المصرية رجل ادعى النبوة ونزل بتنيس وكان
~~يعرف بفارس بن يحيى الساباطي وسلك مسلك عيسى بن مريم عليه السلام وأحيى
~~الميت وأبرأ الأبرص والأجذم والأعمى وبنى له صومعة بتنيس على البحر شمالي
~~البلد وهي باقية إلى يومنا هذا ثم أحيى لهم الميت
1.6 الباب الخامس
[1.12]
وذلك أنه فيلسوف فأخذ من كفن ذلك الميت الذي أراد أن يحييه جزء ومن حب
~~النارجيل جزء ومن الجندبادستر جزء ثم جعله فتيلة وأوقده قدام أهل ذلك الميت
~~الذي قد أخذ من كفنه فخيل لهم أن ميتهم قد قام من قبره يمزق أكفانه وهو على
~~هيئته فسألوه عما أرادوا فخيل لهم أنه يخاطبهم بما يسألوه عنه فحارت فيه
~~الأفكار ولم يبق أحد بتنيس إلا حمل ميته وطرحه تحت الصومعة رجاء أن يحييه
~~له فيخاطبه فلم يفعلها ثانية
1.7 الباب السادس في كشف أسرار برء الأبرص
[1.13]
وذلك أن هذا النبي المذكور كان يأخذ أصول الكرفس ونعنع الماء من كل واحد
~~جزء ثم يدقها ويدفنها في الزبل الرطب حتى يصير منه دودا أبيضا فيأخذ ذلك
~~الدود ويجعله في إناء زجاج فإذا أراد أن يبرص إنسانا أخذ من ذلك الدواء
~~وسيره مع ثقته إلى الحمام فمن اتفق له من عظماء البلد لصق إليه ثم لطخه منه
~~فأي مكان لمسه به أبرص من يومه فإذا أتى إلى النبي يزيله يأخذ من الشيطرج
~~الهندي ثم يدقه ويعجنه بخل حاذق ويطلي به كف نفسه فإذا أتاه الأبرص يمر
~~بيده عليه ثم يمسح مكان البرص بكفه فلا يرفع يده عنه إلا وقد برئ وزال ذلك
1.8 الباب السابع
[1.14]
من ذلك وقد كشفت عن ذلك فوجدت له غير ذلك وإنه كان يأخذ النعنع فيرضه ثم
~~يحشو به فقاعة ويسد رأسها ويدفنها في الزبل أربعة عشر يوما ثم يخرجها
~~ويكسرها فيجد خنافس بيض فيأخذهم وينقعهم في زيت فلسطين ويعلقه في شمس حارة
~~سبع أيام ثم يفعل بها مثل ذلك
1.9 الباب الثامن في كشف أسرار إزالة الجذام
[1.15]
وذلك أنه يأخذ ورق العظلم وباذروج وكبابة وورق اليبروح وقلقند من كل واحد
~~جزءا ثم يغليهم حتى يذهب ربع الماء ثم يغسل به جماعة من رهطه ويبعثهم في
~~البلاد فإذا سمعوا به قد ظهر يحضرون إليه بعد أن عرفوا في البلاد بأنهم أهل
~~البلاء فلما حضروا إليه أبرأهم وذلك أنه أمرهم أن يغتسلوا بماء حار
~~فاغتسلوا به بعد ما جعل يده في الماء فإن ذلك الجذام زال فأخرق عقول الناس
1.10 الباب التاسع في معجزاته وكشف أسراره
[1.16]
وذلك أنه كان يمشي على الماء على ساحل البحر فيطلع السمك من البحر إليه
~~ويقبل أقدامه وذلك أنه كان يأخذ من خرء الآدمي جزء ومن الباذروج جزء ومن حب
~~القنا جزء ثم يدقهم ناعما ويعجنهم بدهن الياسمين ويلطخ به أقدامه ثم يمشي
~~على الماء أعني على ساحل البحر فيطلع السمك على رائحة الدواء ويلحس أقدامه
~~فيتوهم فيه الأوهام بالنبوة وغيرها
1.11 الباب العاشر في كشف أسرار الذين يدعون النبوة
[1.17]
فلا يصدقوا وينفر منه العوام ولم يذعنوا له بالطاعة فيظهر النبي أنه طالع
~~إلى الجبل يسأل الله في عذابهم فيصعد إلى أحدا الجبال كأنه يدعو على قومه
~~فيأخذ سمكة يقال لها الدخس في البصرة وفي مصر تسمى الدرفيل يأخذ شحمها وشحم
~~سام أبرص في لونه وهي الوزغة وشحم بنت سالامندرا وهي سام أبرص في لونه
~~ويسمونه المصريين الحرذون وعلامتها أنك إذا طرحتها على النار تطفئ النار
~~تأخذ شحمها ومن كل واحد من هذه الشحوم ثلاثة أجزاء ومن الزجاج الفرعوني
~~جزءا مكلس ومن الزنجفور جزءا ومن الزيبق جزءا ومن الزنجار جزءا وتأخذ مثل
~~نصف هذه الأجزاء أخثاء البقر وهو ثلاث ونصف جزء ومثل ربع هذه الأجزاء
~~والشحوم وهي سبعة أجزاء من شعر نواصي الخيل وهي جزء ونصف وربع جزء
[1.18]
فتصير الجملة اثنا عشر جزءا وربع جزء يدقوا الجميع وينخلوا ويعجنوا بتلك
~~الشحوم الثلاثة وتهيأ حبا ويجففوا في الظل ويبخر بها في الليل في مكان
~~مرتفع فإنه يظهر في الأفق كله وقد احمر والهواء كله نار وترى فيه خيولا
~~شهباء ودهماء وعليها رجال من نار وبأيديهم حراب من نار وبعضهم يكر على بعض
~~في الهواء حتى يضج الناس ويفزعوا ويظنون أن العذاب قد حل بهم فيكون منها
~~تأثير عظيم فيتوهم الناس أنه قد دعا عليهم النبي وأنه صادقا ولا يزال كذلك
~~حتى تهدأ النار وتكون ناره بعز الجمال
1.12 الباب الحادي عشر في كشف أسرار الذين يدعون النبوة ولا يصدقوا ولا يطاعوا
[1.19]
فإذا أراد رباطهم أظهر أنه طالع إلى الدعاء على القوم فيدخن بهذه الدخنة
~~فتظلم الدنيا وترى النجوم كلها والقمر نهارا حتى يخاف العالم من ذلك وذلك
~~أنه يأخذ بعقول الناس ويتوهمون فيه الأوهام
1.13 الباب الثاني عشر في كشف أسرار الذين يدعون النبوة
[1.20]
وكان قد ظهر بالشام رجل راعي فادعى النبوة وادعى أن موسى بن عمران عليه
~~السلام إنما كان مبشرا بظهوره ولم يعرف لهذا الرجل اسم ولا نسب فسموه
~~اليهود راعيا لأنه كان راعي ونزل طبرية وسلك مسالك موسى عليه السلام وكانت
~~معجزته العصا الذي كان يرعى بها الغنم كان في أوقات القيظ والهواجر يغرسها
~~فتورق بأغصان وأوراق فتظله من حر الهجيرة وهذا العكاز قد ذكروه بني موسى في
~~كتبهم وهو مشهور وكان يسوق السباع والوحوش بتلك العصا مثل الغنم وتذعن له
~~في الطاعة وكان يلقيها من يده فتسعى بين يديه وكان يعمل المخاريق من
~~المخيلات
[1.21]
وهذه صفة العصا إذا أرادت أن تسوق بها الوحوش والسباع مثل الغنم فتكون
~~العصا قد حرك بها إنسانا قد أحرق ثم إنها تجعل في رماد ليلة وتكون قد نالت
~~منها النار وهذه العصا متى أراد يسوق بها السباع وجميع الوحوش فإنه إذا
~~أومأ إلى سائر الوحوش انساقت قدامه مثلما تنساق الغنم وهي تتكسكس قدامه
~~خوفا منه ورؤوسها في أيديها وأذنابها بين أرجلها وهذا سر لا يعلمه إلا الله
~~عز وجل فإذا أرادها أن تسعى ترصد في أعظم ما يكون من الحر فيلقي العصا
~~فإنها إذا حميت سعت مثل الثعبان وهذا مما يخرق العقول واعلم أني وضعت في
~~هذا الكتاب أسرارا لم أسبق إلى كشفها ومعرفتها
1.14 الباب الثالث عشر في كشف أسرار الذين يدعون النبوة ويزعمون أن الوحي ينزل عليهم ويكذبون على الله عز وجل
[1.22]
وذلك أنهم يأخذون من القسط الحلو جزء ومن المر جزء ومن الصبر جزء ومن حب
~~الباذروج جزء يدق الجميع مع جزء من فقاح الإذخر ومن الكبابة جزء ومن
~~السيكران جزء ثم يبخر به بين يديه عند النوم فإنه يرى في منامه جميع ما
~~يحدث به في العالم في المستقبل فيخبر به قبل وقوعه فيتوهم فيه أن الوحي نزل عليه
1.15 الباب الرابع عشر في كشف أسرارهم
[1.23]
وقد ظهر في خلافة المأمون رجل يعرف بعبد الله بن ميمون بن مسلم بن عقيل
~~وادعى النبوة وحبسه المأمون ومات في الحبس وكان من سواد الكوفة وأورى الناس
~~المخاريق من النارنجيات ثم أوراهم انشقاق القمر فأخرق عقولهم وارتبطوا عليه
~~إلى يومنا هذا وذلك أنه أخذ رأس جمل كبير فجففه وأخذ مخه فعجنه من دم سنور
~~أسود شديد السواد ومثله من شجرة يقال لها مسكترم وهي على مثال الكراث لا
~~زائد ولا ناقص وهي موجودة كثيرة في الحشائش أخذ هذه الحشيشة فجففها ودقها
~~ناعما وعجنها مع تلك الأدوية بالمخ ثم عمل منها حبا على مثال الحمص ثم
~~جففها في الظل ثم رفعها في حق واحترز عليه من الهواء
[1.24]
فلما أراد العمل بها أخذ فحما من حطب المقل من شجرة ثم أوقد نارا في
~~مجمرة جديدة ثم وضع عليه مثل حبتين من ذلك الحب فلما دخن ذلك صعد لها دخانا
~~عظيما وأورى الناس أن القمر قد انشق وانقسم نصفين وكان ذلك والقمر زائد
~~النور وهذه معجزة لم يعطها الله لأحد من الأنبياء إلا نبينا محمد صلى الله
~~عليه وسلم فلما عجزوا عن درجة النبوة رجعوا إلى النواميس ومع ذلك فإنها من
~~الأسرار والمعجزات واعلم أن هذه الدخنة تعمل غير ذلك من العجائب إذا عملت
~~والقمر زائد النور وقد اختصرت في ذكر من ادعى النبوة خوف الإطالة بل والله
~~لهم عندي ألف باب مختلفة الصفات لا يمكن شرحها فافهم ذلك واعلم أني لم أترك
~~شيئا مما وضعته الحكماء المتقدمين
2 الفصل الثاني وهو أربعة وعشرون بابا في كشف أسرار من يدعي المشيخة وأصحاب النواميس من الفقراء والمشايخ ومن الصالحين
2.1
[2.1]
فأما المشايخ والصالحين فإنا لا نطعن في شيء منهم ولا من كراماتهم فإنها غير مخفية عن العالم ولا طعن في كرامات الصالحين قدس الله أرواحهم وذلك أنهم الطريق إلى الله عز وجل مثل الجنيد وإبرهيم بن أدهم والحسن البصري وسري السقطي ومعروف الكرخي وسليمان الداراني وغيرهما من المشايخ قدس الله أرواحهم ممن لم أسمه ومنهم من لم يشهر ولم يعرف وهو أكرم على الله عز وجل من الملئكة وقد قال صلى الله عليه وسلم رب أشعث أغبر ذا طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله عز وجل لأبر قسمه
[2.2]
فإن أصحاب هذه الدرجة لا شك فيهم أن لهم عند الله قدم صدق فصدقهم وصفاء قلوبهم اطلع الله على أسرارهم وصفاء قلوبهم فلما علم ذلك منهم أسكنهم في جواره وكشف لهم ما يكون قبل كيانه وألحقوا بالعالم العلوي لطفا من الله تعالى فعند ذلك خبروا بالمغيبات وحصلت لهم الكرامات فهذه درجة الصالحين من المشايخ رحمة الله عليهم أجمعين وأما الدرجة التي هي دون ذلك فهي درجة المشايخ من أصحاب الرياضة وعلم السيمياء والعمل بالأسماء المقدسة الذي إذا سئل الله بها أعطى وإذا دعي بها أجاب مثل عبادان وبهلول وحجا والشيخ قديم والشيخ أبو العباس والشيخ يس وغيرهما ممن لم أسمه خوف الإطالة
[2.3]
وقد ظهر ببغداد في سنة ثلاث وثلاثمائة رجل يعرف بالحسين بن منصور الحلاج وكان يدعو الناس إلى عبادة الله عز وجل فوشوا به إلى علي بن عيسى الوزير فأحضره وضربه ألف عصا ثم فصل أعضاءه وقيل إنه لم يتأوه وكان كلما قد له عضوا يقول [سريع]
وحرمة الود الذي لم يكن
يطمع في إفساده الدهر
ما نالني عند نزول البلا
جهد ولا مسني الضر
ما قد لي عضو ولا مفصل
إلا وفيه لكم ذكر
2.2 الباب الأول
[2.4]
رأيت الشيخ حسين وقد سمع قارئا يقرأ فوجد لقراءته ورقص ورأيته وقد ارتفعت
~~رجلاه على الأرض وهو يرقص ويقول [بسيط]
من أطلعوه على سر فباح به
لا يأمنوه على الأسرار ما عاشا
وعاقبوه على ما كان من زلل
وألزموه مكان الأنس إيحاشا
وكل هذا من أصحاب علم السيمياء الذي يجلبوا بالأسماء الخير ويدفعون بها
~~الضر فهم يعدون من الصالحين لأنهم يحضرون الأشياء في غير أوانهم وفي أوقات
~~لم يمكن أن توجد فيها
[2.5]
ولهم عمل الإخفاء عن أعين الناس فهذا سر رباني وللحلاج في الإخفاء قصيدة
~~يطول شرحها وإنما نذكر منها شيئا يسيرا يقول [رجز]
قد طالما غبنا عن أشباح النظر
بنقطة يحكي ضياؤها القمر
من سمسم وشيرج وأحرف
وياسمين فوق جبين قد سطر
تمشوا ونمشي ونرى أشخاصكم
وأنتم ليس ترونا يا دبر
والقصيدة طويلة وإنما هذا المقدار كافي للفطن اللبيب
[2.6]
وأما الدرجة الثالثة فهم أصحاب الدخن المختلفة والتباخير الهيولا واعلم
~~أن هذه الدرجة لم يتعلق بها إلا من يأكل الدنيا بالدين ويدخل الشبهة في
~~قلوب المسلمين وقد آن أن نشرح كشف سر كل واحد منهم واعلم أن كل واحد من أهل
~~هذه الدرجة ظاهره ظاهر صديق وباطنه باطن زنديق يستحلون المحارم ويجهلون
~~العالم فمنهم المباحية الذين يبيحون مباحات النسوان والخلوة مع المردان ثم
~~يبيحون السماعات ويخلوا بالنسوان ويطعموهم القنبس ويتوسمون عليهم بعقد
~~المنديل وطرف المقنعة فإنهم يعقدون طرف مقنعة الإمرأة ثم يقولون إن كان
~~أمرها يؤول إلى الصلاح وينحل عنها أمر صعب فحلوا هذه المقنعة ثم يقولون لها
~~انفضي المقنعة فتنفضها فلا تجد فيها عقدة فيقولون الآن قد رضي الله عنكي
~~وحل عنكي كل أمر عسير وقد جعل كل صعب عليكي هين يسير وقد وجب عليكي الشكران
~~لهذه النعمة ثم يعملون معها القبائح المنكرة
2.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[2.7]
ومنهم من يظهر في جسد المرأة من الكتابة من تحت قماشها ولبسها ويقول إن
~~قد ظهر لي فيك على العضو الفلاني سر وهو إشارة من عند الله عز وجل يتضمن
~~كذا وكذا فاكشفي عن هذا العضو تجديه مكتوبا كما ذكرنا لك فإذا كشفت بان لها
~~الكتابة فيقول فيها ما شاء أن يقول ثم يقول وجب لها الشكران وإن توجد بنا
~~راحة ويفعلون من هذا النوع أشياء يطول شرحها
2.4 الباب الثالث في كشف أسرار أصحاب الزوايا من أهل هذه الدرجة
[2.8]
أما مشايخ هذه الدرجة فمنهم من يتعانى النزول في التنور وقد أوقد فيه
~~قنطار من الحطب فينزل فيه ويغيب ساعة ثم يطلع وعلى يده طاجن سمك محشي أو
~~دجاج مطجن أو خروف مشوي أو ما اتفق من ذلك فيخرق عقول الناس ويذهلهم ذلك
~~وذلك أن هذا النوع ثلاثة أنواع الأول منه أن يكون هذا التنور أعلاه مربص
~~فتكون حرارة النار أعلى التنور وأسفله بارد إلا أن هذا التنور يكون محكم
~~البناء وله صاج من الحديد في أسفله ولذلك الصاج خلوا في حائط التنور مهندم
~~محكم من حيث أن النار جميعها تكون في الصاج وبمقدار ما يضع يده على حافة
~~التنور يسيخ ذلك الصاج بما عليه من النار في ذلك الخلو ويبقى أسفل التنور
~~خاليا من النار بارد فيقعد فيه ويكون نزوله بمقدار ما يعلم أن ذلك المعلوم
~~قد استوى مما ذكرناه فإذا طلع أخذه وأطعمه لمن حضر وإذا كان هو أسفل التنور
~~كان أعلى التنور لا يقدر أحد يقابله من وهج النار لما قد دبره من اللزقات
~~وهذه الصفة الأولى من التنور
2.5 الباب الرابع
[2.9]
وأما الثاني فإنه أعجب من هذا وذلك أن التنور يكون بنيانه محكم وذلك أن
~~بنيانه على نحو ما يعمل تنانير الشوي ويكون من تحته عضادة تحت الأرض تخرج
~~إلى البرية وهذا التنور لا يكون عمله إلا في زاوية ظاهر المدينة أو في قرية
~~أو مستند إلى جبل فإذا كان كذلك وعمل السماع أحمى التنور ولا بد من الصاج
~~في أسفله على ما ذكرناه فإذا طاب الشيخ صاح وخرج من السماع طالب الجبل أو
~~البرية إلى أن ينتهي إلى الموضع سرب العضادة فيدخل فيه ثم يمشي تحت الأرض
~~إلى التنور ويكون المغني قد وقف قرب التنور ثم يرفع الشيخ رأسه ويطلع وهو
~~يرقص فيذهل من رآه ويذهب عقله ويتوهم فيه الأوهام هكذا رأيناه فافهم ذلك
~~مما أشرت به إليك وابعد عن هؤلاء المشايخ السوقة وكن فريدا
2.6 الباب الخامس
[2.10]
وأما الثالث فليس لهم فيه حيلة بل يكون الشيخ قد ربص جميع جسده بالترابيص
~~التي تمنع النار وفعلها وهذا كشف أسرار الترابيص التي يعملونها تمنع النار
~~وحرها عنهم فمن ذلك تأخذ الضفدع ثم تسلقها حتى يتهرأ لحمها ولا يبقى لها
~~أثر ثم ترفعها عن النار حتى تبرد فإذا بردت جمد الدهن على وجه الماء فيأخذ
~~ذلك الدهن ثم يضيف إليه شيئا من البارود الثلجي ثم يلطخ به جميع جسده وجميع
~~أعضائه ويدخل النار فلا تضره شيئا
2.7 الباب السادس في كشف الترابيص
[2.11]
فمنهم من يأخذ الطلق المحلول ويجعله على صلاية ثم يضيف إليه مغرة مدنية
~~وحشيشة حي العالم وزنبق أبيض ويسحقه بماء الكسفرة الخضراء إلى أن يعود مثل
~~المرهم ثم يجففه في الظل فإذا جف عاد إلى السحق بدهن الضفدع ويسحقه سحقا
~~بالغا ثم يرفعه عنده على هيئة دهن الشمع فإذا أراد النزول في التنور
~~والوقوف على السندال وهو محمى لطخ من ذلك الدهن فلا يضره شيئا فافهم ما لهم
~~من الدهاء والمكر والحيل والخداع ولولا خوف الإطالة شرحت في هذا الفن مائة
~~نوع ولكن هذا القدر كاف وبه يستدل على غيره
2.8 الباب السابع في كشف أسرارهم
[2.12]
ومن هذا المشايخ من إذا عمل السماع أخلى الزاوية من الماء فإذا دار
~~السماع ورقصوا عطشوا فشكوا إلى الشيخ ذلك فيقول هاتوا شيء وخذوا ماء اشربوا
~~فيعطوه إما إبريق أو جرة أو كوز أو ما كان فيأخذه بيده ويفتح باعه ثم يدور
~~في الطابق دورة ثم يدفع لهم الوعاء ملآن ماء مبخر ممسك فيقول هذا من نهر
~~الكوثر فتشرب الجماعة من ذلك الماء فتحير عقولهم من ذلك
[2.13]
كشف سر ذلك أنه يأخذ سرداب غنمي فيدبغه بعد غسله ثم ينقعه في الماورد
~~سبعة أيام وبعد ذلك يأخذه فيربط طرفه الواحد ربطا جيدا ثم يجعل في طرف
~~الآخر عقدة قصب ثم ينفخه حتى يجف في الهواء فإذا جف رفعه عنده فإذا أراد
~~العمل به أخذه فملأه ماء قد جعل فيه قليل مسك وماورد ثم جعله في قميصه وقد
~~عمل له حمالات من تحت القميص من كمه الشمال إلى كمه اليمين فإذا أراد أن
~~يسقي الجماعة الماء جعل رأس السرداب في فم الوعاء وهو دائر من حيث لا يعلم
~~به أحد ثم فرك رأس السرداب بظفره فقطعه ونزل الماء في الوعاء ثم يدفع لهم
~~الوعاء وينمس ما أراد وكيف يشاء
2.9 الباب الثامن في كشف أسرارهم
[2.14]
ومن ذلك أن الشيخ يكون في السماع فأي من أومأ إليه بيده سقط إلى الأرض
~~وهو بعيد عنه وذلك أنه يأخذ من البنج الأزرق جزء ومن الأفيون جزء ومن بزر
~~الخس جزء ومن بزر السيكران جزء ومن بزر الرشاد جزء ومن الغبيراء جزء ومن
~~لبن التين جزء ثم يأخذ الجندبادستر ويسحقه به حتى يعود مثل الغالية ثم إن
~~الشيخ يلطخ به تحت إبطه ثم يجعل معه قطنة مسقية من دهن البنفسج العراقي
~~فإذا أراد أن يشير إلى من أراد فيدور معه في الطابق ثم يعانقه ويجعل رأسه
~~تحت إبطه ويدور معه بمقدار ما يعلم أن بخار الدواء قد تصعد إلى دماغه ثم
~~يتركه فيروح يقف ناحية وقد لعب دماغه هذا والشيخ يتربص ويرقبه فإذا رآه قد
~~اضطرب أشار إليه بيده فلا يزال يومئ إليه بالوقوع حتى يقع إلى الأرض مغشيا
~~عليه فيتوهم فيه الأوهام فافهم وكن خبيرا بما يفعلون
2.10 الباب التاسع في كشف أسرارهم
[2.15]
ومن ذلك أن الشيخ إذا طاف في السماع تقدم إلى الشمعة فأطفأها أو إلى
~~المصباح فمد إليه أصابع يده العشرة فأشعلها فاشتعلت كما يشعل الشمع فإذا
~~أشعلها طفئ ما كان من الشمع أو السرج ولا يزال يرقص وأصابعه تشعل حتى تضج
~~الناس ثم يدنو من الشمعة فيشعلها ويطفئ أصابعه وهذا ناموس عظيم فافهم ذلك وتميز
[2.16]
والسر في ذلك أن يأخذ من ذلك الدواء الذي ذكرناه في باب نزول التنور
~~فيلطخ أصابعه جميعا إلى العقد ويدعها حتى تجف ثم يأخذ النفط ويلبسه على ذلك
~~الدهن ثم يشعل فيه النار فلا يزال يشعل حتى ينفد النفط ولا يدرك يده شيء من
~~حرارة النار فافهم ذلك ومنهم من يدهن يده من ذلك الدهن ويعمل له عشرة قموع
~~من اللبد الأحمر الطالقاني ثم يلبسها أصابعه العشرة ثم يسقيها بالنفط
~~الجوري ويشعل فيها النار فلا يضره منها شيئا وكل ذلك تمويه على الخلق
~~ومخادعة لله ورسوله
2.11 الباب العاشر في كشف أسرارهم
[2.17]
ومن هؤلاء المشايخ من يظهر الفواكه في غير أوانها وفي أوقات لا يمكن
~~وجودها مثل المشمش والقراصيا والخوخ والتوت والتين الأخضر والعنب وجميع
~~أجناس الفواكه التي لا إقامة لها في غير أوانها والورد فيظهرونه فيبهت من
~~يراه ويتوهم فيه الخير وهو بعيد منه وذلك أنهم يعملون جميع الأجناس
~~ويظهرونها في غير أوانها فمن ذلك تعمير الورد ويظهرونه في مثل كانون كأنه
~~جنى وقته وذلك أنه يأخذ وعاء فخار أحمر جديد يكون قد نقع في ماء الورد يوما
~~وليلة ثم يجففه بعد تفريغه ثم يجعل فيه ذلك الورد الزر بحيث أن لا يكبسه ثم
~~يسد رأس الوعاء ويستوثق منه لئلا يدخل إليه الهواء ثم يجعل الوعاء معلقا في
~~بئر يكون قريبا من الماء فإنه يقيم على حاله ستة أشهر وأكثر ما لم يسلط
~~عليه الهواء فإذا أراد إحضاره أخرجه كأنه في وقته
2.12 الباب الحادي عشر في كشف أسرارهم في تعمير المشمش وإظهاره في غير وقته
[2.18]
وذلك أنهم يأخذون المشمش وفيه قوة ثم يأخذون مخفية زجاج ولها غطاء محكم
~~عليها فيفرش فيها الزعفران الشعر ثم يصفون المشمش عليه ولا يلصق شيء بشيء
~~ثم يجعل بينهم شيء من الزعفران ويلحفه ثم يرد عليه الغطاء ويشمع الوصل
~~وخبأه فمتى أراد أحضره كأنه جنيا جنى وقته باللون والطعم ثم الرائحة ولولا
~~خوف الإطالة لذكرت من هذا المعنى مائتي باب
2.13 الباب الثاني عشر في كشف أسرارهم
[2.19]
وقد ظهر بدمشق رجل يقال له المفقود وادعى المشيخة وكان يظهر الأثمار في
~~أوقات لا يمكن أن توجد فيها فاستجلب له خلق كثير فلما استفحل أمره ادعى
~~النبوة وأنه عيسى بن مريم فربط جماعة من كبراء البلد ومن جملتهم أهل سوق
~~المناخليين وكفر سوسية وأهل المزة فلما كثر الرهج فيه طلب ظاهر البلد
~~والقلعة بمكان يعرف بالصفصاف وذلك في دولة الملك العادل أبو بكر بن أيوب
~~وذلك مشهور بدمشق يقال نبي الصفصاف
2.14 الباب الثالث عشر في كشف أسرارهم
[2.20]
ومنهم من يبقى أربعون يوما لا يشرب ماء ولا يأكل شيئا ويدعون أن طعامهم
~~التسبيح وشرابهم التقديس وأن الله تعالى يبعث لهم من طعام الجنة ليس في
~~الظاهر بل هو في أفكارهم فينمسون على الناس ويأكلون أموالهم ويستحيون
~~أولادهم وحريمهم فافهم وكن فطنا
[2.21]
فمن ذلك من أراد أن يقيم الشهر والاثنين لا يأكل ولا يشرب الماء ولا
~~يحتاج إليه فمن ذلك أن يأخذ بزر الرجلة الحمقاء ثم يسحقها ناعما ثم ينقعها
~~في خل ثقيف في الشمس فيتركها حتى تشرب الخل ثم يسقيها خل ثاني في الشمس ثم
~~يتركها حتى تشربه ثم يسقيها فم ثالث فإذا شربته جففها ثم يستف منها على
~~الريق مثقال فيبقى أياما لا يشرب الماء ولا يحتاج إليه ومنهم من يأخذ كبد
~~الغزال العطشان ويجففها في الظل ثم يسحقها ويسقيها فإنه يقيم ستة أشهر لا
~~يطلب الماء ولا يشربه ولا تطلبه نفسه وبهذا يسلكون في البرور
[2.22]
وظهر بالديار المصرية رجل يعرف بأبي الفتح الواسطي في سنة خمسة عشر
~~وستمائة ونزل ببلدة يقال لها فيشة المنارة على بحر الإسكندرية وادعى
~~المشيخة وإدعى أنه يبقى ستة أشهر لا يحتاج إلى شرب الماء فلما شاع ذلك عنه
~~أخذه صاحب تلك البلدة وكان يقال له عز الدين بلبان أمير شكار الملك الكامل
~~فحبسه في بيت داره وجعل له ترابة برسم التيمم للصلاة وجعل المفتاح مع نفسه
~~فكان كل يوم يفتح عليه الباب ويقعده إلى جانبه على سماطه ويطعمه كل مأكول
~~حريف يحتمل شرب الماء مثل الأسماك والجبن والخلاط والقبار وما أشبهه ثم
~~يعيده إلى مكانه ويقفل عليه ولا يفتح عليه إلى مثل ذلك الوقت من اليوم
~~الثاني فأقام ستة أشهر ولم يتغير عليه شيء من أحوال نفسه
[2.23]
فلما رأى ذلك منه أقبل عليه إقبال كلي ثم نال منه شيء كثير وبنى له زاوية
~~في البلد ثم أطلق له أرض مزدرع يتحصل منها خمسمائة درهم ثم شاع ذكره بمصر
~~ونواحيها فحملت إليه الهدايا والتحف والفتوحات إلى أن تمول وأزوجه الأمير
~~وجاءته الأولاد ومات بها سنة تسع وعشرين وستمائة وخلف من البقر والغنم
~~والخيل مبلغ عظيم القدر وله عقب يعرفون بأولاد الشيخ ولولا خوف الإطالة
~~ذكرت فنون يعجز عن إدراكها الناس
2.15 الباب الرابع عشر في كشف أسرار الذين يقيمون أربعين يوما لا يأكلون
[2.24]
واعلم أنهم أكثر دهاء ومكر وحيلة وذلك أنهم يأخذون كبود الخراف ثم
~~يسلقونها ويجففونها فإذا جفت يسحقونها وينخلونها ويضيفون إليها سويق مغسول
~~وشيء من سمسم مقشور ومصطكاء وزر ورد ثم يعجنونه بدهن لوز مقشور ثم يضيفون
~~إليه مثل الجميع سكر طبرزد ويقرص أقراص وزن مثقال ثم يتناولون منه كل يوم
~~قرص فهو يغنيهم عن الطعام ذلك اليوم إلى مثل ذلك الوقت ولهم من هذا النوع
~~جمل لا تعد ولا تحصى
2.16 الباب الخامس عشر في كشف أسرارهم في نبع الماء من الحصى
[2.25]
ويقول هذا سر الله الأعظم الذي لا يطلع عليه إلا من هو من خاصته ويكذب
~~خذله الله ويأخذ بعقول الناس ويذهل أفكارهم من شدة الوهم ويفعلون ما أرادوا
~~وذلك أنهم يأخذون الحصى الفراتي ويجعلون بينهم حصى البارود ثم يجعله الشيخ
~~في يده ويشغل الناس ساعة بالحديث فإنه يذوب ذلك البارود ويقطر الماء من بين
~~أصابعه فيذهل القوم ويتوهم فيه الصلاح ومن ذلك أن يأخذ حصى يعرف ببصاق
~~القمر ويجعل معه حصى ملح وبارود ويجعله في كفه ويشغل القوم ساعة فإذا حمي
~~الحصى في يده ذاب الملح والبارود فيقطر الماء من بين أصابعه فيتوهم فيه
~~الصلاح وهو بضد ذلك
2.17 الباب السادس عشر في كشف أسرارهم
[2.26]
وذلك أن لهم بيوت العبادات قد يسمونها كما أرادوا فمن ذلك بيت إذا دخلته
~~في الليل رأيت الشمس فيه مثل النهار وهذا البيت رأيت في هندبار رجل قد عمله
~~وكان يقول بعبادة الشمس وربط عليه خلق كثير وصار دينهم به وهو من أعجب
~~النواميس ورأيت جماعة من المشايخ يعملونه وذلك أنه يأخذ صفار البيض فيسحقه
~~وحده ثم يصيره في دم ابن آدم ثم يعلق في إناء زجاج يوما فإنه يصير دودا
~~فيأخذ ذلك الدود ويجعله في صفار البيض المعزول ثم يتركه حتى يأكل بعضه بعضا
~~ولا يبقى منه إلا دودة واحدة فتترك في شيء حتى تموت فتؤخذ وتسحق وهي طرية
~~ويطلى بها جام زجاج ويجعل ذلك الجام في طاقة في البيت ويغطى بإجانة ثم يؤخذ
~~وزن دانق ذراريح فيبخر به البيت فمن دخله يرى فيه ضوءا أعظم من ضوء الشمس
~~فافهم ذلك ترشد
2.18 الباب السابع عشر في كشف أسرارهم
[2.27]
ومن ذلك أن يكون الشيخ مسافرا أو سائرا ورائحا في الليل في أشد ما يكون
~~من الليل والظلام فيظهر من جبينه عمود نور إلى عنان السماء فيضيء لمن يمشي
~~معه مثل النهار وهذا من أعظم الدهاء منهم والمكر والحيل وذلك أن يأخذ من
~~الدود المعروفة بالطيبوثة وهي تسرج بالليل في أيام الربيع ولهم فيها أمور
~~كثيرة فيأخذ منها أربعين دودة عدد ثم يجعلها في خرقة شعر رفيعة ثم يربطها
~~ويوسع عليها الرباط ثم يجعلها على جبينه طرفها تحت عمامته فإنه يظهر لها
~~نور عظيم يذهل العقول وكذلك إذا وقف في المحراب يصلي يظهر لها نور عظيم من
~~جبينه فتضيء الزاوية وكل ذلك مسطرة على أموال الناس وأكلها والفسق بنسائهم
~~وأولادهم فنعوذ بالله من هذه المشايخ فافهم
2.19 الباب الثامن عشر في كشف أسرارهم في سجود الشجر لهم وإذعانها وخضوعها
[2.28]
وهذا شيء يخرق العقول وذلك الشيخ يقف يصلي تحت الشجرة فهو يسجد والشجرة
~~تخر إليه حتى يصير رأسها عند رجليه ولا تزال كذلك حتى يأمرها أن تعود إلى
~~حالها الأول وذلك أن يأخذ دماغ سنور وعظم حية سوداء وعظم إنسان أجزاء
~~متساوية ثم يبخر بها تحت شجرة السرو أو الأثل أو الطرفاء فإنها تنحني إليه
~~وهو واقف يصلي حتى يصير رأسها عند رجليه فيتوهم فيه الأوهام ومنهم من يأخذ
~~من عظم ابن آدم ومن أضراسه ومن دماغ سنور وعظم حية سوداء أجزاء سواء ثم
~~يدفنها في الأرض أربعين يوما ثم يخرجها وتكون عنده فإذا أراد ذلك بخر بها
~~تحت الشجرة ويقف يصلي فإنها تخر حتى يلصق رأسها بين رجليه وهذا ناموس عظيم فافهم
2.20 الباب التاسع عشر في كشف أسرارهم
[2.29]
وذلك أن من هذه المشايخ من إذا كان جالس في الزاوية وعنده جماعة من الذي
~~يحضرها ثم اشتهى كل واحد من الجماعة على الشيخ شهوة فإنها تحضر على الوصف
~~الذي طلب وقد كان اجتمعت في بلد الحجاز بشيخ يعرف بسليمان وكان من أهل
~~المغرب كنا عنده ذات يوم ثمانية أنفس فاشتهى كل واحد منا على الشيخ شهوة
~~فقام إلى بيت الخلوة ليصلي ثم دعا وخرج فما لحق يخرج إلا والذي طلبنا قد
~~حضر من حيث لم يخرج أحد من الزاوية فخرق عقول الناس وشاع ذلك عنه وجاءته
~~الفتوحات من كل إقليم
[2.30]
وكشفت عن هذا السر فوجدت الشيخ له قعيدة في فتر المدينة وعند الشيخ في
~~بيت الخلوة طير حمام شاطر على بيت القعيدة الذي له فإذا اشتهى كل واحد ما
~~في قلبه قام الشيخ إلى بيت الخلوة ثم كتب جميع ما طلبوه الجماعة في بطاقة
~~ثم علقها على الطير ثم أرسله فإنه ينزل على القعيدة وما كان قد طلب منه
~~يرسله ولا يشعرون به إلا وقد حضر فيذهل كل من كان حاضر عنده ويرويه عنه في
~~البلاد فافهم أسرار هؤلاء القوم ودهاءهم
[2.31]
واعلم وفقك الله أن أهل هذه الدرجة من المشايخ كلهم مجمعون على بطلان
~~معجزات الأنبياء عليهم السلام وكرامات الصالحين من هذا النوع الذي قد سلكوه
~~ويكذبون والله بل إن الله عز وجل قد اختص أنبياءه وأولياءه بمعجزات وكرامات
~~ثم إن أهل هذه الدرجة مجمعون على أكل الحشيشة واستباحة حريم المسلمين
~~والفسق بأولادهم ولهم في ذلك فنون وبعض مشايخهم يقول [كامل]
ومهفهف بادي النفور رأيته
لا ألتقيه قط غير معبس
صادفته بعض الليالي ضاحكا
سهل العريكة رائض في المجلس
عيناه تخطب عاشقا متجاسرا
والسكر يحسن للمحب ولا يسيء
قضيت منه مآربي وشركته
إذ صار من بعد التنافر مؤنسي
فأجابني لا تشكرن خلائقي
واشكر شفيعك فهو خمر المفلس
فحشيشة الأفراح تشفع عندنا
للعاشقين لبسطها للأنفس
فإذا هممت بصيد ظبي نافر
فاجهد بأن يرعى حشيش القنبس
هب إنه متحفظ في يقظة
ما صنعه في نومه المتعرس
وسل المجرب للأمور وخلني
من حسن ظن الناسك المتنمس
واشكر عصابة حيدر إذ أظهروا
لذوي الخلاعة مذهب المتخمس
فإذا كانت هذه مشيختهم فما عسى أن يقال فيهم فإنهم كما قال الله تعالى في
~~كتابه {وجعلناكم شعوبا وقبآئل}
2.21 الباب العشرون في كشف أسرارهم
[2.32]
فمنهم الرفاعية وهم الذين كراماتهم أكل الحيات والنار فوالله لو فعل هذا
~~قدام الأطفال لضحكوا على من يفعله فيا عميان القلوب هذه كرامات الصالحين
~~فانتبهوا يا نيام وتيقظوا
2.22 الباب الحادي والعشرون في كشف أسرارهم
[2.33]
ومنهم ضروب الحيدرية وهم الذين يحلقون لحاهم ويلبسون الحديد ثم يثقبون به
~~ويتسورون ويثقب الواحد منهم ذكره ويجعل فيه حلقة وكل ذلك مسطرة على أموال
~~الناس والفسق بأولادهم والدليل أن أحدهم لا يبقى يوم واحد بلا أكل الحشيش
~~فإذا أكله اختلط عقله وسولت له نفسه كل قبيح وهذا الحشيش فهو من أعظم
~~المسكرات وكل مسكر حرام فإذا أكل الحرام فعل كل قبيح وكل منهي عنه فإذا أكل
~~الحشيش وأدمن أكلها استولى الهوس على دماغه وتشعب منه أمور تودي إلى أن
~~يمرق أحدهم وربما مرق أكثرهم فنعوذ بالله من ذلك
2.23 الباب الثاني والعشرون في كشف أسرارهم
[2.34]
ومنهم الجوالقية الذين يلبسون الجوالق ويحلقون لحاهم أيضا وهذه بدعة
~~ابتدعوها ثم إنهم لا يصومون ولا يصلون ولا يؤدون شيئا من الفرائض ولا
~~يغتسلون من الجنابة فيا أهل الإيمان هذه صفات الصالحين فتدبروا كلامي
~~واعقلوه
2.24 الباب الثالث والعشرون في كشف أسرارهم
[2.35]
ومنهم الحريرية وهم ثلاث فرق وقد كان ظهر في دمشق رجل يعرف بالشيخ علي
~~الحريري وسكن أرض حوران وادعى المشيخة وأتبعه خلق كثير وأتلف أولاد أهل
~~دمشق وقد كان أصل مذهبه أنه يقول لمن يتلمذ له لا تمنع النفس شيئا من حظها
~~فما طلبت نفسك فهو حظها فابلغها ذلك وله أحاديث كثيرة وعجيبة وهذا الرجل
~~ظفر به السلطان الملك الأشرف قدس الله روحه وحبسه في حصن عربا من جبة عسال
~~فأقام حتى مات السلطان وله أمور كثيرة قباح لا يلاقي يدي النجدة بذكرها
[2.36]
الفرق من أصحابه الفرقة الأولى يقال لهم المتميزة وهم الذين يعانون الحسن
~~من ملابيس الفقراء ويعاشرون أبناء الكبراء من الناس فلا يزالون عليهم
~~بالمواظبة حتى يطعمونهم القنبس فإذا أكله أصلى شبكته وشوى في الحريق سمكته
~~ولا يزال عليه حتى يخرج من المدينة إلى ظاهرها ثم يطعمه الحشيشة مبنجة ثم
~~يعمد إلى رأسه فيحلقها ويشوه بخلقته ويخلعه ما عليه وكذلك يعمل بنفسه ويودر
~~الثياب ويسعطه الكندس والخل فيفيق فإذا أفاق تناوم هو فينبهه الصبي فيجده
~~بتلك الحالة رأسه قد حلق وقماشه قد راح فيطير عقله خوفا من أهله ولا يطيق
~~الرجوع إلى أهله من الخوف فينتبه صاحبه
[2.37]
فإذا قعد صاح صيحة واحدة وقال أيش هذا القالب من فعل بنا هذا وأين قماشنا
~~فيقول الصبي والله لا أعلم إلا أني انتبهت وجدت روحي على هذه الصفة فيتوجع
~~ويتأسف على ما تم عليهم ثم يفكر ساعة زمانية ويقول للصبي كيف يكون العمل
~~أنا ما خوفي إلا عليك إن رأوك أهلك بهذه الحالة لا آمن عليك أن يقتلوك وأنا
~~مسافر من وقتي هذا بل والله إنني أخاف عليك ومتأسف عليك فابصر أيش تعمل في
~~نفسك فيتحير الصبي ويقول والله ما أعلم ما يكون عملي
[2.38]
فيقول له نقوم حتى نسافر إلى المكان الفلاني ونبصر ما يكون من أخبار أهلك
~~فإن كانت نيتهم لك جيدة سمعنا وإن كان غير ذلك سمعنا فإن سمعنا أخبار طيبة
~~قعدنا حتى يطلع شعرك ونحصل لك شيء تكتسي به ونأخذ هدية وننزل والساعة لا
~~تعمل إلا ما تريد وأنا لا أوحش الله منك ودبر رأيك بنفسك ثم يولي عنه
~~فيتحير الصبي ويقول شيء ما علينا ونحن حفاة كيف نسافر فيقول أنا أعبر أتجسس
~~عن أخبار أهلك فإن كانت نياتهم لنا جيدة تحيلت منا في شيء نلبس وجئت أخذتك
~~وعبرت إليهم وإن سمعت أنهم مضمرين لنا سوء حصلت لنا شيء نلبس وشيء في
~~رجلينا واتكلنا على الله ثم سافرنا فيقول الصبي افعل فيتركه وقد أوصاه أن
~~لا يظهر صورته لأحد من الناس
[2.39]
ثم يغيب عنه يوم ويجيء ومعه جبة صوف وشملة وزربول وجراب فيه الحشيشة
~~فيقول اشكر الله الذي ما جزت قد راح أبوك أو عمك أو من يعلم أنه حاكم عليه
~~إلى عند الوالي وقال له ولدي فلان قد أخذ لي كذا وكذا درهم وراح وهذا قد
~~خرج عن يدي فأريد تمكني منه إذا وقع لأفعلن فيه الواجب فإن نحن قوم مستورين
~~لا يشبه بنا أن نحضر في مثل هذه الأشياء قدام والي وقد أذن له الوالي أن
~~يفعل بك ما يريد وأنا رائح إلى عند فلان لعل آخذ منه شيء من الدراهم نتسفر
~~إلى الموضع الفلاني وقد لقيته ومعه غلامكم فلان ومعه قيد وزنود وهم رائحين
~~إلى الدار وقال لي فلان أيش عليك من فلان فقلت جرى علينا كذا وكذا فقال
~~احذر أن تخليه يقع في عينه فهو يتلفه فاعمل معه عمل الرجال فما يعرف الصاحب
~~إلا في الشدة وفي مثل هذه الأشياء فقلت والله ما تطير رأسي إلا قدامه ولا
~~يزال يحدثه من هذه الأقاويل وهو يسأله أن يأخذه ويروح فهذه أوصاف المتميزين
[2.40]
ومنهم طائفة تعرف بالبحرية نذكرهم في كشف أسرارهم اعلم وفقك الله ورعاك
~~أن هؤلاء الطائفة لا ينبغي لهم أن يدخلوا إلى هذا المكان أو أي مكان كان
~~ويخرجوا منه بلا شيء يفتخروا به ويفتشوه منه لو كان ما كان حتى أنهم إذا
~~دخلوا إلى المسجد أخذوا زيته من القناديل فإن غلبوا عنه أخذوا منه طاقة أو
~~سلاسل القناديل أو باب أو ساقطة أو سكرة ومن لا يفعل هذا ومثله لا يقدر على
~~معاشرتهم وهو ساقط القدر عندهم وهم من ضروب الهجامين فإنهم أنجس هذه
~~الطائفة
2.25 الباب الرابع والعشرون في كشف أسرارهم
[2.41]
ومنهم طائفة يقال لهم الغواة وهم الذين لا يعفون عن شيء ولا يتقون نجسا
~~أو يعملونه من أكل أو شرب أو قمار وضراب وزطاط وهذه الطائفة قد جمعت كل ما
~~تفرق في الناس من العيوب والشر فافهم ولولا خوف الإطالة لذكرت فيهم بعض
~~صفاتهم كما قيل وعندي لهم دفاتر مرقومة يحير فيها الناظر فافهم ذلك
3 الفصل الثالث أربعة أبواب في كشف أسرار الوعاظ
3.1
[3.1]
اعلم أن هذه الطائفة صناعتهم أجل الصنائع وهي أعلى مرتبة بني ساسان وهي الذي وضع ساسان أساسها ونوع أنواعها وأجناسها فأول ما لهم من الأعمال أنهم يرتبون من يطرح المسائل عليهم فيجيبون عنها على قدر ذلك ثم إنهم يرتبون القراء يقرؤون ما يقع على قافية الخطبة ثم إنهم يذكروا الله عز وجل بما هو أهله ثم يوردون أخبار النبي عليه السلام ثم أخبار الصالحين وغيرهم فيزهدون الناس في الدنيا ويرغبوهم في الآخرة وإذا أنت اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا إلا أنهم في الظاهر يذكرون أحوال الجنة وما أعد الله لأهلها وكذلك النار وما فيها من الأحوال والأهوال {وأنهم يقولون ما لا يفعلون} فافهم ذلك وكن بنفسك منفردا
3.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[3.2]
ومن دهائهم أنهم يطلعون على المنبر بخشوع وسكينة فإذا شرعوا في الكلام
~~وذكروا أهوال يوم القيامة وما أعد الله فيها للمجرمين يبكون بدموع أحر من
~~الجمر فإذا أرادوا ذلك يأخذون الخردل فيسحقونه ثم ينقعونه في الخل يوما
~~وليلة كاملة ثم يسقون به المنديل الذي يمسحون به وجوههم ثم يتركونه حتى يجف
~~فإذا حصل على المنبر ثم أورد أهوال يوم القيامة مسح بذلك المنديل وجهه
~~فتنزل دموعه مثل المطر وهو أول ما لهم من الدهاء والمكر
3.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[3.3]
ومن ذلك أنهم يجهزون بعض نسائهم في زي أصحاب البيوتات وقد أخنى عليها
~~الزمان فلا تقدر تبذل ماء وجهها إلى الخلق فيعطف عليها القلوب ويردد الكلام
~~في ذلك المعنى ويورد فيه خبر ويجيب فيه حكاية ثم يخلع فوقانيته ويرميها
~~عليها ويقول والله لو ملكت يدي شيء من النفقة لكنت أنا أحق بهذه المثوبة
~~ولكن العذر واضح فأستعيني بثمن هذا الثوب وأصبري على جور الزمان عسى الله
~~أن يأتي بالفتح أو أمر من عند الله فإذا رأوا الجماعة ذلك لم يبق أحد حتى
~~يرفدها بشيء من عنده على قدره ومكنته في ذلك الوقت وما تحصل فهو للواعظ
3.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[3.4]
من ذلك أنهم إذا كانوا متوجهين إلى بعض البلاد يجهزون من يسبقهم إلى ذلك
~~البلد فيدعي أنه نصراني أو يهودي فإذا سمع أنه قد ورد واعظ يقال له الواعظ
~~الفلاني وأنه يجلس في الموضع الفلاني فيتركه في المجلس الأول ولا يقربه
~~وإذا كان في المجلس الثاني حضر في المجلس فإذا طاب في المجلس قام الذي ادعى
~~أنه ذمي فيشق الخلق ويتعلق بالمنبر ويقول افتح الباب ويصعد إلى عند الواعظ
~~ثم يتعلق به ويقول أنا رجل كذا وكذا من البلد الفلاني رأيت البارح سيد
~~المرسلين وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم
[3.5]
فإذا كان دعواه أنه نصراني يقول رأيت محمدا صلى الله عليه ومعه عيسى بن
~~مريم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا فلان إلى كم هذه الغفلة استيقظ
~~من هذا الذي أنت فيه وهذا الاعتقاد المفسود وارجع إلى دين الحق فقلت وما
~~دين الحق فقال تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فقلت له لا
~~أقدر على ذلك خوفا من عقوبة يسوع المسيح فقال يا عيسى ما تقول في ذلك قال
~~لي عيسى عليه السلام قل ما يقول لك سيد المرسلين وخاتم النبيين تنجو من
~~عذاب يوم الدين وأنا أقول معك أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول
~~الله فقلت لعيسى يا روح الله ما أنت قلت إنك إله فقال كذبوا علي أنا عبد من
~~عبيد الله ولا إله إلا الله ثم قال لي النبي عليه السلام إذا كان في الغد
~~امض إلى مجلس أخي فلان وخصه عني بالسلام وقل له قال لك رسول الله بأمارة
~~كذا وكذا جدد إسلامي على يديك وعلمني فرائض الصلاة وحدود الإسلام فإذا
