الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا ، والصلاة على سيدنا محمد الذي فضله الله على كل نبي ، نجي به أمته ، وعلى كل نبي ناجي ، صلاة تنير مادجا ، وتثير من داجي ، فقد وصل الكتاب الكريم المتلقي بالتكريم ، المشتمل على النبأ العظيم من دخوله في الدين ، وخروجه عمن خلف من العشيرة والأقربين ، ولما فتح هذا الكتاب فاتح بهذا الخبر المعلم ، والحديث الذي صحح عند أهل الإسلام إسلامه ، وأصح الحديث ما روي عن مسلم ، وتوجهت الوجوه بالدعاء إلى الله سبحانه في أن يثبته على ذلك بالقول الثابت ، وأن يثبت حب حب هذا الدين في قلبه كما أنبته أحسن النبت من أخشن المنابت ، وحصل التأمل للفصل المبتدأ بذكره من حديث إخلاصه النية في أول الثمر وعنفوان الصبا إلى الإقرار بالوحدانية ، ودخوله في الليلة المحمدية بالقول والعمل والنية ؛ فالحمد لله على أن شرح صدره للإسلام ، والهمه شريف هذا الإلهام ، كحمدنا لله على أن جعلنا من السابقين الأولين إلى هذا المقال والمقام ، وثبت أقدامنا في كل موقف اجتهاد وجها تتزلزل دونه الأقدام . وأما إفضاء التوية في الملك وميراثه بعد والده وأخيه الكبير إليه ، وإفاضة جلابيب هذه المواهب العظيمة عليه ، وثوقله الأميرة التي طهرها إيمانه ، وأظهرها سلطانه ، فلقد أورثها الله من اصطفاه من عباده ، وصدق المبشرات له من كرامة أولياء الله وعباده . وأما حكاية اجتماع الإخوان والأولاد والأمراء الكبار ومقدمي العساكر وزعماء البلاد في مجمع قوريلتاي الذي تنقدح فيه ثد الآراء ، وأن كلمتهم اتفقت على ما سبقت به كلمة أخيه الكبير في إنفاذ العساكر إلى هذا الجانب ، وأنه قد فكر فيما اجتمعت عليه آراؤهم وانتهت إليه أهواؤهم ، فوجده مخالفا لما في ضميره إذ قصده الصلاح ، ورأيه الإصلاح ، وأنه أطفأ تلك الثائرة ، وسكن تلك الثائرة ، فهذا فعل الملك المثقى المشفق من قومه على من بقي ، المفكر في العواقب بالرأي الثاقب ، وإلا فلو تركوا وآراؤهم حتى تحملهم الغيرة ، لكانت تكون هذه الكرة هي الكرة ، لكن هو كمن خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى ، ولم يوافق قول من ضل ولا فعل من غوى . وأما القول منه أنه لا يحب المسارعة إلى المقارعة إلا بعد إيضاح المحجة وتركيب الحجة ، فبانتظامه في سلك الإيمان صارت حجتنا وحجته المتركبة على من غدت طواغيته عن سلوك هذه المحجة منكبه ؛ فإن الله تعالى والناس كافة قد علموا أن قيامنا إنما هو لنصرة هذه الملة ، وجهادنا [ واجتهادنا ] إنما هو على الحقيقة لله ، وحيث قد دخل معنا في الدين هذا الدخول ، فقد ذهبت الأحقاد ، وزالت الأول ، وبارتفاع المنافرة تحصل المظافرة ، فالإيمان كالبنيان يشد بعضه ببعض ، ومن أقام منارة فله أهل بأهل في كل مكان ، وجيران بجيران في