~~سمعوا الناس ذلك توهموا في الواعظ أنه من الأفراد فعند ذلك تدور له رحاية
~~المعيشة فافهم ذلك
3.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[3.6]
وقد كان لي صاحب واعظ من أهل حلب بالديار المصرية يعرف بقطب الدين صحبته
~~سنة ثلاث وعشرين وستمائة وسنة أربع وكان أظرف أهل زمانه وأشدهم خلاعة وكان
~~معتكف على الخمر لا يصبر عنه يوما واحدا وكان مجلسه يوم الثلاثاء بجامع
~~الأزهر وكان مجلس عظيم محتف بالخلق من النساء والرجال وكانوا ينزلون الخلق
~~من مصر ليحضره إلى مجلسه فقال لي في بعض الأيام والله أقدر آكل وأشرب وألعب
~~بالطربروب أفعل هذا على المنبر في المجلس فقلت هذا لا يقدر عليه أحد فقال
~~والله أفعله وأسلب الناس عقولهم فيكون مجلس أعظم من لمجالس الذي تقدمت
~~فخاطرنا على ذلك
[3.7]
فلما كان يوم الثلاثاء قال نحنا على الشرط قلت نعم فقال للنقيب روح دق لي
~~أوساط خاثونية بحوائجها الجميع واحضرها إلي ففعل ذلك وكان عندنا سراحية تسع
~~رطل بالمصري فأملأها خمر وسد رأسها ودفعها للنقيب ثم قال له تكون معك فإذا
~~طلبتها منك ادفعها وكان عندنا شيخ تركماني اسمه بدل وكان يلعب بالطربروب
~~وكان خليع الوقت فقال له إذا طاب المجلس وشرعت في نشيد الشعر خذ هذا
~~الطربروب واصعد إلى عندي على المنبر حتى أفرجك يا شيخ نحس على عجيب ثم وثب
~~وأنا معه والمنديل الذي فيه الأوساط في عبه فصعد إلى المنبر فسلم وجلس وجعل
~~رأسه في زيقه
[3.8]
فلما شرعوا القراء في القراءة شرع هو في أكل الأوساط فأكلها فلما فرغوا
~~القراء جميعهم أخرج رأسه وشرع في الخطبة فجعل يظهر الخلط والبلغم ويسعل
~~ويتوقف في الخطبة ثم قال يا أصحابنا اعذروني فإني قد حدث عندي هذا الخلط
~~إلى أن صرت أعجز عن الكلام وقد شكوت ذلك للحكيم فعبأ لي نقوع وقال لي إذا
~~حدث عليك هذا المرض تناول من هذا فإنه يصرف الخلط والبلغم فبدستوركم أشربه
~~وإن كان لا يحسن في هذا المكان فللضرورة أحكام وفي الضرورات تباح المحظورات
~~فقال من حضر أي والله اشرب فقال للنقيب هات ما معك فناوله السراحية فأخذها
~~ويجعل يجلوها على الناس وشربها عن آخرها وقال الحاضرون جعله الله صحة وضجوا
~~له بالدعاء ثم شرع فيما هو فيه حتى طاب المجلس
[3.9]
فلما طاب وشرع الناس يتوبون قام الشيخ بدل ومعه الطربروب فصعد إليه وهو
~~يقول أهلا أهلا يا عاشق فتح الحبيب الباب يا أهل المحبة تجلى المحبوب ومثل
~~ذلك ثم جعل رأس الشيخ في حجره وهو يقول كيف ترى يا شيخ نحس والشيخ يقول يا
~~قواد ما أشد أخذك قلوب الناس ثم تركه وأشار إلى الناس وقال تعلمون أيش يقول
~~هذا الشيخ قال والله قد ضجرت مما أقول تبت وكلما أبصرت هذا الطربروب أنكث
~~التوبة بالله عليك أكسره ثم قطع شعره ولبسه طاقية ثم أخذ الطربروب وجعله في
~~حجره وقال تعلمون لسان حاله أيش يقول [طويل]
سرت نسمة فيها لأهل الهوى نشر
فبتنا نشاوى حين فاح لنا النشر
سرت تستزيد العاشقين من الأسى
فعاودنا منها الصبابة والسكر
لقد حملت عن أهل يثرب رسالة
فأدت كلاما لا يكيفه الذكر
[3.10]
فلما انتهى إلى هذا البيت ضرب بالطربروب الأرض فكسره فعند ذلك ضجت الخلق
~~وطلبوا المنبر أفواجا يتعلقون ويضجوا فتوب ذلك اليوم خلقا كثيرا ووقع عليه
~~أحد وعشرون خلعة وكان له مجلس لم يكن له مثله وحملوه حمل بالمنبر إلى بيته
~~فانظر إلى هذه النواميس وكيف تدخل على الناس فافهموا يا عميان القلوب
4 الفصل الرابع خمسة أبواب في كشف أسرار الرهبان
4.1
[4.1]
اعلم أن هذه الطائفة أعظم الأمم كذب ونفاق ودهاء وذلك أنهم يلعبون بعقول النصارى ويستحيون نسائهم وينزلون عليهم الباروك ولا يعلم أحد أحوالهم وهم ألعن الخلق وهم أخير من غيرهم لكنهم إذا خلوا بأنفسهم يعلمون أنهم على الضلالة وقد غيروا الأقوال والأفعال ولهم أعمال عظيمة لا تحد ولا تحصى وهم قوم يأكلون الأموال بالباطل ويزينون الكذب وزخاريف المقال وهم أكذب الخلق على كل حال فمنهم من عمل للأديرة عيد وجعله ناموس من بعض النواميس يأكل به أموال النصارى ويستبيح نسائهم وأنا أثبت لك شيئا من ذلك
4.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[4.2]
اعلم أن هؤلاء الأقوام أعظم ناموس لهم قنديل النور في كنيسة قمامة من بيت
~~المقدس وهو من عمل بيت الرهبان الملاعين قد ارتبط عليه جميع النصارى
~~وأجناسهم وقد كان الملك المعظم بن الملك العادل قدس الله روحه دخل إلى
~~القمامة يوم سبت النور فقال للراهب لا براح حتى أبصر هذا النور كيف ينزل
~~فقال الراهب أيما أحب إليك هذا المال الذي يتحصل لك من هذا الوجه أو اطلاعك
~~عليه فإنه إن كشفت سره عدمت هذا المال فاتركه مستور مصان وتربح هذا المال
~~العظيم فلما سمع ذلك علم باطن قول الراهب فتركه على حاله وخرج
[4.3]
وذلك أن هذا القنديل هو أعظم النواميس الذي صنعوها الأوائل وذلك أن له في
~~رأس القبة حق من حديد والرزة الذي للسلسلة الذي هو معلق فيها وهو مهندم في
~~هلال القبة لا يطلع عليه أحد إلا الراهب والسلسلة لها فيه خلو فإذا كان
~~ليلة سبت النور صعد الراهب إلى الحق وجعل فيه مطبوخ الكبريت على مثال
~~السنبوسكة وجعل تحتها نارا موقتة إلى الساعة التي يريد أن ينزل فيها النور
~~ثم يدهن السلسلة بدهن البلسان فإذا جاء الوقت أوقدت النار يطف المطبوخ على
~~رزة السلسلة في ذلك الحق المهندم فاستمد من تلك النطفة دهن البلسان وسرى مع
~~السلسلة نازل إلى القنديل فعلقت النار في فتيلة القنديل وتكون مسقية أولا
~~بدهن البلسان
4.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[4.4]
ومن ذلك دير الصنم وهو مشهور وهو من العجائب وهو صنم من الحديد واقف في
~~قبة بين الهواء والفضاء لا يسقط إلى الأرض ولا يرتفع إلى فوق ولا يميل
~~ميمنة ولا ميسرة ولا خلف ولا قدام وقد ارتبط عليه الإفرنج والروم واليونان
~~وجميع أجناس النصارى وهذا الصنم من صنعة الحكيم بلينوس وذلك أنه بنى قبة من
~~حجر المغناطيس ثم إنه عمل الصنم بحكمة على مقدار ما تأخذ كل جهة من هواء
~~الحديد ثم أوقفه في القبة فأخذ هواءه من علو القبة والعلو لا يتركه ينزل
~~وهواء الأركان لا يتركه يميل أخذت كل جهة حقها فبقي واقف في وسط القبة لا
~~يطلع ولا ينزل ولا يميل وذلك من جملة الدهاء والمكر فافهم ومن ذلك دير
~~المعصم وهو كف ومعصم وهذا حديد أيضا معلقا بين الفضاء والهواء وهو عمل
~~الصنم وهذا المعصم في كنيسة في بلاد الكرج وتدبيره مثل الصنم سواء
4.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[4.5]
ومن ذلك الكنيسة التي بصيدنايا من أرض دمشق وهي من دهاء الرهبان وقد
~~جعلوا لها عيدا يحجه الرهبان وقد جعلوا لها عيدا يحجه المسلمون والنصارى في
~~كل سنة ولهم فيه البركة الزيت يؤخذ منها في ذلك اليوم شيئا كثيرا وقد
~~ارتبطوا عليها جميع الطوائف وذلك أنهم أخذوا قرمة نخلة ثم نزلوا عليها
~~بالمدقات مع الطول حتى رجعت مثال السفنج ثم غشوا عليها بثوب شعر مثل المنخل
~~ثم وضعوها في ذلك الموضع فإذا جاء العيد الذي لها سقوا تلك القرمة بالزيت
~~المغسول ثم ثقلوها بثقل ما توازن كما ينزز من ذلك إنها تبقى ذلك اليوم ترشح
~~طول النهار والناس يأخذون منها البركة وقد ربطوا الناس على أن هذا الزيت
~~يزيل الأمراض والعلل فصار لها ذكر وشأن عظيم
4.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[4.6]
ومن ذلك رأيت بالديار المصرية قريب من المحلة دير يعرف بالأبشيط وله راهب
~~شيخ ملعون داهية من الدواهي وقد صنع عنده في الدير بئرا محكم فإذا كان قبل
~~العيد بثلاثة أيام اجتمع إليه أهل البلد وذلك الإقليم وخرجت إليه الباعة
~~والسوقة وضربوا الخيام وهرعت إليه الناس من كل جانب والراهب يطلع إليهم
~~ويحادثهم بما قد زخرف لهم فإذا كان يوم العيد نزل وفتح باب الدير والرهبان
~~حوله ثم يأذن لهم بالدخول
[4.7]
فإذا اجتمعوا عند ذلك البئر تقدم الراهب والمبخرة معه بيده على رأس البئر
~~ثم نزل بدرج إلى البئر وهو ناشف وأرضه مفروشة بالحصى قد نقلها من كل موضع
~~فإذا حصل في الدرجة السفلى منه بخر ثم تكلم بما شاء من الهذيان فإذا فعل
~~ذلك صعد الماء إلى تلك الدرجة التي هو عليها واقف ثم يرتفع إلى الدرجة التي
~~تليها فيصعد الماء إلى الدرجة ولا يزال كذلك حتى تمتلئ البئر فيأخذون الناس
~~منه في القناني والكيزان فيغتسلون منه ويدخرونه عندهم لكل مرض وألم ويرفع
~~الراهب منه شيئا كثيرا وهو من جملة دهائه
[4.8]
فإذا كان آخر النهار نزل الراهب وأذن للناس بالدخول ثم يلبس ثيابا من
~~الصوف الرفيع ويأخذ المبخرة والعكاز ويقف على رأس البئر ثم يبخر ويتكلم بما
~~أراد ويدق العكاز على الدرجة فيهبط الماء عن تلك الدرجة فينزل الدرجة
~~الأخرى ويفعل كذلك والماء يهبط درجة بعد درجة حتى يهبط الجميع وينشف البئر
~~ثم يصعد ويقفل عليه ولا يرجع يفعل ذلك إلى مثل ذلك اليوم من السنة الثانية
~~فيحصل له كل يوم من أيام العيد شيئا كثيرا وتأتيه نذورا لا تحد وباقي أيام
~~السنة كل من مرض أو حم أو وجعه رأسه أو عيناه أو حدث عليه مرض يطلبوا له من
~~الماء الذي عند الراهب فما يطلب أحد منه وزن خمس الدراهم حتى يهدي إليه
~~شيئا يسوى درهمين ثلاثة وأصل ما ربط عليه الناس أن من التمس من هذا الماء
~~شيئا بلا قربان الدير ليس ينفعه ما أخذه من الماء فانظر إلى دهاء هذا الرجل
~~وكيف ربط العالم من سائر الملل والأجناس واعلم أن هذا البئر هو ثلاث آبار
~~كل واحد ينفذ إلى الآخر فافهم ذلك
4.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[4.9]
وذلك أني رأيت في قبرص دير في جانب جبل الصليب وفي ذلك الدير صنم يعرف
~~الدير بدير الصنم وفيه راهب اسمه ميرون ما على وجه الأرض ألعن منه ولا أدهى
~~ولا أخبث وقد جعل لذلك الدير عيدا يجتمع إليه أهل البلاد وجميع من في تلك
~~الجزيرة وهذا الصنم قد جعله الملعون كما زعم أنه عبد المسيح على الناس
[4.10]
فإذا كثر فيهم الفساد وانقطعت زيارة الديورة فإن ذلك الصنم يبكي بدموع
~~مثل المطر وإذا كان المسيح راضي عن الناس ابتسم ذلك الصنم وكان قد ربطهم أن
~~يوم العيد إن ابتسم الصنم فهو يخبر عن المسيح برضاه عنهم وأنهم ينصرون في
~~تلك السنة على عدوهم إلا أن أحدثوا معصية باطنة أو ظاهرة وعيده سبع أيام
~~فيحصل فيهم شيئا كثيرا وكل من راح وجاء لا بد له من زيارة هذا الدير وكل من
~~أراد أن يعلم أن المسيح عليه راضي أو ساخط لا يعلم ذلك إلا من الصنم وأي
~~ملك أراد الملك وملاقاة الأعداء لا بد له من هذا الدير ويسأل الراهب يسأل
~~الصنم وكل الملوك من بعد منهم ومن قرب يحمل لهذا الدير كل سنة جملة وكل
~~امرأة تريد تعلم ما يكون منها من جميع ما تحاول تحضر إلى عند الراهب وما
~~تنزل ولا تروح حتى ينزل عليها الباروك من الراهب والرهبان الذين معه في الدير
[4.11]
وهذا الصنم فيه صناعة دقيقة وهندسة محكمة وذلك أن هذا الصنم مجوف الرأس
~~والبدن في رأسه سخانة لطيفة ولها بزال إلى عيني الصنم فإذا أراده يبكي ملأ
~~تلك السخانة ماء ثم سخنه حتى يمنع الكف منه ثم هندم البزال فتهمل دموعه مثل
~~المطر ويهز رأسه مثل المنتحب وذلك أن في رأسه زيبق فإذا سخن الماء وحمي
~~الزيبق في رأس الصنم فإنه يحرك بمقدار ما فيه من الزيبق
[4.12]
ثم من جملة لعنة هذا الراهب أنه قد عمل لهذا الصنم مقصورة ولها شبابيك من
~~الحديد وهي على هندام القفص والصنم في وسطها على كرسي وهو شاخص نحو السماء
~~وعليه من الذهب والفضة شيء كثير فإذا كان يوم العيد دخل الراهب إلى
~~المقصورة ويبخر بأنواع الطيب ثم يشرع في تلاوة الإنجيل المبدل فإن كان
~~المراد البكاء الصنم دبر السخانة كما ذكرنا ويجتمع الخلق إليه حول المقصورة
~~وهو يدور حول الصنم ويأخذ من دموعه بالقطن ويدفعه للناس ويضج إليهم بالسجود
~~والتضرع إلى المسيح بالرضى عنهم وإن كان راضيا عنهم فإن عنده صنم كأنه
~~الصنم الأول لا يغيب منه شيئا ولا يشك فيه أنه إياه وهو مفترة شفتاه ضاحكا
~~فإذا كان الليلة التي صبحتها يجتمع الناس وهو يوم العيد وضع ذلك الصنم على
~~الكرسي ورفع الصنم الذي يبكي ونومس بما أراد من زخاريف الكلام وعمل شغله
5 الفصل الخامس وهو خمسة أبواب في كشف أسرار اليهود وغيرهم
5.1
[5.1]
اعلم أن هذه الطائفة ألعن الخليقة وأخبثهم وأشدهم كفرا ولعنة وهم أشد الناس خبث في أفعالهم وأظهرهم ذلة ومسكنة وهذا عين اللعنة والدهاء وهم إذا خلوا بإنسان أهلكوه ودكوا عليه المرقد في الطعام ثم إنهم يقتلوه وذلك أنهم إذا أرادوا هلاك واحد جعلوا له في طعامه المرقد حتى ينام ثم يثبون إليه وقد تمكنوا منه ثم يقتلوه
5.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[5.2]
ومن ذلك أنهم يعملون من بزر البنج الأسود ووسخ الأذن وبصل الفأر من كل
~~واحد جزء ثم يجعلوه في أي طعام كان فإنه ينام من وقته وساعته فيتمكنون منه
~~ويقتلوه في مكان لا يؤبه له فافهم فإنهم أكثر الخلق خبثا وكفرا ولعنة وإياك
~~ومصاحبتهم فما لهم قول ولا دين ولا أمانة وهذه صفة أحبار اليهود وأما
~~الجمهور منهم فإنهم جميعهم يتعلقون بالعطر ولهم أوصاف يأتي ذكرها
5.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[5.3]
وذلك أن جميع العطر يزغلوه ويحكوه ويبيعوه على المسلمين ولا يؤبه لهم فمن
~~ذلك أنهم يعملون الهليلج والفلفل والزعفران والمسك والعود والكافور
~~والمصطكاء وكل ما يتعلق بالعطر وسوف أذكر ذلك في الموضع الذي يليق به وأكشف
~~أسراره وأعماله إن شاء الله وأثبت بعضه
5.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[5.4]
ومن ذلك الأطباء الطبائعية منهم فإنهم أشد كفرا ونفاقا ولهم أسرار لا يقف
~~عليها غيرهم فمن ذلك تقريب البعيد وتهوين الشديد فإذا أرادوا أن يداووا
~~إنسانا ويبرئوه فيبادروا قبل كل شيء على حفظ قوته ثم يعمل له دواء موافق
~~لذلك المرض فيبرئه في أيام قلائل وإن أراد أن يخبث عليهم تغافل على حفظ
~~القوة أولا فيسقط بعضها ثم يعمل له دواء نافع لذلك المرض ثلاثة أيام ثم
~~يحرف عليه بما يهيج عليه مرض آخر ولا يزال كذلك يدخله في شيء ويخرجه من شيء
~~فيجعله مقثأة يأكله
[5.5]
وإن كان المريض له شيء من أحوال الدنيا وكان له وارث أشار إلى الحكيم بما
~~يعمل ويجعل له فيحرف عليه ويضعفه قليلا قليلا إلى أن يقتله وذلك إن كان له
~~زوجة تريد موته فتشير إليه وتقول يا حكيم بالله عليك إن كان عليه موت
~~فبشرني ولك عندي الحلاوة الوافرة فيقول أما مرضه فسالم بل يقدر الحكيم
~~يسقيه شيئا يسقط قوته ثم يهلك فإذا سمعت المرأة ذلك مع قلة عقلها ودينها
~~وشهوتها لموته تقول يا حكيم ابصر أيش تعمل وأيش ما أردت عندي فيقول هذا
~~الأمر لا أجسر أن أقدم عليه فلا تزال عليه وتوعده بما يريد فيقول هذا الأمر
~~لا يتم بأجل بل يتم بالنقود فيأخذ منها ما يتفق بينها وبينه فإن كانت مليحة
~~وأرادها فيتركها ذلك اليوم ثم يقول اعلمي أن هذا الأمر لا يتم إلا بمواصلتك
~~لأدبر له من المنى دواء وقد انقضى الشغل ولا يزال عليها حتى تجيبه إلى ذلك
~~فانظر إلى هذا المكر والدهاء والخبث وكيف يستحلون أموال الناس ويستحيون
~~نسائهم فافهم ذلك وكن خبيرا بالأمور لا يدخل عليك شيء
5.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[5.6]
فمن ذلك البوارز والخرازين الذين يدورون بالبيوت والضياع والبساتين فإن
~~لهم أمر لا يقف عليه أحد ولا يعد ولا يحد فمن ذلك أنهم يعملون بالنساء
~~القبائح ويفتحون لهم أبواب لا تكيف بل يبيعونهم بما يخلطون به عقل الرجل
~~ويدمغه ويبهته حتى أنه إذا رأى أحدا عند إمرأته لا ينطق وإن راحت إلى موضع
~~لا يقول لها شيء وأي شيء قالت صدقها فمن ذلك مخ الجمل فإن له في هذا الباب
~~فعل عظيم وكذلك مخ الرخم ومخ الحمار وأشياء كثيرة يطول شرحها ثم إنهم لهم
~~أفعال كثيرة فافهم ذلك
5.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[5.7]
وذلك أنهم يركبون لهم دواء إذا أطعمته المرأة الرجل يبقى باهت لا يعلم ما
~~يقال له ولا ينطق ولا يعلم ما هو فيه ولا ما يتم عليه فإذا أرادوا ذلك
~~فإنهم يأخذون من الكاكنج جزء ومن حب البلاذر جزء ومن الغاريقون جزء فيدق
~~الجميع دقا ناعما ويطعم في طعام فإنه إذا أكله يبقى باهت ولا يعلم ما يتم
~~في العالم
6 الفصل السادس ثمانية أبواب في كشف أسرار بني ساسان
6.1
[6.1]
اعلم أن هذه الطائفة يدخل فيها جميع الطوائف ويتعلق بها أكثر الخلق وذلك أنها صناعة واسعة الدائرة تحتمل أمور شتى وهم أصحاب الدهاء والمكر والمحال ولهم الجسارة على كل ما يفعلونه ولهم ألف باب من أبواب المكر ولولا الإطالة ذكرتها جميعها بل ذكرت منها شيئا يستدل به العاقل على الكل فمنهم أصحاب النواميس والفقراء والمدروزين وأصحاب البلاء من الزط وغيرهم وأصحاب الوحوش مثل الدباب والقرود والذين يعلمون التيوس والحمير ويؤلفون بين القط والفأر ويعملون اللحى للنساء والذين يدعون أنهم كانوا مأسورين والذين يدعون العمى وكل مرض يظهرون الاستسقاء والقروح والخراجات ولهم أشياء كثيرة مثل ذلك ولهم الحج الذي يركبون الجمل وأما الوعاظ فهم أعلى مرتبة بني ساسان ولهم الدهاء والمكر والحيل ومع ذلك فإن الإنسان إذا احتاج احتال وقد قال الشيخ ساسان الحيلة عليهم ولا الحاجة إليهم إلا أن بني ساسان أسرع تقدما إلى هذه الأفعال وقد ذكر أن كان على عصا ساسان من جسر أيسر ومن هاب خاب فاعلم ذلك وقد أتيت لك من اختلاف أجناسهم ما تكتفي به عن غيرهم وسوف أكشف لهم بعض أسرارهم لتقف عليها وتعلم أني قد مارست الأمور وعرفت حقائق الأشياء وبواطنها
6.2 الباب الأول في كشف أسرار الذين يدعون العمى
[6.2]
وذلك أنهم يعمون من غير عمى وإذا أرادوا ذلك يأخذون من دم القراد جزءا
~~ومن الصمغ العربي جزءا ثم يكتحلون به على أطراف جفونهم فتنطبق وتلزق فلا
~~يشك من رآهم أنهم عميان وإذا أرادوا أن يفتحوها فيأخذون الصابون ثم يغسلون
~~به أعينهم فإنها تنفتح فاعلم ذلك
6.3 الباب الثاني في كشف أسرار الذين يدعون الجذام
[6.3]
وقد سبق ذلك في ادعاء النبوة فإذا أرادوا أن يظهرون أنهم جذمة فيأخذون من
~~ورق العظلم جزء ومن الباذروج جزء ومن الكبابة جزء ومن القلقند جزء ثم يغلوا
~~الجميع حتى يذهب الربع ثم إنهم يستحمون بذلك الماء فيتخيل للآدمي أنه جذام
~~أو برص وليسوا من ذلك شيء وإنما هو حيل ومكر ومغاش
6.4 الباب الثالث في كشف أسرار الذين يدعون الاستسقاء والصفار والعلل الباطنة
[6.4]
وذلك أنهم إذا أرادوا ذلك فإنهم يأخذون ماء التبن وبيض النمل فيغلوا
~~الجميع حتى ينقص الربع ثم يشربونه فتكبر بطونهم وتصفر وجوههم حتى يخيل لمن
~~رآهم كان بهم علة الاستسقاء فإذا أرادوا أن يذهبوا ذلك شربوا ماء الهندباء
~~بسكر الطبرزد فإنه يذهب
6.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[6.5]
ومن ذلك رأيت بحران سنة ثلاثة عشر وستمائة رجل من بني ساسان قد أخذ قردا
~~وعلمه السلام على الناس والتسبيح والسواك والبكاء ثم رأيت من هذا القرد من
~~الناموس ما لا يقدر عليه أحد من الناس فإذا كان يوم الجمعة أرسل عبدا هنديا
~~نظيف الملبوس وهو حسن الشمائل جاء الجامع إلى عند المحراب بسط سجادة حسنة
~~ثم راح فإذا كان في الساعة الرابعة لبس القرد ملبوس خاص جيد من ملابيس
~~أولاد الملوك وجعل في وسطه حياصة لها قيمة ثم طيبه بأنواع الطيب ثم ركبه
~~بغلة بمركب ذهب محلى ثم مشى في ركابه ثلاث عبيد هنود بأفخر ملبوس الواحد
~~يحمل الوطاء المصلى والآخر يحمل الشرموزة والآخر يطرق قدامه هذا والقرد
~~يسلم على الناس طول الطريق
[6.6]
فإذا دخل إلى باب الجامع لبسوه الشرموزة وعضدوه ونزل والعبد قدامه
~~بالوطاء ويطرق له وهو يسلم على الناس وكل من يسأل عنه يقال له هذا ابن
~~الملك الفلاني من أكبر ملوك الهند وهو مسحور ولا يزال كذلك حتى يصل إلى
~~الموضع الذي فيه السجادة فيفرش له العبد الوطاء فوقها ويحط له سبحة ومسواك
~~فيقلع القرد ملبوسه ومنديله من وسط الحياصة ويضعه قدامه ثم يستاك بالمسواك
~~ويصلي ركعتين شكر الوضوء وركعتين تحية المسجد ثم يأخذ المسبحة ويسبح
[6.7]
فإذا فعل ذلك قام نهض العبد فسلم على الناس وقال يا أصحابنا من أصبح
~~معافى فإن لله عليه نعمة لا تحصى واعلموا أن ابن آدم هدف للبلاء فمن ابتلى
~~فليصبر ومن عوفي فليشكر واعلموا أن هذا القرد الذي ترونه بينكم والله لم
~~يكن في زمانه أحسن منه شبابا وهو ابن الملك الفلاني صاحب الجزيرة الفلانية
~~سبحان من سلبه الحسن والملك ومع ذلك لم يكن في زمانه أرحم منه قلبا ولا
~~أطوع منه لله تعالى
[6.8]
ولكن المؤمن ملقى لقضاء الله من القضاء المقدر أنه أزوجه والده بابنة
~~الملك الفلاني فأقام معها مدة كذا وكذا ثم نقلوا إليها أنه قد عشق مملوكا
~~له فسألته عن ذلك فحلف بالله أن هذا شيء ما كان فتركته فزاد عليها القول في
~~ذلك ثم لحقها من الغيرة ما يلحق أمثالها ولم تجد عن ذلك صبرا فطلبت منه
~~دستورا تروح تزور أهلها وأمها شهرين من الزمان فأذن لها في ذلك وجهزها كما
~~يجب لمثلها فلما حصلت عند أهلها سحرته كما ترون فلما علم والده ذلك قال هذا
~~اختلق به بين الملوك فأمر بإخراجه من ذلك الإقليم فأخرج
[6.9]
وقد سألنا زوجته بجميع الملوك فادعت أنها خلفت عنده أثاث قيمته مائة ألف
~~دينار ولا ترده إلى صورته إلا بها وقد تعصبوا له الملوك وساعده كل منهم
~~بشيء وقد حملها لها تسعين ألف دينار وقد تخلف عليه عشرة ألف دينار من
~~يساعده بشيء من ذلك وارحموا هذا الشاب الذي قد عدم الملك والأهل والوطن
~~وأخرج من صورته إلى صورة القردة هذا والقرد قد جعل المنديل على وجهه وجعل
~~يبكي بدموع مثل المطر فترق قلوب الناس لذلك وما منهم إلا من يرفده بشيء فما
~~يخرج من الجامع إلا بشيء كثير وهو يدور به البلد على هذه الصفة فافهم ذلك
~~ونبه فكرك فيما يعملون بني ساسان من الدهاء والمكر
6.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[6.10]
ومن ذلك أني كنت في قونية من بلاد الروم في سنة ستة عشر وستمائة فمررت
~~ببعض الشوارع فرأيت إنسانا عليه خلق وهو مرمي على جنبه وهو معصب بشرموط وهو
~~يئن أنين ضعيف ويقول شهوتي رمانة فنظرت إليه فقلت وعزة الله من بني ساسان
~~ولا بد أن أبصر إلى أين يؤول مآله فجلست قريبا منه بحيث أراه ولا يراني
~~جعلت الفلوس والدراهم تنهال عليه ولم يزل كذلك إلى القائلة انقطعت الرجل من
~~الرائح والجائي فلما أن رأى ذلك التفت يمينه وأيسره فلم يجد أحدا فوثب مثل
~~البعير المنشط من العقال وجعل يخرق الأزقة وأنا خلفه إلى أن انتهى إلى دار
~~حسنة البنيان عالية الأركان فطرق الباب ففتح له فهو قد هم أن يدخل وأنا قلت
~~سلام عليك قال وعليك السلام فقلت تقبل ضيفا قال نعم ومرحبا بمن أتى ثم أخذ
~~يدي في يده ثم قال على خير مقدم ثم دخلنا إلى دار حسنة فنظرت فيها بسط وطرح
~~لا تصلح إلا لبعض السعداء
[6.11]
فقال اصعد فصعدت على طراحة حسنة فأما صاحبي فإنه رمى من رقبته شلاق فيه
~~مقدار عشرة أرطال خبز وفيه فلوس ودراهم شيئا كثيرا ثم شد في وسطه بوشية
~~تسوى دينارين وخلع ذلك الخلق وقدمت إليه الجارية سخانة من ماء بطشت فتغسل
~~ورأيت له شعرا زائدا عن الوصف ثم لبس قميصا رفيعا وسراويل وقباء وشاش ثم رش
~~عليه ماورد وطلع جلس إلى جانبي وقال يا فلانة هاتي ما عندك ولا تتكلفي
~~للضيف بل حسب العادة فأحضرت مائدة عليها أربع زبادي أربعة ألوان طعام حامض
~~وخبز مختلف ألوانه ونقل من جميع النقول ثم أحضر كل حريف ومالح وحامض وغير
~~ذلك فأكلنا وقال اعذرني فإنك جئتنا على غفلة ولكن الكرام تسامح
[6.12]
فأكلنا حسب الكفاية ثم رفعت المائدة وغسلنا أيدينا ثم أتانا بطبق فيه
~~أنواع الحلوى فتحلينا ثم شرع في الحديث وأنا متعجب منه فقلت له لو فتحت لك
~~دكان بزار كان خيرا لك من هذه الحرفة فقال إذا كان تاجرا إما مسافرا وإما
~~صاحب دكان وكان رأس ماله خمسة آلاف دينار فكم كان يقع مكسبه في كل يوم بطال
~~عمال فقلت لعل نصف دينار أو دينار فقال أنا يقع لي كل يوم خمسة وعشرة وأكثر
~~أيش أعمل أنا بالدكان مع أن التاجر ما يخلو من الخسارة في بعض الأوقات
~~ويكون عليه كلف وأنا فربح بلا خسارة فقلت له فهذا الخبز الذي حصل لك ما
~~أراك تأكل منه شيء فما تصنع به قال يجمعوه ويعملوه فتيت فيجيء التجار من
~~أنطاكية فيشتريه وسفار المراكب في البحر فتحصل منه كل سنة ما يكفي البيت
~~كسوة فتعجبت منه
[6.13]
ثم قال تقول بها فقلت وبكل من ينتمي إليها فقال وا لك يا فلانة أحضري لنا
~~شيئا نشتغل به فأحضرت آنية الشرب تصلح للسعداء من الناس فعملت مجلسا لم
~~يغيبه شيئا مما يحتاج إليه فشربنا ساعة ثم قال يا فلانة اتركي فلانة تجيء
~~تطيب عيشنا فنزلت جارية أحسن ما يكون من النساء ومعها عود زاوية فلعبت به
~~ساعة لعب كالدر ثم أرمت العود وأخذت الجنك فلعبت به نوبة ولم تزل تبدل
~~الملاهي حتى انقضى المجلس فلما أردنا النوم فقال وا لك افرشي لسيدك في
~~المخدع وأغلقي عليه ففرشت لي فرشا حسنا وأوقدت علي قنديل ثم أتتني بطشت
~~ومسينة فاغتسلت ونمت ولم أزل نائم إلى باكر
[6.14]
فانتبهت فإذا به قد دخل علي فقال الضيافة ثلاثة أيام فلا تبرح مكانك حتى
~~أعود إليك ثم قال للجارية هاتي العدة فأتته بذلك الخلق الشلاق والعصابة
~~فلبس وعصب رأسه وخبأ شعره ثم اتته بمخلاة وفيها تراب مطحون وجعلت تنفض عليه
~~ثم ودعني وخرج ولم تزل الجارية تفتقدني بالطيب والطيبات إلى الظهر
[6.15]
فإذا به قد جاء وفعل كما فعل بالأمس فأقمنا إلى يوم الجمعة فقال للجارية
~~خذي سيدك إلى الحمام واتركي فلان يخدمه ثم قال لي أريد منك اليوم لا تصلي
~~إلا عند المنبر فإن لي في ذلك غرض ثم تعود إلى هاهنا بعد الصلاة ثم لبس
~~وخرج فأتت الجارية وأخذت معها البساط ثم عبت حوائج الحمام مكملة ثم أخذتها
~~وراحت ثم عادت وقالت يا سيدي بسم الله فنهضت معها فدخلت فوجدت بساط وعليه
~~بوشية وبقجة فخلعت قماشي ودخلت والبلان قدامي إلى المقصورة فخدمني خدمة
~~حسنة ثم سبحت فجاءني بمنشفة رومي مخمل مبخرة معطرة ثم خرج خلفي بالطاسة
~~فصعدت على البساط وجاءتني الجارية بقدح شراب شربت ورجعت إلى الدار
[6.16]
فدخلت والجارية قدامي فجلست وقدمت لي شيء أكلت وقدمت لي سجادة وقالت بسم
~~الله فخرجت جئت الجامع فبسطت تحت المنبر كما أمر صاحبي فلما امتلأ الجامع
~~وصعد الخطيب على المنبر فلم أشعر إلا وصاحبي قد خرق الصفوف وهو بذلك الخلق
~~ثم صعد إلى المنبر إلى عند الخطيب وأخرج من عبه كيس أطلس أحمر وقال للخطيب
~~يا سيدنا أنا رجل فقير ولي عائلة ووالله لنا اليوم يومين لم نطعم طعام وقد
~~مضنا الفقر فلما أن كان اليوم قالوا لي العائلة اليوم يوم الجمعة قم إلى
~~الجامع لعل يفتح الله عز وجل بشيء نتقوت به فقد هلكنا من الجوع
[6.17]
فخرجت طالب الجامع فأنا في الزقاق الفلاني وأنا لا أقشع شيئا من الجوع
~~فعثرت بهذا الكيس وأنا لا أعلم ما فيه فسولت لي نفسي أن آخذه وأرجع إلى
~~البيت ثم قلت يا نفس ملعونة تريدين أن تجرئيني على أكل الحرام والله لا
~~طاوعتك على ذلك أبدا ولو تلفت جوعا وما عند الله خير وأبقى وقد حملته لتفعل
~~به ما يجب ثم ناوله الكيس
[6.18]
فلما رآه الخطيب فتحه وإذا فيه حلي يساوي جملة مال فتعجب الخطيب من أمانة
~~هذا الرجل مع ما هو فيه من الفقر والحاجة ثم أشار إلى الناس وقال أيها
~~الناس إذا كان الرجل هذه أمانته وعفته على ما هو عليه من الفقر والحاجة
~~يكون أحد أعف من هذا فإذا كان مكفى غير محتاج كيف تكون أمانته ودينه ومثل
~~هذا لا يصلح أن يكون فقيرا بين ظهور المسلمين الواجب على كل مسلم إعانته
~~وبره وأن تبروه بشيء وأن يغني فقره فأريد أن تغنوا فقره كل على قدره وما يمكنه
[6.19]
فجعلت الدراهم والذهب تنهال عليه إلى أن قدرت ما تحصل له أن يكون
~~بالتقريب مائتي دينار هذا وأنا ألومه وأنا أقول قد حصل له شيء يساوي ألف
~~دينار فباعه بهذا المبلغ وما بأصدق أن تنقضي الصلاة ونحن في السنة والضجة
~~قد أخذتنا من صحن الجامع وإذا بإمرأة عجوز وهي تصيح وتقول والله يا مسلمين
~~ما أملك قوتي في هذا اليوم وقد كان معي حلي أحمل من ناس إلى ناس وقع مني
~~والخلق يقولون لا باس قد وصل إلى عند الخطيب خرت مغشية عليها ساعة ثم أفاقت
~~وقالت يا مولاي العفو ارحمني لله عز وجل ورد لهفتي لله تعالى
[6.20]
فقال الخطيب على مهلك ما الذي عدم منك فقالت كيس فيه كذا وكذا وشرابته
~~كذا وكذا وفيه من الحلي كذا وكذا قطعة وفيه إسورة كذا وخواتم كذا ومنها حلق
~~كذا ومنها عقد نعته كذا ولم تزل تنعت ذلك قطعة قطعة قدام الجماعة من العدول
~~كلما نعتت شيء قد أخرجه الخطيب من الكيس إلى أن نعتت الجميع وصح ما قالت
~~فسلم إليها الكيس بما فيه فأخذته ومضت والخلق يدعوا لصاحبي فتعجبت من حسن
~~دينه وأمانته
[6.21]
ثم انصرفت وجئت إلى الدار كما أوصاني فوجدته قاعدا يزن ما تحصل له في ذلك
~~اليوم فقلت أنا لائمك على ذلك قال ولم قلت وقع لك شيء يساوي ألف دينار
~~بذلته بهذا القدر فقال أتعرف الكيس والإمرأة الذي أخذته فقلت إذا أبصرته
~~عرفته فقال خلوا العجوز تأخذ الكيس وتنزل فنزلت والكيس في يدها فقال هذا
~~الكيس وهذا العجوز وهي حماتي والحلي لبنتها وأنا سيرتها بهذه الحيلة فلو
~~أقمت طول النهار كم مقدار ما كان يحصل لي فلما أن وعيت ذلك تعجبت منه ثم
~~انصرفت من عنده متعجبا
6.7 الباب السادس في كشف أسرارهم
[6.22]
ومن ذلك أن كان لي صاحب من أهل دمشق يعرف بالجمال محمد بن عتمة فغاب عني
~~مدة ولا أعلم ما كان منه فلما دخلت الروم اجتمعت به في بازاركوى وهو راكب
~~على بغلة وعليه ثياب برد حرير وعلى رأسه عمامة شرب وعلى أكتافه بردة حرير
~~وحوله نفر من أهل الحجاز بذلك الزي فلما رآني عرفني ولم أعرفه فسلم علي
~~وقال ما تعرفني فقلت ولا أنكرك فقال أنا صاحبك محمد بن عتمة فعند ذلك عرفته
~~ثم أخذني إلى منزله فأضافني فقال توافقني فيما أعمل فقلت وما الذي تعمل وما
~~هذا الدست الذي أنت فيه فأحضر صندوق من خشب الأبنوس وعليه شيء كثير من
~~أستار الكعبة التي تكون على الكعبة وعليه ثوب أطلس وعليه قفل ذهب وسواقطه
~~من الفضة وكذلك مساميره وقد أخذ نعل وهو على صفة نعل رسول الله صلى الله
~~عليه وسلم وشراكه من الخوص وقد سمره في أرض الصندوق بمسامير من الذهب
~~والفضة وجعل فيه من أنواع الطيب وقد زعم أن هذا قدم النبي صلى الله عليه
~~وسلم وهو دائر به في بلاد الروم وهو على فرس والصندوق على رؤوس تلك العبيد
~~وقد ادعوا أنه من بني شيبة وقد حصل به جملة فإذا نزل بقوم سنة ادعى أنه
~~عدوي وإذا نزل بقوم إمامية ادعى أنه علوي وهو على تلك الحالة فسألني أن
~~أصحبه فأبيت ذلك ثم انصرفت طالب سيواس
6.8 الباب السابع في كشف أسرارهم
[6.23]
ومن ذلك أني رأيت بآمد أقوام على هذه الصفة ومعهم صندوق على صفة الصندوق
~~الذي تقدم وفيه خلق عباءة مطيبة بأنواع الطيب وقد زعموا أنها العباءة التي
~~كانوا يتغطون بها أهل البيت صلوات الله عليهم وهم دائرين في البلاد وقد
~~تحصل لهم بها جمل فافهم ذلك واعلم أن بني ساسان لا تعد صفاتهم
6.9 الباب الثامن في كشف أسرارهم
[6.24]
ومن ذلك ما حكى لي بعض أصحابي قال رأيت في بلاد العجم جماعة من أهل
~~الحجاز من بني ساسان ومعهم صندوق كذلك وفيه قطعة من عباءة وقد ربطوا بها
~~الناس أنها العباءة التي تخلل بها أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقد داروا
~~بها البلاد وحصلوا عليها جملة
[6.25]
ولو شرحت ما لهم من الدهاء والمكر والحيل والتسلط والجرأة على أموال
~~الناس لطال الشرح ولكن هذا القدر كاف للعاقل اللبيب وقد يستدل بهذا القليل
~~على الكثير منه فليعلم من وقف على كتابي هذا أني لم أترك فنا من الفنون ولا
~~علم من العلوم إلا وقد باشرته وقد كشفت سره وسر من ذهب إليه وقد يبان ذلك
~~في أثناء الكلام وفي تنويع هذه الفصول وما يتضمن بها الأسرار وما قد كشفت
~~بها للعالم كيما لا ينطلي عليه محال فافهم
7 الفصل السابع بابان في كشف أسرار الذين يمشون بالنملة السليمانية
7.1
[7.1]
اعلم وفقك الله لما تحب أن هذه الطائفة هي نوع من بني ساسان إلا أن لهم كتاب قائم بذاته يعرف بكتاب العزيز وهؤلاء القوم قد تسلطوا على أخذ أموال الناس والفسق بأولادهم ولهم الدهاء والمكر وهم أخير من غيرهم ومن أفعالهم الفسق بالصبيان وأخذ أموالهم إلا أنهم أقل مكسب من سائر الناس ولا يقعون على طائل أكثر من الفسق بأولاد الناس
7.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[7.2]
وذلك أنهم يكونوا ثلاثة أنفس الواحد بعيد منهم والآخر المتكلم وهو الشيخ
~~والآخر طالب فإن كان مرادهم بعض المردان فإنهم يخرجون إلى ظاهر المدينة إلى
~~الحاضر الذي لها فإذا عاينوا مليحا يقول الشيخ عليها ثم يأخذ منديله يلفه
~~ويمشي وصاحبه يتبعه فإذا قربوا من الأمرد يقول صاحب الشيخ بالله عليك يا
~~سيدي أوريني إياها فيقول يا ولدي هذه نملة سليمانية وزنها خمسمائة درهم
~~وجهها وجه ابن آدم وما هي ابن آدم عينها عين ابن آدم وما هي ابن آدم
~~وخلقتها خلقة ابن آدم وما هي ابن آدم تسبيحها أن تقول سبحان الله خالق
~~الليل والنهار سبحان مخرج الماء من الأحجار سبحان عالم الأسرار لعن الله
~~قطاع الحجر وذباح البقر وراكب ذكر الذكر لقيتها في قبر تأكل من لحم ابن آدم
~~فقلت لها وا لك يا ملعونة يا لعينة تأكلين لحم عباد الله قالت ما أنا لعينة
~~ولا ملعونة أنا آكل لحم من يأكل رزقه ويجحد نعمته فتكلمت عليها بالاسم
~~الأعظم فذلت وخمدت
[7.3]
فإذا قال هذا الكلام لح عليه صاحبه بالنظر إلى هذه النملة السليمانية هذا
~~وهو يتجنب عن الطريق كي يحدث الصبي فإذا سمع الصبي ذلك طلب النظر مثلما طلب
~~صاحبه والشيخ يهذر عليهم إلى أن يلحوا عليه بطلب النظر إليها فيقول يا
~~أصحابنا الساعة يجتمعون الناس علينا وأنا ما أشتهي أحدا ينظر هذه الخلقة
~~وقد طلبوا أن أوريهم في القلعة هذه الخلقة فما فعلت وأنتم روحوا في دعة
~~الله فيقول صاحبه بالله يا صاحبي لا تقطع بنا قد تعلقت قلوبنا بذلك فيقول
~~إذا أكل واحد منكم رغيف خبز يأكله في أين فيقول في موضع مستور أو مسجد
~~مهجور فيقول ابصروا موضع حتى أوريكم خلقة الله وأروح فيقول صاحبه يا سيدي
~~أعرف هاهنا مسجد مهجور فيقول روحوا حتى أوريكم خلقة الله تعالى ولا تعلموا أحدا
[7.4]
فتيموا رائحين فيصادمهم رفيقهم الثالث فيبوس يد الشيخ ويقول يا سيدي أنا
~~الذي أعطيتني رزقي أول أمس وقد بقى لي منه عشرة دنانير فيقول أخذت رزقك
~~فيقول نعم يا سيدي فيقول ونفقته في الحلال فيقول نعم يا سيدي فيقول يا سيدي
~~أكسيت أمي وأختي بالذي قلت لي وتصدقت بالذي قلت لي وقد بقي لي عشرة دنانير
~~فيقول امشي مع إخوتك حتى أعطيك الذي تبقى لك من رزقك فيقول له صاحبه الآخر
~~يا سيدي أنت تعطي الناس أرزاقهم فيقول وأنتم ما تعرفوا فيقولوا لا والله يا سيدي
[7.5]
فيقول أنا يقال ابن العرومة بن موج البحر المالح صلوا عليه ونحن السبعة
~~إخوة التي قال الله في حقهم يا أيها الذين آمنوا {لا خوف علكم ولآ
~~أنتم تحزنون} ونحن قد علمنا اسم الله الأعظم ووكلنا على أرزاق الخلق ندور
~~في الأرض إن وجدنا جيعان أشبعناه أو عريانا أكسيناه أو فقير أغنيناه فيقول
~~صاحبه وأنت تعرف الاسم الأعظم فيقول الشيخ نعم أتكلم به على الماء يجمد
~~وعلى النار تخمد وعلى الحديد ينفجر مثل الشمع وعلى التراب يصير ذهبا وفضة
~~وهاتوا سلسلة يكون طولها سبعون ذراعا وعرضها سبعون حتى أتكلم عليها بالاسم
~~الأعظم أعجنها مثل الشمع فيقولوا من أين لنا الساعة سلسلة فيقول أيش عندكم
~~صلب قوي فيقولوا الحجارة فيقول هاتوا حجر حتى أتكلم عليه أخليه ينعجن مثل
~~الشمع وأخرج منه عرق النبي صلى الله عليه وسلم
[7.6]
فيجيبوا له حجر فيأخذه بيده وفي يده قطنة مشربة بماء الورد إن أمكن وإلا
~~ماء القراح فيأخذ الحجر ويقول هذا الحجر يوم شج جبين النبي صلى الله عليه
~~وسلم وكسر ثنيته وعقر جواده عرق فسقط عرقه على الحجر فإذا تكلمت عليه
~~بالاسم الأعظم إن أردتم أخرج لكم منه نارا تحرق الأرض والسماء والشجر
~~والمدر وإن أردتم أن ينزل منه عرق النبي صلى الله عليه وينفع من اثنين
~~وسبعين حاجة ينفع لمن يضربه أبوه أو عمه أو معلمه أو قرابته وينفع القبول
~~وقضاء الحوائج ولمن يكون قليل الرزق ثم يقول افتحوا أيديكم فيفتحوا أيديهم
~~فيعصر الحجر فينزل منه ذلك الماء الذي في القطن
[7.7]
فيقول امسحوا وجوهكم فيمسحوا به وجوههم ثم يبوسوا يده ويقول يا سيدي
~~والله يا سيدي أنا فقير وأريد من الله ومنك شيء أعيش به أنا وأمي فيقول
~~وأنت فقير فيقول نعم يا سيدي فيقول فإذا طلع رزقك تصدق منه بعشر الدنانير
~~والباقي تنفقه في الحلال فيقول نعم يا سيدي فيقول قول الحمد لله ثم يلتفت
~~إلى الصبي فيقول وأنت فقير فيقول نعم فيقول إذا أعطيتك رزقك تنفقه في
~~الحلال وتصدق منه بخمس دنانير فيقول نعم يا سيدي هذا ويكون قد خرجوا إلى
~~موضع يمكن فيه الفسق بالصبي
[7.8]
ثم إنه خط خط في الأرض وقعدوا الجمع حوله ثم يقول احضروا أيها الملئكة
~~الموكلون بخزائن الأرض الذي تحت يدي حتى أعطي لعبيد الله أرزاقهم ثم يقول
~~طأمنوا رؤوسكم فيفعلوا ذلك فيقول أيها الملك الفلاني توكل بهذا وأنت بهذا
~~ثم يكون معه دنانير من الرصاص المطلية بالصندروس كأنها ذهب فيأخذ تراب
~~يعمله صبة قدامه ثم يدك فيه ذلك الدنانير الرصاص ثم يقول أي من قام صرع ثم
~~يقول من هو أصغركم فيقولوا أصحابه هذا الصبي أصغر من فينا فيقول له ارفع
~~طرف المنديل وابصر أيش تحته فيرفع طرف المنديل فيجد تحته ذلك الذهب فيذهل
~~عقله ثم يقول لصاحبه قارعني فيقارعه فيقول قد طلع لك من المال خمسون دينارا
~~ونصف دينار وثلث دينار فيقول نعم يا سيدي فيقول اشكر الله ثم يلتفت إلى
~~الصبي فيقول وأين تسكن وإن كان له أب ولا يزال حتى يعلم جميع أحواله ثم
~~يقول قارعني فيقول قد طلع خمسمائة دينار وخمسين دينار وخمس دنانير قل الحمد
~~لله وتصدق منها بخمس دنانير والباقي انفقه في الحلال وكل سنة يطلع لك مثلها
[7.9]
فهو يحدثه وصاحبه يمد يده إلى نحو المنديل الذي تحته الذهب الذي قد أبصره
~~الصبي كأنه يريد يأخذ منه شيء فيزعق عليه الشيخ ويقول تخطف تراب ثم يرفع
~~المنديل فلا يجد تحته شيئا فيبوس يده ويقول بالله يا سيدي لا تقطع بنا
~~وأعطينا رزقنا ويفعل الصبي كذلك فيقول إن الملئكة يخبروني أن كل واحد منكم
~~عمل ثلاث ذنوب قد سرق وقتل وزنى أو زني به ويقول لصاحبه من زنى بك فيقول ما
~~زنى بي أحد وأيش يكون الزناء فيقول من عمل بك مثلما يعمل الرجل بالمرأة
~~فيقول ما عمل بي أحد شيء فيقول وا لك يا ملعون تخفي على الشيخ اسكني في
~~رأسه هيا فإذا قال ذلك وقع إلى الأرض وجعل يخبط ويقول تشفعوا فيه فيبوس يده
~~صاحبه الآخر ويقول من شأن الله يا سيدي أوهبنا ذنبه ويفعل الصبي كذلك
[7.10]
فإذا سألوه أخذ حصوة ويوري أنه يتكلم عليها ويدفعها للصبي ويقول اجعلها
~~على وجهه فإذا جعلها عليه قعد وباس الأرض ويد الشيخ وقال العفو يا سيدي
~~فيقول له هيا حدث أيش أبصرت فيقول العفو يا سيدي أبصرت ناس بلا رؤوس وناس
~~رؤوس بلا أبدان وأبدان بلا رؤوس وناس على خيول من نار وبأيديهم حراب من نار
~~فقالوا لي يا لعين يا ملعون إن كتمت الشيخ شيء قتلناك وأحرقناك وأنا يا
~~سيدي أقول بكل ما عملت وبالله عليك لا تسلمني إلى أولائك
[7.11]
فيقول له الشيخ قول لي من قتلت فيقول يا سيدي والله ما قتلت إلا عصفور
~~وأنا صغير عصرت عليه مات فيقول قل اللهم إني تائب إليك فيقول نعم ثم يقول
~~أيش سرقت فيقول يا سيدي والله وقت كنت صغير كانت أمي تبيع الغزل قرطاسين أو
~~قرطاس أو أربع فلوس وإذا أعطوني أشتري لهم حويجاء أسرق منها فلسين ثلاثة
~~فهذا كل شيء كنت أسرق فيقول الشيخ تب إلى الله ثم يقول ومن زنى بك فيقول يا
~~سيدي وقت كنت صغير كان عندنا في الدكان صانع وكان يوهبني فليسات ويزني بي
~~فيقول ما هو هذا ويقول آخر يبيع الحلاوة وكان يطعمني الحلاوة ويزني بي
~~فيقول وكان يدخل ذكره كله فيقول أي والله يا سيدي ولا يزال كذلك حتى يعد
~~سبعة ثمانية ويقول والله يا سيدي ما بقي أحد فيقول الشيخ تتوب فيقول نعم يا
~~سيدي فيقول ابشر بزيادة رزقك ألف دينار زيادة قل الحمد لله
[7.12]
ثم يلتفت إلى الصبي فيقول أيش سرقت فيقول كذا وكذا فيقول تتوب فيقول نعم
~~فيقول لمن قتلت فيقول ما قتلت أحد فيقول من زنى بك فيقول واحد صفته ونعته
~~كذا وكذا فيقول ما هو هذا هذا آخر فيقول نعم يا سيدي كان أمره معي كذا وكذا
~~ولا يزال عليه حتى يذكر كل من فسق به ويعلم أن ما بقي له أحد فيقول تتوب
~~فيقول نعم فيقول قد زاد رزقك ألف دينار وفي كل جمعة يزداد رزقك إلا أنتم
~~تريدون تطهرون من الذنوب فمن تطهر رزقه ومن لا يتطهر احترق الساعة أيما أحب
~~إليكم تطهركم ملئكة من نار بذكور من نار لو طرح واحد منهم ذكره في النار
~~أحرقها أو في السماء خرقها أو تطهرون بعضكم بعض فيقول صاحبه والله يا سيدي
~~ما لنا طاقة بذكور الملئكة نحن نطهر بعضنا بعض فيقول رضيوا فيقولوا نعم
[7.13]
فيقول لصاحبه خذ هذا الحصوة وانظر أيش ما أبصرت عرفني فيأخذ الحصوة ثم
~~يشخص ثم ينكب على رجل الشيخ يبوسها ويقول يا سيدي العفو فيقول أيش أبصرت
~~فيقول أبصرت أربعين ملكا من نار وهم وقوف حتى يؤذن لهم يطهرونا وأبصرت لكل
~~واحد منهم ذكر مثل النخلة العظيمة يشعل بالنار فبالله يا سيدي لا تفعل فنحن
~~نطهر بعضنا بعض فيقول خذ هذه الحصوة وروح نام هاهنا وحل سراويلك وروح اعمل
~~به مثلما عملوا بك سواء ثم يصرخ فيه فيروح يحل سراويله ويريد يدنو منه
~~والشيخ يزعق عليه ويقول ركبت البحر المالح فيقول لا يا سيدي فيقول نام لا
~~تحترق فيزعق عليه فينام على وجهه ويقول لصاحبه قم طهر أخوك المؤمن فيثب
~~إليه ثم يولج فيه آلته والشيخ يقول للصبي قل حلال يا سيدي لا زنى ولا خنى
~~ولا يزال كذلك حتى يفرغ منه فيقول الشيخ ارتفع يا مبارك فيقوم ويهم الصبي
~~أن يقوم فيزعق عليه الشيخ ويقول نام لا تحترق فيتم نائم فيقول لصاحبه الآخر
~~قوم طهر أخوك المؤمن فيقوم إليه الآخر فإذا قضى شغله يقول الشيخ ارتفع يا
~~مبارك ثم يقول للصبي قم فاغتسل فإذا قام اغتسل فيقول اقعدوا خذوا أرزاقكم
[7.14]
فإذا قعدوا يقول لصاحبه الذي جاء في الآخر وادعى أن بقى له من رزقه عشرة
~~دنانير خذ هذه الحصوة إن كنت قد كملت طهورك فيقول يا سيدي فما قد طهروني
~~ذلك اليوم خمسة كما زنى بي خمسة فيقول صدقت خذ هذه الحصوة وما في دارك بئر
~~فيقول بلى يا سيدي فيقول روح الساعة اقف على البئر ثم أرمي الحصوة فيه وقل
~~يا حرحير يا حرحير أعطني رزقي من البئر وافتح يدك وغمض عينيك فإنه يقع في
~~يدك عشرة دنانير قم الساعة ثم يصيح به فيأخذ حصوة ثم يبوس يده ثم يقول
~~لصاحبه الآخر أنت ما وقع لك من يطهرك فيقول يا سيدي العفو ما لي طاقة
~~بالملئكة أنا أبصر لي من يطهرني فيقول اشكر الله ثم يلتفت إلى الصبي ويقول
~~أنت قد بقيت ولدي يا ولدي بقي عليك كذا وكذا طهور وتأخذ رزقك فيقول صاحبه
~~يا سيدي ما تطهره أنت فيقول أنا إذا طهرت واحد يطلع الذهب الذي له كل دينار
~~وزنه عشرة دنانير وأنا ما أطهر أحد فيقول يا سيدي صبي فمن شأن الله طهره
~~وأعطيه رزقه ودعه يروح لم يقم الصبي يسأله ذلك إلى يوم يطهره ويبقى صاحبه
~~متأسف كيف ما وقع له من يطهره
[7.15]
ثم يعاوده صاحبه يقول للصبي إذا كان غدا تعال إلى هاهنا حتى تكمل طهورك
~~وتأخذ رزقك واحذر أن تبيح بسري فتهلك وما يرجع يطلع لك رزق ثم يقول لصاحبه
~~وأنت غدا تكمل طهورك وتأخذ رزقك ثم يقول فمن فيكم يريد يبيح بسري ثم يرجمه
~~الآخر بحصاة ويقول هيا عذبوه فيبقى يخبط ساعته ثم يقول للصبي تسأل فيه
~~فيقول نعم فيعطيه حصوة ويقول حطها على رأسه فإذا فعل ذلك فاق ثم أقبل على
~~الشيخ وقال العفو يا سيدي أنا والله لي صديق وكنت أريد أن أحدثه وأنا تائب
~~على يد الله ويدك فيقول أبصرت سبع ملئكة من نار بأيديهم حراب من نار كل
~~واحد هز حربته وجاء إلي وقال وا لك يا لعين يا ملعون تبيح بسر الشيخ وهموا
~~بقتلي فجاء ملك آخر قال أنا أضمنه أنه لا يبيح بسر الشيخ وإن باح أنا أقتله
~~بهذا الذي خلصني منهم وأنا تائب يا سيدي
[7.16]
ثم يصرفهم ويقول أنا الساعة رائح ما أبات الليلة إلا في مكة فإن قد وصل
~~ناس إليها ولهم عندي رزق أروح أعطيهم وأروح إلى الغرب أعطي أخر أرزاقهم
~~وأكون هنا باكر فإذا أبصرني أحد منهم احذروا أن يسلم علي أو يقول لأحد هذا
~~يعطي الناس أرزاقهم فيهلك ثم يقول قوموا افعلوا ما قلت لكم ثم يتفرقوا أما
~~صاحبه فإنه يمشي مع الصبي ويأخذ خبره ويعلم ما في نفسه وما قد حصل عنده من
~~الشيخ ثم يعرف صاحبه ذلك فافهم
7.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[7.17]
ومن ذلك الذين يأخذون أموال الناس بالنملة السليمانية وذلك أن سيرتهم في
~~الحديث مثل الأول والفصل فيه من حيث يخرج الماء من الحجر فإذا فعل ذلك قال
~~اعلموا أني أنا يقال لي الحجاج علي بن المعلومة بن مؤذن البحر المالح صلوا
~~عليه وتحت يدي أموال الأرض ونحن السبعة إخوة الذي نحن أوتاد الأرض الذي قال
~~الله في حقنا يا أيها الذين آمنوا {لا خوف علكم ولا أنتم تحزنون}
~~ونحن موكلون على أرزاق الخلق أنا موكل على أرزاق بني آدم وأخي موكل بأرزاق
~~الدواب والآخر موكل بأرزاق الوحوش والآخر موكل بأرزاق الطير والآخر موكل
~~بأرزاق وحش البحار والآخر موكل بأرزاق الأسماك
[7.18]
وأنا ما لي شغل إلا دائر في الأرض إن لقيت فقير أغنيته أو عريان أكسيته
~~أو جيعان أشبعته أنتم فقراء فيقول صاحبه أي والله يا سيدي أنا رجل فقير
~~وعلي دين وما لي شيء أوفيه وصاحبه يريد يحبسني عليه فيقول اشكر الله الذي
~~وقعت لي ثم يعطف إلى الآخر الخشن وهو باهت إليهما ويقول أنت فقير فيقول أي
~~والله يا سيدي فيقول اشكر الله ثم يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم المال
~~يجر المال والقمل يجر الصيبان من كان معه درهم صار عشرة دنانير من كان معه
~~دينار صار مائة دينار وأيش معكم من مال الله
[7.19]
فيقول صاحبه يا سيدي معي خمسين درهم جمعتها لصاحب الدين أريد أعطيه أياها
~~ثم يخرجها فيقول هذه تصير خمسين دينار أو لو كانت مائة صارت مائة دينار أو
~~ألف درهم صارت ألف دينار فخليه معك حتى أقول لك ثم يلتفت إلى الخشن ويقول
~~أيش معك من مال الله ويكون قد دخل المدينة وأباع إما غلة وإما شيء وهذا شيء
~~لا يفعلوه إلا مع فلاح أو جبلي أو حوراني أو سوادي ويرقبوه بمقدار ما يبيع
~~ويقول حطوا عليه
[7.20]
فإذا قال أيش معك من مال الله فيقول كذا وكذا ثم يخرجه ويقول الوديعة
~~الذي معك تتحوج بها فإن الفلاح لا بد أن يكون معه لأحد من الضيعة شيء يتحوج
~~به فيخرجه ويتوهم أنه يعلم الغيب فإذا أخرج جميع ما معه يقول له اتركه معك
~~حتى أقول لك أيش تعمل به ثم يلتفت إلى صاحبه فيقول أين الذي معك فيقول هذا
~~الذي معي فيقول أعطيه لأخوك المؤمن فإذا أعطاه الذي معه يقول للخشن اربطه
~~في ذيل أخوك المؤمن فيربطه في ذيل صاحبه ثم يقول للخشن أين الذي معك من مال
~~الله تعالى فيخرج إليه الذي معه فيقول أعطيه في هذه الساعة لأخوك المؤمن
~~يربطه في ذيلك ثم يقول لصاحبه خذ من أخوك المؤمن واربطه في ذيله كما ربط في
~~ذيلك فيأخذ من الخشن فيدك إما فلوس أو دراهم أو رصاص ثم يربطها
[7.21]
فإذا فعل ذلك يقول الشيخ أي من لمس صرته اليوم يبست يده ثم يلتفت الخشن
~~ويقول من أي الضياع أنت فيقول من الموضع الفلاني فيقول إذا وصلت إلى البلد
~~اصبر إلى الليل وأخرج إلى البيدر اقف فيه ووجهك إلى الشرق وخذ هذه الحصوة
~~أرميها من جهة الشرق وقول يا كور يا كور أعطيني من البيدر رزقي ثم افتح هذه
~~الصرة تجد كل درهم قد صار عشرة دنانير فخذها اشكر الله ولا تنفقها إلا في
~~الحلال وتصدق منها دينار على الفقراء
[7.22]
فإذا فعل ذلك أومى صاحبه إلى الصرة كأنه يلتمسها ثم يصيح ويعوج أصابعه
~~كأنها قد يبست فيقول وا لك يا لعين يا ملعون ما وصيتك وا لك تخالف الشيخ
~~اسكني في رأسه فينصرع وتبقى أصابعه كأنها قد يبست فيقول للخشن تسأل فيه
~~فيعطيه حصوة ويقول اجعلها على رأسه فإذا جعلها على رأسه أفاق وبقيت أصابعه
~~يابسة فيقول للخشن قل له لا يرجع يمسها فيقول لا والله وقد أبصرت ملك رجليه
~~في الأرض ورأسه في السماء ومعه مرزبة من نار فقال لي متى لمست هذه الصرة
~~قبل ما يأمرك الشيخ ضربتك بهذه المرزبة على يدك يبستها من كتفك فيقول الشيخ
~~تسأل فيه فيردها إلى ما كانت فيقول لا ترجع تلمسها فيوصيه الخشن
[7.23]
ثم يلتفت الشيخ إلى صاحبه ويقول إذا كان ليلة الجمعة انزل اقف في مفرق
~~ثلاث طرق ثم تقول يا أبو فرق أعطيني رزقي ثلاث طرق ثم افتح هذه الصرة تجد
~~كل درهم قد صار عشرة دنانير وإن أعلمت أحد أو قلت لأحد فأنت إذا فتحت الصرة
~~تجد بها فلوس أو رصاص وقال قوموا إلى أشغالكم أنا أريد الليلة أروح أبات في
~~الهند أعطي الناس أرزاقهم وأصبح في مكة ثم يقوموا ويثور هو يهرول قدامهم
~~يثور كل واحد منهم مع هواه فافهم ذلك وتميز الأشياء وابصر محال العالم
8 الفصل الثامن سبعة أبواب في كشف أسرار أصحاب الحروب وحملة السلاح
8.1
[8.1]
اعلم أن الحرب يحتمل جميع ما يتعلق بالخدائع والمكر والحيل ويجوز فيه جميع ذلك فإن من طلب يأخذ روحي فلي أن أتعلق عليه بما قدرت عليه من جهتين أحدهما تخليص روحي منه والثاني أريد أن أنصر روحي فجاز لي عليه الخديعة ومن أجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة معناه ما انفتح لك من أبواب الخدع والمكر في الحرب فافعله فإنه جائز لك أن تفعله ومع ذلك فإنه يجب على الرجل أن يكون يعلم شيئا من ذلك فهو واجب
8.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[8.2]
فمن ذلك أن لهم مياه يسقون بها آلة الحرب مثل سقاية الحراب والسيف وأسنة
~~الرماح والسكاكين ونصول النشاب فإذا أرادوا ذلك فيأخذون من البصل شيئا
~~فيدقونه ثم يأخذون ماءه ثم يحلون فيه الشب الجيد ثم يجمعون ما أرادوا من
~~آلة الحرب ويسقون الآلة من ذلك الماء فإنها تكون لها فعل عظيم في مضاربها
~~وجراحها وفعلها فافهم
8.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[8.3]
ومنه أن يأخذون من ورق الدفلى والباذروج أجزاء سواء فيدقونه ويجعلونه مثل
~~الماء ثم يجعل فيه شحم الحنظل ويغلى عليه حتى يذهب الربع من الماء ثم يحمى
~~الحديد من أي شيء كان من آلة الحرب ويسقيها من ذلك الماء سقيا رويا فإنها
~~تقطع جميع ما يقدم لها ولا يقف قدامها شيء فافهم ذلك
8.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[8.4]
ومن ذلك عمل السيف والحراب وأسنة الرماح وما شاكلها فمن ذلك عمل سيف قاطع
~~يؤخذ فولاذ هندي أو دمشقي ويعمل منه سيف قوي الوسط رقيق الجوانب ويكون
~~مبرده مبرد شرب ويتوقى في رفعه لا يكون موضع أقوى من موضع ثم يسقى من ذلك
~~الماء المقدم ذكره فإنه لا يقف قدام ضربته شيء وكذلك آلة الحرب وأسنة الرماح
8.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[8.5]
فمن ذلك عمل قوس يرمي بأربعمائة سهام وذلك أن يؤخذ قوس جرخ ثم يضع فيه
~~جوزة واسعة الوضع ثم يجعل على ساعد القوس قفيز من الناحيتين بحيث أن يحفظ
~~السهام وتكون سهام طقش ويكون مقبض واسع النقر فافهم ذلك فإنه إذا ضربت بذلك
~~القوس خرجت السهام جملة صائبة ولا يخطئ منها شيء فافهم ذلك
8.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[8.6]
ومن ذلك عمل ترس إذا كنت تسايف أحد في الحرب أو تطاعنه يخرج من الترس
~~نشاب يقتل خصمك تأخذ ترس كبير واسع وتجعل عند وسطه مع الجوز جوزة بقفيز
~~فيها السهم المذكور فإذا جال مع الخصم وجاوره فقص تلك الجوزة بإبهامه فيخرج
~~السهم فيقتل خصمه واعلم أن هذا من أدق الحيل وأعظم الأسرار وأجلها وأبلغها
~~وأعظمها نفعا فافهم ذلك
8.7 الباب السادس في كشف أسرارهم
[8.7]
ومن ذلك أن يرمى بمنجنيق يرمي إلى سائر الجهات وصفة ذلك أن تعمل منجنيق
~~مغربي وله بكرتين في جانبيه كمثل بكر دولاب الحمام وفي أعلاه عند الخنزيرة
~~بكرة كذلك فيها السهم وتكون متحصلة بتلك الخنزيرة الذي ذكرت لك فإنه يرمي
~~إلى سائر الجهات بذلك اللولب والبكر وهذا المنجنيق عمله الشيخ عبد الصمد
~~الإشبيلي بثغر دمياط سنة سبعة عشر وستمائة وكان للمسلمين به نفع عظيم وأنا
~~إن شاء الله أصنع لك صفته هاهنا كما ترى
8.8 الباب السابع في كشف أسرارهم
[8.8]
ومن ذلك في حصار المدن والحصون فإذا عمل البراني مرمى أو برج على ميزان
~~صورة المدينة والحصن فينبغي أن يعمل الجواني سهمين خشب مثل الصواري أطول ما
~~يكون ثم ينقرها في أطوالها مثل النهر ثم يجعل فيها بكرة مدفونة يكون ثلث
~~البكرة ظاهر والثلثان مدفون في السهام فإذا فعل ذلك أسقفها بألواح مثل
~~السقالة ثم جعل في رأس كل صاري منها حلقة وفيها سلسلة مع جنب الصاري إلى
~~داخل ثم يأخذ صاريين أخر وينصبهما من داخل السور ويجعل في رؤوسها البكر
~~وفيها حبال مرتبطة في سلاسل الإسقالة قد رفعت على السور حتى تصل إلى فوق الخندق
[8.9]
وإذا أراد أن يدخل داخل السور دارت الرجال في اللولب دخلت الإسقالة فإذا
~~فعل ذلك عمل السقالة درابزين ثم سترها كما جرت العادة لما جاءت المرمة أو
~~البرج الذي قد صنعه البراني عليه جعل تلك الإسقالة مقابل الموضع الذي
~~يريدون أن يقدموا له البرج ثم دفعوها من داخل وقد أرخوا حبال اللولب ثم
~~يدفعها إلى الرجال فتمشي بتلك البكر الذي فيها إلى أن تخرج عن السور إلى أن
~~تأخذ حدها ثم يطلع الرجال فيها بالسلاح الكامل فإذا مدوا البراني السقالة
~~الذي للبرج حصلت على هذه السقالة ثم مشت الرجال إلى الرجال فيدفعوا أهل
~~البلد الرجال الذي في البرج ثم ينكسروا قدامهم ويدخلوا على سقالتهم
~~ويقاتلونهم حتى يعلموا أن أهل البرج البراني قد صاروا على سقالتهم أعني
~~سقالة برجهم
[8.10]
فإذا جعلوا عليها دارت الرجال من داخل في لولب السقالة فإذا فعلوا ذلك
~~دخلت السقالة على السور فإذا دخلت تبقى سقالة البرج البراني بلا شيء يمسك
~~حبلها فتميل إلى الخندق فيسقط كل من عليها إلى الخندق ويكون أهل البلد قد
~~رتبت في باب السر الذي لذلك المكان الرجال بالسيف والترس فساعة ما يسقطوا
~~إلى الخندق يخرج عليهم من الباب فلا يبقى منهم أحد إلا أسر وقتل ثم إذا
~~مالت سقالة البرج ووقعت رجعوا دفعوا سقالة البلد خارجة وفيها الرجال
~~والزراقين ويأخذوا البرج ويحرقوه فافهم ذلك ولم أجد في كتب كشف أسرار الحرب
~~والحصارات أحسن من هذا في الحيلة والمكر فافهم
9 الفصل التاسع وهي تسعة أبواب في كشف أسرار الذين هم أهل الكاف وهي الكيمياء
9.1
[9.1]
فمن ذلك أن هذه الطائفة أعظم الطوائف تسلط على أموال الناس والواصل منهم فهو دكاك ولو علم شيء عن يقين لما أطلع عليه أحد من العالم ولا كان له حاجة إلى الخلق أجمع لأن الذي يريد من الناس قد حصل له فما يريد حاجة إلى الناس فهذا مستحيل واعلم أن هذه الصنعة هي الصنعة الإلهية التي لا يقدر عليها إلا الله عز وجل أو من ارتضاه من الأنبياء والصالحين وحاشا لله أن يطلع على هذا السر الأعظم من يستعين به على المعاصي والفسق بل يطلع عليها الأولياء والصالحين من خلقه وأهل هذه الدرجة لا يجوز لهم أن يظهروا على هذا السر أحد ولا يظهرون به للناس فهذا مستحيل
[9.2]
وأما هؤلاء القوم الذي يتكلمون في هذه الصناعة فإنهم أقوام ينصبون على الناس ويأكلون أموالهم بالباطل وهم صناع في صوغ الكلام والدك على الناس يكون مع الواحد منهم مائة درهم يدكها على أحد من الناس يأخذ منه الألف والألفين والأقل والأكثر ويجعله دولاب دائر كلما أخذ شيء دك شيء فأنا إن شاء الله أكشف لك أسرارهم ودكهم حسب الاختصار والإيجاز فاعلم يا أخي أني كشفت لهم ثلاثمائة طريقا في الدك ولا يمكن شرحها خوف الإطالة بل نذكر منها ما يستدل به على الكل ليعلم من وقف على كتابي هذا ويعلم أني قد وقفت على كثير من العلوم والذي خفى عني أكثر مما وقفت عليه فليتحقق ذلك ويعلم الطالب أنه لم يزل متعلما ويعترف بالعجز والتقصير وفوق كل ذي علم عليم فافهم
9.2 الباب الأول في كشف أسرارهم ودكوكهم
[9.3]
فمن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يدكون شيئا يعتمدون من يكون طالب هذه الصنعة
~~من المياسرة ثم يتفقون به ويدعون الوصول ويقول أنا أفرجك ثم يأخذ شيء من
~~الفضة والذهب فيدكه عليه ويقول انزل به بيعه في السوق فيأخذ ذلك وينزل به
~~إلى الصاغة فيبيعه بأوفى ثمن فيجيء إليه ويدفع له الثمن فيقول والله ما
~~يدخل إلى ملكي منه شيء فإني ما أنا محتاج إليه هذا يكون برسم الصغار
~~والنفقة ثم يناسيه أيام ثم يجتمعوا فيعمل شيء آخر ويدفعه إليه فيعمله
~~ويبيعه مرة أخرة ثانية وثالثة حتى يسلب عقله ويتمكن منه ويأخذ عوض الدراهم دنانير
[9.4]
فأما كشف دكهم فإن منهم من يجعل الدكة في فحمة ويحرك بها البوتقة فتحترق
~~الفحمة وينزل ما فيها إلى البوتقة ثم تحترق العقاقير الذي وضعها في البوتقة
~~وتبقى الدكة فيقلب البوتقة فتنزل سبيكة إما ذهب أو فضة على قدر ما يكون قد
~~ذكر لهم فيذهل عقله ويسلب ماله فيطلب أن يعمل شيئا آخر فيدعي أن الإكسير
~~الذي عنده قد نفد وما هو وقت يعمل إكسيرا ثاني فلا يزال عليه حتى يذعن له
~~بالعمل ثم يقول هذا يريد تعب وخسارة إلا أنه إذا انتهى صار منه مال جزيل لا
~~يقع عليه قياس فيشرع فيه فيقيم عنده في أكل وشرب وكسوة وغير ذلك سبعة
~~ثمانية أشهر وكل أيام يطلب منه خمسين درهم وعشرين درهم وأقل وأكثر حتى تحصل
~~له منه جملة ثم بعد ذلك يروح ويخليه يخبط وإما يدعي أنه فسد أو أنه يحيله
~~على شيء من الزغليات فهذه صفتهم
[9.5]
وأما دكهم وصفته فهو في الفحم فما هو على ما يقول من لا يفهم ينقب الفحمة
~~ويجعل الدكة فيها ليس الأمر كذلك بل يأخذ الفحم يسحقه كالغبار ويعجنه
~~بالغراء ثم يقلبه في دريزك حجر ثم يودع الدكة فيه وهي برادة ثم يجففه فإذا
~~جف قلم رأس القضيب على مثال الفحم ثم بعد ذلك يحل له فحما ثانيا ثم يلبسه
~~لذلك القضيب ويفركه حتى يجف ثم يكون مخبى فإذا شرع في ذلك العمل دك الفحم
~~الذي معه في الفحم ثم قال لصاحبه خذ فحمة فحرك بها البوتقة فإذا فعل ذلك
~~أخرج من وسطه إما عقدة قصب وإما مكحلة وإما قرطاس وأخرج منه شيئا على مثال
~~الرماد أو الزعفران أو على أي لون كان أو شاء ثم يقول لصاحبه أوزن من هذا
~~وزن أرزة أو حبة ولفها في ورقة في شمعة ثم ألقها في البوتقة فإذا فعل ذلك
~~قال اقلب فيقلب فيجد الدكة سبيكة إما ذهب أو فضة فيقول انزل بيع وأنت طيب
~~القلب واشكر الله على هذه النعمة وتصدق منها بما سهل الله وتنفق الباقي
~~لأهل البيت والصغار فأنا ما لي حاجة إلى شيء من ذلك فافهم
9.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم ودكهم
[9.6]
ومن ذلك أن لهم دكة في البندق يأخذون بندق فارغ ثم يودعه الدكة ويخبأه
~~معه فإذا كان وقت العمل طلب بندق فإذا حضر له دك فيه الذي معه وجعل الرصاص
~~في البوتقة ثم ألحقه بدق الفحم وساق عليه حتى يعلم أن الرصاص قد احترق ثم
~~يرجمه بالبندق حتى يعلم أن الدكة قد دارت في البودقة ثم يخرج من وسطه الذي
~~ادعى أنه إكسير ويقول لصاحبه ازن منه حبة وألقيه في البوتقة ثم اقلب على
~~بركة الله فإذا أقلب نزلت سبيكة على ما ذكر فيحير عقله وينزل إلى السوق
~~فيبيعه بأوفى ثمن فيسلب عقله ويأخذ بها ماله
9.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[9.7]
ومن ذلك الدك في البودقة أن تكون طبقتين والدكة في الطبقة السفلى مثقوبة
~~إلا مسدودة بشمعة فإذا جعل فيها الرصاص وساق عليها حتى يحترق دارت الدكة
~~وقد ذاب الشمع فإذا أقلب نزل كلها في البوتقة وقد صار رماد ونزلت الدكة
~~سبيكة إما ذهب أو فضة فيذهل العقول ويفعل بهما ما أراد فافهم ذلك ترشد إن
~~شاء الله
9.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[9.8]
ومن ذلك أن لهم دكة في الكلبتين وذلك أن هذه الكلبتين يكون العقرب الذي
~~لها مجوف والذي يمسك به البوتقة ثم يجعل الدكة فيه ويسد عليها بالعجين فإذا
~~ساق على البودقة حكها بالكلبتين ولا يزال كذلك حتى يعلم أن الدكة نزلت في
~~البوتقة ثم يسوق حتى تذوب ثم يقلب فتنزل سبيكة في غاية ما يكون من الجودة
~~فيبهت من يرى ذلك
9.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[9.9]
ومن ذلك أن لهم دكة في العجين وهو أن يطلب عجين فإذا حضر جعل الدكة فيه
~~وجعل بنادق ثم يرجم به البوتقة فتنزل الدكة فإذا علم أنها قد دارت فيقلبها
~~فتنزل سبيكة على قدر ما ذكر إما ذهب أو فضة ثم يقول انزل
9.7 الباب السادس في كشف أسرارهم
[9.10]
ومن ذلك أن يأخذون الذهب والفضة ثم يحرقونه بالزرنيخ فيبقى مثل الرماد
~~ويجعله هو الإكسير ويدعي أن هذا الإكسير تدبيره خمس شهور وأنه استعجل عليه
~~ودبره في خمسة عشر يوما فإذا كملت خدمته وتدبيره يلقي منه الواحد على ألف
~~يقوم ثم يأخذ منه ويلقي ثم يقلب ويكون قد احترق بالزرنيخ فتنزل سبيكة إلى
~~غاية ما يكون من الجودة ثم يبيعها فافهم ذلك فاعلم أني أطلعت لهم على
~~ثلاثمائة دكة لم يقف عليها أحد
9.8 الباب السابع في كشف أسرارهم
[9.11]
ومن ذلك أن أعجب ما صادفته وأغرب ما وقفت عليه أن كان بدمشق رجل نصراني
~~يعرف بابن ميسرة ففيما هو بعض الأيام في الدكان إذ أتى إليه رجل متميز ثم
~~سلم عليه وناوله سبيكة فضة مقدار ثلاثمائة درهم وقال لعل منادي ينادي لي
~~على هذه السبيكة فأخذها منه وقال يا سيدي على الحما نبيع قال نعم وعلى
~~الروباص فأعطاها للمنادي فباعها له المائة بمائة وعشرة هذا وقد أصعده عنده
~~على الدكان وأجلسه إلى جانبه فلما قبض الثمن دفع للمنادي أجرة وافرة ثم شال
~~خمسة دراهم وقال للصائغ سير بعض أجراءك يشتري لنا بهذه شيء نأكل بحسب
~~الممالحة والحرام يلزمه لا بد من ذلك قال فأبعث اشترى شيء أكلوا وتحدثوا
~~ساعة ثم نزل وجعل تحت نطع الصائغ عشرة دراهم وغاب أيام
[9.12]
ثم عاد فسلم عليه وقعد وقد فرح به الصائغ فتحدثوا ساعة ثم أخرج من كمه
~~سبيكة أكبر من الأولى فلما دفعها إلى المنادي جابت المائة مائة وخمسة عشر
~~درهم فقال إن كانت من حاجتك فخذها وزن بوزن فأخذها منه ثم عمل مثل المرة
~~الأولى فمنعه من ذلك فقال له يا فلان أيش تخاف عليه هذه الفضة تقوم على
~~المائة درهم بدرهم ونصف فما عسى أن يروح منها فلما سمع الصائغ ذلك عظم في
~~عينه ثم إنه انصرف وغاب أيام ثم أتى ولم يصحب معه سبيكة فسلم وصعد ثم
~~تحدثوا ساعة وكلما عبر شيء من مأكول إما حلاوة وإما فاكهة أو نقل فيقول حط
~~ازن فيشتري ويأكل هو والمعلم وكل من في الدكان مع الجيران
[9.13]
وقام يتردد أيام ولم يصحب معه شيء من السبائك فسأله الصائغ فقال له والله
~~كنت قد عملت إكسير فرغ فلما سمع الصائغ ارتبط ثم تحدث معه ساعة وقال أشتهي
~~أن تجبر قلبي وتأكل معي خبز في داري فقال وما أكلفك فأقسم عليه فقال إن كان
~~ولا بد فهذه عشرين درهم اعمل لنا بها شيء نأكل والحرام يلزمه لا بد من ذلك
~~ثم تواعدوا إلى ذلك اليوم جاء الرجل إلى الدكان فوجد الصائغ قاعد فأخذه
~~وراح إلى البيت فلما استقروا بالجلوس قدم شيء كثير للأكل فأكلوا وقعدوا
~~يتحدثوا فقال الصائغ يا سيدي لم لا تعمل الإكسير فقال له عندي الساعة ما
~~أنفقه وأخرى فإن ما لي في البلد لا مكان ولا صاحب وأنا وحدي ما أقدر أدبر هذا
[9.14]
فقال الصائغ له هذه القاعة وهي ملكي وما لي فيها نساء وإنما هي برسم صديق
~~أو ضيف يأتي وأنا أخليها لك وأساعدك أنا وابني يكون في الدكان وما تحتاج
~~فأنا أحضره فقال أما خسارة فما يلحقك عشرة دراهم وقد صار إكسير يعمل منه
~~قناطير إلا يريد تعب وطولة روح وأنا اليوم ما لي همة للعمل لأن عندي ما
~~أنفقه سنة وعشرة ثم إنه يمتنع عليه وهو يرغب إليه ويسأله ثم إنه مسكه تلك
~~الليلة عنده وتمكن منه بالحديث ولم يزل عليه حتى تقرر معه الأمر ثم إنهم
~~تحالفوا بوفاء العهد وإن الصائغ يقنع من الإكسير بأيسر ما يكون منه والباقي
~~لك فقال أنا أقنع منه بمثقال وخذ أنت الباقي فيفرح الصائغ رجاء أن يتعلم
~~الإكسير ويأخذه معمول
[9.15]
ثم اتفقوا إلى يوم واجتمعوا واشتروا الحوائج ووزن الرجل ثمنها ولم يخلي
~~الصائغ يخسر شيئا فلما أن حصلت الحوائج سحق منها ما أمكن سحقه وهيأ حوائجه
~~قال الرجل للصائغ تريد أن تعمل ذهبا أو فضة فقال من هذا شيء ومن هذا شيء
~~فقال له اقسم هذه الحوائج نصفين ثم قال هات ما أمكن من الذهب والفضة حتى
~~ننقعها في الماء ثلاثة أيام ثم نأخذ ماءها نسقي منه الأدوية الذهب للذهب
~~والفضة للفضة فعمد إلى ستمائة دينار فدفعها له فربطها في منديل قدامه ثم
~~جعلها في وعاء فيه ماء ثم قال له هات فضة فأحضر ألف وخمسمائة ففعل كما فعل
~~بالذهب ثم أقاموا سبعة أيام ثم يخدمون تلك الحوائج ثم بعد ذلك قال قوم اطلع
~~إلى جبل المزة اجمع منها حصى الذي يعرف ببصاق القمر مقدار رطل واحد وتعال
~~فقام الصائغ وصعد الجبل ونقى حاجته
[9.16]
فأما الرجل فإنه فتح صرة الذهب فأخذه ثم جعل مكانه فلوس وكذلك فعل بالفضة
~~وقعد فلما جاء الصائغ بالذي يريده قال لهذا يريد تكليس في أتون الزجاج ليلة
~~ثم يخدم بماء الذهب نصفه وبماء الفضة نصفه فإذا تكلس اقسمه ثم اخدمه ثم خرج
~~لصلاة الجمعة ثم استقبل الدرب فلم يطلع له خبر فأقام ينتظره مدة لم يفتح
~~الذهب ولا الفضة فقال له ابنه لا يكون أخذ الذهب وراح فقال له وحق المسيح
~~يقدر يعمل خزائن أموال وذا محتاج إلى ذهبنا فقال ابنه كن عاقل وافتقد الذهب
~~فقال أنت قصدك تفسد علينا الشغل فقال افتح الذهب وخلي عنك الطمع فلم يفعل
~~فقام ابنه فتح الصرة وجدها فلوس وكذلك صرة الفضة فقال له أنت ما تسمع مني
~~ابصر هذا الدهاء والمكر لهذه الطائفة
9.9 الباب الثامن في كشف أسرارهم
[9.17]
فمن ذلك أن كان لي في البقاع صاحب في ضيعة يقال لها صغبين وكان يعرف
~~بالحاج علاق وكان موسرا كثير الرزق وكان يطعم الخبز لكل أحد فاتفق أني في
~~بعض الأيام زرته لأجدد به عهدا ففرح بي وقال الله جاء بك في وقت الحاجة
~~إليك فقلت وما الحاجة فقال رجل صالح جاء عمل عندي إكسير راح ولا أتم ولا
~~أعلم أيش كان منه فقلت وكيف اتفق لك هذا العبد الصالح حدثني من يوم اجتمعت
~~به إلى فراقه
[9.18]
فقال لي جاء رجل إلى المسجد الذي لي وأقام به أياما ملازم الصلاة والقرآن
~~فلما رأيته قلت للجارية هذا الرجل الذي في المسجد لا تغفلوا عنه من شيء
~~يأكله في كل وقت ثم في بعض الأيام دخلت إلى المسجد وصليت معهم وتحدثت معه
~~فوجدته ولي من الأولياء فحلفت عليه وأخذته معي إلى الدار فأكلنا شيئا وهو
~~يحدثنا ثم قام إلى المسجد فأقمت كذلك أياما حتى إذا جئت من شغلي جئت إلى
~~عنده إلى المسجد وأصلي معه ثم آخذه معي إلى الدار فنأكل شيئا ونتحدث ويروح
~~ينام في المسجد فلا أراه قط إلا واقفا يصلي
[9.19]
فلما كان بعد أيام قعدنا نأكل شيئا فلما رفعت المائدة قال لي يا حاج تقدر
~~لي على شيء من الرصاص فقلت له عندي زبدية صغيرة فأحضرتها فقال جيدة ثم أخرج
~~من جرابه ظريف صغير ثم أخرج بوتقة ثم أخذ من تلك الزبدية قطعة وجعلها في
~~تلك البوتقة ثم نفخ عليها ساعة وأخرج من جرابه أنبوبة قصب فأخرج منها شيئا
~~على مثال الكحل الأغبر فأخذ منه مقدار أرزة ووضعه في البوتقة فأقلبه فضة
~~كلغم ثم قال يا حاج قد دخلت منزلك وأكلت خبزك وصار لك علي حق فأشتهي من
~~الله ومنك أن تأخذ هذه السبيكة وتعملها خلاخل في رجل الصغير والحرام يلزمني
~~لا بد من ذلك فامتنعت من ذلك فكرر على الأيمان فلم يمكن إلا آخذها
[9.20]
ثم بعثها إلى الشعراء فعملوا منها هذه الخواتم ثم أوراني ذلك فرأيتها فضة
~~ثم بعد ذلك عمل مثل ذلك دفوع ثم تعجبت منه ثم تفاتحنا في الحديث فقال والله
~~كان معي إكسيرا أنفع به الناس والصعاليك نفد وما بقي منه شيء وأنا مستحي
~~منك ثم انبسطنا فقلت له ليش ما تعمل الإكسير فقال والله ما لي مكان فقلت قد
~~أمكن الوقت هذه الدار لك وهذا عبد وأمة يخدموك ومهما عازك من الحوائج
~~أحضرتها لك فاعمل شيئا يحصل للناس من ذلك راحة فتمنع من ذلك وأنا أرغبه فيه
~~إلى أن أجاب لي في ذلك
[9.21]
فقال متى تشتري لنا الحوائج فقلت اكتب نسخة حتى أنزل إلى بعلبك فأشتري لك
~~مهما أردت فكتب لي نسخة وهي هذه ثم أحضر لي ورقة فيها حوائج ما خلقها الله
~~قط فأخذت النسخة وركبت إلى بعلبك فما وجدت من تلك الحوائج شيء ثم رحت إلى
~~دمشق فلم أجدها إلا عند فرد واحد في قصر حجاج ثم أخبرني عن هذه الحوائج
~~عجائب حتى قال إن نعمة الرئيس خليل بن زوكران من هذه الحوائج كانت وذلك أنه
~~أتى إلى عنده رجل وذكر أنه يعمل له شيئا يعمل منه بيوت أموال ثم طلب منه
~~هذه النسخة بعينها فلم توجد إلا عندي فأخذها مني وعملوا منها أشياء كثيرة
~~وهذه أصل نعمة الرئيس خليل
[9.22]
فلما سمعت منه ذلك تعجبت ثم قلت له بكم تبيعها فقال بخمسمائة فلا أزال
~~معه حتى اتفقنا على مائتي درهم فوزنت له المبلغ فقال ابصر أن كان لك شغل
~~يومين ثلاثة حتى أعبئ لك النسخة مكملة صبرت عليه حتى عبأها لي ثم أخذتها
~~وركبت فرسي وجئت وأنا فرحان بما أحكى لي العطار فلما وصلت إلى الشيخ أعرضت
~~عليه الحوائج جميعها فقال من أين حصلت لك مكملة فقلت له إني لم أجدها مكملة
~~في دمشق إلا عند فرد واحد في قصر حجاج فقال ما غشك فيها فكم أخذ منك
~~فأخبرته بما خبرني به من خبر الرئيس خليل فقال سمعت ذلك
[9.23]
ثم شرعنا في دق الحوائج ونخلها فلما فرغت قال أريد قدر يكون غطاءها كذا
~~وقدرها كذا وتكون مزججة ويكون لها غطاء محكم وفي الغطاء أربعة أثقاب
~~فاستعملت القدر كما طلب ثم أحضرتها فقال جيدة ثم أخذ رطل زيت طيب ورطل دهن
~~ألية ورطل سمن بقري ورطل شيرج ووضع الجميع في القدر ثم قال أيش معك من
~~الدراهم فقلت كم تريد فقال هذه الطريقة كلما كثرت الفضة فيها كانت بالغة
~~ومع ذلك ترجع الفضة المائة منها تساوي مائة وخمسين درهم لأن يصلح بها الفضة
~~اليابسة وتبقى الخاصية في الإكسير وكل مثقال منه على ألف مثقال تصير تلك
~~الألف إكسير كل مثقال منه على ألف أخرى تصير إكسير كذلك تمام سبع بطون
[9.24]
فلما سمعت ذلك أحضرت له ألف درهم ومائتي درهم فأخذها وقلبها وربطها في
~~بوشية زرقاء وقال هذه القدر تريد تبقى تحت الصقيع سبعة أيام وهي مكشوفة ثم
~~تدبر بعد ذلك ثم قال أنا أروح أزور قبر إلياس وقبر الراعي وقبر شيث وأجيء
~~فارفع هذه البوشية عندك واترك القدر تحت الصقيع وودعني وأنا أوكد عليه
~~العود سرعة
[9.25]
ثم غاب عني ستة أيام وأتى في اليوم السابع فقعد وطلب الدراهم فأحضرتها
~~على ما تركها ثم طلب القدر فأحضرتها قدامه وأخرج كاز وجعل يقص الدراهم
~~ويرميها في القدر والدهن إلى أن قص الجميع ثم قال أين الحوائج فأحضرتها
~~فأرمى الجميع في القدر ثم حركه بعود وجعل الغطاء عليها ثم إنه شد وصلها
~~بطين الحكمة وبنى للقدر نصبة ثم قال لا تزال توقد عليها وبخارها يصعد حتى
~~إذا وضعت يدك على البخار عادت مثل الفضة فقد استوى شغلك فاشكر الله تعالى
~~على ذلك فإن تم لها على النار ثلاثة أيام ولا تصبغ الكف فاجعل عليها من
~~الأدهان الذي فيها من كل شيء أوقية ثم شد النارعليها يوما وليلة فإنها تصبغ
~~وهي نهاية العمل فأنا قد بقي علي زيارة أريد أروح أكمل الزيارة وأجيء وتكون
~~أنت قد كملت الشغل إن شاء الله تعالى
[9.26]
فحرصت عليه أن يأخذ شيئا ينفقه عليه فلم يفعل وراح وقد انقطع خبره عني
~~وأخاف أن يكون قتل في البقاع أو وقع به أحد من الدرزية قتله والشغل إلى
~~الساعة ما تكمل ابصر أيش تعمل والنصف لك فقلت لا يكون أخذ الدراهم وراح
~~فقال أعوذ بالله من ذلك هذا الرجل جميع ما في الدنيا ما يسوى ذرة واحدة ومع
~~هذا فإن الدراهم في أسفل القدر ظاهرة فقلت أحضر القدر فلما أحضرها ميلت
~~القدر على جنبها فإذا فيها قالب أبيض مثل الملح فقال ألم أقل لك إنه لم
~~يتعلق لي بشيء فقلت فرغ ما في القدر وأخرج الفضة فلما أخرجها وإذا بها
~~قصدير قد أخذت الأدهان وساحت وقد تصفى فقلت له ذلك الشيخ الصالح أخذها وراح
~~فقال وكيف عمل والله الدراهم ما وقعت في يده إلا وهو يقص فيها قدامي ويرمي
~~في القدر فانظر إلى هذه الطائفة ما أكثر مكرهم على أموال الناس
[9.27]
وأما كشف هذه الدكة فأنا أبينه إن شاء الله تعالى وذلك أنه لما طلب
~~الدراهم فأحضرها له فلما رآها وعرف نقودها أمره أن يشدها في البوشية وراح
~~من عنده وأقلب دراهم قصدير على النقود نقدها ثم جعلها في بوشية مثل البوشية
~~وربطها بخيط مثل ذلك الخيط فلما حضر وهي في عبه طلب الدراهم الذي قد شالها
~~عنده فأحضرها قدامه ثم طلب القدر فبمقدار ما قام يحضر القدر أخذ الشيخ
~~البوشية الذي فيها الدراهم الجيدة وجعلها مكان البوشية الذي فيها الدراهم
~~القصدير فلما حضرت القدر فتح البوشية وجعل يقص ويرمي في القدر وطينها ورتب
~~ذلك الترتيب وشال وقد صح له الإكسير والوصول إليه فتميزوا يا عميان القلوب
~~بالبصائر وتفهموا
9.10 الباب التاسع في كشف أسرارهم
[9.28]
ومن أعظم ما وقفت عليه ما جرى للسلطان الملك العادل نور الدين زنكي رحمه
~~الله حديث يصلح يكتب بماء الذهب وذلك أن بعض العجم جاء إلى دمشق فأخذ ألف
~~دينار مصرية فبردها برادة ثم أخذ لها دق فحم وعقاقير مجمعة وطحن الجميع ثم
~~عجنه بغراء السمك ثم جعله بنادق وجففه جفاف بالغ ثم لبس دلق وتزايا بزي
~~الفقراء وجعل تلك البنادق في مخلاة ثم أتى إلى بعض العطارين وقال له تشتري
~~مني هذا فقال وأيش هو هذا قال طنزبك خراساني وهذه طنزبك معناها طنز بك قال
~~العطار هذه أيش تنفع فقال تنفع من السموم وتجوز في جميع الأدوية التي تدفع
~~الأخلاط وله نفع عظيم ولولا قد أدركني أوان الحاج وما أقدر على حمله ما
~~أبعته فإنه يسوى وزن بوزن عند من يعرفه فقال العطار بكم هو قال عشرة دراهم
~~فقال له ثلاثة فأبى فاشتراها منه بخمسة دراهم ثم جعله في برنية وأخذ العجمي
~~الدراهم وراح فانظر إلى هذا الرجل ما أجسره أباع ألف مثقال ذهب بخمسة دراهم
~~فهذه جسارة عظيمة
[9.29]
وقد قال القائل من خاطر بنفيس ملك نفيس ثم انفصل عنه ولبس أنزه ما يرى من
~~ملابس الوزراء وخلفه مملوك واكترى دارا تصلح لوزير أو قاضي وصار يتمشى في
~~الجامع ثم يتعرف بالكبراء من أهل البلد ويعمل السماعات ويخسر جملة ويدعي
~~الوصول في علم الصنعة وأنه يقدر يعمل في يوم واحد جملة مال وشاع ذلك في
~~دمشق فسألوه الكبراء أن يعمل عندهم فكان يقول أنا ما احتاج إلى أحد أنا في
~~يوم واحد أعمل بمقدار نعمة الذي يريدني أعمل عنده فأيش حاجتي إليه فإن كان
~~من أجل مكان أعمل فيه فأقدر أشتري عشرة بساتين ومثلها دور وإن كان من أجل
~~جاه فأنا ما أعمل شيء علي فيه درك لأن الذي أعمله ما هو زغل ولا فيه غش
~~فأطلب به جاه أحد هذه صنعة إلاهية وأنا آليت أن لا أعمل شيء إلا لملك مع
~~أني ما أعمل شيء حتى يحلف لي أنه مهما عملت لا ينفقه إلا في الغزاة في سبيل
~~الله تعالى
[9.30]
وتم على ذلك فاتصل خبره بالوزير المزدقاني فأحضره وآنسه ولاطفه مدة حتى
~~صار بينهما صحبة ثم فاتحه في مثل ذلك فقال والله يا سيدي قد كان مني ومن
~~أمري أني حلفت أن لا أعمل شيء إلا لملك بعد أن يعاهدني أنه لا ينفق مما
~~أعمله شيء إلا في الغزاة في سبيل الله عز وجل فإن حصل هذا عملت وإلا لا
~~سبيل إلى عمل شيء على غير الوجه فلما سمع الوزير ذلك أفكر وقال والله إن
~~هذه سعادة للمسلمين وللسلطان فهذه البلاد كلها للإفرنج إلى بانياس وكل يوم
~~الغارة تصل إلى داريا فإذا عملت شيئا نفتح به هذه البلاد وهذه نعمة عظيمة
[9.31]
ثم قال له أعرف السلطان ذلك قال نعم إلى أن تجمع بيني وبينه حتى تستوثق
~~منه أن يفعل ما قلت فقال نعم ثم ركب الوزير من الغد إلى الخدمة فاختلى
~~بالسلطان ثم عرفه ذلك فقال والله لقد هدس في فكري أن لا بد من شيء يوصلنا
~~إلى قلع شأفة هذه الملاعين فأحضر الرجل في غاية الكرامة فأخذ له خلعة حسنة
~~وبغلة مسرجة ملجمة ثم أحضره وألبسه الخلعة وأركبه إلى جانبه ثم صعدوا
~~واجتمع به السلطان ثم تحدثا فقال صحيح ما قال الصاحب قال نعم يا مولانا إلا
~~أن الشرط وقف عليه السلطان قال نعم وهو الذي نفعله فقال الرجل حكم مولانا
~~أن كل من ادعى هذه الدرجة كاذبين وكالين دكاكين يدكوا في كل شيء أنا شيء
~~واحد أقوله لمولانا السلطان شرطي أن لا أمس بيدي شيئا بل أكون بعيد عن
~~مولانا وأقول افعل كذا أو كذا ومولانا يفعل فلما تقرر الأمر على هذه
~~القاعدة قال له السلطان بسم الله أشرع على بركة الله
[9.32]
فأخذ العجمي ورقة وكتب لهم استدعاء الحوائج فقال من العقار الفلاني كذا
~~ومن العقار الفلاني كذا وذكر عقاقير شتى ثم قال من الطنزبك الخراساني مائة
~~مثقال ثم دفعوا الورقة لأستاد الدار وقال له أحضر هذه الحوائج فأحضر الجميع
~~ولم يعجز شيء إلا الطنزبك فقال إنه ما وجد في المارستان ولا عند العطارين
~~فقال العجمي ومثل دمشق ما يعدم الطنزبك فقال السلطان ما لنا شيء يغني عنه
~~فقال العجمي لا ولا تخلو دمشق منه ومن المصلحة أن يتقدم مولانا إلى المحتسب
~~بأن يختم الليلة دكاكين العطارين فأنا إذا كان الغد ركبت أنا وهو وشاهدين
~~عدلين ونفتح حانوت حانوت ونفتشه فلا بد أن نجده فقال نعم ما رأيت
[9.33]
وكان المحتسب يقال له القائد فأرسلوا ففعل ذلك ثم ركب العجمي من الغد
~~وأخذ معه العدول ونزلوا مع القائد ثم جعلوا يفتحون دكان بعد دكان حتى
~~انتهوا إلى دكان الذي أباعه العجمي الطنزبك فقعدوا الشهود والمحتسب والعجمي
~~ونزل صاحب الدكان وجعل يحط قدامهم برنية بعد برنية إلى أن جاءت البرنية
~~التي فيها الدكة فلما رآها العجمي تهلل وجهه فرحا وقال هذا السلطان مسعود
~~ثم قال للمحتسب والشهود اختموا عليها بختومكم ثم ابعثوا بها إلى القلعة
~~ففعلوا ذلك
[9.34]
ثم عطف على العطار وقال من أين لك هذا فقال ابتعته من رجل بخمسة دراهم
~~فحل منديله وقال هذه عشرة دراهم من عندي ولا تبطل شغلك وتطلع إلى الديوان
~~ثم ركبوا وطلعوا جميعهم إلى القلعة وعرفوا السلطان فقال العجمي هذا أول سعد
~~السلطان هذا يعمل شيء كثير فيشرع مولانا في العمل في هذه الليلة والتوفيق
~~بيد الله فلما أمسى عليهم المساء استدعوا بما يحتاجون إليه من الآلة ثم قعد
~~السلطان والخادم في صفة والعجمي قد اعتزل عنهم ناحية ثم قال يزن مولانا من
~~العقار الفلاني كذا ومن الفلاني كذا وجعل يعد له العقاقير جميعها ثم قال
~~ومن الطنزبك مائة مثقال ففعل ذلك وجعل الجميع في البوتقة ثم قال انفخ ولم
~~يزل كذلك حتى احترقت تلك الحوائج ودار الذهب ثم قال اقلب على بركة الله
~~وعونه فأقلب فنزلت سبيكة ذهب مصري معلى لا يكون شيء أعلى منه
[9.35]
فلما نظر السلطان إلى ذلك حار ودهش ثم قدم له تلك الليلة شيء يساوي ثلاثة
~~ألف دينار ولم يزالوا يعملوا حتى فرغ ذلك الطنزبك فطلبوه فلم يجدوه فقال له
~~السلطان كيف نعمل في طنزبك فقال العجمي تبعث تجيب من خراسان فإنه معدن في
~~الجبل الفلاني في مغارة صفتها كذا وكذا إذا أراد إنسان يحمل منها ألف حمل
~~جمل وأنا دخلت إليها وأخذت منها شيئا كثيرا وعندي منه مقدار قنطارين ثلاثة
~~فلما سمع السلطان ذلك قال ما نجد من يروح إليه أخير منك فإن لم تقدر على
~~الوصول إلى المغارة تحمل الذي عندك وإن وصلت إلى المغارة فتحمل منها مهما
~~قدرت على حمله وأنا اكتب معك كتاب إلى السلطان الأعظم أن لا يمنعك الأخذ من ذلك
[9.36]
فلما سمع العجمي ذلك قال إن رأى السلطان أن يبعث غيري يفعل فإني قد طابت
~~لي دمشق وخدمة مولانا السلطان فقال لا غنى عن ذلك ولم يزل عليه حتى أنعم
~~عليه السفر فلما شرع يتجهز جهزه بستين حمل شرب منها عمل تنيس ودمياط ومن
~~عمل إسكندرية ومثلها سكر جوري والأحمال والحمالين والجمال ثم أعطاه خيمة
~~ومطبخ ومستراح وفراش ونفقة الطريق إلى بغداد يبيع شيء يتسفر به إلى العجم
~~وكتب معه كتب إلى سائر البلاد بالمراعاة والخدمة والإقامة ثم خرج السلطان
~~وأرباب الدولة في وداعه وراح وقد وصل إلى الحجر المكرم وجعل له الإكسير الأعظم
[9.37]
وأعجب ما في هذه القضية أن كان بدمشق رجل يكتب المحارفين فسمع هذه القصة
~~وتخبر باطنها فلما تحقق ذلك كتب على رأس جريدة نور الدين محمود بن زنكي رأس
~~المحارفين فشاع ذلك ولم يعلم أحد باطن القضية إلا يقال إن فلان قد كتب
~~السلطان رأس المحارفين فاتصل الخبر بالوزير فعرف السلطان ذلك فقال وأيش
~~أبصر من حرافي حتى كتبني هاتوه فنزلت إليه الجندارية بسم الله كلم السلطان
~~فأخذ الجريدة في كمه ومشى معهم فلما وقف قدام السلطان قال أنت فلان قال نعم
~~قال وتكتب المحارفين قال نعم قال وكتبتني قال نعم وهذا اسمك فأظهره له قال
~~وما بان لك من حرافي حتى كتبتني فقال يكون أن جاءك واحد نصاب وعمل عليك
~~حيلة ودك عليك ألف دينار أخذ بها مال المسلمين وراح يجيب طنزبك فما يكون
~~حراف أبلغ من ذلك
[9.38]
فلما سمع السلطان كلامه قال كأنك به قد جاء وصحبته طنزبك نعمل منه أموال
~~لا تقدر ولا تحصى فقال يا خوند إن رجع محيت اسمك وكتبت اسمه فما يكون في
~~عالم الله أحرف منه إن رجع جاء قال فلما سمع السلطان كلامه ضحك وقال أعطوه
~~شيء ينفق عليه فأعطوه شيء وراح وكان كلما أفلس أخذ الجريدة ووقف على باب
~~القلعة فإذا ركب السلطان فتح الجريدة فيقول ما جاء وهذا اسم السلطان مكتوب
~~مثبوت فيضحك ويطلق له شيء ويروح فأقام كذلك حتى مات السلطان والطنزبك ما
~~جاء فانظر إلى هذه الدك والجسارة على بيع ألف دينار بخمسة دراهم
[9.39]
وقد كان عند عز الدين أيبك المعظمي رجل مغربي يعرف بعبد الله الغماري
~~وكان يدكه مائة دينار يأخذ منه ألف فأقام عنده مدة وعلى هذه الصورة فلما
~~انتهى إلي خبره علمت أنه دكاك فكشفت دكه ووجدته يدك في البوتقة ثم زرقت
~~عليه خادم من خدام الأمير وعرفته الدكة فتقرب إليه وسأله أن يعمل عنده شيئا
~~فلما تقرر الأمر فعمل بوتقة ودك إليها أربعين دينارا فعمل الخادم بوتقة على
~~مثالها ثم تركها في موضع بوتقة الشيخ وأخذ تلك البوطقة ثم شرعوا يعملوا
~~فلما ساق على البوتقة وأقلب فلم ينزل شيئا فقال الخادم وأين الشيء فقال
~~النار أفسدت هذه الطريقة
[9.40]
فقال الخادم والله لا بد ما أخلي الأمير يعلقك على باب الدار ويرميك
~~بالنشاب يا شيخ نحس تضحك على الأمراء وتأخذ أموالهم وهذه البوتقة أوقف
~~عليها الأمير فلما سمع الشيخ طار عقله خوفا وفزعا وأقبل على الخادم يسأله
~~ويخدعه وهو يأبى فما كان له بد من إعطاء الخادم شيئا وقال أنا أحلف لك أي
~~شيء تحصل من اليوم نصفه لك ثم نزل ولم يثق بالخادم وخاف من غائلته فما كان
~~له إلا أن هرب فهذه صفة الواصل إلى هذه الصنعة
10 الفصل العاشر اثنا عشر بابا في كشف أسرار العطارين
10.1
[10.1]
اعلم أن هذه الصناعة أكثر دك وزغل من جميع الصنائع وفيها ما هو معمول معلوم ومنها ما هو معمول مجهول فأما المعمول المعلوم فهو الزنجفر والزنجار والإسفيداج والمرتك وخبز الفضة وغيره وهذه الأشياء معمولة وقد علمت أنها معلومة ولا كلام فيها ولولا أنها عملت ذكرت كل صنف منها وكيفية عمله وإن كان فقد اطلعت منها على أشياء مختلفة فلما علمت ذلك ضربنا عنها وإنما نذكر ما لم يصل إلى أفكار الناس أنه يعمل مثل الفلفل والهليلج والعود والزنجبيل ودم الأخوين نوعين والنيل والمسك والعنبر والماورد والزباد والكافور وغيرهما وكل ذلك نذكر باب باب ليعلم من وقف على كتابي هذا أني أنا لم أترك شيئا من العلوم ولا من الصنائع إلا قد بيناه وبرهنا عليه وسلكنا طريق أهله وانتظمنا في كل سلك فافهم ذلك
10.2 الباب الأول في كشف أسرارهم في عمل الهليلج
[10.2]
وذلك أنهم يأخذون من حب الهليلج ثم يرفعونه عندهم فإذا أرادوا عمل هليلج
~~أخذوا من الصبر جزء ومن المر جزء ومن الصمغ جزء ثم يدقون الجميع دقا ناعما
~~ثم يأخذون من مرائر الماعز يعجنون بها تلك الحوائج عجنا جيدا شديدا ثم يكون
~~قد عملوا لها قوالب في ألواح خشب على شبه قوالب أقراص الليمو ثم يجعلون في
~~القالب من ذلك الدواء ويجعلون فيه نواية هليلج ولا يزال كذلك حتى يملأ
~~اللوح ثم يرد عليها اللوح الآخر ويثقلونه ويتركونه يوم وليلة ويجففونه في
~~الظل جفافا بالغا فإنه يجيء أحسن ما يكون من الهليلج وأجوده وهذا باب أعرف
~~فيه عشرة طرائق مختلفة الأنواع فافهم
10.3 الباب الثاني في عمل الماورد
[10.3]
وذلك أنهم يأخذون من زر الورد العراقي ينقعونه في ماء الورد الخالص
~~النصيبيني يوم وليلة ثم يحشونه في القرعة ويجعلون في بلبلة الأنبيق مسك
~~ويجعلون مع زر الورد لكل رطل زنة عشرة دراهم كباش القرنفل ودرهمين هال
~~ويستقطرونه بنار لينة فإنه يقطر فيجعل في فقاعة زجاج ثم يسد رأسها ويلفها
~~في قطن ويجعلها في حق ويحترز عليها من الهواء وأن لا يخرج شيء من رائحتها
~~فإذا أراد عمل الماورد أخذ الماء العذب الصافي ثم جعله في طنجير وأغلى عليه
~~بنار لينة حتى ينقص الثلث ثم يخرجه ويحترز عليه من الغبار فإذا برد أخذ من
~~ذلك الإكسير الذي استقطره لكل رطل بالبغدادي من الماء المغلي وزن ثلاثة
~~دراهم من الإكسير المذكور ثم يسد رأس الوعاء ويجعله في الشمس ثلاثة أيام
~~فإنه أحسن ما يكون من الماورد وأعرف فيه أربعين طريقة مختلفة أنواعها
10.4 الباب الثالث في عمل الزنجبيل
[10.4]
وذلك أنهم يأخذون عرق الجرجير اليابس ثم يغمرونه بماء الرشاد ويعملون معه
~~وزن درهمين زنجبيل ثم يغلون عليه حتى يذهب من ذلك الماء الربع وينزلونه عن
~~النار ويتركه حتى ينشف الماء عنه فإنه يكون أشد حرارة من الزنجبيل وأحسن
~~وأعرف فيه ثلاثة طرائق أحسن ما يكون فافهم
10.5 الباب الرابع في عمل العود
[10.5]
ومن ذلك أنهم يأخذون حطب الزيتون ينقعونه في ماء العنب المسطار سبعة أيام
~~ثم يرفعونه على النار ويغمرونه بماء الورد وقد أخذوا برادة العود وجعلوها
~~في الماورد ثم يغلون عليها بنار لينة حتى يذهب ربع الماء ثم ينزلونه عن
~~النار ويتركونه حتى يشرب جميع ما عليه من الماء ويحترزون عليه من الغبار ثم
~~يجففونه في الظل ويرفعونه في وعاء ويسدون رأسه ويحترزون من الهواء فإنه
~~يكون عود لا يمكن شيء أحسن منه ومن رائحته ومن أراد جرايدي يجعل عوض حطب
~~الزيتون عود النور وأعرف فيه سبعة عشر طريقة
10.6 الباب الخامس في عمل المسك
[10.6]
ومن ذلك أنهم يأخذون فراخ الحمام المجهولة أو العادة كما تفقس ويزقوهم
~~كباش القرنفل مع الماورد مسحوق معجون مع المحلب والسنبل يفعل ذلك سبعة أيام
~~ثم يأخذون جام زجاج يدهنونه بدهن البان ثم يذبحون تلك الفراخ ويصفون دماءهم
~~فيه ويحترزون عليه من الغبار فإذا جف قلعه من الجام ثم أضاف مثل خمس
~~الدراهم مسك ويسحقه جميعا ثم يأخذ نافجة فارغة ويحشوها من ذلك المعمول ثم
~~يلصق النافجة بصمغ عربي ويلصق معها من شعر النافجة ثم يبيعه فهو أحسن ما
~~وجدت من عمله وأمشاهم فافهم
10.7 الباب السادس في عمل العنبر
[10.7]
فمن ذلك أنهم يأخذون حب العصفور فينقعونه في ماء الورد يوم وليلة بعد أن
~~يكون قد نزعه من حبه فإذا كان من الغد مرثه بيده حتى يطلع القشر ويبقى
~~اللحم فيرمي القشر ثم يأخذ اللحم فيجعله على الصلاية ثم يلقي عليه العنبر
~~ويسحقه بماء الورد الذي كان منقوعا به ولا يزال يسحق حتى تنقطع الدبوقاء
~~فإذا انقطعت أخدمه بعد ذلك بدهن البان الخام ثم يسقيه من قشر الجوز الأخضر
~~شيء يسير ثم يجعل عليه مثل ربعه عنبر خام ثم يخلطه جيدا ثم يجعله في وعاء
~~زجاج ضيق الرأس ثم يسد رأسه سدا جيدا ثم يجعله في مكان فيه نداوة أربعين
~~يوما ثم يخرجه وقد أعشب وصار أشهب وهو أحسن ما وجدت بعد معرفة ثلاثين طريقة
10.8 الباب السابع في كشف أسرارهم في عمل التوتياء
[10.8]
فمن ذلك أنهم يبنون تنورا مربعا يكون ارتفاعه ثلاثة أشبار ويجعلون له
~~إفريزا في نصفه ثم يجعلون له غطاء محكما عليه ثم يعملون قضبانا من طين ثم
~~يشوونه فإذا انشوت مثال الفخار يأخذون التراب الأصفر ثم يعجنونه بماء
~~الهندباء عجنا جيدا ثم يلبسونه تلك القضبان ثم يأخذون شقاف كيزان بيض
~~فيدقونها مثل الدخن ثم يمرغون فيها القضبان الذي يلبسونها للطين ثم يصفونها
~~في التنور على ذلك الإفريز ويخلون بين القضبان ليدخل الدخان بينهما ثم
~~يردون الغطاء على التنور ثم يوقدون تحته بحطب الطرفاء الأخضر لا يجزي غيره
~~فإذا احمرت القضبان يشيلونها ثم يطفونها في ماء الهندباء يفعلون ذلك ثلاث
~~دفوع وفي الثالثة يطفون القضيب ويمرغونه في الشقاف ثم يصفونه في التنور على
~~الوصف المقدم فلا يزالون يوقدون عليها حتى تنسبك ثم يقطعون عنها النار
~~ويخلونها حتى تبرد فإذا بردت أخذ القضيب ودق عليه بالمطرقة دقة خفيفة فإنه
~~ينزل صفائح صفائح توتياء جيدة مليحة لا بعدها شيء وهذه الطريقة أعرف فيها
~~سبع طرق
10.9 الباب الثامن في عمل دم الأخوين القاطر وغيره
[10.9]
وهو أن يأخذون المغرة المدنية وأيضا العراقية الجيدة ثم يسحقونها ويأخذون
~~من دم الحجامين ويسقونها منه شيئا بعد شيء حتى يعجبهم لونه ثم يجففونه فإنه
~~يكون أحسن شيء وهذه الطريقة أعرف منها ثمان طرق
10.10 الباب التاسع في كشف أسرارهم في عمل الزباد
[10.10]
ومن ذلك أنهم يأخذون الظفر الطيب يغسلونه غسلا جيدا نقيا ويجعلون عليه
~~رأس الصابون ويتركونه ثلاثة أيام فإنه ينحل فإذا انحل يرفعونه على النار
~~ويلقون فيه وزن درهم مصطكاء ودرهم خميرة وقليلا من شعر قط أسود يعود جميعه
~~زباد جيد وأعرف فيه ثمانية عشر طريقة هذه أجودهم وأحسنهم
10.11 الباب العاشر في عمل اللازورد وغسله
[10.11]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا غسله يأخذون الغشيم وهو تراب اللازورد الجيد منه
~~ثم يجعلونه في برام مزجج ويجعلون لكل أوقية منه أوقية زفت وأوقية قلفونية
~~ثم يوقدون عليه فإذا ذاب طلع عليه الصبغ كأنه رغوة الصابون فإذا أراد يحترق
~~يلقون عليه قليل بورق فإنه يستوي جيدا وهذه الطريقة أعرف منها خمسة وهي أجودهم
10.12 الباب الحادي عشر في كشف أسرارهم في عمل اللازورد الأصل
[10.12]
ومن ذلك أنهم يأخذون قشر البيض ويكلسونه ثم يلقون عليه حشيشة الصباغين
~~الذي تطلع على القاشي وتسمى الوسمة أيضا وتسمى الغبيراء ويلقون عليه ماء
~~النيل الهندي السراوي فإنه يعود لازورد جيد وهذه الطريقة أعرف فيها اثنان
~~وأربعون طريقة مختلفة الأنواع ولو ذهبت أذكر جميع ما أعرف ما وسعه كتاب بل
~~إني أختصر على البعض وبه يستدل على الكل من له لب وفكر صائب واعلم أن لهم
~~أعمال كثيرة في كل فن وفي الأمراض القاتلة ولا بد أن أذكر منها شيئا يسيرا
~~فافهم ذلك
10.13 الباب الثاني عشر في كشف أسرارهم في عمل قرص الكاكنج
[10.13]
وهو مما ينحل البدن ويورث الاسترخاء في المعدة ويضعف القوام وذلك أنهم
~~يأخذون من الكاكنج جزء ومن حب الغاريقون جزء ومن الدلب جزء ومن شحم النمس
~~جزء ويدق الجميع ثم يحل بماء الدفلى فإنه قرص قاتل جدا وأعرف من هذه
~~الأقراص مائة قرص مختلفة الأنواع لم يقدر عليها حكيم من الحكماء وإنما
~~العاقل اللبيب يستدل بواحد عن أحاد فافهم ذلك
11 الفصل الحادي عشر خمسة أبواب في كشف أسرار أصحاب الميم وهم المطالبية الذين يدعون الوصول إلى المطالب والكنوز
11.1
[11.1]
اعلم أن هذه الطائفة أكثر حيل وتسليط ومكر على أموال الناس ولهم أفعال لا يقع عليها قياس ثم إن جميع الخلق يرتبطون عليهم ويصغون إلى كلامهم وينطاعون لهم طمعا في المال الذي يلعب بعقول الرجال ويذعن له الملوك وكل غني وصعلوك وتطير له الرقاب وسأذكر بعض أفعالهم
11.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[11.2]
فمن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يدعوا معرفة المطالب ويأكلون أموال الناس
~~ويرتبطون عليهم فإذا أرادوا ذلك أتوا إلى بعض المغاير أو بعض الأودية
~~فحفروا فيها فإذا هم حفروا أخذوا رمل من غير تلك الأرض طمروه ثم يأخذون
~~مفتاح حديد ويطلوه بالذهب ثم يأخذون صفيحة ينقشون عليها أحرف مفرقة على
~~مثال بعض الأقلام اليونانية ثم يطلونها أيضا بالذهب ثم إنهم يطلون الجميع
~~بالصندروس ثم يدفنون أشياء كثيرة مثل ذلك ويتركونها زمانا طويلا ويأخذون رق
~~ويكتبون عليه بالأقلام العجمية ويقولون فيها إذا سافرت إلى بلاد الفلاني
~~فاسأل عن المكان الفلاني ثم ينعتون ذلك الموضع نعتا جيدا فإذا وصلت إليه
~~فإنك تجد عنده كذا وكذا وقف في موضع كذا وكذا وقس عن يمين الموضع كذا وكذا
~~وعن يساره كذا وكذا ثم احفر فإنك تجد رمل منقول من غير تلك الأرض فاحفر
~~وابشر بالوصول فإذا حفرت وجدت كذا وكذا فلا يزال يعد العلائم حتى ينتهي إلى
~~المفتاح والصحيفة
[11.3]
ثم يقول إذا وصلت إلى ذلك فاحذر أن تتعرض له إلى وقت الفلاني حتى تنزل
~~الشمس في البرج الفلاني في الدرجة الفلانية ثم يبعد إلى مقدار سبعة ثمانية
~~أشهر مقدار ما يحصل منهم شيء على قدر ما يريد فإذا نزلت الشمس إلى ذلك
~~البرج فاجمع هذه العقاقير وهي كذا وكذا ويذكر أشياء لا يصاب في تلك الأرض
~~ثم يكون لها قيمة ومنهم من يقول اعمل صنما من ذهب وزنه كذا وكذا وانقش عليه
~~كذا وكذا واجعل في إصبعه خاتم بفص ياقوت وانقش على الخاتم كذا وكذا ثم قدمه
~~إلى المكان فإن الصنم يشير بالخاتم إلى نحو المكان فإذا أشار إليه انفرج
~~المكان وظهر لك من المال ما يعجز عن حمله الجمال فخذ ما أردت ثم ادفع ذلك
~~الصنم وانزع الخاتم من يده فإن المكان يعود إلى ما كان ولا يرجع أحد يقدر
~~على ذلك المكان إلى مثل ذلك الوقت من السنة الآتية بذلك الصنم
[11.4]
فإذا كتب ذلك أخذ الصندروس ودهنه بعد أن عتقه ثم يكون قد قطع من هوامشه
~~مواضع فإذا فعل ذلك تحدث مع الناس هل يعرف أحد ذلك المكان الفلاني ولا يزال
~~حتى يشيع الخبر بين الناس بذلك ثم يقصد بعض أصحاب الجاه والمقدرة فيقول أنا
~~أوقفك على المكان وأحضر كتابه ونعمل ونتوكل على الله عز وجل بشرط أنك تحلف
~~لي أنك لا تغدر بي ولا تخوفني ولا ترزق على أحد ولا تحسن في أذيتي وإن
~~الكتاب لا يزال معي فإني أنا رجل غريب ومنقطع وفد إلى باب الله وبابك فاعمل
~~معي ما يليق بمثلك ووالله هذا الكتاب اشتريته من بلاد الروم بكذا وكذا وقد
~~حملته إليك فافعل ما يقتضي كرمك ومروتك
[11.5]
فإذا اتفق الأمر وخرجوا إلى ذلك المكان وحققوه عادوا إلى البلد وعملوا
~~أشغالهم ثم طلعوا بالرجال وحفروا فلا بد أن يظهر لهم ذلك الرمل فإذا ظهر
~~ذلك وقع الوهم بصحة ذلك ثم حفروا فيظهر شيء آخر من تلك العلائم فتحققوا ذلك
~~ولا تزال العلائم تظهر على ما يذكر الكتاب حتى تظهر الصفيحة والمفتاح فإذا
~~ظهروا وكد على الصنم أو على البخور وأبعد الأمر إلى وقت آخر وإن كان على
~~الصنم فلا يزال حتى يعمل الصنم ثم يأخذه ويمدها وطنه وإن كان على البخور
~~فإنه يأخذ شيء يشتري به البخور ويسافر ليشتريه ولكن من أين من بلاد الهند
~~من داخل فافهم
11.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[11.6]
ومن ذلك أنهم يعملون العلائم كما تم إذا لم يبق إلا الدخول إلى المكان
~~جعلوا عليه مهلك منهم من يعمل مهلك الحيات ومنهم من يعمل مهلك الأخذ بالبصر
~~ومنهم من يعمل مهلك الأشخاص وغيرها فإذا وصلوا إلى الموضع احتج عليهم
~~بالمانع الذي قد ظهر لهم وأنا أبين ذلك المهلك
[11.7]
فأما مهلك النار فإنهم يأخذون ظرف ينفخوه ثم يدفنوه في الأرض في المجاز
~~ثم يجعلون قدام فم الظرف مشاقة الكتان محلول فيها قلفونية وكبريت ويكون
~~الذي للظرف محكم وذلك أنه يكون له قصبة حديد مهندم عليه كما يعمل لمنافيخ
~~الحدادين إلا أنها تكون أقوى من ذلك وأضيق ويكون بعد نفخ الظرف قد سدت بشمع
~~رقيق فإذا جاز بالضوء يتحايد الظرف ثم يودع في رأس تلك المشاقة من رأس
~~الفند الذي معه شيء لا يؤبه إليه ثم يقول والله ما بقي لي قدرة على العبور
~~فليعبر غيري فإذا عبر غيره مشى على الظرف فاختنق الريح ثم طارت الشمعة من
~~فم القصبة فبلغت النار في تلك المشاقة مع القلفونية والكبريب فهربوا من ذلك
~~وتكون القصبة التي للظرف طويلة مقدار خمسة أذرع ويكون تحت المشاقة حب قطن
~~مسقى ببعض الأدهان
11.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم في مهلك الحيات
[11.8]
وذلك أنهم يعملون حية قائمة إلى صدرها ويجعلون لها عينين مزيبقة وقصبة
~~الظرف المقدم ذكره إلى جوفها وفي جوفها المشاقة والقلفونية والكبريت كما
~~ذكرنا فإذا وطئ على الظرف خرجت النار من جوف فم تلك الحية وتبقى عينها
~~تتوقد فلا يجسر أحد يلبث قدامها ولو ذهبت أكثر ذكر المهالك لطال الشرح في
~~ذلك ولكن هذا المقدار كاف
11.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[11.9]
منهم من يدعي الوصول وذلك أنه يدعي الوصول إلى بعض المطالب المشهورة
~~ويريد يربط الناس على ذلك فيتقرب إليه الخلق فكل منهم يسأله فيقول أنا
~~والله أحرص على الدخول إلا أني أرصد وأخاف القتل فلعل ينقطع عني الطلب
~~وأدخل ثم أخرج بما يكفينا مدة طويلة فيربط على مثل ذلك ويبقى يعللهم ثم يصف
~~لهم ما في المطلب من الأموال والجواهر فيشوقهم إلى مثل ذلك ولا يزال كذلك
~~وهو يجلبهم كل واحد على قدره ويسر إلى واحد واحد أنه ما يدخل إلا هو وإياه
~~وحدهم ولا يطلع عليهم أحد فكل من سمع هذا وافقه الطمع وينفق عليه ويطلب منه
~~على مقداره ولا يزال كذلك حتى لا يبقى إلا الدخول
[11.10]
فإذا تواعدوا إلى يوم يؤلف جماعة يخرجون بالعدة ويكمنون له عند ذلك
~~المكان فإذا خرجوا ووصلوا إليه ثاروا عليهم وأول ما يبدأوا بالواصل ويقولوا
~~كم نرصدك وما تقع لنا فإذا أبصروا ذلك أصحابه تهاربوا ولا يقف معه أحد ثم
~~ينقطع عنهم أيام ثم يحضر وهو يتشكى ألم الضرب ثم يقول من هذا كنت أخاف
~~وأتوقف ولكن لا بد لنا إن شاء الله ما يخلو لنا الوقت وندخل دخلة وهي
~~تكفانا فيزدادوا القوم رباط فافهم ذلك
11.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم في الوصول
[11.11]
وذلك أنهم إذا ادعوا الوصول وعملوا ما تقدم ذكره ولم يبق إلا الدخول إلى
~~المطلب يكون الواصل قد عمل مقدار عشرة أرطال سبائك رصاص أو نحاس ويغشيها
~~بورق الفضة أو الذهب ثم يدفنها في ذلك المكان فإذا أرادوا الدخول وقد ترك
~~الذي قد خرجوا معه يحشدون ثم يأخذ جراب ويتسرب في سراب ذلك المكان ويغيب
~~مقدار ثلاث أو أربع ساعات ثم يخرج ذلك الجراب ملآن من تلك السبائك فيطلعهم
~~على ذلك ويقول يا أصحابنا اطلعوا بنا البحر نشرب ونغتسل ثم نتفق ثانية
~~ونحلف ثم نتفق على مصلحة نعملها ولا يزال عليهم حتى يجوز إلى البحر
[11.12]
فإذا مشوا على ساحل البحر دار بينهم الكلام فينافرهم ثم يغلظ عليهم فلا
~~بد منهم من يرادده فإذا راددوه غضب وقال الذنب ما هو لكم الذنب لمن صاحب
~~مثلكم ولكن يا أخي بيننا شيء إلا هذا المبلغ الذي قد حصل فأنا ما أريده ولا
~~آخذ منه شيء ويأخذ الجراب ويحذف به إلى البحر ثم يولي عنهم ويكون قد أسر
~~إلى بعض من هو متميز من الجماعة بأن هؤلاء قد بان لي منهم الغدر وأنا إن
~~رأيتهم قد بان لي منهم شيء أو ما لا يعجب أحرمتهم أن يأخذوا منه مثقال ذرة
~~فأنت أيش أبصرتني أعمل لا تتكلم وأنا وأنت نكون كتف واحد ونعيش أنا وأنت
~~فإن أصابني شيء فهو لك ولهم مثل ذلك فنون لا يعلمها إلا هم ولا يدركها
~~غيرهم وهم أشد الطوائف مكر ونفاق فافهم ما أشرت إليك
12 الفصل الثاني عشر تسعة أبواب في كشف أسرار المنجمون أرباب الطريق
12.1
[12.1]
اعلم أن هذه الطائفة يسمون الغرباء ولهم أحوال لا يقطع عليها قياس ولهم مشاتين لا تحد ولا توصف فمنهم الذين يبلزون السرماط ولهم إشعار بالسين ودوبيتي وغيره ويجيء في موضعه ولهم أصحاب المواليد والبلهان ومنهم أصحاب الفألات والمقالب ومنهم أصحاب الحديدة ومنهم أصحاب القرع أصنافها فمنها قرعة الفص المنسوبة إلى جعفر الصادق رضي الله عنه ومنها قرعة الطيور ومنها قرعة المدن ومن ذلك قرعة الأطعمة ومنها قرعة الدوائر ومنها قرعة المنازل ومنها قرعة الأسماء ومنها قرعة الكواكب اليمانية وقرع كثيرة لم نذكرها خوف الإطالة ومنهم أصحاب فألات الورق الذي يغمسونها في الماء فتطلع مكتوبة ومنهم أصحاب الورق الذي يحمونها فتظهر مكتوبة بالبشارة والحذر واعلم أن أصحاب هذه الأوراق هم أذل المنجمين وكذلك منجمين الساعات فإن كل نفر من هؤلاء لهم مشتان وسر وسوف أذكر من ذلك أنواع مختلفة مختصرة موجزة إن شاء الله
12.2 الباب الأول في كشف أسرار الذين يتكلمون على السرماط
[12.2]
وذلك أن لهم مقاريض تسمى الطروس وهي القوالب فيطبع بها كل يوم ما شاء
~~الله من السراميط ثم يحشونها بالزعفران والزنجار والزنجفر ثم يكون نوعين
~~منها صغار ويسمونها الشرائح ومنها كبار يسمونها الهياكل فمنهم من يتنبل
~~بالتغميضة ومنهم من يتنبل بالمقلب ومنهم من يتنبل بالمقلمة الذي يخرج منها
~~الأقلام ومنها من يتنبل بالإبرة ومنهم من يخرج الضمائر إذا كان معه صبي
~~فيقول كل من كان في قلبه ضمير يقوله في أذني وهذا الصبي في آخر الحلقة وهو
~~مغمض العينين وهو يبين لكم جميع ما تضمروا عليه فإذا جاء واحد إلى عند
~~الحكيم قال ضمرت على كذا وكذا فينشد له قصيدة يخرج منها كل ما يسأل عنه
~~وأنا أبين جميع ذلك إن شاء الله
12.3 باب شرح كشف أسرار أصحاب التغميضة وما يفعلون من التغميضة فإنها هذيان ويربطون بها الأخشان
[12.3]
وهو أن يأخذ الملح ويغمض عينيه ويجعل الملح عليها ثم يعصب عينيه بعصائب
~~عراض ثم يقعد رأسه فينزل الملح أخلى له موضع الضوء فيستمد الضوء من جانبي
~~أنفه نظرا جيدا ثم يأخذ الدخن والحبة السوداء والسمسم وما اتفق من البزور
~~ثم يجعل الجميع على ظهر كتاب مجلد ويأخذ السكين ثم يفرق كل جنس من هذه
~~الأجناس وحده ثم واحد يكتب ضمائر الناس في أوراق فإنه يدفعها إليه ثم
~~يعرضها قدامه فيقرأها ويطويها ثم ينادي باسم صاحبها يا فلان طلع اسمك واسم
~~أمك وما ضمرت عليه اقعد حتى أبين لك وأبشرك ببشارة وأحذرك من هذا الحذر فقد
~~ظهر لك ثم يعطف على الآخر بمثل ذلك حتى يأتي على الجميع ثم يحل العصائب عن
~~عينيه ويشرع في الهادور ولا يزال كذلك حتى يخرج الشرائح وهي خرقة حرير أسود
~~فيمسك طرف الخرقة ويقول طال والله ما بلبلتها الرياح على الكعبة ثم يتكلم
~~بالهادور فيبلز منها ما اتفق
[12.4]
فيقول من أعطاني فيقول واحد أنا فيقول أيش اسمك فيكتب اسمه على الشريحة
~~يفعل ذلك بالجميع ثم يقول يا أصحابنا لو اتكلت على هذا كنت والله أشحت
~~الخبز وإنما اتكالي على الله وعلى معقود أحله وعلى أن أفرق بين اثنين في
~~الحرام وأجمع بين اثنين في الحلال أو على هيكل سلطاني جامع آخذ فيه الخلعة
~~والمائة درهم والخمسين والأقل والأكثر وقد أرسل إلي الأمير فلان الدين وقال
~~أريد أن تكتب لي هيكل جامع الأشياء قلت السمع والطاعة أرصد لمولانا طالع
~~سعيد وأكتب له في ذلك الطالع فمد يده وأعطاني شيء أنفق فيه مدة طويلة ثم
~~أعطاني المسك والعود والعنبر ثم عدت إلى منزلي فأخذت الأصطرلاب بيميني
~~ووقفت على قدمي ثم أخذت طالع سعيد جعلت المشتري في الطالع والقمر في السابع
~~ثم أسقطت النحسين عن الطالع ثم بدأت على اسم الله وأطلقت البخور وكتبت في
~~ذلك الوقت السعيد والطالع الحميد عشر هياكل جامعة أسرار الكتب المنزلة فلما
~~فرغت من كتابتها أخذت منها خمسة وحملتها إليه فلما وقف عليها قال لي زمان
~~أطلب مثل هذه الهياكل حتى وقعت ثم دفع لي شيء آخر فخرجت من عنده وقد قال لي
~~بعض أصحابه يا حكيم أريد منك لي ولخشداشي هيكلين من هذه الهياكل فقلت السمع
~~والطاعة قد تبقى عندي منها اثنين أحملها إلى خدمتكم فشال أعطاني شيء له
~~قيمة وعندي منها ثلاثة ثم مد يده إلى خريطة فيخرج منها خرقة سوداء ثم يقول
~~ولو لم يكن فيها إلا بركة هذه الخرقة الذي طال ما حركتها الرياح على قبر
~~رسول الله صلى الله عليه وسلم
[12.5]
ثم يهدر عليها فيما تتضمن من المنافع ثم يقول إذا كانت هذه منافعها وقد
~~كتبت في ذلك الوقت وذلك الطالع السعيد كم استأهل هدية كل هيكل منها استأهل
~~دينار والله لو أعطيتني ملك الأرض كانت هذه أفضل ولكن كم قلت دينار طال
~~والله ما أخذت فيها الخمسة والعشرة ولكن على قدر الكساء مددت رجلي كم
~~ديناري خمسة دراهم أخلي منها درهم لله ودرهم لمحمد بن عبد الله كم يبقى
~~أخلي منها درهم نحاس وطلاس ورصاص يحمى في عين ذاك الشكاك الأفاك الذي لا
~~يؤمن بالله ولا بكتاب الله وحاشا هذه الجماعة أن يكون هذا بينهم كم يبقى
~~درهمين أخلي منها نصف لهذه الجماعة يبقى منها درهم ونصف يا سماء اشهدي ويا
~~أرض اعهدي ويا ملئكة ربي بلغي أني ما بخلت بها وقد جعلت الهدية درهم واحد
~~ونصف والدرهم حقها لا والله اسم الله لا يباع ولا يشترى بل الدرهم حق هذه
~~الخزانة
[12.6]
ثم يخرج غلاف ويتكلم عليه ويقول ما معك درهم أهدي لي مئزر أصلي عليه
~~منديل أمسح به وجهي سكين أبري بها قلم مقص أقص به ورقة ما معك تراب من تحت
~~قدمك اجعله على رأسي وأملكك ختمة جامعة ثم يهدر ويقول ويقرأ ما في الهيكل
~~فإن مشت تلك الثلاثة أخرج ثنتين أخر وقال هذه الذي كنت أوعدت بها ذلك
~~الطواشي وما كانت من رزقه فسبحان مقسم الأرزاق من يقول اكتبها على اسمي
~~ويهدر عليها إلى أن يبلزها وهذه طريقة الذين يتكلمون على السرماط وهادورهم
12.4 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[12.7]
فمن ذلك أصحاب المقلمة الذي تصدر منها الأقلام وهذه المقلمة لا يمكن أن
~~تكون إلا جلدة مبسوطة وتكون لها طبلة في نصفها داخل وهي محكمة الأقلام ولها
~~عروة ورؤوس الأقلام منزلة فيها وفيها خيط وفي طرف الخيط لوح رصاص وهو في
~~الطبلة من ناحية والأقلام في الناحية الأخرى وإذا عصر المقلمة بيده اتسع
~~ذلك المكان على اللوح الرصاص فينزل إلى أسفل المقلمة وتصعد الأقلام إلى رأس
~~المقلمة فيربط الأخشان
12.5 الباب الثالث في كشف أسرار الذين يتنبلون بالمقلب
[12.8]
وذلك أنهم يأخذون ورقة يطوونها مثلثة الجوانب والأسفل ثم يقطعون ورقة
~~ثانية على مثال الأول لا زائد ولا ناقص ثم يلصقونها في أسفلها في المثلث
~~الأوسط واحدة على واحدة لصاق محكم بحيث أنها لا تبان فإنها تبقى لها بيتين
~~فيأخذ أوراق صغار تسع كل ورقة سطرين وتكون على قدر البيت الواحد وعددها
~~سبعة أوراق فيكتب بعضها بمداد وبعضها بزعفران ثم يجعلها في البيت الواحد ثم
~~يأخذ أوراق بياض على قدرها فيجعلها في البيت الآخر من المقلب فإذا ألف
~~الهنكامة وهي الحلقة قال كل من كان في قلبه ضمير عن بيع أو شرى أو أخذ أو
~~عطاء يتقدم أفسر له اليوم سبع ضمائر لا فضة ولا ذهب للثواب
[12.9]
ثم يفتح البيت الذي فيه أوراق البياض من المقلب ويقول لواحد من الجماعة
~~اضمر أيش ما كان في قلبك على هذه الورقة فيأخذها ويتكلم عليها ثم يردها
~~إليه فيقول أيش اسمك فيقول فلان فيكتب على رأس الورقة حرف من حروف اسم
~~صاحبها وهو آخر حرف من اسمه فيستدل به يفعل ذلك بالسبعة أوراق ثم يردها في
~~مكانها ثم يشغل الناس ويحدثهم والمقلب في يده قدام الجماعة ثم يفتح المقلب
~~فتطلع تلك الأوراق مكتوبة بعضها بالمداد وبعضها بالزعفران فيطلع ورقة في
~~يده ويقول يا فلان هذه ورقتك وقد طلع اسمك وضميرك اقعد حتى أقول جميع ما
~~طلب لك ثم يفعل بالآخر مثله كذلك السبعة ثم بعد ذلك يطلق الهادور ويتكلم
~~على السرماط بما سبق في الباب الأول فيبلز الشرائح ثم يرجع إلى الهيكل
~~فيتكلم عليه ويبلزه
12.6 الباب الرابع في كشف أسرار الذين يخرجون الضمائر بالصبي
[12.10]
وذلك أن لهم خمس أبيات شعر يخرج بها الحروف ويجمعها فيخرج الضمير وذلك
~~أنه يعصب عيني الصبي ثم يجعله في آخر الحلقة وظهره إليه ثم يقول من كان له
~~ضمير يتقدم فيقول اسمه واسم أمه وضميره في أذني حتى يبينه له هذا الصبي
~~فإذا قال ضميره للمعلم أنشد الشعر إلى البيت الذي فيه أول حرف من اسمه
~~فيقول للصبي اجعل بالك فيأخذ الحرف ثم إلى البيت الذي فيه الحرف الثاني
~~فيقول ما قلت لك اليوم أغلبك فيقول الصبي يا معلم ظهر اسمه واسم أمه وضميره
~~ويقول بين فيقول اسمه فلان وأمه فلانة وقد ظهر ضميره ويصبر حتى أبين له
~~ضميره ثم يفعل بالجماعة مثل ذلك فيتعجب الناس من ذلك ويبلز السرماط
[12.11]
وهذه جملة الأبيات الذي تخرج الضمائر والأسماء وغيرها يقول شعر [هزج]
أطاع الدهر في الجد السني
صفا جد الفتى جد علي
لمنصور شذيه خندريس
ملازمه لملك لؤلؤي
فوجه صفحه ... شفقا جلاه
حبيب عزيز سحسح غوي
قوي لا يغفل عن ضعيف
كظيم غيظه عنف وطي
فهذه الخمسة أبيات يخرج بها الأسماء والضمائر وكل ما أراد شرح العمل بها
[12.12]
وذلك أنهم قسموا حروف أ ب ت ث على هذه الخمسة أبيات الأول أحد والثاني
~~اثنين والثالث أربعة والرابع سبعة والخامس خمسة عشر ويجمعون منها الحروف
~~ولهم قصيدة أخرى تخرج بها الحروف والضمائر وهذه أولها [طويل]
خليلي هل هذا الغزال تظنه
يزيل شقائي إن قضى الله لي نجا
12.7 الباب الخامس في كشف أسرار الذين يتنبلون بالأوراق الذي يغمسونها في الماء فتطلع مكتوبة
[12.13]
اعلم أن هذه الأوراق أعرف منها سبعين نوعا بل نذكر بعضها فمن ذلك أن يكتب
~~الأوراق بماء الزاج ويجعل في الكوز ماء عفص فإذا غمس الورق فيها اسود موضع
~~الزاج ومنهم من يكتب بماء العفص ويجعل في الكوز ماء الزاج ومنهم من يكتب
~~بماء النشادر ويغطس في الخل فافهم ذلك
12.8 الباب السادس في كشف أسرار الذين يتنبلون بالأوراق الذي يجعلونها على النار فتظهر الكتابة فيها
[12.14]
وذلك أني أعرف منه تسعة أنواع فنذكر البعض فمن ذلك أنهم يكتبون بماء
~~البصل فإذا كان على النار ظهرت الكتابة وهذه الطريقة تحب نار قوية فإذا كان
~~مع ماء البصل نشادر ظهرت الكتابة سوداء فإذا كان ماء البصل وحده ظهرت
~~الكتابة حمراء وإذا كان معه مرارة كبش ظهرت الكتابة صفراء ومنهم من يكتب
~~باللبن الحليب ويقدمه إلى النار فتظهر الكتابة حمراء ومنهم من يدفع لكل
~~واحد من الجماعة ورقة مكتوبة باللبن فيقول اضمر على هذه الورقة ويجمع
~~الأوراق ويخط خطة في الشمس الحارة وتكون الأوراق مفرقة بعضها من بعض ويوري
~~أنه يعزم عليها ويحرك شفتيه ثم يقول أيها الخدام الصالحين بحق ما كتبت به
~~عليكم اكتبوا أسماء هؤلاء وأسماء أمهاتهم فإن هذه الأوراق إذا حميت ظهرت
~~فيها الكتابة فيتنبل كيف شاء ويربط كيف أراد فافهم ذلك
12.9 الباب السابع في كشف أسرار الذين يكتبون بالحديدة
[12.15]
وذلك أن يكون لهم مهابرين قيام على رؤوسهم فإذا جاء الخشن يقعد المهابر
~~ويحط إصبعه على الحديدة ثم يرمي له فرد أعني درهم أو شطر أعني نصف ويقول
~~أخرج لي ضميري فيقول أريد مع ذلك ضمير آخر حتى نتفرج عليه فيقعد الخشني
~~ويضع يده على الحديدة فيضمر ويقول للمهابر خذه واخرج إلى هناك واسمع ضميره
~~ويسمع ضميرك حتى لا ينكر أحد فيأخذه ويخرج عنه فيقول المهابر أنا ضمرت كذا
~~وكذا وأنت عن أيش ضمرت فيقول عن كذا وكذا فيموس دانكه ثم يعودوا إليه فيقول
~~للخشن سمعت ضميره فيقول نعم فيقول اقعدوا فإذا قعدوا قدم الحديدة ويقول
~~اضمروا فيضمر فيقول للخشن أخرج كرامتي فإن طلع ضميرك جيد أخذت منك وإن طلع
~~ردي ما آخذ منك شيء
[12.16]
فيخرج له ما تيسر فيقول للمهابر أنت ضمرت كذا وكذا ثم يلتفت إلى الخشن
~~فيقول هكذا ضمر فيقول نعم هذا الضمير فيقول إن قربت هذا الأمر فإن عاقبته
~~غير صالحة وهذا يدل على الشر والنكد والضرب والحبس فاترك هذا وخذ فضتك فهي
~~علي حرام فيقول خذها فيأبى ثم يقول أنت ضمرت كذا وكذا ويكون المهابر قد بلغ
~~له بالضمير فإذا قال نعم قال طيب قلبي حتى أبين لك جميع ما يطلع فإن هذا
~~الضمير فيه إشارة عظيمة وقال النبي صلى الله عليه وسلم أكرموهم وسائلوهم
~~فيطلب منه شيء آخر ويقول أقدم على هذا الضمير فإن لك فيه راحة صالحة جيدة
~~وأمور راجحة وأحوالك مستقيمة وتجارتك رابحة فابشر بما بشر به فألك ثم يهدر
~~عليه بما وافق ذلك الضمير ثم يقول قم على فألك
12.10 الباب الثامن في كشف أسرار الذين يكسبون بالبلهان ويتكلمون على المسئلة الاثنا عشرية
[12.17]
وذلك أنهم يعملون كتابا كبيرا قطع البغدادي ثم يصوره ويذهبه ويجعلون في
~~أوله صفات الأقاليم وعجائبها وما فيها ثم يجعلون فيه بعد ذلك صور الجن
~~وملوكهم وأعوانهم وخواتمهم وحرابهم ثم بعد ذلك يعملون فصول الزمان وصور
~~الكواكب ثم يعملون المنازل القمرية وجميع ذلك مصور مذهب ثم بعد ذلك يصورون
~~البروج الاثنا عشر كل برج منها بثلاث وجوه وخمس حدود وتسع نوبهرات وثلاث
~~مثلثات وثلاثين درجة واثنا عشر حالة جميع ذلك مذهب مليح ثم يبسط البساط
~~ويجعل الكتاب على كرسي ويجعل الكرسي قدامه
[12.18]
ثم يفتح ورقة ورقة ويقول هذه صفة الإقليم الفلاني وهذه بلاده وهذه
~~عجائبها ويتكلم عليها ثم يفتح ورقة أخرى ويقول هذه أعجب وأغرب هذه صفة
~~الإقليم الفلاني وعجائبها وغرائبها فيتكلم عليها ولا يزال كذلك حتى يؤلفها
~~فإذا ألفها وهي الهنكامة يعني الحلقة فتح أول البروج ثم قال هذا برج الحمل
~~من الوجه الأول وهذا الثاني وهذا الثالث فصاحب الحمل والمريخ في الحبس
~~وصاحب الحمل والمريخ قدامه خلعة وفائدة وهو ماتت زوجته وصاحب الحمل والمريخ
~~الليلة يموت وصاحب الحمل والمريخ الليلة يولد له ولد فيا من يقول نجمي
~~الحمل والمريخ إنما هو من هذه الصفات نجمك تقدم حتى أبين لك نجمك ودرجتك
~~وما هو أخير أيامك وما يتم عليك وما يوافقك من النساء والصنائع والملابس
~~والمواكيل والمشموم والأدهان وأيش تكون أمراضك وما يوافقك من الأدوية
[12.19]
فإذا قعد قال أيش اسمك قال فلان قال وأمك قال فلانة وهذا الهذيان الذي لا
~~يكون قط ولا يصح نجم إلا بمولد رصدي أو نموداري أو ما يقارب ذلك من المولد
~~القدري أو الجبري وإن كان هذا لا يصح بل هو أصلح من هذا الهذيان الذي قد
~~ارتبطوا عليه الأخشان ثم يقول أيش اسم أبوك فيقول فلان فيقول أنت من الوجه
~~الثاني من الدرجة الفلانية وهذا الهذيان والمحال إلا أنه لا يصح منه شيء
~~إلا بما قدمنا من العمل في المواليد
[12.20]
وإذا كان المكتسب منهم حاذق مناسب يكون يعرف حساب الجمل الصغير والكبير
~~فأما الصغير فيخرج منه النجم وأما الكبير فيخرج منه الوجه والدرجة ولا
~~يحتاج إلى ذلك إلا أن رزق أبي العنبس ورزق أبو معشر فإنه إذا قرأهما أو
~~أحداهما تكلم مع كل أحد بما في قلبه فإنه يذكر فيه رزق الجندي كذا ورزق
~~التاجر كذا ورزق الفلاح كذا ورزق الخادم ورزق المملوك ولا يخلي شيء حتى
~~يذكره فإذا تحدث معه بما هو فيه ارتبط عليه ولا يكون من أحكام ما قال شيء
~~واعلم أن هذه المبشكين لا يقال بينهم عالم ولا صانع بل يقال فلان يتكلم جيد
~~ليس عندهم عالم إلا من يحصل الفضة بأي وجه كان ويقال بينهم اكفر وهات شيء
~~فافهم ذلك
12.11 الباب التاسع في كشف أسرار الذين يتكلمون على الرمل وعلمه
[12.21]
اعلم أن علم الرمل علم شريف من أجل العلوم وهو علم علمه الله عز وجل
~~لنبيه إدريس صلى الله على نبينا وعليه وبه أظهر الله نبوته وذلك لما بعث
~~الله إدريس كان ذلك الزمان من ادعى النبوة قبل إدريس وكان إدريس لا يظهر
~~نبوته ولا يلفظ بها خوفا من القتل وكان يختلس من قومه ويعبد الله على ساحل
~~البحر فهو ذات يوم يعبد الله عز وجل إذ تمثل له جبريل عليه السلام في صورة
~~آدمي فسلم عليه ثم جلسا يتحادثان فبسط جبريل الرمل ثم خط ثم نظر إلى إدريس
~~وقال اسمك إدريس قال نعم قال وأنت نبي وتكتم نبوتك قال نعم وتم لك كذا وكذا
~~قال نعم قال ستظهر نبوتك ويكون من أمرك كذا وكذا ثم حدثه بكل ما هو فيه
[12.22]
فلما سمع إدريس كلامه تعجب منه وقال يا أخي ومن أين لك هذا قال هذا شيء
~~يقال له علم الرمل وإنما سمي علم الرمل بحيث أن جبريل وضعه على الرمل فصار
~~يعرف بذلك وإنما كان سماه جبريل علم الدم ثم قال سألتك بالله أن تعلمني مما
~~علمت فقال حبا وكرامة فإذا أردت ذلك نجتمع كل يوم هاهنا ثم أعلمك فانصرف
~~عنه فإدريس قد تعلق قلبه بذلك فلما كان من الغد أتى إلى المكان فوجد جبريل
~~عليه السلام واقف يصلي فصلى معه ثم جلسا فشرع جبريل يعلم إدريس أياما حتى
~~علم أنه قد كمل العلم قال له إن كنت قد ايتقنت هذا العلم فخط على جبريل هل
~~هو في هذه الساعة في السماء أو في الأرض فخط ونظر ثم قال جبريل في هذه
~~الساعة في الأرض فقال انظر في أي الأقاليم هو فنظر في الرمل ثم نظر إليه
~~فقال إن يكن جبريل آدمي فأنت جبريل فطلبه فلم يجده فتعجب من ذلك
[12.23]
ثم أتى قومه واجتمع بأكابرهم ثم قال لهم قد تعلمت علم نفيس فمن كان في
~~قلبه ضمير أو أمر من الأمور يضمره أبينه له فأضمر كل منهم ما في قلبه فجعل
~~يحدثهم بما في قلوبهم وهم يتعجبون منه ثم قالوا له سألناك أن تعلمنا هذا
~~العلم فاصطفى منهم أربعين الذين هم رؤوس القبائل ثم شرع في تعليمهم وهم
~~الهرامسة المذكورة وهم تلامذة إدريس عليه السلام ولم يزل يواظبهم حتى علم
~~أنهم صاروا في طبقته في العلم
[12.24]
فلما علم ذلك جمعهم وقال اعلموا أني أمس لما انفصلت منكم خطيت في الرمل
~~فظهر لي أن الله تعالى قد أرسل نبي وهو نبي صادق فخطوا كل واحد منكم على
~~ذلك فخطوا الجميع واتفقوا على ذلك فقال إدريس إذا اتفق ذلك وصح فخطوا في أي
~~الأقاليم هو حتى نقصده ثم نؤمن به فخطوا جميعا وقالوا في إقليمنا الذي نحن
~~فيه فقال الحمد لله الذي لم يتعبنا فخطوا في أي البلدان هو فقالوا في هذا
~~البلد الذي نحن فيه فقال في أي الدور فقالوا في هذه الدار الذي نحن فيها
~~ولم يزالوا حتى قالوا هو فينا فقالوا أنت هو فقال نعم فقالوا اكتموا ذلك
~~حتى نتفرق إلى القبائل الذي لنا ونعيد عليهم ذلك فمن آمن حلفناه وأحضرناه
~~إليك ومن أبى أو خالف قتلناه
[12.25]
ثم تفرقوا على قومهم وقصوا عليهم القصة فأكثر الناس قالوا أنتم ساداتنا
~~وما رضيتم لأنفسكم فنحن لكم تبعا فآمن أكثرهم بإدريس عليه السلام وأظهر
~~الله تعالى نبوته بالرمل وقد قلت في الأرجوزة الذي عملتها في علم الرمل حيث
~~أقول [رجز]
وأظهر الله به لهرمسا
دعوته وكان منه موئسا
[12.26]
وقد قال سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد الأمين وسئل عن علم الرمل فقال
~~كان نبيا يخط الرمل فمن وافق خطه فقد أصاب ثم إن الذين يكسبون به لا يحصل
~~أحد منهم على شيء منه سوى معرفة الضرب والتوليد فإذا أقام ستة عشر صورة ترك
~~العلم ورجع إلى الحمق ولا يحصل منه على طائل وذلك أن جميع كلام الناس
~~يجمعهم أربع كلمات وهي أن يقول سؤالك في بيت الحركات متصل لبيت العاقبة تدل
~~على حركة تطلب فيها الاتصال وتسأل عن العاقبة في ذلك ثم يسمع ويأخذ منه
~~ويرد عليه ولا يعتمد على شيء من أصول العلم بل على الحمق فمن أجل ذلك نبذوا
~~العلم وراء ظهورهم وتعلقوا بالباطل فضاع العلم ونحسب أن لا تم علم والعلم
~~صحيح لا طعن فيه بل الطعن في من يدعيه ولا يعمل بمقتضاه وكذلك أقول في جميع العلوم
13 الفصل الثالث عشر ثلاثة عشر بابا في كشف أسرار المعزمين
13.1
[13.1]
اعلم وفقك الله أن لهذه الطائفة أمور عجيبة وأحوال غريبة لا تحد ولا تعد ولا يكون شيء أعجب من أفعالهم وذلك أنهم إذا خلوا بمن كان من الرجال والنساء أظهروا لهم أحوال لا تلتفت ولا تدرك فيذهبون عقل من حضر فإذا أرادوا عزبرة على أحد من الرجال أو النساء خيلوا لهم أشياء فيذهلوا عقولهم وأنا إن شاء الله أبين بعض ذلك فافهم ما أشرحه لك في هذا الفصل فإنه عجيب
13.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[13.2]
فمن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يعزبروا على أحد ضربوا له مندل فيأخذون قدح
~~زجاج بلا تدخين ثم يختزنه في القطن فإذا أرادوا أن يضربوا المندل وأن
~~يعزبروا على أحد أخرجوا ذلك القدح وملؤوه ماء ثم أطلقوا البخور وشرعوا في
~~العزائم فبمقدار ما يستقر الماء في القدح ثم يقول هيا احضروا وبينوا
~~البرهان بحضوركم الوحا العجل فإن القدح إذا تشرب الماء قعقع وتكسر فيحسب من
~~حضر أن الجن حضروا فيعزبر عليهم كيف شاء على قدر غرضهم في ذلك
13.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[13.3]
وذلك أنهم إذا أرادوا أن يظهروا على سحر يأخذون شمع لم يستعمل يعملون فيه
~~شيئا من الملح الناعم ثم يعملون منه صورة ذلك الشخص الذي زعموا أن عليه
~~السحر ثم يكتبوا على الصورة أسماء فيسية ثم يقولون له خذ هذه الصورة وبيتها
~~تحت رأسك وقل يا صالحين يا مصلحين بينوا سحري في هذه الصورة بحق هذه
~~الأسماء فإذا أصبحت رش عليها الماء فإن تفتت فأنت مسحور وتعود الصورة ترابا
~~ورمادا فإنه إذا رش عليها الماء تعود ترابا فيتوهم ذلك الشخص أنه مسحور حقا
~~فيرتبط عليه فيقول أنا أبطل ذلك عنك فيأكله به
13.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[13.4]
ولهم في ضرب المندل أمور عجيبة فمن ذلك أن يأخذون جرة جديدة لطيفة
~~يملؤوها ماء ويجعلون تحتها حصوة نشادر لا يراها أحد ثم يطلقون البخور
~~ويندفع في العزيمة ثم يقول احضروا مندلي هذا وأعلموني حضوركم فإن الجرة
~~تميل وتسقط فيتبدد الماء منها فيقول حضروا وذلك أن الوعاء من الفخار الأبيض
~~إذا كان جديد يرشح فإذا رشح يشربه النشادر الذي عمله تحته فينحل فتميل
~~الجرة وتسقط فيظن من حضر أن الجن قد حضروا وأقلبوها فيرتبط عليه ويعزبر كيف
~~شاء فافهم ذلك
13.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[13.5]
ومن ذلك أن لهم منجنيق من الحديد ويسمى جدار ويسمى منج وفي رأسه حجر ملح
~~وهو يمسكه قدر حبة القمح فإذا أرادوا عزبرة أحد فيوهموه أنهم يحضروا الملوك
~~من الجن ويسألوهم عن الحوائج يأخذون طاسة يجعلون فيها ماء ويكون في رأسه من
~~الناحية الأخرة دم يابس ثم يجعلون المنجنيق في الطاسة ثم يغطونها بمنديل
~~ويطلقون البخور ويتكلمون بالعزائم ثم يقولون الوحا الوحا العجل العجل
~~احضروا وبينوا البرهان وأسمعوا صوت الإجابة فإن الملح إذا ذاب ينفقس ذلك
~~المنجنيق ويذوب الدم فإذا انفقس طلع له صوت شديد فعند ذلك يكشف المنديل
~~فيجد الماء أحمر فيقول هذا علامة الإجابة وقضاء الشغل ونجاح العمل ويعزبر
~~كما يريد
[13.6]
والامرأة يجعل الطاسة في عبها فإذا كان المكان خالي وهو آمن على روحه
~~أمرها أن تخلع السراويل من وسطها والطاسة من تحتها فإذا انفقس المنجنيق صاح
~~عليها نامي ولا تحترقي ويبطل نصفك ثم نهرها بصوت آخر نامي حتى تنام ويقوم
~~إليها ويقول هذا ملعون لا يدفعه إلا النجاسة ولولا هذا بطل نصفك وبعد ذلك
~~تقضى حاجتك
13.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[13.7]
ومن ذلك أنهم إذا جاء إلى عندهم أحد وأرادوا أن يعزبروا فيأخذون الهاون
~~أو طاسة أو مهما كان من النحاس ويجعلوه في مجلس أو خزانة ويأخذون يد الهاون
~~ويربطونها بخيط مسدس ثم يفتلونه حتى يرجع طوله شبر ثم يربطون طرفه في مسمار
~~مسمر في الحائط ثم يجعلون الهاون أو ما اتفق من النحاس تحته ويكون الخيط
~~على طول المكان ثم يخرجون ويكون قد أخذ ذلك الشخص الذي يريد عزبرته وأدخله
~~البيت ثم يقول قول أنا فلان صاحب هذا الشغل وأريد من الله ومنكم قضاءه يا
~~صالحين مراد بذلك لا يتوهم أن في البيت أحد فإذا عمل هذا جعل على الباب ستر
~~ثم يطلق البخور ثم يعزم فيقول احضروا وأعلمونا بالحضور الوحا العجل فهذا
~~وفتل الحبل منحل فإذا وصل إلى النحاس ضربه ضربا شديدا يسمعوه الحاضرين فإذا
~~سمعوا ذلك توهموا أن الجن حضروا وقد علموا بحضورهم
[13.8]
فإن كانت إمرأة أرادوا لقيها فإذا سمع الجن قفز إلى البيت وصاح يا فلانة
~~اسرعي الحضور ويكرر عليها حتى تدخل إلى عنده فإذا دخلت يعزبرها كيف شاء
~~ولقد حدثني بعض من كان يتعانى هذا الباب أنه اجتمع عنده في يوم خمس نسوة
~~وكان كلما دق الهاون قفز إلى المجلس ثم قال هذه زاوية فلانة ثم يصيح بها
~~فتدخل إليه فيلقيها ثم يمست البانوك ويخرج يعزم فإذا دق قفز إلى المجلس ثم
~~قال هذه زاوية فلانة ثم يفعل كما فعل أول مرة إلى أن أتى على الخمسة فانظر
~~إلى هذه العزبرة وما أشدها واعلم أن لهم أمور عجيبة
13.7 الباب السادس في كشف أسرارهم
[13.9]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا عزبرة أحد يقولون نحن نخلي الجن يحضرون ويورونك
~~صورهم وتراهم عيانا فإذا أرادوا ذلك يظهرون الجن وجنودهم وعساكرهم فيأخذون
~~من حشيشة البرشاوشان ومن السنا ومن السيكران ومن حب البان ومن ورق الغبيراء
~~ومن الرامك المصري من كل واحد جزء ثم يدق الجميع ويعمله بنادق ويجففه في
~~الظل ثم يبخر به بين يدي من يريد يعزبر عليه فإنه يخيل له أنه قد حضر بين
~~يديه ملوك الجن وأجنادهم وعساكرهم وقبائلهم فيبهت من ذلك ويعزبر كما يشتهي
~~ويريد فافهم ذلك الدهاء
13.8 الباب السابع في كشف أسرارهم
[13.10]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يوهموا أحد أنهم يحضرون ملوك الجن وقبائلهم
~~وعساكرهم ويراهم عيانا فيأخذون من حب البان جزء ومن الباذروج جزء ومن حب
~~القنا جزء ومن بزر القرع جزء ومن الغافت جزء ومن ذات الأسرة جزء يدق الجميع
~~ثم يجعل بنادق ويبخر به بين يدي من أراد فإنهم يرون قد حضر لهم جميع الجن
~~والإنس وعساكرهم وقبائلهم وأجنادهم فيذهل من ذلك
13.9 الباب الثامن في كشف أسرارهم
[13.11]
وذلك أن منهم من يدعي أنه يقتل الجن بمثل ما يقتل عامر الدار وعارض قد
~~عرض لبني آدم أو ما أرادوا أن يعزبروا عليه فإذا أرادوا ذلك يأخذون من
~~الضفادع مهما أرادوا ثم يقتلونه ثم يجففونه ويخبئونه معهم فإذا أرادوا أن
~~يعزبروا على أحد فينبغي أن تكون لهم حربة للقتل يكون نصابها منها وبها وهي
~~مجوفة ثم يجعلون فيها دم الأخوين ثم يدخل إلى بعض البيوت ويغلق عليه الباب
~~وليس معه غير مجمرة البخور ثم يقعد كأنه يعزم ويطلق البخور ثم يجعل من ذلك
~~الضفدع المجفف قطعة في النار فإنهم يسمعون لها صياح عظيم جدا فإذا سمعوا
~~ذلك أخرج من دم الأخوين وجعله في طست أو طاسة ثم يبول عليه فيبقى كأنه دم
~~عليه رغوة فيقول اقتلوه يا أعوان القتل بحق هذه الأسماء ثم يفتح الباب
~~ويخرج بذلك الدم فمن رآه لا يشك فيه أنه قتل الجني فيعزبرهم على حسب ما
~~يريد وما ربطهم عليه
13.10 الباب التاسع في كشف أسرارهم
[13.12]
ومن ذلك أنهم يؤلفون لهم ناظر ويكون يعرف الخط ولهم معه إشارة في إخراج
~~الخبايا فإذا أرادوا عزبرة أحد من الناس يربطونه على ضرب المندل فإذا حضروا
~~من أجل ضربه قال المعزم لصاحب الشغل اعلم أن هذا الناظر ما في زمانه مثله
~~ومع ذلك أنه في بعض الأوقات يختل نظره وإنه خلاف غيره وأنت منزلتك عندي
~~خلاف الغير وما أنت عندي قليل حتى أخسرك وما ينقضي لك شغل فنريد أنا وأنت
~~نمتحن هذا الناظر فإن نظر قضينا الشغل وإن لم ينظر يقول اليوم ما نقدر نعمل
~~شيء إلى أغدا فيقول صاحب الشغل وكيف نمتحنه فيقول أخبأ له خبيئة فإن أظهرها
~~قضينا الشغل فيقول أنا والله كنت أريد أن أقول لك هذا من قبل وهذا مراد
~~المعزم يخاف لا يخبأ خبيئة ولا يطلع عليها فيدكون عليه ثم يتفق معه على شيء
~~يخبئونه
[13.13]
فإذا علم ذلك أطلق البخور واندفع في العزيمة إلى أن يصل إلى اسم منها
~~يكون آخر حرف فيه أول من حروف الخبيئة فيقول اجعل بالك فيحفظ ذلك الحرف حتى
~~يصل إلى اسم آخر فيه حرف ثاني من حروف الخبيئة فيقول حضر أحد فيأخذ الحرف
~~الثاني ولا يزال كذلك حتى تكمل حروف الخبيئة فيقول إن كان ما حضر لك أحد ما
~~بقيت اليوم أتكلم فيقول قد حضر الملك الفلاني ومعه خلق كثير يسلم عليك
~~فيقوم له المعزم ويخدمه ويقول للخادم اخدمه عن فلان يعني صاحب الشغل فيقول
~~الناظر الملك يخدمك وقد أحضر أيضا حاجتك فيقول له المعزم هذه درجة عالية ثم
~~يقول للناظر اخدم الملك وعرفه أن فلان خبئ له خبيئة ويسأل من إحسانك لي أن
~~تظهرها لي حتى أخبرهم عنها وأعرفهم ما هي ثم ينظر ساعة ويضحك فيقول المعزم
~~مم تضحك فيقول إن الملك أخبرني أن المخبئ أنت وهو خبئتموها لي على سبيل
~~الامتحان وأنا أفرح بذلك فأما هذه الخبيئة فهي كذا وكذا فإذا سمع صاحب
~~الشغل فرح وارتبط عليهم فيقول المعزم وجب تطييب قلب هذا الناظر فإنه معدوم
~~المثل فإذا طاب قلبه نصح في النظر فيوهبه شيء آخر غير ما جعل له ويعزبره
~~كما يريد فافهم
13.11 الباب العاشر في كشف أسرارهم
[13.14]
فمن ذلك أنهم إذا أرادوا رباط أهل مدينة أو بلد وأخذ أموالهم إما البلد
~~الذي هم فيه أو غيرهم من البلاد فإن كان غير الذي هم فيه فيسيرون إلى ذلك
~~البلد واحد أو اثنين ويدعون الصرع ويصرعون في كل وقت وفي كل محفل من الخلق
~~وفي الأسواق وعلى أبواب الأمراء إذا نزلوا من الركوب وفي الجوامع والمحافل
~~ويكونوا قد ماشوا بعد سعداء أهل البلد فيتحدثون في الصرع بذلك ثم يتبعونها
~~بأشياء مدغمة ثم يعوجون أيديهم وأرجلهم ويخرجون الزبد على أشداقهم وكل ذلك
~~عزبرة وفيس فيعرفهم أهل البلد وكبراءها فيحملوهم إلى معزمين ذلك البلد فلا
~~يقدر أحد يعمل فيهم عمل
[13.15]
ثم بعد ذلك يسافر المعزم الذي أرسلهم ثم يدخل ذلك البلد ويدعي التعزيم
~~فيقال إن عندنا واحد صفته ونعته كذا وكذا وما يقدر أحد يخلصه وهو رجل غريب
~~وقد تعصب معه الأمير الفلاني وقال أي من أبرأه أعطيته ما أراد فيقول أحضروه
~~حتى أبصره فإذا أحضروه نظر إليه وقال له كيف صورة ما يأخذك العارض وما ترى
~~وأيش الذي يحل بك فيحدثه فيقول هذا عارض ما يقدر يخلصه أحد إلا أنا وما
~~أعالجه إلا قدام هذا الأمير الذي تقولون عنه وبحضور معزمين كثير من بلدكم
~~فيقول له المجنون يا معلم كثير قد جاءني مثلك وادعى أنه يخلصني وعجز عن ذلك
~~فيجعل المعزم في كمه خاتم من النحاس منقوش ويقول للمصاب انظر في كمي فينظر
~~فيه ثم يقلب عيناه ويقلب بصره ويلوق فكه ويعوج يديه ويصيح صياح منكر يرمى
~~نفسه إلى الأرض فيتعجب من حضر من الناس من ذلك
[13.16]
فإذا وقع إلى الأرض قعد عند رأسه وقال خليه يا ملعونة ثم يزعق فيه فيقعد
~~ويبوس يده ويتعلق به ويبكي ويقول يا سيدي أنا في حسبك أنا رجل غريب وما لي
~~أحد وقد تصدق علي الأمير فلان الدين بأن من خلصني أيش ما طلب يعطيه ويتعصب
~~له من الحاضرين بعضهم فيواعدهم إلى يوم معلوم وقد ارتبط عليه خلق كثير
~~ويحدث الناس بعضهم لبعض ثم يحضر في ذلك اليوم الذي قد واعدهم فيه خلق من
~~كبراء أهل البلد ثم يحضرون ويحضروه بين يديه فيعقده ويكتب في كفه ويوريه
~~الخاتم في كمه ويطلق البخور ويقول هيا الأرض به يا ملعونة فيتكلم ويصيح
~~عليه فيقع إلى الأرض فيقول أنطقي وقولي ما اسمك ودينك وقبيلتك ولماذا أخذتي
~~هذا الجثة فيسكت ولا يرد عليه جواب فيكتب في ورقة أو في كف نفسه ويضعها على
~~جبينه فعند ذلك يستغيث ويقول العفو النار ويخبط وتتمنع من الخروج منه فيقول
~~هذا يحتاج إلى أن يعمل له خاتم من الذهب ودملج من سبع معادن وينقش عليه
~~العهد ثم ينجم سبع ليال ثم يحتاج إلى معالجته بالشراب أربعين يوما ويحتاج
~~إلى كذا وكذا وهذا إذا برئ يفتقر إليه الملوك وينفع الناس
[13.17]
وذلك أن صاحبته تأتيه فتخبره بما يكون في العالم من غير أن تصرعه وتخبره
~~بما يسأل عنه من أمور الدنيا لأن هذا القبيل هذا فعلهم وهذا يكون قليل
~~المثل إذا برئ معدوم فمن أنس إليه نفعه وكان عنده جميع أخبار الدنيا ويتحصل
~~لهم بذلك مبلغ ويقول ذلك الأمير هذا يكون ينفعني فيرتبط عليه فافهم ما أشرت
~~به إليك وكن شاطر ذكي خبير بجميع أعمال الناس واختلاف فعلهم وتميز الأشياء
~~بعين القلب والفكر الصائب لا بعين الرأس والفكر البارد الخائب وقد قال
~~الحكيم شعر [طويل]
أفيقوا بني الأنام من سنة الكرى
فكل الذي يدعو إليه نواميسا
أراد بذلك أن جميع هذه الطوائف يتنمسون على الحق بالباطل
13.12 الباب الحادي عشر في كشف أسرارهم في إظهار السرقة
[13.18]
وذلك أنهم يعملون خاتم من نحاس يكون وزنه دانق ونصف ثم يفرغون منه
~~ويركبون عليه فص من حجر الصندروس ثم يخبئونه معهم ويعملون خاتم آخر مثله
~~إلا أن هذا الخاتم يكون ثقيل وفصه حجر كاربا فإذا جاءهم إنسان وقال ضاع لي
~~ضائع فقال أنا أخرجه وأظهره ثم يجمع جميع المتهومين ثم يأخذ طاسة يملأها
~~ماء صافي ويطلق البخور ويعزم ويخرج الخاتم الثقيل ويقول إن كان هذا الاسم
~~الذي ذكرته هو السارق عوموا الخاتم على وجه الماء ثم يرمي الخاتم فيغطس
~~يفعل ذلك مرتين ثلاثة
[13.19]
ثم يدك الخاتم ويخرج الخاتم الخفيف فيقول إن كان هذا اسم السارق فعوموه
~~ثم يرمي به فيعوم في الطاسة على وجه الماء فيقول هذا اسم السارق قد ظهر ثم
~~يأخذ الخاتم كأنه يمسحه ثم يجعل عوضه الخاتم الثقيل فيقول إن كان السارق
~~فغطسوه ثم يرميه فيغطس فيقول إن كان هذا هو السارق فعوموه ثم يرمي بالخفيف
~~فيعوم يفعل ذلك مرتين ثلاثة ثم يدك الخاتم ويرمي الآخر فيقول قد طلع اسم
~~السارق وقد عرفته ولا يمكن أن أهتكه إلا بعد ثلاثة أيام فقد أمهلته ثلاثة
~~أيام فإن لم يرد القماش وإلا عرفتكم باسمه وقلت لكم أين خبأه فيتوهم السارق
~~أن اسمه قد ظهر فيرد القماش خوفا من الفضيحة فافهم ذلك
13.13 الباب الثاني عشر في كشف أسرارهم
[13.20]
ومن ذلك أنهم يأخذون ديك ثم يكتبون ورقة فيسية ويجعلونها في عنق الديك
~~ويجعلونه تحت طاسة كبيرة في بيت مظلم يلطخون ظهر الطاسة بشيء من الثوم من
~~حيث لا يعلم به أحد ثم يخرجون يقفون على الباب ويقولوا للمتهومين اعبروا
~~واحد واحد يضع يده على ظهر الطاسة فإن السارق إذا وضع يده عليها فإن الديك
~~يصيح ويصفق بجناحيه ثم يصيح ثلاثة أصوات إذا قال ذلك توهم السارق ولا يجسر
~~يضع على الطاسة يده فإذا دخل واحد وخرج يقول له افتح كفك فإذا فتحه شمه فإن
~~كان بريء فقد طرح يده وإن رائحة الثوم تظهر في كفه وإن كان السارق لا يجسر
~~يضع يده على الطاسة فإذا شم يده لم يجد فيها شيء فيعلم أنه هو السارق ويقول
~~إلى أغدا يظهر القماش
[13.21]
فإذا خلا به يقول أعلم أن ما أخذ القماش إلا أنت وأنا فما أشتهي أفضحك
~~والمصلحة أن ترد ما أخذت من حيث لا يعلم أحد وأنا والله ما أعلم بذلك مخلوق
~~فإن لم ترده وإلا أعلمتهم بك وأنا أشهد عليك والسلام فإذا سمع ذلك احتاج
~~يرد ما أخذ فافهم ذلك واعلم وتدبر ما أشرت به إليك واعلم أنني أعلم لهم من
~~هذا الفن مائة وعشرة أبواب منها تخرج الضائع وغيره
13.14 الباب الثالث عشر في كشف أسرارهم
[13.22]
ومن ذلك أني استنبطت شيئا مليحا في استخراج السرقة لم يسبق إليه وذلك
~~أنني أخذت بيضة ثقبتها خفيا ثم استخرجت ما فيها ثم جعلت فيها ماء الطل و
~~سددت الثقب وكتبت على ظهرها الواحد باللبن الحليب من حيث لا يعلم أحد ثم
~~جمعت المتهومين وقلت أنا أكتب رسالة على هذه البيضة إلى الملك الموكل
~~بالأرواح فأعرفه صورة الحال فهو يرد الجواب ويعرفنا من هو السارق
[13.23]
فإذا تقرر ذلك أخذتهم وجئت إلى الشمس والفضاء ثم خطيت خطة ثم أخذت البيضة
~~فكتبت على جانبها الآخر بحضور الجماعة أول رسالة من فلان إلى الملك الموكل
~~بالأرواح أن فلان قد ضاع له قماش وقد حار لمن يتهم فعرفنا من أخذه وانظر
~~فيما ترى ويكون مقتضى الذي كتبته أنا باللبن الحليب أول قرأت الكتاب وفهمت
~~الخطاب وقد عرفت سارق القماش فقد أمهلته ثلاثة أيام فإن رده وإلا لعنته
~~وخزيته وقلت اسمه وأين خبأه فإذا كتبت عليها بالمداد بحضور الجماعة وجعلتها
~~في الخطة ثم أوهمت أني أعزم عليها فإنها إذا حمي الشمس عليها ارتفعت حتى
~~تغيب عن العيون فإذا نشف الطل منها وقعت وقد احمرت كتابة اللبن ثم تظهر على
~~البيضة فإذا قرأت الجواب على الجماعة قلت يا أصحابنا من كان أخذ هذا الضائع
~~يرده وإن جاءت عليه ثلاثة أيام ولا يرده لعن على الأشهاد وبطلت يده التي
~~سرق بها هذا الضائع ومع ذلك فإن الملك سلام الله عليه يعرفنا أين خبأه فإن
~~السارق يتوهم ويرد ما أخذه فافهم ذلك
[13.24]
واعلم أن لهم أمور لا تعد ولا تحد ولا يقع أحد لها على إحصاء ولا يقف
~~عليها غيرهم ولولم قد وسمت نفسي أنني منهم ذكرت لهم أمورا لا تكيف وأظهرت
~~لهم ألف باب وإن كان أعلم من فيهم يعلم منها أقل ما يكون فيعلم من وقف على
~~كتابي هذا أنني لم أترك شيئا ما وقفت عليه وجمعت طرفيه وما وضعت هذا الكتاب
~~إلا بعد مطالعة كتب كثيرة ومصاحبة سائر أرباب العلوم والحيل بل والله
~~العظيم معل العلل وأزلي الأزل لم تطاوعني نفسي ولم أحسن إليها أن تفعل شيئا
~~من ذلك بل أنزهها عن ذلك ولقد قال الأمير سيف الدين قليج يا فلان هذا العلم
~~ما يحصل به آخرة فحصل به دنيا فقلت والله إني أنزه نفسي عن ذلك وعن الدخول
~~في الأدناس بل معرفة الأشياء خير من الجهل بها فهذا مراد المملوك من هذه
~~العلوم فتعجب من ذلك وأنعم وتفضل أدام الله إنعامه
14 الفصل االرابع عشر اثنان وعشرون بابا في كشف أسرار أطباء الطرق
14.1
[14.1]
اعلم أن هذه الطائفة كثيرة المكر والكذب والمحال وهم أجناس كثيرة وضروب شتى لا يقع عليهم إحصاء بل نثبت منهم ما سهل على طريق الاختصار والإيجاز اعلم أن هذه الطائفة منهم من يتكلم على العقاقير وهم أكثر كذب على الناس ومنهم من يتكلم على الشلب وهو المعجون ومنهم من يتكلم على الدود ومنهم من يتكلم على الأدهان ومنهم من يتكلم على السفوفات ومنهم من يتكلم على أدوية الشعر ومنهم من يتكلم على الترياق ولو ذهبت أصف الجميع لطال الشرح ومنهم من يتكلم على الوشق ومنهم من يتكلم على منفحة الدب ومنهم من يتكلم على مرارة الضبع فكل صنف من الأصناف لهم دك وفعل وأنا إن شاء الله أكشف بعض أسرارهم على حسب ما وقع عليه العيان وقام عليه الدليل والبرهان
14.2 الباب الأول في كشف أسرار الذين يتكلمون على الحشائش والعقاقير
[14.2]
اعلم أن فيهم فضلاء وسادة وفيهم من له معرفة بجميع النبات ومنافعه ومضاره
~~ومعرفة الأرض الذي ينبت فيها كل نبات ثم يعرفونه بعينه واسمه وصفته فهم من
~~الحكماء الطبائعية وذلك أن الطبائعي لا يعرف النبات بعينه فقط بل يعرف اسمه
~~ومنفعته والحشائشي يعرفها بالنظر ويعرف أين تنبت وهذا دليل على أنه أفضل من
~~الطبائعي فإن الطبائعي يقرأها من الكتب ويصفها من الكتب من غير توقيف ومنهم
~~من لا يفهم شيء من ذلك بل يفهم أسماء العقاقير ويتكلم عليها بالهادور ويجمع
~~الناس عليها ويتعيش
14.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم في اليبروح الصنمي والكلام عليه
[14.3]
اعلم أن هذا العقار يسمى تفاح الجن ويسمى اليبروح ويسمى المندغورة وأما
~~الصنمي فإذا مكث في الأرض أربعين سنة تصور منه صورة صنم وأما الطرقية فإنهم
~~يمكرون عليه وعلى قلعه ويقولون إن ما يقدر أحد يقلعه إلا يموت في وقته
~~فيرتبطون الناس على ذلك ويزعمون أنهم إذا أرادوا قلعه يحفرون حوله حتى
~~يبلغون أقصاه ثم يربطون فيه حبل ويتكلمون بالعزائم المخرفات ثم يأخذون كلب
~~ويربطون الحبل في عنقه ويزعقون عليه فيجذب الحبل فيقلع الحشيشة ثم إن الكلب
~~يموت من ساعته وهو كله فيس وهادور
[14.4]
فاعلم أنك متى أردت قلعه قلعته ولا تخاف فإن جميع ما يقال فيه هادور
~~ورباط يربطون الأخشان ولهم فيه سر وأنا أكشفه وذلك أنهم يجيئون في أيام
~~الخريف إلى الحشيشة الركف ثم يحفرون على عرقها ثم يأخذون السكين ويصورون
~~فيها صورة آدمي تام الخلقة ويعملون له ذكر وجبهة وشعر ويدين ورجلين وجميع
~~خلقة بني آدم فيه فمنهم من يعمل صورتين ذكر وأنثى متعانقين فإذا صنع ذلك ذر
~~عليها التراب من غير أن يقلعها من أصلها ثم يتركها إلى الربيع إلى أوان قلع
~~الحشائش ثم يجيء يحفر عليها فيجدها قد تربت كما قد صورها وهي خلقة بني آدم
~~فيقلعها ثم يتكلم عليها بالهادور فإذا رآها إنسان لا يشك أنها خلقة ثم
~~يبيعها وزن بوزن لا يقدر عليها
14.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[14.5]
ومن ذلك أنهم يأخذون هذه الحشيشة الذي يقال لها الركف ثم يصورون فيها
~~صورة كلب على ما ذكرناه فيما تقدم من ذكر اليبروح ثم يجعلون ذلك الكلب كأنه
~~أرمى في فمه شيء وهو ينظر إليه ثم يحسن الصورة جهده فإذا فعل ذلك رد عليه
~~التراب ويتركه يتربى إلى أوان قلع الحشائش ثم يقلعه وهو صورة كلب ثم يدعي
~~أن هذه الحشيشة تنفع من عضة الكلب الكلب إذا شرب الآدمي منها وزن نصف مثقال
~~فإنه يبرأ من الكلب ويتكلم عليها بالهادور كيف شاء ويبلزها وزن بوزن فافهم
~~هذه الأسرار
14.5 الباب الرابع في كشف أسرار الذين يتكلمون على الشلب
[14.6]
فمن ذلك أنهم يأخذون إما عسل قطارة وإما رب العنب ثم يغلونه على النار
~~حتى يأخذ قوام ثم يأخذ الطحين ويلفون به لفا جيدا ثم بعد ذلك يعجنه
~~بالزنجبيل ومنهم من يعجنه بعود القرح ومنهم من يضيف إليه دارفلفل ويقرصه
~~أقراص ثم يجعله في حق ثم يلف الهنكامة ويحكي حكاية ثم يتكلم على الأمراض
~~ودواءها ثم يخرج ذلك الشلب الذي معه ويبلزه كما يحب ويدعي أنه ينفع لكل علة
14.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[14.7]
ومن ذلك أن لهم معاجين كثيرة مختلفة يطول فيها الشرح والجميع من تلك
~~النسبة وقد كان لي صاحب بالديار المصرية منجم يتكلم على السرماط وكان سيدا
~~في شغله ظريف وقته وإنه أحكى حكاية عجيبة قال كنت في سنة غلاء يقطع حلقتي
~~كل يوم ثلاثمائة درهم ويزيد عن ذلك أحيانا فقلت له ومن كان في ذلك الوقت
~~ينجم وعلى من كنت تبلز سرماطك قال كنت أتكل على الشلب وكنت أخرج كل يوم إلى
~~أرض الطبالة ومعي هذه الزنجلة يعني الطاسة ثم أخرج لي طاسة إسبادرية تسع
~~خمس أرطال بالمصري قال كنت أملأها طين إبليز ثم أجيء إلى داري فآخذ العسل
~~القصب ثم أعقده على النار ثم ألقي عليه ذلك الطين وأعجنه عجنا جيدا ثم أضيف
~~إليه أيش ما كان من الطحين ثم أعجنه ومعه الكمون المطحون ثم أجعله أقراص كل
~~قرص مثقالين
[14.8]
ثم أنزل وألف الهنكامة وأتكلم عليه أنه يمنع من أكل الطعام ويحفظ القوة
~~ويحسن الصورة وهذا المعجون إذا أكل الإنسان منه قرص بالغداة أغنى عن الطعام
~~بالعشاء وإذا أكل منه العشاء أغناه عن الطعام إلى الغداة ثم إنه يحفظ القوة
~~والصحة فكنت أتكلم عليه بما يليق وكنت أبلز منه القرص بدرهم فأخرج كل يوم
~~ثلاثمائة قرص وما يزيد عنها حتى كانوا الناس يقعدون ينتظرون حتى أبسط وكان
~~كثيرا من الناس يأخذ الخمسة والستة والأقل والأكثر فإذا أكل منه قرص تغذت
~~الأعضاء من ذلك العسل والطحين وينزل ذلك الطين إلى فم المعدة فيسدها فلا
~~يرجع يشتهي من الطعام ولا تدفع المعدة في ذلك اليوم
14.7 الباب السادس في كشف أسرارهم
[14.9]
ومن ذلك الذين يتكلمون على دواء الدود فمن ذلك الوخشيزك الخراساني ما فيه
~~شك أنه إذا عالج به الدود مع القنبيل الطائفي مع حب النيل مع ورق الخوخ فإن
~~هذه أدوية الدود مع الترمس البري إلا أنهم يأخذون بزر الشيح فهو شبه بزر
~~الوخشيزك ثم يأخذ البرنية فيسحقونها سحقا جيدا فلا يشك من رآها أنها قنبيل
~~طائفي ثم يأخذ حب زبيب الجبل فلا يشك من رآه أنه حب النيل ثم يهدر عليه
~~ويبلزونه فإذا أرادوا رباط الأخشان يأخذون من الرق البياض الصافي وهو رق
~~الضأن ثم يقد منه قدة ويقص منه شيء على مثال حب القرع ثم يبله بالماء
~~ويغسله ويتركه حتى يجف ثم يضيفه إلى الدواء فيبقى مثال السمسم ويمعكه في
~~البرنية فلا يبان ثم إذا جاء إليهم صاحب الدود يأخذون من تلك العقاقير التي
~~وصفناها ثم يجعلونها في شيء من المعاجين ثم يطعموه ذلك ويقولون إذا كان
~~أغدا فإنك ترمي الدود فإن ذلك الرق يرميه وهو أبيض كأنه دود لا يغادر منه
~~شيء افهم ذلك الدهاء والزغل وتميز هذه الأحوال
14.8 الباب السابع في كشف أسرارهم
[14.10]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يظهروا للإنسان أنهم يسقونه دواء يرمي الدود
~~فيأخذون عصب الجمال ويعملون منه هيئة الدود ثم يأخذون شيئا من الحشائش
~~المسهلة ويضيفون إليها تلك الأعصاب من حيث لا يعلم بها الخشن فإذا أكلها
~~انسهل فيبقى الطبع مثال الماء وتلك الأعصاب فيه مثال الدود ولا ينكر منه
~~شيئا فافهم ذلك واعلم أني لو شرحت جميع ما اطلعت عليه لما وسعه مجلدات
~~كثيرة ولكن ببعض الشيء يستدل به على الكل ويعلم من وقف على هذا الكتاب أن
~~ما كل ما يعلم يقال بل هذا القدر كاف ولله در الشيخ أبو القاسم الحريري
~~صاحب المقامات حيث يقول
فإن فطنتم للحن القول بان لكم
فضلي ودلكم طلعي على رطبي
وإن شدهتم فإن العار فيه على
من لا يميز بين العود والحطب
14.9 الباب الثامن في كشف أسرار الذين يتكلمون على الأدهان
[14.11]
ومن ذلك أن هذه الطائفة لهم أمور ذاهلة ومحال لا يدركه أحد غيرهم وذلك أن
~~العالم منهم يأخذ من حشيشة يقال لها العبب وهذه الحشيشة مشهورة أنها تنفع
~~من الأخلاط المزمنة فالعالم منهم يأخذ منها شيء كثير عند ما تبلغ وتنتهي
~~فإذا أراد يجعلها في دست كبير ثم يغمره بالماء ويغلي عليه ويشد النار حتى
~~تهرأ على مثال ما يعمل اللاذن ثم يعمل منها أقراص ويجففها وتكون عنده فإذا
~~جاء من به وجع أو خلط أو ضربان أخذ من ذلك القرص ثم حله في الماء حتى يخثر
~~ذلك الماء ثم يسقي منه قطنة ثم يعصرها على موضع المرض ثم يدلك بها ذلك
~~الموضع ويديم ذلك ساعة جيدة فإن كثرة الدلك تخدر المرض فلا يحس به ولا يجده
~~فيتوهم من ذلك فاعلم أن سائر الأمراض إذا طال المعك عليها والدلك تخدر ولا
~~يحس بها في ذلك الوقت فافهم وتميز ذلك وكن ذا فهم ولب وعقل ثابت صائب
14.10 الباب التاسع في كشف أسرارهم
[14.12]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا الكلام على الأدهان وأن يبلزوها على الأخشان
~~فيأخذون من شحم الجمل ثم يحلونه بدهن الحل حتى يعود مثال الدهن الجامد
~~الدقيق ثم يسحقون قلب المحلب ويستخرجونه في ذلك الدهن ويضربونه معه ضربا
~~جيدا ثم يصبغونه بالورس صبغا خفيفا ثم يتكلمون عليه إذا دهن منه الزمن
~~وداومه يبرأ وينسبه أنه دهن سبع عقاقير من جملتها دهن الصنوبر ويتكلم عليه
~~كيف شاء ويهدر عليه بالهادور
14.11 الباب العاشر في كشف أسرارهم
[14.13]
ومن ذلك أنهم يأخذون زيت الفجل ثم يصبغونه بعقار يسمى ساق الحمام ثم
~~يزيتون لهم مريخين فإذا هنكم الهنكامة تكلم على ذلك الزيت ثم ادعى أن هذا
~~الدهن يقال له دهن الآجر وأنه يبرئ الزمن فإذا هدر عليه بالهادور يأتوا
~~المريخين فمنهم من يأتي وهو يمشي على عصاة فيتقدم إليه ويدهنه من ذلك الدهن
~~ويطيل المعك ثم يقول قم امشي فيقوم ثم يمشي خلقا سويا فيأخذ العصاة منه
~~ويقول له روح في حال سبيلك فإن هذا المرض لا يعاودك إن شاء الله
14.12 الباب الحادي عشر في كشف أسرار الدهن المشار إليه وهو الدهن المتقدم وهو دهن الآجر
[14.14]
وأما صفة إخراجه فإن هذا الدهن من أعظم الأدهان فعلا وأكثرها نفعا وله
~~قوة عظيمة في الأخلاط والبرودات وتصرفها وذلك إذا أراد استخراجه يأخذ الآجر
~~المشوي البالغ في الشي المصريين يسمونه الطوب والمشارقة يسمونه القرميدة
~~يؤخذ فيهرس مثال الفلفل ثم يمعك بالزيت العتيق معكا جيدا ثم يحشى في قرعة
~~ويركب عليها أنبيق ثم يستقطر بنار مقلوبة فإنه يقطر دهنا على مثال العقيق
~~فهو دهن المنفذ المتقدم ذكره ومن فعله أنه إذا تركت في كفك منه نقطة نفذت
~~من ظاهر كفك ولأجل ذلك سمي دهن المنفذ
14.13 الباب الثاني عشر في كشف أسرارهم
[14.15]
ومن ذلك أنهم يأخذون زيت البطم ويضيفون إليه شيئا من الدهن ويصبغونه أخضر
~~ثم يتكلمون عليه ويقولون أنه دهن يقال له دهن الغار ويعرف بالرند ثم يهدرون
~~عليه بالهادور ويبلزونه ولهم من هذا أشياء كثيرة لا يقدر عليها أحد سواهم
14.14 الباب الثالث عشر في كشف أسرارهم
[14.16]
ومنهم من يتكلم على منفحة الضبع للأرياح المزمنة وغيرها ومنهم من يتكلم
~~على حشيشة السلحفاة إنها تنفع في المحبة والعطف وإجلاب القلوب ولقد كشفت عن
~~ذلك الحشيشة فوجدت لها فعل عظيم في هذا المعنى لأن هذه الحشيشة لا يقدر
~~عليها إلا من رصد الفحل للسلحفاة إلى حين هياجه فإذا هاج طلب الأنثى فإذا
~~جاء إليها تتمنع منه وتدافعه فإذا علم منها المنع ذهب إلى هذه الحشيشة
~~قطعها ثم أتى بها إلى الأنثى فوضعها على ظهرها فانطاعت له ثم يرمي الحشيشة
~~فإذا أرماها أخذها الذي قد رصدها فاعلم أنها بالغة وأن لا يوجد في هذه
~~الحشيشة إلا فرد ورقة وهي الذي يأخذها الفحل وما سواها فلا يسوي شيء بل
~~هؤلاء الغرباء يهدروا عليها ويبلزوها وأما بيض السلحفاة ومنفحة الضبع
~~والمرارة التي لهم فافهم فكل ذلك مصنوع وانقد الأشياء بعين القلب
14.15 الباب الرابع عشر في كشف أسرار الكحالين
[14.17]
وذلك أن هذه الطائفة لهم أشياء عظيمة وأنهم إذا عنوا بإنسان قربوا دواءه
~~بأقرب ما يكون من الأكحال ما يوافقه وما يوافق ذلك المرض وداووه بأقرب ما
~~يكون من الأدوية ومنعوه من أكل ما يضره وإذا أرادوا جعلوه مقثأة كل يومين
~~يستغلوه كحلوه بكحل يوافقه يومين ثلاثة فإذا وجد الراحة قليل خلط عليه
~~الكحل فلا يجد له برء وقابلوا المرض بما لا يستحقه من الدواء فذلك أعظم ما
~~يكون من طلب الحرام وقلة الدين وذلك أنهم يبطلونه عن تصرفاته ويأكلون ماله
~~واعلم أن لهم في كتاب التذكرة أكحال جيدة تذهب البياض من العين وكذلك
~~الغشاوة وكذلك الظلمة وتزيل جميع أوجاع العين فمن ذلك الكحل اللؤلؤي الملكي
~~وكذلك الروشانايا إلا أن الملوكي أشد نفعا وكذلك مرارة الضبع وغيرها وسوف
~~أذكر في هذا الفصل الأكحال النافعة الأشياف وكذلك الأكحال الذي يعملونها
~~ويبلزونها على الناس ثم أذكر شيء من غدرهم ومكرهم في مكايدهم
14.16 الباب الخامس عشر في كشف أسرارهم
[14.18]
فمن ذلك إذا أرادوا عمل الأكحال أي كحل أرادوا فيأخذون من النشاء ما
~~أرادوا ويسحقونه حتى يعود كالغبار وينخلونه ثم يأخذون من الملح الأندراني
~~مع الدارفلفل فيسحقونه ثم ينقعونه مع الملح المذكور ويسقونه لذلك النشاء
~~ويسحقونه ثم يجففونه ثم يعيدونه إلى السحق فإذا أرادوا أن يعملونه أغبر
~~أضافوا إليه قليل من الدخان الذي يجمع على المداخن أدنى ما يكون من ذلك فإن
~~أرادوه ملوكي يجعلون فيه صدف الجوهر مسحوقا ثم يعملون منها أصفر ويصبغونه
~~بالورس ثم يعملون منه أحمر فيسقونه دم الأخوين ثم يعملون منه عزيزي يصبغونه
~~بالمغرة المدنية ثم يتركون منه أبيض بلا صبغ يقولون ملكايا واعلم أن النشاء
~~يشد عصب العين والدارفلفل يأكل الجرب والحكاك ويقطع الدمعة ولهم أمور عجيبة
~~لا تعد ولا تحد فهذا من أكحال الذرورات ولهم أشيافات عدة وسوف أكشف أسرارها
~~فافهم ذلك
14.17 الباب السادس عشر في كشف أسرارهم
[14.19]
ومن ذلك أنهم يعملون أشيافا يسمونه أشياف المرائر فهذا الأشياف أعظم
~~الأشيافات وذلك أنه يعمل من سبع مرائر وهم مرارة بن آوى ومرارة العقاب
~~ومرارة الضبع ومرارة القنفذ ومرارة الباز ومرارة السلحفاة ومرارة البقري
~~فهذه أسماء المرائر النافعة من جميع الأمراض في العين ثم إنها تزيل البياض
14.18 الباب السابع عشر في كشف أسرارهم
[14.20]
وأما عمل الأشيافات التي يبيعونها على الطريق فإنهم يأخذون الجولان
~~يسحقونه ناعما ثم يعجنونه بمرائر الماعز ويقطعونها على مثال الأشياف فإذا
~~أرادوا عمل أشياف أبيض يأخذون النشاء ويعجنونه بماء الصمغ العربي مع قليل
~~ملح أندراني وماء الزنجبيل فإن أرادوه أحمرا صبغوه بماء البقم أو بساق
~~الحمام وإن أرادوه أزرق صبغوه بماء النيل
14.19 الباب الثامن عشر في كشف أسرارهم في عمل الأكحال النافعة
[14.21]
صفة كحل يذهب البياض من العين نافع يأخذ مرارة الضبع وكحل إصبهاني فيسحقه
~~بتلك المرارة سحقا ناعما ثم يجففه في الظل ثم يكتحل به صاحب البياض يذهب
~~بإذن الله ويطلع البياض كأنه قشر الثوم فالحسه بلسانك فإنه يذهب ثم اكحله
~~بكحل حاد فإنه يبرأ بإذن الله صفة إذهاب الشعرة من العين وذلك أن يأخذ
~~النحاس الطالقون فيعمل منه ملقط ثم يقلع به الشعر من العين ثم يأخذ كحل
~~إصبهاني فيسقيه بماء الرمانين ومرارة الضبع ثم يكحل به العين فإنها تبرأ
~~بإذن الله صفة كحل يذهب جميع أوجاع العين يؤخذ كحل إصفهاني فيسحق بماء
~~العوسج مع التوتياء وحي العالم ثم يجعله أشيافا ويشيف به العين فإنه يزيل
~~جميع ما يكون في العين من الأمراض والأوجاع بإذن الله صفة كحل آخر يذهب
~~جميع أوجاع العين من سائر الأمراض يؤخذ التوتياء القلمي يسقى بماء حصرم
~~العنب ثم يؤخذ من الهليلج الأصفر فيسحقه سحقا بالغا مع ذلك التوتياء ويسقيه
~~مرائر الماعز حتى يعود أشياف ثم يحكه على المسن ثم يكحل به العين فإنه يذهب
~~جميع أمراضها صفة كحل آخر يذهب جميع أمراض العين يؤخذ من خرء الحرذون جزء
~~ومن التوتياء جزء يدقان وينخلان بحريرة ويؤخذ من الملح الأندراني جزء مدقوق
~~ناعم أنعم ما يكون ثم يكحل به العين فإنه يذهب جميع ما فيها من الأمراض
14.20 الباب التاسع عشر في كشف أسرار عدة الكحالين
[14.22]
وذلك أن لهم عدة كثيرة لكل مرض فمن ذلك المكاحل ثم ملقط السبل ولهم أيضا
~~كلاليب يرفعون بها الأجفان وقت قبض السبل ولهم أيضا مكاوي يكوون بها أصحاب
~~الأمراض فأول ذلك مكوى يعملونها لكي نزول الماء الأصفر في العين ولهم مكاوي
~~آخر يعملونه لنزول الماء الأبيض في العين ولهم أيضا مكوى آخر يعملونه لأجل
~~كي الأصداغ ولهم مكوى آخر يعملونه لأجل الكي إذا أبروا العين من السبل وهو
~~مسيل الماء الأسود ونزوله من الدماغ إلى العين ولهم مكوى آخر يعملونه لأجل
~~أرياح تعرض في العين فيكوي بها الصدغين إذا كانت في الاثنين وإن كانت في
~~صدغ واحد ولهم أيضا مكوى يعملونه لتغير الأعين ومسيل الدمعة والرطوبة في
~~الأجفان ولهم مكوى آخر يعملون للقروح التي تعرض في الأعين فإنها تزول ولهم
~~مكاوي أيضا لسائر الأوجاع لا تحد ولا يعلمها إلا العلماء ثم الحكماء وقد
~~ذكرت منها ما يستدعي على معرفة الجميع ويعلم من وقف على كتابي هذا أني لم
~~أترك شيئا من العلوم لم أقف عليها
14.21 الباب العشرون في كشف أسرار الذين يخرجون الصيبان من الجفن
[14.23]
اعلم وفقك الله أن هذا أعظم ما يكون من الدهاء والمرض فإن هذا المرض ما
~~خلقه الله تعالى فإن هؤلاء القوم إذا عجزوا عن جميع الأشياء ينظروا من في
~~عينيه بعض الأمراض المزمنة يقولون هذا فيها صؤاب وما يعرف هذا المرض إلا كل
~~واصل في هذه الصناعة فإن هذا مرض يسمى الآكلة وهو عفونة تنصب في العين
~~فيتولد فيها صيبان يسكن في الجفن فإذا كحل صاحبه أحس الصيبان بحادية الكحل
~~كمن في الجفن وسكن فيه فعند ذلك يصعب بروءه ولا يقدم عليه حكيم إلا أن يكون
~~فاضل في هذه الصناعة فإنه يعالجه ويتساقط من الأجفان على مثال الصيبان
~~فيقاطع عليه بما اتفق أنه يخليه يقع
[14.24]
فإذا اتفق ذلك أخذ بيض النمل يضعه في مكحلة ثم يضع مكحلة أخرى بماء
~~الرمان الحامض قد عقد بالسكر حتى يبقى على مثال اللعوق ثم يكحله سبعة أيام
~~بما أراد من الأكحال فإذا كان اليوم السابع أخذ المرود وغمسه في المكحلة
~~الذي فيها ماء الرمان ثم يرده إلى المكحلة الذي فيها بيض النمل ثم يكحله في
~~كل عين ثلاث مراود ولا يخليه يفتح عينه فإذا كحله انحبس الدمع في العين
~~ساعة وسبح بيض النمل وتساقط مع الدمعة ومنهم من يأخذ بزر الرشاد فينقعه في
~~ماء حار ثم يمعكه بيده معكا لين حتى ينزع جميع قشره ثم يجففه جيد ثم يودعه
~~بعض الأكحال وقد أضاف إلى الكحل قليل صمغ عربي ثم يكحله بما اتفق من
~~الأكحال سبعة أيام ثم يدخل الحمام فيغسل ثم يخرج فيعمل على شيء من الأدوية
~~الحادة حتى يحمى الجفن ثم يكحله من ذلك الكحل المدبر ويقول نام فإذا نام
~~انحل الصمغ فلصق أجفانه ومسك عليها بمقدار ما ينحل البزر وقد انحبست الدمعة
~~في عينهم يفتح عينه يتساقط ذلك البزر مع الدمعة فلا يشك أنه صيبان
14.22 الباب الحادي والعشرون في كشف أسرارهم في قلع الناصور من العين
[14.25]
وذلك أنه يأخذ ريشة حمام أبيض ويقصر سفلها بمقدار شعيرة ثم ينقعه في الخل
~~الحاذق مع البورق سبعة أيام حتى يعود مثل العلك ثم يكحل المريض بما اتفق من
~~الأكحال فإذا علم أن الريشة قد انحلت كحله تلك الليلة بكحل حاد ومن الغد
~~يأتي يأخذ تلك الريشة يلبسها رأس المرود ثم يغط المرود في المكحلة فيها كحل
~~ثم يكحله ويدير المرود في عينه حتى يعلم أن الريشة قد علقت في الجفن ويتركه
~~ساعة بمقدار ما يتجمع الدمع في العين ثم يفتح عينه فإن تلك الريشة تنزل مع
~~الدمعة وقد ألقى الدموع في إناء من الزجاج فإذا علم أن الريشة قد نزلت ألقى
~~عليها ماء بارد فإنها ترجع إلى حالتها الأولى فإذا رآها أحد فلا يشك أنها
~~ناسور ثم يكحله سبعة أيام بكحل يقطع الدمعة ثم يسكن المرض ويتركه فافهم ذلك ترشد
14.23 الباب الثاني والعشرون في كشف أسرار الذين يقلعون الشرناق من العين
[14.26]
اعلم أن هذا المرض لا يزول أبدا إلا بالقطع فمن قطعه عن صحة فقد أبرأ
~~صاحبه ولكن هؤلاء القوم أكثر معاشهم على صاحب هذا المرض يجعلونه مقثأة كل
~~من جاء استغله وإذا أرادوا أن يتعيشون عليه يأخذون مصران الغنم ثم يجردونه
~~من لحمه بالظفر حتى لا يبقى شيئا منه إلا الغشاوة على نحو ما يعملون مصران
~~النقانق ثم يقطعونه حلق حلق كل حلقة على قدر قلامة الظفر فإذا أرادوا قطع
~~الشرناق أخذوا من ذلك حلقة ثم جعلها تحت لسانه حتى تلين ثم يجعلها بين
~~أصابعه لاصقة ثم يخرج الجفن بالحديد ويشرط فيه بالحديدة ويأخذ تلك الحلقة
~~يمعكها في الدم على جفنه ثم يأخذ الميل فيرفعها به ثم يعصب العين فإذا
~~أبصروا الحاضرين ذلك فلا يشكوا أنه قطع من الشرناق ثم إنه لم يقطع منه شيئا
~~فافهم ذلك
15 الفصل الخامس عشر ستة أبواب في كشف أسرار الذين يقلعون الدود من الضرس
15.1
[15.1]
اعلم أن هذه الطائفة أشد محال من غيرهم وذلك أنهم يدعون علم ما لا يكون فيوهمون الناس أنهم يقلعون من أضراسهم الدود فإنهم يكذبون ويعملون للناس أدوية لا تسوى شيء وأنا أبين ذلك وأكشف بعض أسرارهم
15.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[15.2]
وذلك أنهم إذا أرادوا يظهرون للناس أنهم يقلعون الدود من الضرس يأخذون من
~~الحشيشة المعروفة باللاعية الصفراء ثم يجففونها في الظل ثم يسحقونها ثم
~~يأخذون من الدود الذي يكون في الفواكه ثم يلفون الدودة في ورقة من بعض
~~أوراق الثمر دمجا جيدا ثم يلفون عليها خيطا ثم يتركونها حتى تجف الورقة
~~عليها وتمسك الدودة مسكا جيدا ثم يعجنون ذلك الحشيش ويعملون منه أقراص ثم
~~يأخذون ذلك الحشيش الذي فيه الدود ويجعلونه في جوانب الأقراص ويجففونها في
~~الظل ويبقى الدود يأكل من تلك الحشيشة من الورق الذي هو فيها فإذا أرادوا
~~أن يقلعوا الدود من الضرس يأخذون من تلك الأقراص بطرف أناملهم ثم يقطعون من
~~حافته بسنه قدر الموضع الذي فيه الدود ثم يجعلها على الضرس ويقول اطبق فمك
~~فإذا فتح مد يده بالملقط أخذ الدودة عليه وأخرجها قدام الحاضرين فيخيل لهم
~~أنه قد أخرج الدودة من الضرس فافهم ذلك
15.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[15.3]
ومن ذلك أنهم يأخذون أعصاب الجمال ينشرونها على قدر الدود وهي رطبة ثم
~~يقرضونها بالمقراض على قدر الدود الصغار ثم يجففونها فإذا جفت يجعلونها
~~مثال الأقراص فإذا أرادوا خروج الدود من الضرس أخذوا من ذلك القرص شيء يسير
~~ثم تركه على الضرس فإذا حمي العصب في الفم فتحه فيخرجه فلا يشك فيه أحد أنه
~~دودة قد أخرجها من الضرس فيتوهم له الناس ثم يبلز عند ذلك الدواء
15.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[15.4]
ومن ذلك أنهم يدعون أنهم يقلعون الضرس بلا حديد ولا كلبات ولا مشراط فإذا
~~أرادوا ذلك يأخذون صمغ الزيتون ثم يجعلونه على النار بلبن اللاعية ويجعلونه
~~أقراص فإذا أرادوا قلع ضرس أحد أخذ المشراط وشرط على الضرس من بينين ثم
~~يجعل عليه من ذلك الدواء ثم يمعكه به معكا جيدا فإذا فعل ذلك خلا لحم الضرس
~~عنه فانقلع بلا كلبات ولا وجع وهذا ما يعمله إلا رجل فاضل حكيم وهو من سر العلم
15.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[15.5]
فمن ذلك أنهم يعملون سفوف ويوهمون أنه ينفع من الحفر والبخر ونزف الدم
~~وأنه يزيل الرائحة الكريهة من الفم وهذا واقع فإذا عمل على الوجه الصحيح
~~وقد ذكر سابور في أقراباذينه شيئا من ذلك ثم إنهم يأخذون من قرن أيل محرق
~~وهليلج أصفر وملح أندراني وحافر حمار محرق وشب يماني وعفص أخضر ورؤوس
~~الرمان الحلو وحبة سوداء وزر ورد وجلنار مصري وقرض وسماق وزرنيخ ورؤوس
~~الإبار من كل واحد جزء ثم يسحقونه سحقا ناعما ويستاك به فإنه نافع لما
~~ذكرناه من أمراض الأسنان
15.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[15.6]
ومن ذلك أنهم يعملون سفوفا مجهول ويتكلمون عليه ويبلزونه على الأخشان وهو
~~أن يأخذون فحم وسماق وقشور رمان ويتكلمون عليه فاعلم أن الفحم يجلو الأسنان
~~والملح والسماق وقشور الرمان لنزف الدم ويبلزونه كما يريدون
15.7 الباب السادس في كشف أسرارهم
[15.7]
ومن ذلك أعجب ما صادفته أن كان لي صاحب من أهل بصرى يعرف بعلي البصراوي
~~وكان خبير بالأمور فدخل إلى الديار المصرية في سنة عشرين وستمائة وكنت بها
~~فكان أهلها يستخفون به وبأهل الشام ويقولون بقر الشام فقال أنا أبين من هم
~~البقر ثم اجتمع بي فقال لي انقدح لي خاطر وأترك كل من في الديار المصرية
~~يلوك القذر فقلت كيف تعمل فقال بعد ثلاثة أيام يبان لك الخبر ثم شرع عمل له
~~مجمع شبيها بالبيزرانية ثم جعل فيها عقاقير جملة برسم السنون ثم أخذ من
~~القذر اليابس وسحقه وجعله في حق ثم بسط بساط بين القصرين وعمل حلقة ولفها
~~ثم إنه تكلم على دواء الفم وإنه يظهر للعالم الأمراض الكامنة في أفواههم
~~نظر العيان ومن أراد يجلس
[15.8]
فجلس واحد ثم تقدم فقبله ذلك الحق الذي فيه القذر وقال له خذ من هذا
~~الدواء على إصبعك ثم استاك به وأطل المعك فأخذ منه وجعل في فمه ثم استاك
~~وأطال المعك فانحل القذر وظهر له رائحة كريهة ثم قال ابصق في كفك فجعله في
~~كفه فيقول ابصق وشم رائحة مرضك فشم تلك الرائحة التي تصرع الطير فقال خذ
~~هذه الإبريق وتمضمض ونظف قال ففعل ذلك ثم أخذ من ذلك السفوف الطيب الذي في
~~المجمع وقال استاك بهذا الدواء وأطل المعك وقال ابصق في كفك واشتم رائحة
~~كفك فشم رائحة الطيب فقال الآن خلصت من المواد الرديئة في الفم فلو دامت
~~هذه المواد حصل لك منها البخر وفساد المعدة وكماد اللون وقلع الأسنان ثم
~~أخذ منه نصف درهم كامل وأعطاه من هذا السفوف شيء يسير ثم فعل بآخر كذلك ولم
~~يزل يفعل ذلك بهم مدة سنة كاملة وكانت حلقته تقلع كل يوم من أول النهار إلى
~~آخر النهار ستين سبعين درهم سوداء يسوك كل يوم جماعة بالقذر ويأخذ فضتهم ثم
~~بعد ذلك بطل وجلس يحدث في سيرة البطال وكل ليلة يعرض لهم أنهم يستاكون
~~بالقذر ويؤدون الجعل إلا أنه يحكي لهم نوادر من مثل ذلك ولا يفهمون معناه
16 الفصل السادس عشر باب واحد في كشف أسرار أصحاب الحديد من الكحالين
[16.1]
وقد ذكرنا ذلك في الفصل الرابع عشر إذ ذكرنا فيه أطباء الطريق وهذا الفصل
~~قد جمعهم ونظمهم في جملة أطباء الطريق إذ لا يكون كحال صاحب حديد إلا طرقي
~~فبهذا السبب ضمهم الفصل الرابع عشر مع جملة أطباء الطريق ولا فائدة في إعادته
17 الفصل السابع عشر ستة أبواب في كشف أسرار الذين يصبغون الخيل
17.1
[17.1]
اعلم أن هذه الطائفة أشد دهاء ومكر وتسلط على أموال الناس فأكثرهم دكاشرة أو مواطئون الدكاشرة وذلك أنهم يأخذون فرس واحد ويصبغونها وينيعونها عليه وهذا أشد ما يكون من البهت والدهاء وقد اجتمعت منهم بجماعة في أرض الصعيد وعيذاب وفي بلاد الغرب رأيت ذلك عيانا وفي تونس وصحبني بعضهم
17.2 الباب الأول
[17.2]
من ذلك أنهم يغيرون الجواد الأدهم فيعيدونه أبيضا وهذا أبلغ ما يكون فإذا
~~أرادوا ذلك يأخذون من خروب المعز وقثاء الحمار ومن الباذروج ومن الخردل
~~الأبيض ومن حب النارنج من كل واحد جزء فيدق الجميع ويغمر بماء حماض الأترج
~~ويغلى حتى ينقص الربع ويحم به الجواد الأدهم فإنه يعود أبيضا شديد البياض
~~فافهم ذلك
17.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[17.3]
ومن ذلك أنهم يعيدون الجواد الأبيض أدهم فإذا أرادوا ذلك يأخذون من ورق
~~الحناء ومن حشيشة الصباغين ومن حب الباذروج ومن القلقند ومن الفرصاد الشامي
~~ومن حب الإذخر ومن ورق الغبيراء من كل واحد جزء يدق الجميع ويغمر بماء
~~السماق ثم يغلونه حتى يذهب الربع ثم يحمون به الجواد فإنه يعود أسود شديد
~~السواد حسن اللون فافهم ذلك
17.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[17.4]
وذلك أنهم إذا أرادوا أن يصبغوا أحمر شديد الحمرة يأخذون من الحناء الطيب
~~أربعة أجزاء ومن ساق الحمام جزء ومن الجلنار المصري جزء ومن ورق الحناء
~~أيضا جزء ومن ورق النور الأحمر جزء ومن الشب اليماني جزء فيدق الجميع ناعما
~~ثم يغمره بالماء ثم يغلى عليه حتى يذهب الربع ثم يحم به الجواد فإنه يعود
~~أحمر شديد الحمرة أحسن ما يكون
17.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[17.5]
فمن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يصبغوه أصفرا فيأخذون من ساق الحمام جزء ومن
~~الحناء جزء ومن الزعفران جزء ومن الشب الأحمر جزء ومن الرامك المصري جزء
~~ومن حب الباذروج جزء ويدق الجميع ناعما ويغمر بالماء ويغلى عليه حتى ينقص
~~الربع ثم يحم به الجواد فيعود أصفرا حسن الصفرة ولا يمكن أن يكون صبغ
~~الجواد أحمرا ولا أصفرا إلا أن يكون أصله أبيضا
17.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[17.6]
ومن ذلك أنهم يصبغون الجواد أبرشا وذلك أنهم يأخذون من ورق الخطمية جزء
~~ومن القلقند جزء ومن الزاج جزء ومن ساق الحمام جزء ومن حشيشة الصباغين جزء
~~ومن الحناء جزءين ومن الباذروج جزء ومن حب البان جزء يدق الجميع ويغمر بماء
~~الهندباء مع الماء العذب ثم يغلى عليه حتى يذهب الربع ثم يحم به الجواد
~~فإنه يعود أبرش اللون
17.7 الباب السادس في كشف أسرارهم
[17.7]
ومن ذلك أن الدكاشرة إذا اشتروا الفرس الكبير وأرادوا أن يجعلوه رباع
~~يأخذون الفرس ويشكلوه ثم يرموه إلى الأرض ثم يأخذون خازوق يجعلونه في فمه
~~ثم يأخذون المبرد يبردون أنيابه ويدورونها حتى يبقى كأنه رباع لا ينكر منه
~~شيئا وكذلك يعملون بأسنانه
18 الفصل الثامن عشر عشرة أبواب في كشف أسرارهم ومن ذلك الذين يصبغون بني آدم
18.1
[18.1]
رأيت في بلاد الروم أقواما يصبغون بني آدم وذلك أنهم يصبغون الغلمان ويصبغون من يكون عليهم طلابة ويريدون الهرب ويسرقون البنات والصبيان ثم يصبغونهم ويبيعونهم ويخرجونهم من البلاد ولا ينكر أحد عليهم في ذلك فكشفت أسرارهم في ذلك وبينته
18.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[18.2]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يتركون الأبيض أسودا حبشيا أو نوبيا أو زنجيا
~~يأخذون من حشيشة الصباغين جزء ومن القلقنت جزء ومن الزاج جزء ومن العفص
~~الأخضر جزء ومن الشب الزفر جزء ومن عروق الجوز جزء وقشوره جزء ومن ورق
~~الفرصاد جزء يدق الجميع ناعما ويغمره بماء السماق ثم يغلى عليه حتى يذهب
~~الربع ثم يحم به ابن آدم فإنه يعود أسود شديد السواد فافهم ذلك
18.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[18.3]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا أن الإنسان يعود حبشيا أو نوبيا أو زنجيا فإنهم
~~يأخذون من ورق الفرىصاد الشامي جزء ومن حشيشة الصباغين جزء ومن القلقنت جزء
~~ومن الزاج جزء ومن الخروب الشامي جزء يدق الجميع ناعما ويغمر بماء السماق
~~ثم يغلى عليه حتى يذهب الربع ثم يحمون به ابن آدم فإنه يعود حبشيا أو نوبيا
~~أو زنجيا فافهم ذلك
18.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[18.4]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يصبغون الآدمي حبشيا أو زنجيا أو نوبيا حتى
~~ينكره أهله وأبوه وأمه فإذا أرادوا ذلك يأخذون من ورق حشيشة الصباغين جزء
~~ومن القلقنت جزء ومن الزاج جزء يدق الجميع ثم يغمر بماء الشب المحلول ثم
~~يغلى عليه حتى يذهب الربع ثم يحمون به الآدمي فإنه يعود حبشيا أو نوبيا ثم
~~ينكروه أهله وغيرهم فافهم ذلك
18.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم وتغيير لحاهم
[18.5]
وذلك أن هذه الطائفة يفعلون ما لا يقدر عليه أحد فمن ذلك أنهم إذا أرادوا
~~أن يغيروا خلقهم ويدخلون في كل باب كما قال الله {فى أى صورة ما
~~شآء ركبك} فمن ذلك صبغ ألوانهم وصبغ لحاهم ومن أعجب ما صادفته لهم أني رأيت
~~بمدينة هندبار غلام شاب حسن الشمائل يعرف بمحمود بن شاباش وكان من شطار
~~زمانه فلما كان بعد أيام وأنا عند صاحب لي نجار ونحن نتحدث إذ قدم علينا
~~رجل أسود إلا أنه شيخ قد أنقى فسلم ثم جلس فرد عليه النجار السلام وجعل
~~يحادثه ساعة ثم وثب قائما وراح إلى سبيله
[18.6]
فقلت لصاحبي وكان هذا الشيخ عنده شيء من العلوم فضحك فقلت ما يضحكك فقال
~~ما تعرف هذا الشيخ قلت لا والله فقال ما هذا محمود بن شاباش فقلت هون الله
~~عليك فقال والله ما قلت إلا حقا فقلت لا تفعل فقال هذا والله محمود بن
~~شاباش صاحبنا فقلت وما الذي جعله على هذه الصفة أما السواد فإنه يمكن بل
~~الشيب كيف فيه الحيلة فقال أوما علمت صفة الشيب كيف هو فقلت لا والله ولا
~~سمعت به إلى وقتي هذا فقال أنا أعرفك ذلك اعلم أنهم إذا أرادوا أن يصبغون
~~اللحية حتى تبقى كأنها اللجين يأخذون من ماء السماق جزء ومن اللبن الحامض
~~جزء ومن حب الليمو جزء ومن الراوندان جزء فيدقونه ويعلفون به اللحية فإنها
~~تعود بيضاء شديدة البياض فتعجبت من ذلك وقال لهم صفة أحسن من ذلك فقلت وما
~~هي قال يجعلون اللحية السوداء شقراء لها صفة لا يكون أحسن منها فافهم ذلك
18.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[18.7]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يجعلون اللحية شقراء فيأخذون من الحناء جزء
~~ومن الفوة المدقوقة جزء ثم يعجنونها عجنا جيدا ويخمرونها ثم يعلفون بها
~~اللحية فإنها تعود شقراء شديدة الشقرة والصهوبة
18.7 الباب السادس في كشف أسرارهم
[18.8]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يسودوا وجه إنسان حتى يعود وجهه أسود دون
~~يديه وينمسون عليه ما أرادوا فإذا أرادوا ذلك فيأخذون من العفص المحرق جزء
~~ومن الشب المرايش جزء ومن الزاج جزء يدق الجميع ثم يعملون أقراص بعد أن
~~تهابا ويبيتونه على الوجه فإنه يسود ويكمده
18.8 الباب السابع في كشف أسرارهم
[18.9]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا يسودون وجه إنسان ولا يزال كذلك مع الدوام
~~يأخذون من الكاكنج جزء ومن ورق لسان الحمل جزء ومن الغبيراء جزء ومن عصارة
~~لحية التيس جزء يدق الجميع ناعما ويكمد به الوجه ليلة فإذا أصبح غسله فإنه
~~يعود أسود سواد عظيم فافهم ذلك
18.9 الباب الثامن في كشف أسرارهم
[18.10]
ومن ذلك إذا أرادوا يغيروا لحية إنسان ويخرجونه من حال إلى حال وكذلك
~~جسده فإذا أرادوا ذلك من إزالة سائر العيوب يأخذون من ورق الفرصاد الأبيض
~~جزء ومن ورق العناب جزء ومن الغبيراء جزء وورقها ويدقها ومن حب البان جزء
~~ومن حب المحلب جزء ومن الخردل الأبيض جزء ومن البورق الأرمني جزء يدق
~~الجميع ناعما ثم يلبس به الوجه ليلة فإذا أصبح دخل الحمام ثم غسله فإنه
~~يبقى نقيا صافيا لا فيه أثر أبدا ولا جدري ولا نمش ولا شيء من العيوب فافهم ذلك
18.10 الباب التاسع في كشف أسرارهم
[18.11]
ومن ذلك إذا أرادوا أن يبقى على الوجه نورا ساطعا وبهاء لامعا حتى يذهب
~~عقل من ينظر إليه ويبهت من يراه فيأخذون من بزر الخس جزء ومن حب الخروع جزء
~~ومن الرامك المصري جزء ومن العفص الهندي جزء ومن الفوذنج النهري جزء ومن
~~الجلنار المصري جزء ومن الزاج الصيني جزء ومن البورق الأرمني جزء ومن خبز
~~الفضة جزء ومن زر الورد الأحمر جزء ومن الخردل الأبيض جزء يدق ناعما ويعجن
~~بماء الهندباء ويكمد به الوجه ليلة فإذا أصبح غسله بدقيق الشعير فافهم ذلك
18.11 الباب العاشر في كشف أسرارهم
[18.12]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يغيروا حلية إنسان ويخرجونه من حال إلى حال
~~وذلك أن يكون بوجه إنسان بهقا أو نمشا أو برصا أو جدري فيبدلونه حتى ينكره
~~من يحضر معه من المعارف والأهل وذلك أنهم يأخذون من الرامك المصري جزء ومن
~~الخردل الأبيض جزء ومن حشيشة الزجاج جزء ومن حب البان جزء ومن الفوذنج
~~النهري جزء يدق الجميع ناعما وينخل بحريرة ويلبس به الوجه فإذا أصبح باكر
~~أتى الحمام فإنه يذهب جميع ما ذكرناه من الوجه ويصقله وينقيه من جميع
~~العيوب فافهم ذلك
19 الفصل التاسع عشر ثلاثة أبواب في كشف أسرار الذين يلعبون بالنار ويمنعون حرها
19.1
[19.1]
اعلم أن هذه الطائفة ألعن الطوائف وأخبثهم وأكذبهم وأكثرهم تسلط على مثلهم وأكثرهم فسادا وأشدهم نفاقا وأعظم كفرا وهم طوائف المجوس وهم الذين يعبدون النار ويسجدون للشمس حين طلوعها ولهم نبي يعرفون به وهو زرادشت وهذا الرجل كان خبيرا بجميع الترابيص وجميع الموانع التي تمنع من حريق النار وكان قد جعل له عيدا في كل سنة فإذا كان قبل العيد بسبعة أيام لا يبقى أحد من أهل ملته حتى يحمل إلى بيت النار من الأحطاب ما أمكنه فإذا كان قبل العيد بثلاثة أيام أضرموا النار في تلك الأحطاب فتظل تأكل بعضها بعضا إلى أن تعود جمرا فلا يستطيع أحد أن يدنو منها لوهجها فإذا كان يوم العيد أقبل زرادشت إليها والخلق خلفه ثم سجد إليها وتبعه جميع رهطه فإذا رفع رأسه من السجود وهجم عليها فخاضها كخوض الماء ولا يزال في النار إلى الساعة الثالثة من النهار ثم يخرج فيقرب لها قربان من الأغنام ثم الأبقار وغيرها من الحيوان وينمس بهذا الناموس العظيم
19.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[19.2]
فمن ذلك أنهم إذا أرادوا الدخول في النار فلا تضرهم شيئا ولا تأذيهم
~~فيأخذون ضفدع فيقتلونه ويقلونه حتى يخرج الدهن ثم يأخذون ذلك الدهن
~~ويجعلونه مع البارود الثلجي ثم يمعكون حتى يعود كالمرهم ثم يلطخون بذلك
~~المرهم أجسادهم ويدخلون النار فإنها لا تضرهم ولا تأذيهم واعلم أن هذا
~~المرهم المذكور من أعظم الأسرار فافهم ذلك
19.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[19.3]
وذلك أنهم إذا أرادوا أن يلعبون بالنار فلا تضرهم شيئا فيأخذون من الطلق
~~الجيد النقي ثم ينقونه ويغسلونه في خرقة كتان ثم يربطونها ويجعلونها في قدر
~~فيها باقلى ويتركونه حتى ينسلق الباقلى ثم يخرجونها ويمرسونها بين أيديها
~~حتى يخرج جميع ما فيها ثم يأخذون شحم اللجأة ويمعكونه بذلك الطلق حتى يعود
~~كالزبد ثم يلطخون به أيديهم ويلعبون بالنار كيف شاء فلا تضرهم شيئا
19.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[19.4]
ومن ذلك أن من جملة ما رأيت بمدينة هندبار رجل نجار مجوسيا يعرف بعبد
~~النار وهو شيخ يعمل الأصنام الصغار برسم الحمل تكون معهم في جيوبهم يبيع
~~الصنم بخمسة دنانير مالكية وذلك أنهم يضعون الصنم في النار فلا تحرقه ولا
~~تضره شيئا مع أنه خشب فلم أزل أدنو منه وأتقرب إليه وأرادده وأوريه شيء بعد
~~شيء من أصناف العلوم بما يخرق عقله ولم أزل حتى ربطته أني أعرف شيئا يدهن
~~به جدارات الدار فلا تزال الجدارات تشعل نار ولا تضر الأخشاب
[19.5]
فلما سمع ذلك ارتبط عليه والتمسه مني فقلت فائدة بفائدة فما عندك من
~~الفوائد فقال معالجة هذه الأصنام فلا تعمل النار فيها شيئا فقلت له ذلك
~~داخل في الذي قد ذكرته لك فأعرض علي أشياء فلم أعتني بها فأخذه القلق إلى
~~معرفة ما ذكرته له وجد في الطلب فقلت إذا لم يكن عندك فائدة فابدل الذهب
~~فقال كم مقدار ما يرضيك فقلت مائة دينار فقال كثير علي اقتصر معي فاتفق
~~الحال على خمسين مثقال
[19.6]
فلما قبضت المبلغ قلت أطلعني على سر هذا الصنم حتى أزيدك فيه علم فقال
~~إذا أردت ذلك أخذت الخشب الرخو الميت ثم اعمل منه واهيئه فإذا تم عمله ولا
~~يبقى فيه عمل أخذت الكسفرة الرطبة مع حشيشة حي العالم فادق الجميع ثم
~~استخرج ماءهما ثم اصعده بالقرعة والأنبيق ثم آخذ ذلك الماء واجعل فيه
~~الأصنام مقدار ما يغمرها واتركهم أربعين يوما ثم أخرجهم من ذلك واجففهم في
~~الظل فإذا جفوا أخذت شحم الضفدع وشحم الترمس ودهن الحنطة ودهن الأرز أجزاء
~~متساوية ثم اجعل الجميع في قدر مزججة واجعل الأصنام فيها وأغلي عليها غليان
~~جيد إلى أن تشرب ذلك الدهن ثم ارفعها واجعلها في نخالة الأرز ثلاثة أيام ثم
~~امسحها واصقلها فإذا وضعت في النار فلا يعمل فيها شيئا فهل عندك فيها زيادة
~~علم فقلت نعم لو أنك تجعلها في الطلق المحلوب عوضا عن الأرز كان ذلك أبلغ
~~وأشد فعل ودفعا للنار فلما سمع ذلك قال وحق النار والنور والظل والحرور ما
~~أنت إلا فاضل
20 الفصل العشرون ثمانية أبواب في كشف أسرار الذين يعملون الطعم
20.1
[20.1]
اعلم أيها الأخ أيدك الله وإيانا بروح منه أن هذه الطائفة أشد الناس زغل وأكثرهم أكلا للحرام ولهم أمور لا تعد ولا تحصى ولا يقع عليها عيار ولا يقدر أحد على إدراكها ولا الإحاطة بها بل نذكر منها ما تيسر لأن هؤلاء القوم لم يتركون شيئا من الطعم حتى يعملونه ثم يبلزونه على المسلمين ولهم في ذلك أشياء عجيبة وأمور غريبة تحير فيها العقول وتدهش فيها الأفكار وأنا إن شاء الله أكشف أسرارهم مختصرا موجزا
20.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[20.2]
فمن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يعملون العسل الجيد السميقي ويبلزونه فيأخذون
~~من التين المعري الجيد فيجعلونه في شيء ثم يلقون عليه من الماء العذب ما
~~يغمره ويتركونه حتى يعود مثل الحلاوة ثم يغلون عليه غليا جيدا ثم يرفعونه
~~عن النار ويتركونه حتى يبرد ثم يمرسونه بأيديهم مرسا جيدا ثم يصفونه ثم
~~يأخذون الثفل يلقون عليه ماء فاترا يمرسونه حتى لا يبقى فيه شيء من الحلاوة
~~ثم يصفونه على الأول ثم يرفعون الجميع على النار اللينة حتى يأخذ له قوام
~~ثم يلقون عليه الصمغ العربي وقليل من الكثيراء الشقراء وشمع خام ويغلون
~~عليه ثم يرفعونه في أوعية فخار جديدة ويتركونه سبعة أيام فإنه يعود عسلا
~~جيدا فيبلزونه ثم رأيتهم يعملون من القمح ومن البطيخ الأخضر فيجيء أحسن ما
~~يكون ولولا خوف الإطالة ذكرت جميع أعماله وأصنافه فافهم ذلك
20.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[20.3]
ومن ذلك عمل السمن إذا أرادوا أن يعملون سمنا جيدا يأخذون من دهن الألية
~~فيذيبونه فإذا ذاب يلقون عليه من الحلبة المدقوقة الناعمة مثل الهباء ومن
~~الكثيراء الشقراء أجزاء متساوية ثم يضربونها مع الدهن ضربا جيدا فإنه يعود
~~سمنا أحسن ما يكون من السمن الغنمي الجيد فافهم
20.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[20.4]
ومن ذلك عمل سمن بقري جيد فإذا أرادوا يعملونه يأخذون من الدهن البقري
~~السمين الجيد ثم يلقونه كما ذكرنا أولا ثم يأخذون من الورس المدقوق ناعما
~~مثل الهباء جزء ومن الصمغ العربي جزء ثم يخلطون الجميع مع الدهن ويضربونه
~~ضربا جيدا فإنه يعود الجميع سمنا أجود ما يكون من السمن البقري الجيد
20.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[20.5]
ومن ذلك عمل الزبد الجيد إذا أرادوا أن يعملون زبدا جيدا من اللبن فيغلون
~~اللبن بنار لينة ثم يلقون عليه من البورق جزء ومن الصمغ العربي جزء ومن
~~حشيشة المصطكى جزء ثم يتركونه ساعة فإنه يعود زبدا أحسن ما يكون من الزبد
~~ويعملونه بمرارة سمكة الرعاد فيجيء أحسن ما يكون فافهم
20.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم في عمل الخل
[20.6]
وذلك أنهم إذا أرادوا أن يعملون خلا حاذقا جيدا يأخذون من الزبيب الأسود
~~رطل فينقعونه في رطل خل حامض ويتركونه في ذلك يوما وليلة ثم يسقونه رطلا
~~ثانيا كذلك أربعة أيام أربعة أرطال خل ثم يغمرونه بذلك الخل ثم يزيدونه شيء
~~ثم يرفعونه على النار ويغلونه حتى ينهرس ذلك الزبيب حتى يتغدد ثم يقلبونه
~~على بلاطة بعد أن يلقون عليه نصف رطل زيت السكر ثم يقطعونه شوابير من على
~~البلاطة ويرفعونه فإذا أرادوا عمل خلا حامضا يأخذون خمسة أرطال من الماء
~~العذب ثم يجعلون فيها من هذا الدواء المعمول أوقية وأوقية زيت السكر ثم
~~يجعلونه في الشمس الحارة ثلاثة أيام وفي الشتاء سبعة أيام على ملاك النار
~~فإنه يعود خلا حاذقا يعمل عملا عظيما لا يكون شيئا مثله فافهم ذلك
20.7 الباب السادس في كشف أسرارهم
[20.7]
ومن ذلك أني رأيتهم يعملون خلا حاذقا يهضم الطعام وذلك أنهم يأخذون من
~~النعناع البري جزء ومن النعناع الجوي جزء ومن بزر الحماض جزء ثم يجعلون
~~الجميع في إجانة ويغمرونه بالماء ويغلون عليه حتى يذهب الربع ثم يرفعونه
~~ويصفونه فإذا أرادوا عمل خل أيضا قاطعا فيأخذون من ذلك أوقية فيجعلونها على
~~ثلاثة أرطال ماء عذب ثم يجعلونه في الشمس الحارة ثلاثة أيام وفي الشتاء على
~~ملاك النار خمسة أيام فإنه يعود خلا حاذقا ولونه أحسن ما يكون على مثال
~~الورد ويعملون من الخروب أيضا خلا حامضا ويعملونه أيضا من الكمثرى ويعملونه
~~من سقط التين اليابس ويعملونه من التمر ويعملونه من الجميز ويعملونه من
~~المشمش اليابس ويعملونه من السفرجل ومن التفاح فافهم ذلك
20.8 الباب السابع في كشف أسرارهم في عمل الزيت والشيرج
[20.8]
فإذا أرادوا أن يعملون أنفاق جيد أو شيرج جيدا فإنهم يأخذون رطل شيرج أو
~~سلجم أو زيت خص أو ما كان من الأدهان ووزن أوقية ونصف شحم كلى ماعز مذابا
~~وخمسة أرطال ماء ويرفع على النار في دست ثم يغلى عليه حتى يصير الجميع
~~أربعة أرطال ثم يأخذون وزن درهم بقل ويبذرونه عليه ورطل زيت طيب إن يريدونه
~~زيت طيب وإن كانوا يريدونه شيرج فيجعلون عوض الزيت شيرج ويبردونه ثم
~~يرفعونه على النار ثانيا فإنه يكون أحسن ما يكون من الأنفاق فافهم ذلك
20.9 الباب الثامن في كشف أسرارهم في عمل اللبن من غير ضرع
[20.9]
وهذا باب معدوم ولا يعمل هذا إلا كل فاضل فإذا أرادوا أن يعملون لبن من
~~غير ضرع فيأخذون من الجوز الهندي ويقشرون عنه القشرة السوداء تقشيرا جيدا
~~ثم يخرطونه في إناء أو قوارير ثم يضعون عليه ماء ثم يمرسونه باليد مرسا
~~جيدا حتى إذا ذاقونه يجدونه مثل اللبن فعند ذلك يعصرونه عصرا جيدا ثم
~~يجعلون ما خرج منه مع الماء الذي كان فيه ويصبونه فإنه يعود خاثرا كثير
~~الدسم فيجعلونه في إناء ثم يكمرونه قليلا كما يكمر اللبن حتى يصير حامضا
~~فإنه يكون لبنا جيدا ولو ذهبت أشرح لك جميع أحوال الطعم لما وسعها مجلدات
~~كثيرة ولكن قصدنا في ذلك الاقتصار فإن هذا القدر كاف للعاقل اللبيب ومن
~~البعض يستدل على الكل لمن له رأي وفكرة وبصيرة فافهم ذلك
21 الفصل الحادي والعشرين خمسة أبواب في كشف أسرار الذين يمشون بالعلفات
21.1
[21.1]
اعلم أن هذه الطائفة ألعن الناس وأخبث وقتلهم مباح وذلك أن جميع الطوائف الذي قد ذكرناهم في كتابنا هذا فإنهم ينصبون على الناس ويأخذون ما يقدرون عليه من أموال الناس ولا يستحلون دماءهم وإن هذه الطائفة يستحلون المال والروح فمن أجل ذلك قلنا أن قتلهم مباحا ولهم أمور لا يعلم أحد آخرها
[21.2]
فإنهم يضعون العلفات في الخبز ثم يرمونه على الطريق ويرقبون من يأكله ويعملونها في التين وفي جميع الطعم فمنهم من يرافق في الطريق ويطرح عينه على من معه شيء فلا يزال معه حتى يلوح له منه مضرب ثم يعلفه ويأخذ ما معه ومنهم من يسافر في زي الأجناد ويفعل ذلك ومنهم من يتزايا في زي التجار ويوهم أن لهم في البلاد الفلانية تجارة مخزونة وهو رائح إليها ومنهم من يتزايا بزي المكارية فلا يكري إلا لمن يعلم أن معه شيء ومنهم من يجهز العلفة مع النساء الملاح ثم يتزينون ويلبسون ويمشون في الشوارع ويتحدقون على الناس ثم ينطلقون لمن يعلمون أنه غريب مثل تاجر أو جندي ويعلمون أنه موسرا وهو وحده
[21.3]
فإذا انطاع لها جرته إلى بعض الأزقة ثم قالت له أين موضعك ومن عندك فأنا والله ما هذا شغلي بل إن زوجي عشق على واحدة كانت تخدمني فمن الغيرة فعلت هذا فإن كنت وحدك في بيت فأنا أجيء معك بحسب أن يكون مستورا وإن كان عندك أحد فما أقدر أجيء فلا يكون إلا أنت ولد حلال وأنا والله إذا أبصرت منك ما يعجبني فإذا رحت إلى بيتي أخذت منه شيء له قيمة وأجيء معك حيث رحت فإن الغيرة تعمل أكثر من هذا وهي التي أحوجتني أن أقف معك وأحدثك وتبكي وتتوجع فإن كان له مكان أخذها وراح وتكون العلفة معها في خشكنانكة أو حلاوة فإذا استقر بهم الجلوس أخرجت الذي معها وأكلت ولقمته منه وقالت له أنت ما ضيفتنا نحن نضيفك فلما يستقر في جوفه يسقط إلى الأرض فتقوم إليه فإن كان على وسطه شيء أخذته ومهما كان في البيت يحمل حملته وراحت وإن كان ما له مكان تقول له روح إلى ظاهر البلد فما نغلب عن مكان وبعد ذلك أنا أحصل مكان يكون نجتمع فيه فإذا خرجوا إلى ظاهر البلد ووجدوا مكان تكون تعرفه قبل ذلك فإذا جلسوا أخرجت الذي معها وأكلت ولقمته ثم وثبت إليه فمهما كان معه تأخذه ثم تعمد إلى ما كان عليه من الملبوس فتسلبه عنه وتروح ولهم في ذلك فنون لا تذكر
21.2 الباب الأول في كشف أسرارهم وصفات العلوفات
[21.4]
فمن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يعملوا علفة يأخذون من بزر الخس جزء ومن بزر
~~الخشخاش جزء ومن بزر البصل جزء فيدقونه ويجعلونه في أي طعام أرادوه كان
~~فإنهم يعلمون أن من أكل منه نام لوقته
21.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[21.5]
ومن ذلك يأخذون البنج الأزرق جزء ومن الأفيون جزء ومن بزر الخس جزء ومن
~~بزر الرشاد جزء ومن لبن التين جزء ومن الجندبادستر جزء يدق الجميع ويعمل في
~~أي طعام كان فأي من أكل منه نام لوقته
21.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[21.6]
وهو السر الأكبر والمرقد الأفخر وهو البنج الأقريطشي الأزرق فإذا أرادوا
~~أن يعملون علفة قاطعة إلى غاية ما يكون يأخذون من البنج الأزرق البالغ وزن
~~خمسة دراهم ومن بزر الخشخاش الأسود وزن أربعة دراهم ومن الأفيون ثلاثة
~~دراهم ومن الأفربيون أربعة دراهم ومن الحبة السوداء خمسة دراهم ومن
~~الغاريقون ستة دراهم ومن بزر الخس أربعة دراهم ومن حب الباذروج درهمين ومن
~~اللفاح خمسة دراهم ومن جوزة ماثل درهمين يدق الجميع ويعجن بماء الكراث
~~ويعمل أقراص ثم يبخر بالكبريت الأزرق ولا يعمل أقراص إلا حتى يسحق ناعما
~~فإذا أراد أن يعلفون إنسانا أطعموه من ذلك في طعام أو شراب أو حلاوة فإنه
~~ينام من وقته ولا يعلم أيش يعمل به حتى يسعطه بالخل ويشممه بالحراق الأزرق
~~فإنه يتقايأ العلفة وهو من أعظم ما وجدته
21.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[21.7]
فمن ذلك يأخذون من الغاريقون جزء ومن الكاكنج جزء ومن البنج الأصفر جزء
~~يدقوا الجميع ويعمل في أي طعام كان ويطعمونه لمن أرادوا فإنه يبقى باهت لا
~~يعلم ما يفعل به ولا له لسان ينطق به فافهم ذلك
21.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[21.8]
ومن ذلك أن لهم علفات غير منومة وهي تبهت الإنسان فيبقى شاخصا ولا يرد
~~جوابا ولا يعلم ما يعمل به فإذا أرادوا ذلك يأخذون من الكاكنج جزء ومن حب
~~البلاذر جزء ومن الغاريقون جزء يدق الجميع ناعما ثم يطعمونه لمن أرادوا
~~فإنه يبقى باهت إليك ولا يقدر على رد الجواب ولا يعلم ما يراد منه
22 الفصل الثاني والعشرون ستة أبواب في كشف أسرار الكتاب وهم أصحاب الشروط
22.1
[22.1]
اعلم أن هذه الطائفة عندهم من الدهاء والحيل والمكر ما لا يعلمه غيرهم وهم أخبر العالم بالأمور الشرعية وغيرها وهم أشر خلق الله في الظاهر وفي الباطن ولهم في الظاهر إقامة الحدود الشرعية والنواميس السياسية ولهم أسرار غامضة لا يعلمها إلا هم وإذا أرادوا أبطلوا الحق وأقاموا الباطل بأمور شرعية وأثبتوا الحق لغير مستحقه وأقاموا عليه البرهان بالباطل
22.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[22.2]
وذلك أنهم إذا كتبوا مكتوبا لمبيع حصة شائعة في ملك يقولون ووقفنا على
~~ذلك فإذا ذكروا ذلك كان البيع مفسوخا والدليل عليه أن الحصة لا تكون معينة
~~حتى يقفون عليها بل هي من شيء فلا يقع ثم تعيين إلا على الأصل فإذا قالوا
~~ووقفنا على ذلك كان العقد مفسوخ فمتى ما أرادوا تعلق المبيع ذكروا ذلك
~~ومنهم من لا يعلم هذه المسئلة ثم يبصرون من هو النادم من البائع والمشتري
~~فيقولون كم تزن حتى نفسخ هذا العقد بالشرع فيتفقون معه على شيء ثم يفسخون
~~العقد بهذه النكثة بالشرع لأن الكاتب إذا لم يقل ووقفنا على منه ذلك كان
~~العقد مفسوخا فإذا قال ذلك كان العقد صحيحا لا كلام فيه والمعنى في ذلك أنه
~~وقفنا على الذي منه جميع تلك الحصة ولم يذكرون الحصة فإنها غير معينة
22.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[22.3]
ومن ذلك أنهم إذا أرادوا أن يكتبون على إنسان مكتوبا صحيحا ولا فيه كلام
~~وفيه خطوط الشهود يأخذون حجة على ميت إما شيء يكون مبلغه قليل فيجعلونه
~~كثيرا أو كتاب ملك أو صداق يزيدونه فإذا أرادوا ذلك فإنهم يقلعون الكتابة
~~من ذلك المكتوب ويبقون خطوط الشهود ثم يكتبون ما أرادوا على ذلك الشخص
~~فتبقى الحجة عليه وخطوط الشهود لا ينكرون الشهود خطوطهم فإذا أرادوا ذلك
~~فإنهم يأخذون من الكاربا خزء ومن النشاء جزء ومن حب القنا جزء ومن حب
~~الخروع جزء ومن حب القطن جزء ثم يبخرون به الكتاب فإن الكتابة تنقلع من
~~الكتاب فيكتبون ما أرادوا
22.4 الباب الثالث
[22.4]
ومن ذلك أنهم يأخذون من الكاربا ومن حب الباذروج جزء يدقون الجميع
~~ويبخرون به الكتاب فإنه لا يبقى للكتابة أثر فافهم
22.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[22.5]
ومن ذلك أنهم يأخذون قلي مبيض فيسحقونه بماء حماض الأترنج حتى يرق ثم
~~يلطخون به الكتابة ويدعونه حتى يجف فإنه يمحى أثرها ولا يبقى لها أثر وهو
~~أحسن ما كشفت
22.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[22.6]
ومن ذلك أنهم يأخذون الشب اليماني وحب العفص والكبريت الأبيض من كل واحد
~~جزء يدقونه ناعما ثم يسقونه خل خمر ثم يسحقونه حتى يصير مثل المرهم ثم
~~يعملونه على مثال البلوطة ويجففونه في الظل ثم يحكون به الحبر وما أرادوا
~~من الدفاتر تمحى الكتابة فإنه يزول ولا يبقى له أثر البتة
22.7 الباب السادس في كشف أسرارهم
[22.7]
ومن ذلك أنهم يقلعون الكتابة من الكتب ويأخذون إسفيداج الرصاص وصمغ عربي
~~من كل واحد جزء يدق الإسفيداج وينخل ويذاب الصمغ ثم يعجن به الإسفيداج
~~ويجعلونه بنادق ويجففونه في الظل فإذا أرادوا ذلك أخذوا من تلك البنادق
~~بندقة ثم يجعلون عليها شيء من الماء ويحرك بطرف القلم ثم يطلون به موضع
~~الكتابة الذي يريدون قلعها ويتركونه حتى يجف ويكتبون عليه ما أرادوا فافهم
~~أسرار هذه الطائفة وميز فعالهم وأعمالهم حتى يخرجون صاحب الحق بلا حق
~~ويردون الحق على من لا حق عليه ولهم أبواب لا يعلمها غيرهم فافهم
23 الفصل الثالث والعشرون ثمانية أبواب في كشف أسرار المشعوذين
23.1
[23.1]
اعلم أن هذه الطائفة لهم أمور عجيبة وأحوال غريبة وهم أشد الناس كذب وأخذ بالنظر وهم أصلح من جميع هذه الطوائف وذلك أنهم لا يتعرضون لأخذ أموال الناس ولا يستحلون دماءهم كبعض الطوائف والناس يعلمون أن كل شيء يعملوه دك وخفة ورشاقة وبعد ذلك يرجعون إلى المروة ومكارم الأخلاق لمن يقف عليهم ولا يحلفون على شيء يزغلوه على الناس بل جميع ما هم فيه دك وشعوذة وكذلك لعبهم بالأحقاق وهو أول دكهم ولهم آلة جملة وأنا أذكر بعضها
23.2 الباب الأول في كشف أسرارهم في لعب الأحقاق
[23.2]
وذلك أنهم يجعلون الجوزة تحت إصبع الخنصر مع أسفل الحق فافهم ذلك ويحتمل
~~أن يكون عنده رشاقة يلعب كيف شاء
23.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[23.3]
فمن ذلك لعب المخلاة وتكون ثلاث طبقات مخيطة الرأس مسيبة الأسفل من داخل
~~فإذا جعلوا فيها بيضة أو غير ذلك وكبوها على رأسها طلعت البيضة إلى رأس
~~المخلاة ولا يبقى في أسفلها شيء فيتوهم الإنسان أنه حق فافهم ذلك
23.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم في لعب حق الغطاء
[23.4]
اعلم أن لهم حق بغطاء ملبس بغطاء من خارجه كمثل المنخل لا يؤبه لأجل
~~القمح والدقيق ولهم أسرار عجيبة في لعب الخاتم والنارنجة والسمكة وذلك أنهم
~~من أعجب الأشياء وأجلها ولولا خوف الإطالة ذكرت فيها أشغال كثيرة لا يدركها
~~كل أحد منهم
23.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم في لعب المجر
[23.5]
وذلك أنهم يعملون مجر له ستة أبيات وله بطانة من داخل فيها الأبيات تلعب
~~البيوت جميعها وله أسفل مجرى فإذا أرادوا تغيير البيوت ونقل ما فيها جروا
~~ذلك الدف فعند ذلك تلعب البيوت وجرت إلى مكان يريده
23.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم في كوز يعرف بالمسحور
[23.6]
وصفته أنه كوز مثقوب من أعلاه وأسفله فإذا أرادوا أن يقلبون فيه شيء ولا
~~ينزل منه شيء فيثقبون جانبه ثم يثقبون أعلاه فإذا أقلبوا ذلك الماء سدوا
~~ذلك الثقب
23.7 الباب السادس في كشف أسرارهم في كوز المائين
[23.7]
وذلك أنهم إذا أرادوا أن يعملون كوز فيه مائين يكون أبيض وأحمر فيأخذون
~~كوز فيقسمونه من داخل نصفين ثم يثقبونه ثقبين في أعلاه عند الرقبة وثقبين
~~عند العروة فإذا أرادوا أن يملؤون الجانب الأحمر سدوا الجانب الأيمن وصبغوه
~~بماء ساق الحمام وذلك إذا أرادوا يملؤون الجانب الأيسر وإن أرادوا يفرغونه
23.8 الباب السابع في كشف أسرارهم في عمل كوز
[23.8]
إذا أقلبته على رأسه فلا يجري فإذا أقلبته على جانبه جرى وذلك أنهم
~~يأخذون كوز واسع الرأس كبير البطن طويل ويجعلون في وسطه أكرة بلولبين على
~~منجرة العراض فإنهم إذا أقلبوها يصير أعلاها أسفلها ولا يقع منها شيء وإذا
~~أقلبوها على جانبها بطل لعب اللولبين فيقع جميع ما فيها
23.9 الباب الثامن في كشف أسرارهم في عمل كوز الدينار
[23.9]
واعلم وفقك الله أن لهم كوز يقال له كوز الدينار وهو مفتوح القاع وله
~~صفيحة خفيفة رقيقة جدا مريحة إذا جعل يده تحت قاعها وقرصها ارتفع ذلك
~~الدينار إلى الجو لأجل قوة فعل تلك القطعة وريحها وهو كوز على معنى الكوز
~~الذي يقلب على رأسه وهو أصغر منه ولهم عدة كثيرة لا تحصى ولولا خوف الإطالة
~~ذكرتها قطعة قطعة ولكن بهذا المقدار يفهم الباقي
24 الفصل الرابع والعشرون أحد عشر بابا في كشف أسرار الجوهرية وأعمالهم
24.1
[24.1]
اعلم أن هذه الطائفة أكثر الطوائف زغل وأكثرهم محالا وأعظمهم مكرا وتسلطا على أموال الناس وأي شيء أرادوا من الجواهر والفصوص صنعوها وأباعوها بجمل ويصنعون ألوان الفصوص ولهم أمور لا يطلع عليها إلا كل عالم بعلمهم وقد ينصبون على الناس ويدعون أنهم يفعلون ذلك ومنهم من يعلم علم ذلك ويعمل ويبيع ومنهم من لا يعلمه بل يدعي أنه يعلمه ويأكل أموال الناس بالباطل فكيفما دارت القضية فإنهم يأكلون أموال الناس بالباطل من الوجهين فهم إذا أخبث الناس وأشد دهاء
24.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[24.2]
فمن ذلك الدر والجوهر فإنهم إذا أرادوا أن يعملوا الدر والجوهر وهو
~~اللؤلؤ حتى لا ينكره أحد أنه معدني فإنهم يأخذون من اللؤلؤ الصغار ومن
~~الصدف الجوهري ثم ينقونه من جميع السواد الذي عليه من خارج ثم يسحقونه سحقا
~~ناعما ثم يسقونه ماء حماض الأترج أعني يحلونه به فإذا انحل وصار مثل العجين
~~يلقون عليه من غراء الحلزون ومنهم من يضيف إليه الطلق المحلول ومنهم من
~~يضيف إليه الفرار المطهر ثم يعملون ملعقة من الفضة صغيرة فيأخذون الدواء
~~بها بمقدار ما يريدون قدر اللؤلؤ ثم يجعلونه في قشر بيضة ثم يدلكونه فيها
~~حتى يسكن فإذا صار كما يريدون يجففونه في الظل ويحرزون عليه من الغبار فإذا
~~جف قليلا أخذوا له شعرة من شعر الخنزير يثقبونه بها ثم يتركونه حتى يجف
~~جفافا جيدا ثم يعقدونه
[24.3]
صفة عقده فمنهم من يجعله في عجين ثم يبلعه لطير حمام أسود ثم يذبحه من
~~الغد ومنهم من يبلعه لطير وز ويحرز عليه لا يطعمه شيء في ذلك اليوم فإنه في
~~اليوم الثاني يرميه فيأخذونه ويجلونه ويبيعونه ومنهم من يجعله في شحم دجاجة
~~ويلفون عليه خرقة من الأطلس الأحمر ثم يأخذون فرخ سمك طري كما طلع من الماء
~~ثم يشقون جوفه وينظفوه ولا يتركوا فيه سوى النفاخة الذي في جوفه الذي
~~يسمونه العوامة ثم يشقونها ويودعون ذلك الحب فيها ثم يردونها إلى جوف
~~السمكة ثم بعد ذلك يخيطون جوفها ثم يجعلونها في طاجن ويجعلونها في الفرن
~~حتى تستوي السمكة ثم يرفعونه فإنه يكون منه لؤلؤ جيد مليحا ومن الناس من
~~يعمل عوض غراء الحلزون الطلق المحلوب أو المحلول واعلم أني أعرف في عمله
~~تسعة وأربعين طريقا مختلفة الأنواع كل منها يكون في غاية الجودة
24.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم في جلاء اللؤلؤ
[24.4]
إذا خرج فيه صفرة أو جرب فيأخذون ماء الليمو ونشارة العاج ثم يبلون بماء
~~الليمون خرقة رفيعة ويجعلون فيها نشارة العاج مع اللؤلؤ ثم يدلكونه بذلك
~~دلكا جيدا فإنه يكون أحسن ما يكون من النقاء والبياض والجوهرية فافهم ذلك ترشد
24.4 الباب الثالث في عمل الفصوص وصباغها
[24.5]
وذلك أنهم يأخذون فصا من العقيق فيجعلونه ياقوت أحمر فإذا أرادوا ذلك
~~يأخذون من العقيق ما أرادوا ثم يذيبونه في مقعرة حديد نقية من الأوساخ فإذا
~~ذاب يأخذون من البقم جزء ومن الزنجفر جزء ومن ساق الحمام جزء فيدقون الجميع
~~ناعما ثم يلقونه على ذلك العقيق فإنه يعود ياقوتا أحمرا ثم يتركونه على
~~بلاطة مانع نقية ويقطعونه على قدر ما يريدوا من الصغر والكبر فافهم ذلك ترشد
24.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم
[24.6]
ومن ذلك أنهم يعملون فص ياقوت أصفر مليح جيد فإذا أرادوا ذلك فيأخذون من
~~البلور ما أرادوا ثم يدقونه ثم يذيبونه في مقعرة ثم يأخذون من الزعفران جزء
~~ومن القيسا جزء يذيبونه ويجعلونه فوق ذلك البلور ويطرحونه على بلاطة فإنه
~~يعود ياقوت أصفر لا شيء أحسن منه ثم يقطعونه على ما يريدون منه ما أرادوا
~~ثم يبيعونه بأوفى ثمن فافهم ذلك
24.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم في عمل الياقوت الأخضر الزمردي
[24.7]
فإذا أرادوا ذلك يأخذون من البلور ما أرادوا فيذيبونه في مقعرة نقية فإذا
~~ذاب يأخذون من الزنجار الحمصي جزء ومن النيل الجيد جزء ومن الحبة الخضراء
~~جزء ومن ورق الحناء جزء يدق الجميع ثم يطرحونه على ذلك البلور فإنه يعود
~~ياقوت أخضر لا يكون شيء أحسن منه ولا يشك فيه أحد أنه زمرد
24.7 الباب السادس في كشف أسرارهم في صنع الياقوت السماوي
[24.8]
وذلك أنهم يأخذون ياقوتة صفراء يجعلونها في بوتقة ويجعلون من تحتها
~~النشادر ومن فوقها ثم يطينوها بطين الحكمة ثم ينفخون عليها حتى تحمر ثم
~~يخرجونها بعد ما تبرد فإن الصفرة تنسلخ وتبقى حجرا أبيضا فيصبغونه بما شاء
~~من الألوان فإنه يجيء كما يريدون والله اعلم
24.8 الباب السابع في كشف أسرارهم في عمل الفصوص وصباغها وكمال شغلها وخدمتها
[24.9]
اعلم أن هؤلاء القوم يعملون الفصوص من الكاربا ومن المرقشيثا ومن
~~اللازورد ومن السنباذج ومن العقيق ومن الزجاج ومن البلور ومن كل ما يقع
~~عليه اسم الفصوص فأما ما كان منها من الزجاج فيصبغونه على وجهين أحدهما
~~يصنعون فرنا من نخالة الشعير مثلما يصنعون الصياغ ويأخذون بلاطة من الطين
~~الأحمر المعمول بالشعير ثم يعملون فصوصا مربعة مدورة معمولة على أي شيء
~~أرادوا ويطبعون بها في البلاطة حتى يبقى مكان الفص فارغ في البلاطة فيكون
~~مثل الدريزك فيها خمسة أو ستة فيأخذون الزجاج المصبوغ أي لون أرادوه ثم
~~يدخلونها في الكلاب في فرن النخالة المقدم ذكرها ثم ينفخون عليه حتى يذوب
~~ويخرجونها ويتركونها ثم يحكونها بالماء وحجر الرحى ويصقلونها بخشب الجوز
~~فيأتي أحسن ما يكون من الياقوت الجيد فافهم ذلك وانظر ما عند هؤلاء القوم
~~من الدك والزغل والدهاء واعلم أني أطلعت لهم على أشياء تنافر العقول وأما
~~الوجه الثاني في عمل الفصوص فإنه يطول الشرح فيه فإن هذا المقدار كاف
~~للعاقل اللبيب ويعلم أنه لم يعدم شيئا مما يعملون ولو ذهبت أن أكمل كشف
~~أسرارهم لما وسعه كتابي بل إننا كتبنا من كل شيء بعضه ليستدل به على الكل
24.9 الباب الثامن في كشف أسرارهم
[24.10]
إذا أرادوا أن يردون إلى الياقوت مائيته فإنهم يأخذون الجزع فيحرقونه ثم
~~يسحقونه سحقا جيدا ثم يشربون به الياقوت بالماء على خشب الصفصاف أو خشب
~~الدفلى فإنه يكسب مائية عظيمة ويزداد في قيمته زيادة جيدة فافهم ذلك
24.10 الباب التاسع في كشف أسرارهم في صباغ العقيق والكتابة عليه والنقوش حتى أن من نظر إليها لا يشك أنها خلقة
[24.11]
ورأيت جماعة من أهل صناعة التنجيم والتعزيم يعملون من ذلك أصنافا
~~ويعزبرون بها الناس على قدر ما يريدون فإذا أرادوا ذلك يأخذون ورق الأثل
~~ويجففونه ويجعلون معه من القلي مثله ثم يسقونه بالماء حتى يعود مثل المرهم
~~ثم يأخذون الفص أو الحجر وينقشون عليه ما أرادوا من النقوش والصور
~~والتماثيل ويكون النقش خط حسن ثم يحشونه من ذلك الدواء ثم يجففونه ويجعلونه
~~في خرقة ثم يجعلونها في قدر على نار لينة ثم يخرجون منها فصا فإن رأونه قد
~~ابيض مواضع الكتابة بياضا جيدا وإلا تركوه ساعة أخرى حتى يبلغ ما يريدون ثم
~~يخرجونه ويغسلونه فيرون كل ما كان تحت الدواء قد ابيض والباقي أحمر على ما
~~كان عليه
24.11 الباب العاشر في كشف أسرارهم في عمل المها ياقوت
[24.12]
وذلك أنهم يأخذون من المها على قدر ما يريدون ثم يعملون منه فصوصا ثم
~~ينقعونها في ماء الرأس وهو رأس الصابون ثلاثة أيام ثم يرفعونها ويتركونها
~~حتى تجف ثم يسحقون رهج الغار بالبول ثم يرمون تلك الفصوص فيه ثلاثة أيام ثم
~~يطبخون الغاسول حتى يصفر ثم يسحقون الأشنان المروق بالخل ثم يغلونه فيه
~~غلية فيخرج ياقوت أحسن ما يكون
24.12 الباب الحادي عشر في كشف أسرارهم في عمل البلور زمرد
[24.13]
فإذا أرادوا ذلك يأخذون البلور الصافي الجيد فيجعلونه في قدر حجر ثم
~~يعصرون عليه من ماء الدفلى قدر ما يغمره بأربع أصابع ثم يجعلون فيه قيراط
~~من الزنجار الحمصي ثم يطبخونه بنار متوسطة حتى يخضر ويحسن لونه فإنه يخرج
~~أحسن ما يكون من الزمرد
25 الفصل الخامس والعشرون ستة أبواب في كشف أسرار الصيارف ودكهم والدك عليهم
25.1
[25.1]
اعلم أن هذه الطائفة من جملة الحرامية وقطاع الطريق ولهم أمور لا يعلمها إلا كل فاضل وأحوال لا يطلع عليها إلا من كان راجح العقل وهم أشد الناس حرام وأصنعهم في أخذ أموال الناس مع أنهم متميزين وذو هيبة وسكينة ووقار ومع ذلك أنهم أصنع من غيرهم ولهم في الدك أبواب
25.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[25.2]
فأول ما رأيت في بلاد الهند رجل صيرفي عليه من الحشمة شيئا عظيما وجميع
~~التجار تورد عنده أموالهم ويستعيدونها قليلا قليلا ثم رأيته قد صنع شيء لم
~~يسبق أحد إليه ولا إلى معرفته وذلك أني رأيت في يده خاتم بفص وعليه نقش ثم
~~أدمت الجلوس عنده وأدمت النظر إلى الخاتم فرأيته إذا قبض الذهب من التاجر
~~يجعل فص الخاتم من قدام لسان الميزان إلى ناحية السنج فإذا دفع للتاجر
~~الذهب حول فص الخاتم إلى ناحية الذهب ثم رأيت لسان الميزان إذا قرب للخاتم
~~لعب لعبا زائدا فعلمت أن هذا الخاتم فيه شيء من الدك
[25.3]
لم أزل أبحث عنه وأنا مفكر فيه ثم في بعض الأيام انفرج لي فيه شيء وقلت
~~والله هذا دك لم يسبق أحد إليه وإذا فص الخاتم من حجر المغنطيس فإذا قبض
~~الذهب أدار الخاتم إلى ناحية السنج فيأخذ لسان الميزان هواءه ويمتنع من
~~النزول بمقدار ما يجذب الحجر فيكون في الوزنة المثقال والأكثر من ذلك فلما
~~علمت ذلك خلوت به وقلت له والله إني قد درت البلاد وكشفت أسرار جميع
~~الأشياء فلم أجد أحد قد سبقك إلى ذلك يا عفيف الدين
[25.4]
فلما علم أني قد كشفت عنه ما هو فيه خجل وخاف جانبي ثم قال الحر من كتم
~~وستر عيوب الناس فاكتم عني ذلك بمروتك وكرمك مع أن الحكيم لا يجوز عنده
~~إفضاح الصورة ومن شيم الحكيم كتمان السر مع أن والله لهذا الخاتم في يدي
~~خمسة وعشرين سنة ما علم أحد سره غيرك مع ذكاء أهل الهند ومن يجلس عندي من
~~أهل الفضل والعلم فبالله عليك اكتم عني ذلك فقلت والله لا أظهرت ذلك في
~~الإقليم أبدا ولا ذكر فتكون منزلة سيدنا كما هي وتكون من ذلك على يقين وقد
~~تمثلت بما قال الحريري منزلة منزلة أهل الفضل وسدلت الذيل على مخازي الليل
[25.5]
فعند ذلك تهلل وجهه ومال إلى صندوقه فأخرج منه صرة وقال أشتهي أن تقبل
~~مني هذه النفقة في هذا الوقت وأنا أقسم لا بد منها ولك على ما يتحصل كل
~~جمعة يوم بما يحصل فيه وإنك الأخ الشفيق ونعم الصاحب الرفيق فأبيت قبول ذلك
~~فزاد في الأيمان وقال ما كان نيتك لي صالحة وهي علامة امتناعك عن قبول
~~خدمتي فلما سمعت أخذتها على وجه الهدية ثم تحدثنا ساعة ثم جاءه بعض التجار
~~بذهب فاشتغل معه فقمت أنا وودعته وهو يجهد علي أن لا أنقطع عنه
[25.6]
فلما حصلت في منزلي فتحت الصرة فإذا فيها خمسين دينارا مسعودية يعمل كل
~~دينار أربعة دراهم ناصرية ثم إني صرت عنده أحظى أصحابه ثم بعد ذلك أخذني
~~إلى داره وأضافني وأكشفني على أسراره وبعد ذلك أخلى لي بيتا عنده وفرح
~~بمعرفتي ثم عرفني بكبراء أهل البلد وصرت كواحد منهم فافهم
25.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم في تثقيل الذهب فتزيد المائة مثقال خمس مثاقيل
[25.7]
وذلك أنه كان يأخذ الذهب ويعمله على صفيحة حديد ويصفه شيئا تحت شيء صفا
~~جيدا ثم يدخل الصفيحة إلى النار وينفخ عليها حتى يحمر الذهب ثم يأخذ
~~الدينار ويطفئه في أمياه مستقطرة من عقاقير ثم يرفعها ويعبرها وقد زادت
~~المياه خمس مثاقيل وفهمت الأمياه وهي أربعة أمياه من عقاقير وهي ماء الرجلة
~~الحمقاء مقطرة الثاني ماء ورق الآس مقطر وقد سترت المائين الباقيين
25.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[25.8]
ومن ذلك أن لهم ميزان مجوف القصبة وفيه الزيبق فإذا أرادوا أن يدفعون
~~لواحد ذهب يمسكون الكفة الذي فيها الذهب فيجري الزيبق إلى قدام ويأخذون
~~بوزن الزيبق ذهب وإن أرادوا أن يقبضون الذهب يمسكون الكفة الذي فيها السنج
~~فيأخذون من الذهب بوزن الزيبق
25.5 الباب الرابع في كشف أسرارهم في السنج
[25.9]
إن لهم سنج مختومة بختم المحتسب صحاح الوزن فإذا أرادوا أن يثقلون بها
~~ويخففون بها فيأخذون سنبكة فولاذ مدور ثم يحمونه وينزلونه في جنب الصنجة
~~فإذا أرادوا يثقلونها ملؤوا ذلك الخلو رصاص على قدر ما يريدوا من الثقل ثم
~~يحشونه بالشمع ثم يلصقون عليه قشر توبال الحديد فلا يعلم أحد ذلك وإن
~~أرادوا تخفيفها فإنهم يأخذون مبردا مدور يبردون جوانب ذلك الخلو الذي فتحوه
~~بالسنبك على قدر ما يريدون من الخفة ثم يحشونه كما فعلوا في سنجة التثقيل
~~ثم يغشون عليه بالتوبال المذكور
25.6 الباب الخامس في كشف أسرارهم
[25.10]
ومن ذلك أني وجدت بمدينة الرهاء رجل صيرفي اسمه رجب وقد رأيته يأخذ نواة
~~الخروب ينقعه في الماء عشرين يوما ثم يرفعه ويأخذ نواة ويشد عليها إصبعه
~~فإن العجمة تطير منها ثم يحشوها بما يثقلها به ثم يلصقها بغراء السمك
~~ويجعلها تحت يده
25.7 الباب السادس في كشف أسرارهم الذين يدكون على الصيارف
[25.11]
اعلم أن هذه الطائفة لم يكن في الطوائف أرجل منهم وذلك أنهم يدكون على من
~~هم أشطر الطوائف فإن الصيارف يتعيشون على كل الناس وهؤلاء يتعيشون عليهم
~~فهذه عين الرجلة والشطارة وقد رأيت بدمشق رجل من أهل حلب يعرف بجمال الدين
~~يوسف بن المنقش وهو متميز وله حشمة ظاهرة ورأيته يدك على الصيارف الذهب والفضة
[25.12]
فإذا أراد ذلك أتى إلى الصيرفي وفي خنصره دينار أو درهم فيكون نحاس ثم
~~إنه يكون معه إما دينار وإما درهم جيد على قدر ما يريد يدك ويكون على قدر
~~ذلك الزغل الذي معه لا يعرف ذلك إلا بحسن النقد فيقف على الصيرفي ثم يدفع
~~له الدينار الجيد فيقول ادفع لي به دراهم فيأخذ الصيرفي الدينار ثم ينقده
~~ويزنه ويدفع له الدراهم فيقول كم وزنت لي فيقول كذا وكذا فيقول ما آخذ إلا
~~كذا وكذا فيقول ما أدفع لك إلا هذا فيقول هات الدينار فيناوله الدينار
~~فبمقدار ما يحصل في يده قد جعله في موضع الدينار المبهرج وحلق له المبهرج
~~وقال هذا ناقص عن حقي فيكون الصيرفي قد وزن الدينار ونقده ويأخذه ويرميه في
~~صندوقه ثم يدفع له الدراهم طيب القلب أنه قد وزن ذلك ونقده وكذلك الدرهم
~~فافهم ذلك
26 الفصل السادس والعشرين باب واحد في كشف أسرار الذين يدبون على المردان في السماعات وفي الأفراح وفي الأسفار وغيرها
[26.1]
اعلم أن هذه الطائفة يتنمسون بالفقر ثم يحضرون السماعات وفي الأفراح وفي
~~الأسفار وقد كنت في مدينة أنطاكية من الروم وقد عمل بعض التجار سماع فدعاني
~~فيه وكان من أهل إسكندرية فحضرنا وكان قد جاء إلى المدينة رجل من أهل حران
~~ومعه ولد عمره خمسة عشر سنة لم يكن في عصره أحسن منه ومعه مملوكه تركي اسمه
~~أيبك ويلقب بالأغيد يضاهي ابن أستاذه في الحسن وكان الصبي مغني بالدفوف
~~والشبابات وقد أفتن أهل البلد بحسنه وحسن غنائه وحسن المملوك وكان لا يعمل
~~السماع إلا بمائة درهم سلطانية وكان التاجر قد تلف به وبذل شيء كثير ولم
~~يصل إليه فعند ذلك صار يعمل السماعات رجاء أن ينال منه غرض ولم يصل إلى شيء منه
[26.2]
فلما كان تلك الليلة عمل السماع وأحضرني فلما طاب الشغل ودار السماع جعل
~~ينقط بخمسة سلطانية خلف خمسة إلى أن نقطه بجملة ولم يزل كذلك إلى وقت الصبح
~~فلما عزموا على النوم والراحة قام المغني أخذ مملوكه وجعله مع الحائط وجعل
~~ابنه إلى جانبه ونام الشيخ في جنب ابنه وناموا الناس فلم يبق فيهم إلا من
~~قد غرق في النوم قام الإسكندري ودب إلى عند رجل المغاني وأنا ألاحظه ثم نام
~~لحظة ثم قعد وأخرج من وسطه حق فيه قطنة مسقاة لا أعلم ما فيها ثم إنه مسح
~~بها أنوف الجماعة من المغاني
[26.3]
ثم أخرج من وسطه ظرف صغير فجعله بين المملوك وبين الصبي ثم جعل رأس الظرف
~~إلى عنده وجعل في رأسه أنبوبة نحاس ونفخ في تلك الأنبوبة فكلما صار في
~~الظرف شيء من الريح قد أخلى بين الصبي وبين المملوك إلى أن أخذ ذلك الظرف
~~حقه من الريح وقد صار بين الصغير وبين المملوك مكان يسع من يريد ينام
~~بينهما فلما فعل ذلك صبر لحظة ثم ترك رأس الظرف إلى أن خلا من الريح ثم
~~جمعه ورده إلى مكانه ثم أخرج صنارة على مثال مخالب القصاب ثم علق بها ذيل
~~الصبي وعلقها إلى حلوقه فبقي الصبي مكشوف إلى نصفه ثم أخرج حق ثاني وأخرج
~~دهن دهن به مشق الصبي ثم إنه جعل نفسه بين الصبي وبين المملوك واستعمل
~~الصبي مرتين ثم عدل إلى المملوك وفعل به كما فعل بالصبي ولم يزل على هذه
~~الصفة إلى باكر ثم انسل من بينهم بعد ما مسحهما ثم ربط حززهما ثم انسل إلى موضعه
[26.4]
فلما صار فيه قلت له صحة صحة هناك فقال وأنت منتبه فقلت نعم لأنك أنت
~~استأجرتني ليلة وما كان يمكنني النوم فقال الحمد لله الذي لم يطلع على حالي
~~أحد غيرك فقلت له والله لقد كان من حقي عليك المواساة فقال المائدة منصوبة
~~والطعام حاضر بسم الله فقلت من عادتي أن لا آكل فضلة ولا نوالة فقال ليلة
~~بعد أغدا نعمل سماع وتكون أول من يقعد على المائدة فقلت والله إلى ذلك
~~الوقت يكون سيدنا قد جاع وقد حلت له الميتة فضحك وقمنا إلى أشغالنا فهذا
~~أعجب ما رأيت من صناعة من يدب على المردان وإنما كان مرادي أن أذكر ذلك
~~لأجل أني لم يفتني شيء ولم أترك شيء فافهم ذلك
27 الفصل السابع والعشرين اثنان وثلاثون بابا في كشف أسرار أرباب الصنائع
27.1
[27.1]
اعلم أن هذا الفصل لا يحد ولا يقع عليه احتواء ولا يحصى جميع ما يتضمن فإن دائرته واسعة الأكناف بعيدة الأطراف لا تجمعها الأوصاف وإنما نذكر منها ما سهل على سبيل الاختصار والإيجاز إن شاء الله تعالى وقد تقدم ذكر الصناع مفصلا وهاهنا نجمل ما نذكر منه فأما صنعة الكيمياء فهي من الدك وغيره واعلم أن فيها حق وباطل فلما طلب الحق جهل فاستعمل الباطل
27.2 الباب الأول في كشف أسرارهم في حقائق علم الصنعة
[27.2]
إذ كان الذي ذكرناه فيما تقدم في الدك وهو باطل فأنا أذكر من ذلك ما يؤكل
~~منه فمن ذلك أعمال البياض فإذا أردت ذلك فتأخذ من الزرنيخ الأحمر والأصفر
~~ما شئت فتدقهما دقا ناعما ثم تسقيهما الخل والنطرون عشرة أيام ثم تستنزلها
~~فتنزل لك رصاصة بيضاء صافية البياض ثم تعقد لها الزيبق وذلك أن تأخذ من
~~الزيبق خمسة دراهم ومن العنزروت درهمين ومن اللبانة المغربية درهمين ونصف
~~ومن البارود خمسة دراهم يدق الجميع دقا ناعما ثم يجعل من فوق الرصاصة ومن
~~تحته ثم يثبت في نار دمس هكذا سبعة أيام فإذا رأيته قد ثبت وجربته فالقمه
~~تلك الرصاصة وألقي منه واحد على عشرين يقوم الجميع فضة نقية
27.3 الباب الثاني من الصنعة في التحمير
[27.3]
ومن ذلك إذا أردت أن تعمل ذهبا خالصا إبريزا فتأخذ من الراسخت المغربي
~~جزء فتستنزله ثم تأخذ من التوتياء الخضراء جزء ومن الزنجفر جزء ومن الزنجار
~~جزء ثم تلحف به ذلك الراسخت وتسبكها ثلاث مرات فتعود ذهبا ولا بد من الزاج
27.4 الباب الثالث في كشف أسرار مقادير النيران
[27.4]
اعلم أن النيران لها مقادير تزيد وتنقص على قدر الأعمال واستعمالها فمنها
~~أعمال الأرواح فإنها يجب أن تكون نار لطيفة جدا ثم يقويها بالتدريج على قدر
~~تلك الروح وأما النار التي تكون في الأجساد فإنها تكون قوية أشد من نار
~~الأرواح وأما نار الأنفاس فإنها تكون نار معتدلة وأما نار التكليس فإنها
~~تكون أقوى ما تكون من النيران وقد بينت لك كل فن مليح واعلم أن النار هي
~~التي تضر الأعمال وتفسدها وهي التي تصلح وتنفع واعلم أنها هي القاضي في علم
~~الصنعة وهي العلم كله
27.5 الباب الرابع في كشف أسرار عدتهم وما يحتاجون إليه من الأعمال بالآلات
[27.5]
اعلم أن هذه الصناعة جليلة المقدار ولا يقع لها على حد ولا عيار وأهلها
~~على الحقيقة هم أهل الله عز وجل فإن هؤلاء القوم لا يظهرون لأحد من الناس
~~فأما من تعلق بها غيرهم فإنهم أصحاب دك ومكر وقد وضعت لها آلة وصارت معروفة
~~بينهم فمن ذلك الزنجفريات والقرعات والأنابيق لأجل التصعيد والتقطير ولهم
~~أيضا أقداح التشميع وقناني وفياشات ولهم زبادي التصعيد لأجل تبييض الزرنيخ
~~وتصعيد الزيبق ولهم أيضا عدة غير هذه العدة ولهم عدد شتى للتكليس وغير ذلك
~~وأما ما يحتاجون إليه عند السحق فهي الصلاية أعني بلاطة مانع أو حجر أسود
~~ثم الفهر وهو الذي يسحقونه على تلك الصلاية ولهم أيضا في عقد الزيبق
~~وتكليسه وما أشبه ذلك فافهموا فقد بينت لكم وكشفت جميع الأعمال ودكها حتى
~~لا يخفى عليكم شيء من الأمور ولو قصدت أن أبين كل فصل بجميع معانيه لطال
~~الشرح في ذلك وما ذكرت من كل شيء إلا أيسره والمقصود منه وما يستدل به على غيره
27.6 الباب الخامس في كشف أسرار حجرهم الأكبر
[27.6]
اعلموا أيها الواقفون على كتابي هذا أن خادمكم عبد الرحيم بن عمر مؤلف
~~هذا الكتاب قد اجتمع بفضلاء هذه الصنعة فرأيت كل قوم قد ذهبوا إلى شيء
~~وأثبتوا أن هذا الحجر المكرم وأقاموا عليه البرهان والدليل على قدر مبلغهم
~~في العلم فمنهم من قال إنه الملح وقد قيل هو ذلك لأنه دليله أنه أول ما
~~يحتاج إليه المولود وآخر ما يحتاج إليه الميت وقالوا إن الله عز وجل قد ذكر
~~به بني آدم كلما خرج من بطن أمه ونبه عليه وقال أناس إنه البيض وذهب إلى
~~أنه يمكن ذلك لأنه يجيء منه مما تختلف ألوانه ويعمل جميع الأعاجيب وقال قوم
~~إنه الشعر وقد رأيته ورأيت له برهانا ظاهرا ولعمري إنه الخراج الولاج
~~والمؤلف وله مما تختلف ألوانه وقال يوشع بن نون عليه السلام إنه الدم وقد
~~قال لي بعض مشايخ هذا العلم إنه أصح ما وجدناه وأقام عليه دليل أنه حياة
~~الآدمي فإذا مات ذهب منه الدم وتصريفه عجيب في تكليسه وعمله وقال قوم البول
~~وقال قوم العذرة وقال قوم العظام وقال قوم حجارة المعادن وقال قوم عيون
~~الحيوان وكل منهم دبر شيء وقال هذا هو الحجر المكرم وقد يحملون الكل على
~~الصدق لأنهم يكرمونه ونعوتهم كثيرة وصفاتهم تطول
27.7 الباب السادس في كشف أسرارهم التي تتعلق ببني ساسان
[27.7]
فهو أبو أرباب هذه الصنائع جميع ما يتعلق منها يدخل فيما وضعه وهو الذي
~~فتح هذه الأبواب وسلك الناس فيها وأوضح لهم الطرق وبين لهم سبيل المعرفة
~~والتسلط المختلف الأنواع على أخذ أموال الناس واعلم أن جميع أرباب هذه
~~الصنائع إنما هم غلمانه وعلى آثاره يمشون
[27.8]
ولقد رأيت منهم نفرا يعملون أشياء من أنواع الحلي من النحاس ثم يطلونها
~~بالذهب والفضة شيئا إذا كان ذهب يساوي خمسمائة دينار ودراهم ثم يخرجون إلى
~~ظاهر البلد إلى بعض الطرق المنقطعة القليلة الخاطر ثم يكون ذلك في شيء ثم
~~يرمونه على جنب الطريق فيروحون عنه ثم يرقبون من يعثر عليه فهو يراه قد مد
~~يده إليه وقد شاله وهو يحط عليه ويقول شركة بلا كلام ثم ينعزل به عن الطريق
~~ويقول يا أخي من هاهنا اصطحبنا ومن هاهنا نفترق إما أن تبيعني وإما أن
~~تشتري مني نصيبي فيقول له بكم نصيبك فيقول أنا أشتري منك فيقول بكم فإذا
~~كان يسوى خمسمائة فيقول مائة درهم فيقول أنت مجنون هذا يسوى كذا وكذا أبيعك
~~بهذا المقدار فيقول والله ما معي غير الذي قلت لك فإن أخذت فبسم الله فيقول
~~الخشن تبيعني أنت نصيبك فيقول بكم يصلح لك فيقول خذ مائة وعشرة بزائد عشرة
~~فيقول ما هو مليح تأخذ مني بلا ثمن فيقول وعشرين فيبيعه نصيبه ويأخذ ما حصل
~~ويشيل ولا يلتفت فهذا من بعض صناعتهم
27.8 الباب السابع في كشف أسرارهم
[27.9]
ومن ذلك أنهم يأخذ أحدهم درموت ويأتي إلى الفاخورة ويملأه شقاف ويغطيه
~~بكساء ويحمله إلى بعض المواضع ويوري أنه قد تعس ثم يرمي بالدرموت عن رأسه
~~ثم يدق يد على يد ويوري أنه يبكي ويحولق أي من رآه عبر يقول أسعدوني في
~~ثمنه فوالله ما أملك قوت العائلة في يومي هذا ولا يزال يتسأسأ حتى يحصل
~~القشمة والصمية واللقية ثم يمدها فافهم ذلك
27.9 الباب الثامن في كشف أسرارهم
[27.10]
ومن ذلك أنهم يرسلون صغيرة بنت عشر سنين فتقف على بعض الشوارع معها قنينة
~~مكسورة وقد يبقى في يدها حلق القنينة وهي تبكي وتبحث في التراب كأن قد وقع
~~منها شيء وهي تفتش عليه وتبكي فيجتمع عليها الناس ويقولون ما لك أيش ضاع لك
~~فتقول والله أعطتني أمي نصف نقرة والله باعت به غزل قالت اصرفيه خذي منه
~~بقرطيس زيت والباقي خبز وقعت وكان في يدي طار مني وانكسرت القنينة فلا تزال
~~تبكي حتى يعطيها واحد نصف نقرة فتأخذه وتشيل ويكون لها أخ أو أخت قد عملت
~~كذلك في موضع آخر
27.10 الباب التاسع في كشف أسرار الذين هم العطارين
[27.11]
وقد رأيت في ساحل جدة رجل نوبي يعمل الفلفل فيجيء جيد وقد تمول منه وذلك
~~أنه يأخذ من البسيل رطلا جيدا ثم يغمره بالماء المستخرج من الجرجير ويجعل
~~فيه أوقية فلفل حار ثم يغلي عليه حتى يذهب الثلث من ذلك الماء فإنه يعود
~~فلفلا جيدا ثم يرفعه ويجففه جفافا جيدا وهو مليح
27.11 الباب العاشر في كشف أسرارهم
[27.12]
ومن ذلك عمل الفلفل من الماش من حبه وجاء حسن ولم أقدر له على الجرجير
~~فأخذت بزر رشاد وسحقته سحقا ناعما ثم نقعته في الماء يوما وليلة ثم صفيت
~~الماء وأغليت به الماش فجاء أحسن ما يكون وكنت قد أخذت من الدخان الذي يكون
~~على طاقة الفرن شيء يسير ثم جعلته في ماء الرشاد فجاء أسود
27.12 الباب الحادي عشر في كشف أسرارهم
[27.13]
اعلم أن لهم أقراص جملة من القواتل يعملونها وهي تذهب بالعمر والحياة ثم
~~تكون عندهم لمن يقصدهم فيها فيأخذون منها ما أرادوا فمن ذلك قرص قاتل وهو
~~أن يأخذون من ورق رجل الغراب جزء ومن حشيشة ذات الأسرة جزء ومن الشيح جزء
~~يدقون الجميع ويعملون أقراص فإنها من القواتل
27.13 الباب الثاني عشر في كشف أسرارهم
[27.14]
ومن ذلك أنهم يعملون قرصا قاتلا وذلك أنهم يأخذون من حب النارنج جزء ومن
~~ورق الدفلى جزء ومن حب الفلفل الذي هو لاعية الأخواص جزء يدق الجميع ثم
~~يجعلونه قرص فإنه يفعل في إسقاط القوة فعلا عظيما فافهم ذلك ترشد
27.14 الباب الثالث عشر في عمل الزنجار
[27.15]
ومن ذلك إذا أرادوا يعملون زنجارا جيدا فيأخذون من النحاس الأحمر فيرقونه
~~صفائح ثم يطلونه بالخل والنشادر المعدني ثم يجعلونه في الندى أياما فإنه
~~يعود زنجارا جيدا وإن أرادوا حمصي فيرقونه ويلوثونه بالخل والنوشادر
~~ويعلقونه في دن الخمر أو في جوانبه فإنه يعود أحسن ما يكون
27.15 الباب الرابع عشر في عمل الزنجفر
[27.16]
وهو أحسن شيء وقفت عليه من أعمالهم وذلك أنهم يأخذون من الزرنيخ جزء ومن
~~الكبريب جزء ومن الزيبق جزء فيقتلون الزيبق في الزرنيخ والكبريب والخل ثم
~~يجعلونه في زنجفرية مطينة إلى حد الدواء ولها طوق من الطين ثم يجعلون لها
~~تنورا على قدرها من أسفله واسع وأعلاه ضيق على قدر الزنجفرية ثم يكون لها
~~بابان أحد الأبواب للنار والثاني معلق فيه ورقة فإذا كان النار قوية تحركت
~~الورقة جدا كثيرا فيحدون عليه عند ذلك الحريق وإذا بطل التحريك من الورقة
~~كانت النار ضعيفة فيقويها كي لا تجيء فطير فافهم ما أشرت إليك في النار ترشد
27.16 الباب الخامس عشر في كشف أسرارهم في عمل الإسفيداج
[27.17]
وذلك أنهم يأخذون من الرصاص القلعي فيجعلونه في إناء مزجج ويجعلون من
~~فوقه شيئا ثم يجعلون عليه النار من فوقه ومن أسفله كذلك ثلاثة أيام فإنه
~~يتكلس إسفيداج جيد فافهم ذلك ترشد
27.17 الباب السادس عشر في كشف أسرارهم في عمل النيل
[27.18]
إذا أرادوا أن يعملونه يأخذون قشر البيض يكلسونه تكليسا جيدا ثم يسحقونه
~~ثم يسقونه ماء ساعة ثم بعد ذلك يسقونه بماء حشيشة الصباغين وهي الوسمة
~~وكلما أسقونه فم يتركونه حتى يجف ثم يسقونه فم آخر ثم يرفعونه ويجففونه ثم
~~يكسرونه
27.18 الباب السابع عشر في كشف أسرارهم
[27.19]
وهم الذين يدعون المشيخة من الفقراء في منع المطر حتى أنهم يتوهم فيهم
~~الصلاح وذلك إذا أعاقهم المطر عن تصرفاتهم فيشتكون ذلك إلى الشيخ فيقوم
~~كأنه يدعو الله عز وجل ثم يأخذ نارا فيطرح فيها من ورق الدفلى جزء ومن
~~اليبروح جزء ومن الرامك المصري جزء ومن الغبيراء جزء ويكون ذلك كله مدقوقا
~~ناعما ثم يبخر به ويقف كأنه يدعو الله تعالى فإن المطر يرتفع عن تلك الأرض
~~فافهم وأعرف من هذا النوع أربعة عشر نوعا مختلفة الفعال
27.19 الباب الثامن عشر في كشف أسرارهم في نبع الماء
[27.20]
اعلم أن هذا الباب من الأسرار العجيبة الخفية الذي يستعملونها أصحاب
~~النواميس في الأسفار وهي أعجب ما رأيت حتى كدت أن أرتبط عليهم وذلك أنهم
~~يأخذون من حب الرشاد جزء ومن برشاوشان جزء ومن حب الإذخر جزء يدقون الجميع
~~ويجعلونه أقراصا فإذا أرادوا معرفة الأرض الذي فيها الماء يبخروا بتلك
~~الأقراص فإنه يظهر لهم شبه السحاب فيحفروا قليلا فإن الماء يطلع فيتوهم
~~الناس من ذلك وهذا من أجل النواميس الملاح
27.20 الباب التاسع عشر في كشف أسرارهم
[27.21]
ومن ذلك أني رافقت في أرض الحجاز رجل اسمه سليمان وكان يدعي المشيخة وكان
~~يعرف بحسن السائح اسمه الصحيح سليمان فكان معه ثلاثون فقراء فشرع ينومس على
~~شيء من النواميس وأنا قد انطعت له وقد وقع له أنه قد ربطني فقل علينا الماء
~~ولم نجده فشكوا أصحابه إليه فقال أوقدوا نارا فأضرموا النار ثم أخرج من
~~وسطه أقراص لا أعلم ما هي فجعل في وسط النار منها قرصا ثم قال أمنوا على
~~الدعاء وجعل يرفع يديه إلى نحو السماء ويدعو سرا في قلبه فلما ارتفع الدخان
~~طلع من السماء غمامة ولم تزل تدور على ذلك المكان ثم وقفت قريبا منه فقال
~~احفروا فحفرنا بالعكاكيز مقدار شبر ونصف وإذا بالماء قد صعد مثل الفوارة
~~فقال اشربوا وتوضؤوا للصلاة ففعلنا ثم أقمنا يومنا على ذلك الماء ثم بتنا
~~عليه وحملنا كل واحد وعاءه ورحلنا طالبين المدينة
[27.22]
فلما وصلنا واسترحنا شرعت في أشياء من نواميس المشايخ فقال فلان كان ينزل
~~في التنور ولا تؤذيه النار فقلت نعم ثم إنها ثلاثة تنانير فقال والله أحب
~~أن أقف على شيء من ذلك فقلت نعم حبا وكرامة فقال ولعل شيء آخر نذكرك به في
~~مدة حياتنا فقلت وما تريد قال كنت سمعت أن بعض المشايخ كان يظهر الفواكه في
~~غير أوانها وفي أماكن لا توجد فيها فقلت نعم وهي ستة وثلاثين نوعا قال شيء
~~في هذا الحجاز أقابلك به فقال كنت عزمت أني أصيدك فصدتني فقلت له أريد منك
~~صفة نبع الماء الذي أظهرته لنا في ذلك الموضع ووالله أعرف منه تسعة أنواع
~~ولعل يكون ذلك من الجملة فقال والله ما قلت أن فكرك يذهب إلى ذلك فما أنت
~~إلا فاضل ولو كنت تلبس خرقة الفقراء كنت أشيخ أهل عصرك فقلت هذا لا يمكن
[27.23]
فقلت أطلعني على ذلك وإن كان من جملة ما أعرفه فكان ما كان غير ذلك فأنا
~~لا بد أن أعرض عليك الذي أعرف فقال حبا وكرامة أما الذي أعمل أنا به فإني
~~آخذ من بزر السلجم جزء ومن المستعجلة جزء ومن بزر السيكران جزء فأدق الجميع
~~ثم أجعله أقراص فإذا أردت ذلك بخرت به كما رأيت فقلت والله هذا ما كنت
~~أعلمه وهذه فائدة منك وأنا أعرفك غيرها أليق منها ثم علمته من هذا النوع
~~ثلاثة وعلمته ما طلب مني وأقمنا في المدينة مدة أربع شهور وقد أقبلوا عليه
~~أهل المدينة إقبال كلي وهو عندهم أعظم من الجنيد وكنت أنا كلما حضر من
~~الأشراف لا أبرح واقف في خدمته فكنا إذا خلونا يقول يا أخي أسألك أن لا
~~تفعل ذلك فوالله أنا أحق بالوقوف في خدمتك فأقول هذا هو الواجب فلا تغير ما نظمت
27.21 الباب العشرون في كشف أسرار المطالبية في إبطال المهالك
[27.24]
اعلم أن هؤلاء القوم عندهم جبروت عظيم ولهم تقدم على كل أمر صعب مثل
~~الدخول في السروب ومعالجة تلك المضايق ثم الهجوم على المهالك وإن كان فيها
~~التلاف ولهم الصبر على العمل بالفاعل والجوع فإن في طلب المال تذهب الأنفس
~~بالطمع واعلم أن لهم آلة يطول شرحها بل نذكر شيئا من إبطال المهالك اعلم أن
~~من يمشي في هذا الباب لا غنى له من أن يكون يعرف شيئا من الهندسة حتى يقوى
~~على فتح الكنوز فمن ذلك إبطال المهالك منهم مهلك الماء اعلم أن هذا مهلك
~~عظيم وهو من أشد المهالك وذلك أنهم إذا أرادوا فتح المطلب فرأوا إن قد ظهر
~~عليهم الماء فينظرون من أي جهة يكون جريانه فإن كان جريه من أعلاه فيحفرون
~~عن شرقيه فيجدون قناة عظيمة فيخطونها فيجدون جحرا وهو جرنا عظيما فتنزل تلك
~~القناة فيه وينقطع الماء وإن كان عن يمينه فيحفرون إلى جانبه فيجدون الجرن
~~وكذلك عن شماله أيضا وإن كان أسفله فيحفرون عند باب المطلب فإنهم يجدون
~~جرنا كما ذكرنا بلا زيادة ولا نقصان وذلك حسب ما وقع عليه التجاريب فافهم ذلك
27.22 الباب الحادي والعشرون في كشف أسرار إبطال مهلك الأشخاص
[27.25]
وذلك أنك إذا دخلت المطلب رأيت دهليزا ماد وفيه أشخاص بأيديهم السيوف
~~فإذا دخلت لعبت تلك الأشخاص بما في أيديها فاحفر قدامك وذلك أنك تأخذ عكاز
~~وتتوكأ عليه فأي مكان لعبت عليه فاحفره فتجد فيه مزاريب مملوءة زيبقا
~~وسلاسل ملتفة على تلك الأشخاص فإذا مشى الإنسان التفت تلك السلاسل على
~~الأصنام فلعبت تلك الأشخاص فتهلكه فافهم وحينئذ اقلع تلك السلاسل وقد بطلت
~~الحركة وهو أقرب ما يعمل فاعمل في أعناقها حبلا تعمله بشوطة ثم تلقيه في
~~أرقاب الأصنام وتجذبها فتكسرها وهذا أقل خطر وأقرب إلى إبطال فعل الأشخاص
~~فافهم ذلك
27.23 الباب الثاني والعشرون في كشف أسرار إبطال مهلك النار
[27.26]
وهذا المهلك يكون من جهة عمار ذلك المكان فإبطاله بالبخور والعزائم
~~والإصرافات والإحرافات والحجب ورأيت مهلك آخر وهو عجيب وذلك أنا حفرنا على
~~مطلب بالديار المصرية في برية في أرض الحاجر فلما وصلنا إلى الباب وجدنا
~~ثلاث درجات إذا طرح الإنسان رجله على باب أحدهما لعبت تلك الدرجة مثل ما
~~يلعب البرجاس فيقع إلى جبا عميقا فيهلك فلما أردنا أن نعبر منعنا ذلك
~~فاحتجت إلى إبطاله فعمدنا إلى العكاز المتقدم ذكره ثم توكئنا عليه إلى حين
~~رأينا تلك البلاطة تلعب فأخذنا النار ثم وقدناها على تلك البلاطة ثم ألقينا
~~الرصاص وسبكناه فلما ذاب الرصاص جرى ونزل في الخلو الذي للبلاطة فسد الخلو
~~للولب وبطلت حركته
27.24 الباب الثالث والعشرون في إبطال مهلك الرمل
[27.27]
وذلك أنهم إذا دخلوا بعض المطالب فجرى عليهم الرمل حتى يغطيهم فيهلكهم
~~فيحتاجون حينئذ إلى إبطاله فإن كان جريانه عن يمين المطلب فيحفرون عن يساره
~~فيجرون شيئا عظيما من الرمل إلى تلك الطاقة وإلى جانبه قليب فحينئذ يحتالون
~~إلى الصعود إليه ويحفرون إليه طريقا فحينئذ ينزل جميع ذلك الرمل إليهم
~~فافهم ذلك وكذلك إن كان عن شماله فيحفرون عن يمينه وكذلك إن كان عن شرقيه
~~فيبطلونه
27.25 الباب الرابع والعشرون في كشف أسرارهم وما يعملون
[27.28]
اعلم أيها الأخ أن هؤلاء القوم أقل دين وأمانة ووفاء بالعهد من جميع
~~الطوائف وذلك أن الذي يكون منهم قد يوهم أنه يصل إلى بعض المطالب إما إلى
~~نواويس وإما إلى خبية وإما إلى ضريح فإن كان عنده دين وخوف من الله فإنه لا
~~يخرج إلى ذلك المكان إلا ومعه المرقد في شيء من المأكول
[27.29]
فإذا تبعه إنسان أو أراد أن يأخذ منه شيء فيقول يا أخي إن هذا المكان
~~الذي أنا واصل إليه فيه من المال ما لا يقع عليه عيار وما عسى أن ينقص منه
~~إذا أخذت حملك إلا أن النفس أمارة بالسوء وأنا رجل وحيد وأريد منك أن تحلف
~~لي أن لا تغدرني ولا تخونني ثم أخرج من جيبه مصحفا وهو مسقي بالمرقد ثم
~~يقول احلف بهذا المصحف أنك لا تغدرني ولا تعرف أحدا بهذا المكان ومهما أردت
~~منه خذ فيحلف وهو يقدمه إلى وجهه ثم يبوسه ويقول بوس كلام الله وهو الشاهد
~~بيننا فعند ما يقبله يتصعد البخار إلى دماغه فيقع إلى الأرض ولا يحس ما
~~يعمل به ويقوم الواصل يروح في شغله ومنهم من يعمل المرقد في خبز أو كعك أو
~~في تين فإذا أراد أن يرقد أحدا قال له بعد الأيمان حتى نتمالح فإن الخبز له
~~حرمة فيأخذ الذي معه ثم يخرجه وهو آخر عهده بالدنيا
[27.30]
وهذه صفة المرقد وهو أن يؤخذ من بزر البنج الأزرق البالغ خمس الدراهم ومن
~~الخشخاش الأسود أربع دراهم ومن الأفيون ثلاثة دراهم ومن الفربيون أربعة
~~دراهم ومن الجندبادستر ستة دراهم ومن الحبة السوداء خمسة دراهم ومن
~~الغاريقون ستة دراهم ومن بزر الخس أربعة دراهم ومن جوزة ماثل درهمين ومن
~~بزر السيكران درهمين يدق ذلك جميعه ويعجن بماء الكراث ويعمل أقراص ثم يبخر
~~بالكبريت الأزرق ولا يعمل أقراص حتى يسحق ناعما مثال الهباء فإذا أرادوا
~~يعملونه في المصاحف يحلوا ذلك القرص بماء قد نقع فيه جوزة ماثل مهرسة مثال
~~الحمص ثم بعد ذلك يصفونه بخرقة رفيعة ويعصرونه عصرا جيدا ثم يأخذون ذلك
~~ويسقونه للورق والمصحف فافهم ذلك
[27.31]
وإن كان الواصل قليل الدين فإنه يعمل فيه شيء من السمومات فمتى وضع عينه
~~ووقع على من عرف الموضع أطعمه من ذلك فإنه يقتله من ساعته ولا يجد آلم ولا
~~وجع ومنهم من يعمل هذا السم في الكعك وفي الخبز ثم يرميه في أثره ثلاثة
~~أربعة مواضع فأي من جاء على أثره فيأكل ذلك المرقد الذي في الكعك فيرقد قبل
~~وصوله إليه فافهم ذلك الدهاء والمكر واحذر إن تقع عليه
27.26 الباب الخامس والعشرون في كشف أسرار المنجمين وما لهم من الإشعار الذي يسمونه السين
[27.32]
وهو البلاغ الذي يتكلمون به ولا يفهمه إلا هم ومن صاحبهم فافهم ذلك فمن
~~ذلك يقول سعموىى كسحاب ىىهت ما ابهله فى سىىى فرحات ومطى شن... ورمح فى
~~الطلموت ىرىد فى صهوتى سعا للبر... فيه كدىى ولهم في السين أشياء كثيرة لا
~~تعد ولا تحد ولهم مجالس لم تكن للملوك وأوقات عجيبة ولولا خوف الإطالة ذكرت
~~لهم نوادر لا تحصى وذلك أنهم يعرفون بين الطوائف بالغرباء وهي لغة عجيبة
~~واعلم أنهم سموا بالغرباء لأنهم يأتون بالغرائب من كل الفنون بما يعجز عنها
~~غيرهم وأمثالهم
27.27 الباب السادس والعشرون في كشف أسرار الذين يدعون النبوة
[27.33]
ومن جملة ما رأيت لهم أنهم يقطعون رأس الآدمي ويحضرونه لهم في صينية
~~والدماء عليها ثم يقولون للرأس أخبر بما رأيت فيقول وقفت بين يدي الله عز
~~وجل فقال ما تقول في هذا الرجل فقلت وما عسى أن أقول في أنبياء الله جل
~~جلاله أنا مؤمن بما جاء به من الرسالة وأداء الأمانة فقال الله جل اسمه
~~للملائكة اعرضوا عليه ما أعد الله له في الجنة من النعيم المقيم والقصور
~~والولدان والحور العين واعرض علي ملك بقدر ملك الدنيا سبع مرات
[27.34]
ثم يقول قال الله تعالى تعرف فلانا الذي كذب رسلنا فقلت نعم يا رب أعرفه
~~فقال أوقفوه عليه ليعاين ما وقع فيه من العذاب فأوقفني على شفير جهنم ثم
~~قالوا يا مالك إن الله عز وجل أمرك أن توقف هذا المؤمن على فلان لينظر ما
~~أعد الله له من أنواع العذاب ثم يخبر الناس بما رأى فعند ذلك كشف لي مالك
~~عن طبقات النيران إلى الدرك الأسفل منها فإذا أنا بفلان في سلسلة من نار لو
~~وضع كعبا من كعابها على الجبال الشوامخ تدكدكت وعن يمينه حيات تنهش من لحمه
~~كل حية مثل النخلة العظيمة وعن شماله عقارب كل عقرب مثل الرامي وله رائحة
~~لا يقف عليها أحد إلا انصرع من نتنها والزبانية بأيديهم مقامع من حديد
~~يضربونه ويقولون هذا جزاء من عصى الله ومن كذب الرسل وهو في عذاب سرمد
~~وبلاء متجدد
[27.35]
فهذا الذي رأيت فالحذر الحذر يا إخوتي في الدين من مخالفة الرسل فوالله
~~لو رأيت منابر الأنبياء لقد رأيتها جميعا في الجنة وعلى كل منبر اسم صاحبه
~~وفيها شيء أرفع من شيء ورأيت منبر هذا المصطفى صلوات الله عليه أرفع
~~المنابر وهو منصوب تحت ساق العرش وقد احتفت به الملئكة وقد احتمله ملك من
~~الملئكة وهو يطوف به حول العرش وهذه درجة لم أرها إلا له ولا خص بها غيره
~~وأنا مؤمن به صلى الله عليه فمن آمن به فله الجنة ونعيمها ومن تولى وكفر
~~فله النار وسعيرها فإذا سمعوا القوم ذلك من رأس مقطوع يتوهمون منه الأوهام
~~ويقولون إن هذه معجزة بالغة
[27.36]
وقد ظهر في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة صاحب من الإسماعيلية يقال له سنان
~~ونزل بمصياف وحكم فيها وما لها من القلاع وكان خبيرا بالحيل والنواميس
~~الأفلاطونية وسمع له أهل تلك الجبال وأطاعوه طاعة لا حد لها حتى أنه كان
~~يقول أريد الساعة عشرة من الرجال تصعد إلى السور ويرموا أرواحهم إلى الخندق
~~فإنهم يسابقون إلى تلاف أرواحهم وهذا رباط لا يقدر عليه أحد وكان يعمل لهم
~~هذا الباب ويستعبدهم به وهذا مشهور عن سنان
[27.37]
وهذه صفة العمل بهذا الباب وهو أجل الحيل وذلك أنه كان حفر في مجلسه عند
~~الطراحة التي يجلس عليها فحفر هنالك حفيرة يكون مقدارها إذا جلس الإنسان
~~فيها جاءت إلى رقبته ثم حسنها وبلطها وعمل لها غطاء من الخشب الدقيق مقور
~~قدر ما يسع رقبة الرجل ثم أخذ طبق نحاس فيقوره في وسطه ثم جعل له مصراعين
~~ولم يطلع عليه أحد فكان إذا أراد أن يفعل ذلك أخذ الذي يختار من أصحابه
~~وأوهبه شيء جيد ثم يوصيه ما يقول وينزله الحفرة ويغطي عليه ويخرج رأسه من
~~القوارة ثم يأخذ الطبق المقور فيجعله في رقبته ثم يسقط عليه السواقط فلا
~~يرجع يبان منه إلا رأسه ثم يجعل في الطبق شيئا من الدم ثم إنه يشيع أنه قد
~~ضرب رقبته ثم يدعو أصحابه إليه
[27.38]
فإذا حضروا أمرهم بالجلوس فإذا جلسوا واستقر بهم الجلوس قال لمملوكه اكشف
~~هذا الطبق فيكشفه فيجدوا فيه رأس صاحبهم فيقول له حدث أصحابك بما عاينت وما
~~قيل لهم فيحدثهم بما قد وصاه من الكلام فيذهل عقولهم من ذلك ثم في آخر
~~الكلام يقول له أيما أحب إليك ترجع إلى أهلك وإلى ما كنت فيه من الدنيا أو
~~تسكن الجنة فيقول وما حاجتي بالرجوع إلى الدنيا والله إن خرذلة مما أعد لي
~~في الجنة ما أبيعها بمثل هذه الدنيا سبع مرات فانتهبوا يا أصحابي وأنتم على
~~كلكم سلامي وارجوا في الجنة فالله الله الحذر من المخالفة لهذا الصاحب فإنه
~~خليفة الإمام وسيد الحكام في الموقف كما قال لي الخالق جلت قدرته والسلام
~~فإذا سمعوا ذلك قوي ربطهم ثم انصرفوا فإذا انصرفوا عنه أطلعه من الحفرة ثم
~~يحييه إلى الليل ثم يضرب رقبته ويدفنه فبهذا استعبد أهل تلك الجبال إلى مدة
~~حياته وإلى يومنا هذا ذكره باقي
27.28 الباب السابع والعشرون في كشف أسرار نوادر من ادعى المشيخة
[27.39]
وقد ظهر في ساحل عيذاب رجل من النوبة وادعى المشيخة وسمع له خلق كثير
~~ومعه جماعة من التكرور وبني له زاوية في جانب البحر وكان يعمل السماع فإذا
~~طرب في السماع في الليل رقص ساعة ثم خرج من الزاوية إلى جانب البحر فأرمى
~~سجادته على الماء وصعد فوقها وهو يرقص ويجوز في البحر مقدار رمية سهم هذا
~~والفقراء على الساحل يعملون السماع وهو يرقص ثم يعود إليهم وقد ارتبط عليه
~~جميع البجاوة والتكرور والنوبة والحبشة وقالوا إنه تكروري ويعرف بعبد الله
~~التكروري وكان جميع تجار الهند واليمن يقبلون إليه ويهدون له من كل الطرف
~~المعدومة في البلاد وتحصل له بهذا الناموس وهذه الحيلة جملة كبيرة وقتل في
~~الينبع سنة خمس عشر وستمائة وأخربت الزاوية التي له بعيذاب
[27.40]
وهذا كشف أسرار مشيه على الماء وذلك أنه كان واسع الحيلة فأخذ ثلاث ظروف
~~ماعز فدبغها ثم أملأها ريح واستوثق وكائها ثم ربط أيديها وأرجلها إلى بعضها
~~بعض ثم أخذ ألواح من الرصاص وجعلها تحت تلك الظروف معلقة فيها بمقدار
~~معايير إذا وقف على الظروف لا ترجع تبان وعمل في أجنابها سكان لا يراها أحد
~~فإذا وقف على تلك الظروف جعل رجليه على تلك السكان وكيفما أراد سيرها بها
27.29 الباب الثامن والعشرون في نوادرهم
[27.41]
وقد كان ظهر في قلهات في بلاد اليمن رجل علوي يعرف بالشيخ حسن وادعى
~~المشيخة وسمع له خلق كثيرة من أوباش تلك البلاد وكان معه عكاز إذا وضعه
~~يصلي يورق تلك العكاز وهي كان معجزته وتبعه خلق كثير من أهل اليمن فلما
~~استفحل أمره ادعى أنه المهدي وخرج من البلاد وقتل وسبى وملك أطراف بلاد
~~اليمن وفتح حصون وكسر عساكر الملك وقتل في سنة أحد وعشرين وستمائة
[27.42]
وأما كشف أسرار العكاز وكان يسميه قضيب الطاعة وذلك أنه أخذ عودا من خشب
~~الدلب وعمل منه عكازا في غلظ الإصبع الإبهام ثم قرض فيه من جانبه قرضين ثم
~~عمل في تلك القرضين قصبتين من رقيق الخيزران ثم ركب لها أوراقا من ورق
~~الكاغذ وصبغها أخضر وجعلها واقفة فيه ثم عمل لهذا العكاز رمح من الحديد
~~طوله شبرا ثم عمل له كرسي منه وبه وترك العكاز الخشب فيه وقواه تقوية جيدة
~~ثم عمل له قطعة من خشب القنا مجوفة وجعل الخشب فيها من داخل وشق لها في
~~جوانبها موضعين تحت تلك القصبتين ثم عمل طبلتين خفيفتين لا يدركها أحد ثم
~~جعلها أقصر من العكاز الخشب الذي من داخلها
[27.43]
فإذا أراد العكاز يورق أغرز العكاز في الأرض فإذا فعل ذلك سبحت القطعة
~~القنا ونزلت حذاء الكرسي الحديد فإذا صارت عليه صعدت تلك القصبتين الخيزران
~~التي لها الأوراق فحلت الطبلتين فانفتحت وطلعت تلك الأغصان منها فيخيل لمن
~~يراها أنها ورق الآس فيذهل وهذا ناموس عظيم لا يدركه إلا كل ذكي
27.30 الباب التاسع والعشرون في نوادرهم
[27.44]
وقد اجتمعت في ساحل جدة من أرض الحجاز برجل كان شيخ ثم صار سالوس فرأيته
~~وقد حضر في الموقف وكان من عادته أن يقف في أفراد الأيام ويورد أخبار عن
~~الصالحين وأحاديث الرسول عليه السلام ويذكر ما أعد الله من النعيم المقيم
~~للذي أعده لعباده الصالحين وما ابتلى به من شر العذاب المجرمين ويذكر الجنة
~~ونعيمها والنار وسعيرها كذلك حتى يدمع العيون ويوجل القلوب وبعد ذلك لا
~~يلتمس من أحد شيئا البتة ولا يقبل ما يدفع له وهذا هو الناموس العظيم
~~والرباط
[27.45]
ثم رأيته في الموقف وهو يتكلم على حسب عادته وقد اجتمع عليه الخلق من كل
~~مكان فلما شوقهم وحذرهم قال يا أصحابنا ألم تعلموا أني رجل مسلم مثلكم سلام
~~عليكم اعلموا أني رجل لا ألتمس شيئا من هذه الدنيا لما ثبت عندي أن حلالها
~~حساب وحرامها عقاب وقطعت منها علقي وعلائقي ونبذتها خلف ظهري وانقطعت إلى
~~الله عز وجل فهو متولي أمري وأنا لا أعيش إلا من نبات الأرض وهذه نعمة من
~~الله علي لا أقدر أقوم بشكرها
[27.46]
فلما كان أمس بعد صلاة المغرب ورد علي أربعين فقيرا وقالوا نحن نريد
~~نتوجه إلى الشام وقد نزلنا بك ونريد منك الزاد فأوضحت لهم عذري فلم يقبلوه
~~بل قالوا أنت رجل معروف في هذه الديار ولو طلبت شيئا جاءك فقلت إن في هذه
~~الديار منزلي لم ألتمس منه شيء وذلك أن ما لي في الدنيا علاقة ورزقي قد
~~يسره الله من نبات الأرض فلا أريد شيئا آخر فقالوا قد نزلنا بك ولا بد من
~~تسفيرنا وقد ألحت الضرورة إلى أن أتكلف لهم هذا الأمر وقد أتيتكم بتحفة لا
~~بل بتحفتين
[27.47]
أحدهما أني قد حملت لكم هدية من الله عز وجل والأخرى أني قد سقت لكم أجري
~~عند الله فأما الهدية فإنها اسم الله العظيم الأعظم الأكرم الجليل الأجل
~~وهو مما يظهر لكم برهانه في هذه الليلة لأنه من جعله تحت رأسه في الليل
~~فإنه يرى سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد الصادق الأمين ويوريه ما قد أعد
~~الله له في جنته من النعيم المقيم وهذا أقل فائدة في الاسم الأعظم وهو
~~واسطة بينكم وبينهم فمن ساعدهم بشيء من تسفيرهم جعلته هدية هذه الاسم وإنه
~~يرى برهانه الليلة في نفسه وولده وماله
[27.48]
ثم أخرج من جرابه أوراق كل ورقة قدر إصبعين مكتوبة بالزعفران والمسك
~~والماورد ثم جعل يقبلها ويجعلها على رأسه وقال هذه اسم الله الأعظم فمن كان
~~يجد في جسده مرض فيمسح به عليه يزول من وقته ثم هدر عليه بالهادور وقال قد
~~جعلت هذا الاسم واسطة بينكم وجعلت هديته مسعودي ولا أطلبه صدقة بل هدية
~~بهدية ومن أخذ منه شيء في هذه الليلة يرى برهانه فأخرج منها مقدار عشرين
~~فلم يرضيه ذلك فقال يا أصحابنا من أخذ مني يعيده حتى أقول لكم كيف تعملون
~~بهذا الاسم ثم استعاد الأوراق وجعلها في كفه ورفع رأسه إلى نحو السماء وقال
~~اللهم إن كان هذا اسمك العظيم الأعظم الذي فضلته على سائر الأسماء كلها
~~وأودعته سر قدرتك وإن هؤلاء العصابة من عبيدك قد حصل عندهم منه وفيه شك ولم
~~يكن عندهم له قبول ولا يقين صادق وإنك لا ترضاهم لحمل اسمك وغرت على اسمك
~~أن لا يملكه لمن يشك فيه فخذ باسمك إليك يا رب
[27.49]
ثم فتح كفه فجعلت تلك الأوراق تطاير وارتفعت حتى غابت عن الأبصار ثم ركب
~~قصبته وهرول مدبرا فلحقه الناس وجعلوا يسألونه فقال زال ما عندكم من الشك
~~وضعف اليقين وضعف الظن فقالوا نعم فقال ارفعوا أيديكم وقولوا يا الله ثم
~~جعل يدعو ويقول اللهم إن كان قد سبق في علمك أنك تمحو ما في قلوب هؤلاء
~~الذين هم عبيدك من الشك وسوء الظن وضعف اليقين وأن تصفي قلوبهم ونياتهم
~~وترضاهم لاسمك فأردد عليهم ما سلبتهم يا الله فأنت قلت وقولك الحق
~~{يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} ثم جعل يدعو وتلك الأوراق
~~تتقاطر عليه نازلة فلما رأوا ذلك تعجبوا فأخرج منها في ساعة واحدة خمسمائة
~~شريحة بخمسمائة درهم ولقد رأيت من الناس من يأخذ منه الشريحة والمثلثة ولو
~~كان معه أكثر من هذا بلزه فافهم عظم هذا الباب
[27.50]
وهذا كشف سر تطيير هذه الأوراق وذلك أنهم إذا أرادوا يأخذون من الندى وهو
~~الطل الذي يقع على أوراق الشجر ثم على الزرع فيجمعون ذلك ثم يسقون به تلك
~~الأوراق فلا يرجعون يمسونها حتى تجف في الظل ثم يبقى فيها رطوبة يسيرة ثم
~~يأخذها ويقف بها في الشمس وجعلها في كفه ثم فتح كفه فإذا حميت الأوراق
~~ارتفعت بما فيها من الرطوبة التي هي من الطل فإن الطل إذا حمي ارتفع ولا
~~تزال الأوراق مرتفعة حتى تجف الرطوبة منها فعند ذلك تنزل إلى الأرض وهذا من
~~النواميس الكبار وهو عظيم فافهم
[27.51]
صفة كشف أسرار تطيير الأوراق نوع آخر وذلك أنهم إذا أرادوا أن يطيرون
~~الأوراق أو بما أرادوا من ذلك فيأخذون الصمغ العربي ويحلونه على قوام ما
~~يكون العسل القوي ثم يقتلون فيه الزيبق ويكون من الصمغ جزء ومن الزيبق خمسة
~~أجزاء فإذا فعلوا ذلك أخذوا الورق وقشروه وقطعوه كل قطعة مقدار إصبعين أو
~~ثلاثة ثم يلطخ الورقة من ذلك ثم يرد قشرها عليها ثم يلصقها لصاق جيد ثم
~~يتركها حتى تجف فإذا جفت صقلها جيدا برفق ثم تركها عنده في مكان لا حر فيه
~~فإذا أراد تطييرها يقف بها في الشمس فمتى ما حميت الأوراق وحمي الزيبق طلب
~~العلو فارتفع فرفعها وهذا أعجب شيء يكون
27.31 الباب الثلاثون في كشف أسرار نوادرهم في علم الغيب
[27.52]
اعلم أن الأوائل الذين كانوا يشتغلون بالكهانة وكانوا يخبرون بالحوادث من
~~قبل وقوعها من جميع ما يحدث في العالم من خير وشر وغلاء ورخص وأمن وخوف
~~فكان يحصل عند الناس منها وهم عظيم ويمتثلون ما يأمرونهم به من خبر
~~ويطيعونهم فيما يعملون ولهم في ذلك أحوال عجيبة ولقد رأيت بالديار المصرية
~~ديرا يقال له دير القلمون وهو من بلاد البهنسا ورأيت فيه راهب يقال له
~~أشمونيت قد مر عليه من العمر مائة وستون وهو من أعظم فلاسفة وقته وكان في
~~أول كل يوم من كل شهر يقول لمن حضر عنده من اليوم الفلاني يتم كذا وكذا وفي
~~اليوم الفلاني من هذا الشهر يحدث كذا وكذا
[27.53]
ثم امتحنت ذلك فوجدت جميع ما يذكره يقع كما نطق به فسألت عنه فقيل لي من
~~أبناء رجل كان من عظماء الكهان وهذه الكهانة موجودة في ذريتهم وكل من قام
~~في هذا الدير من نسل ذلك الرجل يفعل ذلك فتعجبت من ذلك ولم أزل عنده حتى
~~كشفته بعد المدة ثم إني اجتمعت براهبة كان الراهب اصطفاها لنفسه وأطلعها
~~على سر ذلك فحصل لها عندي غرض يكون أنها لا تقدر تطرف عينها عما تريد فلما
~~تحققت منها ذلك ذكرت لها شيء من ذلك فقالت إن أنت طاوعتني على ما ألتمس منك
~~أطلعتك على سر ذلك فحلفت لها على ما أرادت فقالت اعلم أن هذا الشيخ فيلسوف
~~حاذق وقد اطلع على أسرار الكهنة المتقدمين وقرأ كتبهم وحل رموزهم وفهم وعلم علومهم
[27.54]
فإذا أراد أن يعلم الأشياء ويخبر بالمغيبات فإنه يأخذ خلد فيغرقه في
~~الماء حتى يموت فإذا مات أخذ ذلك الماء وأعزله عنده ثم يدق ذلك الخلد دقا
~~جيدا مع مثل وزن نصفه من لحم الكروان ومع ربع وزنه من قلب قرد ومثله من
~~ببغاء ناطق ذكر ثم يعجن الجميع بذلك الماء المعزول الذي غرق فيه الخلد ثم
~~يعمل منه طوابع الطابع وزنه مثقال وهو طريا فإذا جف رجع وزنه درهم ثم يجفف
~~تلك الطوابع في الظل ويرفعها في حق ويستوثق من رأسها لا يدخل فيه الهواء
~~فإذا أراد أن يعلم ما يحدث في ذلك السنة من خير وشر فيشرب من تلك الطوابع
~~طابعا واحدا يكون وزنه درهما فإنه يخبر بما يكون في العالم فلما سمعت ذلك
~~منها أعرضته على ما كشفته فوجدته ذلك بعينه لم أخل فيه بشيء إلا المقدار
~~الذي يشرب منه في كل شهر فعلمت صحة ما قالته الراهبة
27.32 الباب الحادي والثلاثون في كشف أسرار نوادر الطرقية في كشف أسرار الذين يعملون القرون للحية ويلف الهنكامة عليها
[27.55]
وذلك أنه يأخذ الحية المعروفة بالدفانة الذي تسكن الرمل وتسمى ذنب الثعلب
~~وهي حية صفراء يرى طولها شبر واحد ونصف وهي كما رأسها كما ذنبها فيأخذ هذه
~~الحية ويشممها شيء من المخدرات ويكون ذلك في شهر كانون الأصم ثم يعمد إلى
~~رأسها ويأخذ إبرة ويخيط في رأسها ثقبين ثم يأخذ شعر فرس وتعبر الشعرة في
~~ذلك الثقب ثم يجمع رأسها ويعقد فيها عقدة طول الإصبع الخنصر ودونها قليل
~~ويقطع الشعرة من فوق العقدة ثم يفعل بالناحية الأخرى كذلك ثم يأخذ القير
~~يلبسه لذلك الشعر بعد أن يكون حله بقليل شمع وزيت ثم يعمل على هيئة القرون
~~ملس دقاق من أعلاها فلا يشك أحدا فيه أنها خلقة فيلف عليها الهنكامة ويهدر
~~عليها بما أراد
[27.56]
وكذلك يعملون بالصل فإنهم يأخذون جلد حية من هذه الحيات الحمر الكبار ثم
~~يحشونه بشيء ثم يطوقونه كما تطوق الحية ثم يعمدون إلى رق الضأن ويصورون فيه
~~وجه ابن آدم ورأسه وشعره على مقدار تلك الحية ثم يحشونه ويتركونه على تلك
~~الحية بهندام مليح حتى لا يبان ثم يجعله في كيس ويظهر الوجه وعليها خرقة ثم
~~يهدر عليها ويلف الهنكامة وهو بلهانة
[27.57]
واعلم أن كل شيء من هذه البلهانات لها هادور مختص بها فأما هادور الحيات
~~وهي حكاية يخبر الذي خبأ الحية في جوفه وأحادها عن عدوها وهي حكاية تليق
~~بهذا الموضع وأما الهادور على الصل فهي حكاية بخت نصر وما ورد عنه من حديث
~~ابنته مع عبيد الساحر الأنصاري وكيف كان كل ليلة يحضرها من بلاد الفرس إلى
~~صعيد مصر إلى أنصنا ثم يعيدها إلى المكان الذي فيه وهي حكاية تليق بهذا
~~المكان فيلف عليها الهنكامة ويهدر عليها بالهادور ويشكر الأخشان
27.33 الباب الثاني والثلاثون في نوادر المشعوذين
[27.58]
وذلك أنهم يزرعون المقثأة فتنبت من ساعتها فيعجب من ذلك فإذا أرادوا ذلك
~~يأخذون بزر البطيخ الأصفر أو بزر القثاء أو بزر الخيار إحدى هذه البزور ثم
~~ينقعونه في دم ابن آدم مع قليل ماء فاتر أربعون يوما ثم يرفعونه ثم يجففونه
~~في الظل ويكون عندهم فإذا أرادوا أن يزرعون المقثأة يأخذون تراب جزء
~~ويعملونه على هيئة المقثأة ثم يغرزون فيه ذلك البزر المدبر في الدم ثم
~~يجعلون عليه ماء فاتر ويغطونه بمنديل ويشغلون الناس ساعة بحركة أخرى بمقدار
~~ما ينحل ذلك البزر فيكشفونه فيجدونه قد طلع ذلك البزر وقد أورق أوراق كبار
~~فيتعجب الناس من ذلك وكذلك يعملون بالقنب وبالرشاد وبغيرهما من البزور ولهم
~~زرع الأرض مثال النجيل الأخضر وهو مليح
[27.59]
ولهم وهمة عظيمة وهو أن يأخذ خيط حرير أحمر وأصفر يكون طوله شبرين ثم
~~يبلعه قدام الحاضرين ويوري أنه قد بلعه ثم يخبأه في فيه ثم يكشف عن بطنه
~~ويجذب ذلك الخيط فتراه قد برز من خاصرته طالع إلى أن يبرز جميعه وهذه وهمة
~~عجيبة فإذا أراد فإنه يأخذ خيط حرير على مقدار ذلك الخيط الذي يوهم أنه
~~يبلعه وعلى لونه ثم يجعله في إبرة غير مسقية ثم يجمع خاصرته بيده ثم يثقبها
~~بتلك الإبرة ثم يطلع برأس الخيط ويقلب خاصرته فإنه يبقى رأس الخيط الواحد
~~بارز من الثقب الواحد والطرف الآخر نازل عنه مقدار شبر أو أقل فيحصل الطرف
~~النازل السفلاني تحت سراويله والطرف الفوقاني ظاهر فإذا جذبه فلا يشك أحدا
~~أنه طلع من بطنه وهذه وهمة مليحة
[27.60]
ولهم في ذلك فنون كثيرة واعلم أني لو أرخيت عنان الكلام في هذا الفصل
~~لطال الشرح فيه لأني قادر أن أكمل هذا الفصل ألف باب تتضمن أمور لهم لم يقف
~~عليها الغير بل هذا القدر كاف وبه يستدل على ما سواه فافهم ذلك
28 الفصل الثامن والعشرون ثلاثة أبواب في كشف أسرار الهجامين الذين يهجمون البيوت من اللصوص
28.1
[28.1]
اعلم أن هذه الطائفة أخبث الناس وأدهى وأسرع بطش من اللصوص أصحاب القتل والنقب وسيأتي ذكرهم وهؤلاء الهجامين لم يكن لهم يد في النقوب ولا في التسليق في الحيطان بل فعلهم الهجم ونتش ما حصل بسرعة ولهم في ذلك طرائق شتى يطول شرحها وسنذكر بعضها
28.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[28.2]
وذلك أنهم يأخذون طير حمام يكون مقصوص الجناح ثم يدورون به في الأزقة فأي
~~باب وجدوه مفتوح سيب فيه ذلك الطير الحمام ودخل خلفه فإن وجد أحدا يقول لعل
~~تمسكوا لي الطير الحمام وإن لم يجد أحدا علق مهما قدر عليه وشالها
28.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[28.3]
ومن ذلك أنهم يأخذون قط وقطعة لحم تكون كبيرة ثم يدورون في الشوارع فأي
~~باب وجدوه مفتوح أرمى القطعة اللحم والقط خلفها فأخذها وزعق عليها فهم داخل
~~إلى الباب وهو خلفه فإن وجد أحد يقول امسكوا لي القطيطة وخلصوا منه اللحمة
~~وإن لم يجد أحدا خطف ما قدر عليه وتم هارب
28.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[28.4]
ومن ذلك أن يكون بعضهم معه صغيرا أو صغيرة ابن سبعة ثمان سنين ثم يكون
~~موصى توصية جيدة وهو دائر به في الدروب فإن وجد باب مفتوح دك الصغير دخل
~~وهو يبكي وهو خلفه فإن وجد أحد يقول أخرجوا هذا الولد الزناء فإنه قد ضيع
~~علي كذا وكذا فمنهم من يخرجه ومنهم من يرحمه فيقول بالله عليك خليه عندنا
~~الساعة حتى يسكن روعه فقد قطعت قلبه بالفزع ثم يقول وا لك روح البيت ثم
~~يتركه ويخرج يقعد بعيد عن الباب فيسألوه النساء فيقول لهم ما وصاه به ثم
~~يطعموه شيء ويبقى عندهم فإن هم غفلوا عن شيء خطف مهما قدر عليه وطلب الباب
~~وذلك قاعد له فيخطفه منه مثل مرجونة الحمام ثم يمدها وإن لم يقدر على شيء
~~أقام عندهم ساعة ثم يخرج يغيب عنهم جمعة ثم يجيء ويقول والله ضربني أبي أو
~~عمي ثم أراد يعلقني وقد هربت منه ثم إنه يقعد عندهم ولا يزال حتى يلوح له
~~شيء فيلفه ويشيل فافهم واعلم أن الذي دك أكثر
29 الفصل التاسع والعشرون أربعة أبواب في كشف أسرار اللصوص أصحاب النقوب والقتل
29.1
[29.1]
اعلم أن هذه الطائفة مجمعة على أكل الحرام وقتل النفس التي حرم الله عز وجل وذلك أن أي مكان دخلوه وحس بهم صاحبه ثم تكلم قتلوه لا محالة فهم يأخذون المال والروح ولا يردون أيديهم عن أحد يقعوا به
29.2 الباب الأول في كشف أسرارهم
[29.2]
وذلك أن أهل هذه الصنعة يحتاجون إلى عدة فمن ذلك عدة النقب مثل العتلة
~~والسكة والصفيحة والفشاشة وكف حديد بأصابع حديد ولا بد من السلم وكيس فيه
~~رمل وسلحفاة صغيرة ولهم من العدة ما يطول شرحها وأكثر الناس يحملوها فإذا
~~أرادوا النقب ثقبوا بالعتلة والسكة والكف فإن العتلة من شأن خلع الأبواب
~~وإذا أنفذوا النقب أخذوا عصاة ثم يلفون عليها قطعة قماش يعبرونها في النقب
~~مخافة أن يكون قد فطن عليهم أحد في الدار فيقف داخل النقب فإذا أدخل اللص
~~برأسه في النقب ضربوه بدبوس أو بعصا أو بسيف فيهلك فيجعل اللص تلك العصاة
~~وعليها قطعة قماش عوضا عنه فإن وقع ضرب كان على تلك العصاة فعلم اللص أن قد
~~فطن به وإن لم يجد من يسمعه دخل إلى المكان وعمل ما أراد
29.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم في السلحفاة
[29.3]
ومنهم إذا نقب النقب وأراد يأخذ أخبار الدار ويعلم أحوال من فيها ويعلم
~~أيش الشيء الذي يريد يأخذه وكيف الطريق إليه وبعد ذلك يدخل وذلك أنه يكون
~~معه الزناد فيقدح ثم يكون معه شمعة على قدر الخنصر فيوقدها ثم يلصقها إلى
~~ظهر السلحفاة ثم يرسل السلحفاة في النقب فيدور جميع الدار وهو يشاهد كل ما
~~في البيت ويعلم أين يذهب هذا وهو خارج عن النقب فإن فطن به أحد خلا وراح
~~وإن لم يكن فطن به وإلا يكون قد عرف جميع الدار وما فيها وأين يسلك ولا
~~يخفى عليه شيء منها فإذا انطفت الفتيلة دخل من النقب ومشى إلى موضع يريد
~~وأخذ ما أراد وخرج سالما فافهم
29.4 الباب الثالث في كشف أسرارهم
[29.4]
وذلك أن منهم من يكون معه كيس فيه رمل فإذا نقب النقب دخل ثم جلس داخل
~~النقب ثم أخذ حفنة من ذلك الرمل وبذرها في البيت ثم صبر ساعة ثم أخذ حفنة
~~أخرى وبذرها كذلك أربع دفوع فإن كان في الدار أحد منتبه علم به وسمع حسه
~~وكلامه وإن لم يكن أحد منتبه إطمأن قلبه ثم دخل وامتد في الدار وفعل ما
~~أراد وأخذ ما اشتهى وخرج سالما وقد يكون مع اللص الخبز اليابس والباقلى فإن
~~طلع له حس أو جلبه إخفاء الحس ثم شرع يأكل من ذلك الخبز اليابس ويقرش فيه
~~فيظن صاحب البيت أن القط قد أخذ فأر وهو يأكله فلا يلتفت ثم يهمل أمر اللص
~~ثم يخليه حتى يهجع ويتم شغله ويروح سليم فاعلم أني قد طالعت لهم ستمائة نوع
~~من هذه الصناعة ولولا خوف الإطالة ذكرت ما يعجز الغير عنه فاعلم ذلك ترشد
29.5 الباب الرابع في كشف أسرار الذين يسلكون البر من اللصوص
[29.5]
وهذه الطائفة يسمون المداورين ومنهم السلالين وهم الذين يداورون الأكراد
~~والتركمان والعربان وأما السلالين فهم الذين يسلون الخيل الجيدة الأصيلة
~~السابقة ويسافرون خلف الفرس من بلد إلى بلد مسيرة الشهر والشهرين والثلاثة
~~ولا يزالون حتى يسلونها وأما المداورون الذين يداورون العربان والتركمان
~~والأكراد فإن منهم من يأخذ الكسب ويعجنه بمشاقة الشعر ويكون معه فإذا أتى
~~إلى الدور ثم أخذت عليه الكلاب أخرج ذلك الكسب المعجون فأرمى لكل كلب قطعة
~~منه فإذا أكلها تعلق الكسب مع الشعر في أسنانه وسقف لهاته فيظل يعالجه ليلة
~~ويشتغل بروحه فعندها يتمكن الدوار من الذي جاء في طلبه وأمن غائلة الكلاب
~~ومنهم من يلبس جلود الوحوش المزعجة ثم يمشي على أربع فتجفل منه الدواب
~~والرعاة وهذا لا يفعلوه إلا في البر والمراحات ولهم أمور يطول شرحها
[29.6]
وأما السلالين فإنهم أشد تسلط وأقدم على كل أمر صعب وأكثر خطر ومع ذلك
~~فإن واحد منهم يرمي روحه في الهلاك واعلم أن هذه الطائفة يتزايون بكل زي
~~ويتقلبون في كل قالب فمنهم من يتزايا بزي الشعراء ومنهم من يتزايا بزي
~~الفقراء ومنهم من يتزايا بزي الحدادين ومنهم من يتزايا بزي الوعاظ ولا يزال
~~حتى يعرف موضعه وأينه ومن يحفظه ويعرف جميع أحواله فمنهم من يكون معه
~~المبرد ويبرد به القيد ومنهم من يكون معه الفشاشة فيفش بها القيود جميعهم
~~ومنهم من يكون معه مفاتيح جملة فينزل على القيد مفتاح بعد مفتاح ولا يزال
~~حتى يقع عليه مفتاح فيركبه عليه فيأخذ الجواد ويخرجه من الحلة ثم يركبه
~~ويطلق رأسه فافهم ذلك وقد اختصرت
30 الفصل الثلاثون بابان في كشف أسرار النساء وما لهم من الحيل والمكر والخداع
30.1
[30.1]
اعلم أن النساء أكثر مكر وحيل وخداع وتسلط وقلة حياء من الرجال ولهم قلوب لا يخافون بها وذلك أنهم ناقصات عقل ودين وقلة المروة والأمانة فإن الرجل إذا أراد أن يفعل شيئا أو يقدم على شيء من الأمور الصعاب منعه عنه إما الخوف من الله عز وجل وإما خوف السيف وإما الحياء وإما المروة وقد قال الحكيم الفاضل أرسطاطاليس حيث يقول الظلم من طبع النفوس وإنما يصدها عنه أحد علتين إما علة ديانة لخوف معاد وإما علة سياسة لخوف السيف وأما النساء فلا يخافون شيئا من ذلك وقد عدموا المروة والحياء فلما عدموا هذه الخصال الحميدة قدروا على الأفعال الرديئة وتسلطوا عليها فمتى أقدروا وصلوا إلى كل رذيلة من الرذائل فإنهم أوصل إليها من الرجال فإن من لا لها مروة على أن تحفظ نفسها لا تؤمن على بائقة تفعلها ورذيلة تصدر عنها وقد ذكرت شيئا مما وقفت عليه
30.2 الباب الأول في كشف أسرارهم مما وقفت عليه
[30.2]
فمن ذلك أنا كنا في بعض الأيام في مجلس لهو وقصف ونحن جماعة وكان لي صاحب
~~من أهل حلب وكان له واحدة وقد هجرته وكنا متوجهين إلى اليمن فجعلنا ذلك
~~اليوم لهو ووداع ممن نحبه من الأصحاب والأصدقاء ولما اجتمعنا فكل من كان له
~~صاحب أو صاحبة أحضره فلما كان ذلك قلت لصاحبي وكان اسمه عيسى فقلت له أنفذ
~~أحضر فلانة نودعها ونستجعل منها في حل فقال ما تفعل تجيء فقلت لغلامي خذ
~~هذا الخاتم وروح إلى فلانة وقول سيدي يخدمك ويقول لك نحن أغدا رائحين إلى
~~اليمن وقد اجتمعنا اليوم برسم الوداع وإني أشتهي حضور الأخت لنودعها
~~ونستجعل منها في حل ولا بد من حضورك
[30.3]
فأخذ الغلام الخاتم وراح غاب ساعة وقال هذه جائية فما كان إلا لحظة وقد
~~دخلت ونحن في حجرة وفيها مجلس وفي جنب المجلس صفة فدخلت قعدت على الصفة
~~تخلع من رجلها وهي قد خلعت الفردة من رجلها إذ نظرت زوجها قاعد معنا في
~~المجلس فلما رأته لم تفزع ولا خبت وجهها ولا ردت عنه بل أخذت فردة الخف
~~وهجمت عليه والأخرى في رجلها ثم لم ترتد ولم تخاف بل قبضت بشاشيته وجعلت
~~تصقله بالخف حتى غاب عن رشده ثم مسكت بذقنه وخرجت به من المجلس وهي تقول يا
~~قواد كم تنحشر في موضع بعد موضع وهذه ثلاثة عشر مشربة قد درت فيها اليوم
~~عليك فكم تنحشر
[30.4]
ثم أنزلته إلى الزقاق وقالت لواحد خذ هذا الدرهم هات لي غلام القاضي
~~فنزلنا إليها وسألنها وبسنا بيديها وهي تقول أنتم الذي تفسدوا زوجي وهذه
~~القحبة الذي عندكم هي له فحلفنا لها وسألناها فقالت ما أتركه حتى يحلف
~~بالطلاق أنه لا يرجع يعبر في هذا الدرب فحلف لها ثم قال لها روحي إلى البيت
~~فقالت والله ما أطلع لك اليوم بيت ولا الليلة أنا طالعة إلى مصر عند أختي
~~فخذ مفاتيحك وروح والله ما تجيء خلفي أو تبعث لي شيء وترجع تشم لي عقصة
~~عمرك كله وأطالبك بمائة دينار مصرية
[30.5]
فقلت له خليها تروح إلى بيت أختها حتى ينكسر غيظها وتكسر عليها النسيات
~~وتجيء من الغد فقال خذي أدي عشرة الدراهم اشتري بها شيء معك وروحي فأخذتهم
~~وقالت روح اخرج قدامي أنا ما أخرج ربما تأخذ القحبة وتروح ولم تزل عليه حتى
~~خرج ثم طلعت إلى عندنا وقلعت وقعدت وقالت لغلامي خذ هذه الفضة واشتري لنا
~~بها شيء نتنقل ففعل وأقامت عندنا ذلك اليوم وتلك الليلة فافهم هذا المكر
~~وفعل هذه القحبة وقلة الحياء والتسلط والجسارة على كل أمر صعب منهم واعلمه
30.3 الباب الثاني في كشف أسرارهم
[30.6]
ومن ذلك كان لي صاحب من أهل دمشق جندار ثم ترك الجندرة وفتح له دكان نقل
~~في القاهرة فجاءته إمرأة عجوز وصارت تشتري من عنده النقل وتتردد إليه وصارت
~~زبونة فقال لها ذات يوم ما تقدري تبصري لي واحدة طفيلة لا تكون من هذه
~~القحاب الذي كسروا فإن ما لي عادة أن تكون عندي واحدة ولها التفاتة إلى
~~موضع آخر فتعلمي أن الشيء كثير إلا أريد من تكون مصانة وأنا أقنع منها
~~بساعة تقعد عندي وتروح وإذا علمت أنها لي أنا أكسيها وما أحوجها إلى شيء
~~فقالت كرامة أنا أفتش على غرضك
[30.7]
ثم غابت عني يوم ثم عادت وقالت قد حصلت لك واحدة بنت خمسة عشر سنة لا
~~تعرف يمينها من شمالها ولها في بيتها شهر ونصف إلا أنها لا تقدر تطلع ولا
~~تنزل ولا برحت عليها حتى لأنت فقالت إذا كان ولا بد فإن زوجي شغله في مصر
~~وكل يوم يطلع من الصبح ما يجيء إلى عشاء الأخير وما معي في الدار أحد فإن
~~كان هو يجيء إلى عندي وإلا نزول ما أقدر أنزل من البيت فإن كنت تشتهي فأنا
~~آخذك وأروح فقلت أنا أروح فقالت أنا أجيء إليك غدا فلما كان الغد جاءت
~~فأخذت معي من الدكان شيء ومشيت معها فأتت بي إلى زقاق
[30.8]
وقالت إذا أبصرتني دخلت في الباب فادخل خلفي ثم دخلت وأنا خلفها فأطلع
~~أصيب قاعة معلقة إيوان وصفتين لا غير وهو موضع طيب إلا أنه حرج ثم ألقى
~~صبية كما قالت العجوز فجلست معها وقامت العجوز راحت والصبية حرجت من الحياء
~~فمال قلبي إليها ثم أقمت عندها ساعة ونزلت وجعلت في كل يوم في وقت القائلة
~~آخذ معي شيء نأكل وأقيم عندها إلى العصر فأقمت كذلك مدة ثلاث شهور
[30.9]
فنحن في بعض الأيام جلوس وإذا بزوجها قد دخل في باب الدرب فقالت جاء زوجي
~~قال فوثبت ووثبت أنا قائم فقالت اقعد واسكت ثم عمدت إلى مسمارين فسمرتهما
~~في زوايا الإيوان وعقدت عليها ملحفة وقالت جوز اقعد فدخلت ومداسي معي وأنا
~~خائف فلما دخل قال لها من عندك قالت يا رجل بنت خالتي ضربها زوجها وجاءت
~~إلى عندي وما كان عندي شيء أطعمها فأخذ زبدية وتم نازل إلى السوق فلما نزل
~~قمت من تحت الملحفة طالب الباب فقالت لي إلى أين قلت أروح قبل ما يجيء قالت
~~والله ما تروح حتى تأكل معه اقعد واسكت ثم تركت الملحفة على حالها وأخرجت
~~مداسي جعلته تحت الإيوان وعملت على رأسها بوشية وقعدت عند الملحفة وهو قد طلع
[30.10]
فلما سمعت حسه قالت أي والله تأخذ أنت واحدة تعمل بها هذا العمل وترجع
~~تجيء خلفها هذا وزوجها قد طلع وقد بدرته وقالت يا مولاي ضربها ذاك الضرب
~~وقال لها قومي روحي عني ورجع جاء خلفها فقال لي زوجها هذي طفلة وما لها عقل
~~وتحتاج إلى المداراة فإذا جرى بينكم كلام اكسر الشر وانزل غيب عنها ساعة
~~وقد انكسر الشر فقالت قال ذا لا إلا يقعد يمرث قلبها ويضربها وجعلوا يكسرون
~~علي ثم شالت من الذي قد جاء به حطته تحت الملحفة وقالت كلي وشرعنا نحن نأكل
~~أنا وهو ونتحدث
[30.11]
فلما رفع الأكل قال لها خليها تلبس وتنزل قالت روح أنت انزل أنا آخذها
~~وأجيء وأبصر البيت ونوصي عليها أهل الدار وإن حلفوا علينا بتنا عندهم وإلا
~~جئنا ثم أخذ يده في يده ونزلوا يتحدثون فقال زوجها أنا ما أنزل من مصر إلى
~~غلوق السوق فكن خليها تجيء تظل عندها يتوانسوا وكن خذها وتعالوا ناموا
~~عندنا قال وانصرفت جئت إلى الدكان والعجوز قد جاءت قالت أين البنت قلت في
~~الموضع الفلاني فقالت اقف لي على الباب فقمت وإذا بهم قد جاءوا فبتنا في
~~ليلة طيبة وتعجبت من ذلك الفعل على صغر سنها وعلمت أن المكر مع النساء خلقة
~~لا اكتساب
[30.12]
قال وأقمنا على ذلك مدة ثم مرضت وانتقلوا إلى مصر ولم أرجع أراها وبقيت
~~ما لي من يخدمني فشاروا علي الأصدقاء بالزواج فخفت من ذلك ثم قلت ابصروا لي
~~واحدة بنت خمسة عشر سنة لا تعرف شيء وأقيم معها حتى أعلم أنها قد تخرجت
~~وأسيبها فإن النساء يخرجوا بعضهم بعض وفي أقل من سنة وثنتين ما تتخرج
~~فخطبوا لي واحدة بنت ستة عشر سنة وقالوا كان أبوها رجل إمام وهي خاتمة
~~القرآن وأقامت أمها مع أبوها في داره أربعين سنة ما فتحت لها طاقة وذكروا
~~أحوال حسنة فتزوجت بها ودخلت عليها فرأيت منها أمور تسر ولا تقطع لها صلاة
~~وكل يوم تقرأ سبع من القرآن ففرحت بذلك وأقمنا كذلك ست شهور
[30.13]
فبعض الأيام جئت إلى البيت أصيب الملحفة معلقة في زوايا البيت فقلت من
~~عندك وقد خفق قلبي فقالت بنت أختي تزورني فخلعت مداسي ثم شلت الملحفة أصيب
~~تحتها واحد قاعد فقلت قم يا نحس إن كنت ابن أختها أنا والله كنت ابن خالتها
~~ثم أنزلته وحلفت بطلاقها وسيبتها وحلفت أن لا أرجع أطلب النساء ولقد تمت لي
~~آناء ووقائع مع النساء يطول شرحها كل وقعة منها أغرب من الأخرى هذا ومن
~~أراد يتفرج على مكرهن فعليه بكتاب الجاحظ في مكر النساء فإن فيه فنون ومع
~~ذلك فلا تدرك نهاية مكرهم ودهاءهم هذا القول عن الحرائر وأما المباحات فإن
~~لهم أمور قباح لا يمكن شرحها فافهم ذلك
31
[31.1]
واعلم أني قد مارست لهم أشياء واطلعت على كل فن من دقيقها وجليلها ولم
~~أترك شيئا لم أقف عليه ولو شرحت جميع ذلك لطال الشرح بل هذا المقدار دال
~~على ما ذكرت ولو غشيتني السعادة وشملتني عناية الإرادة لم أتعلق بما تعلقت
~~ولا أظهرت ما قد ستر عن أعين الخلق ولكن لله في ذلك مشيئة وألطاف خفية يفعل
~~ما يشاء ويحكم ما يريد ونسأله أن يتجاوز عن الهفوات ويمحو عنا عظائم
~~السيئات فإنا نلجأ في كل حال إليه ونعتمد في كل الأمور عليه فإنه الجواد
~~المفضال الكبير المتعال وهو حسبنا ونعم الوكيل
PARATEXT|
تم الكتاب وكمل
والحمد لله رب العالمين
وصلواته وسلامه على سيدنا محمد خاتم النبيين وشفيع المؤمنين
وعلى آله وعشيرته الطاهرين وصحابته أجمعين
PARATEXT|
وسلم تسليما كثيرا
Bilinmeyen sayfa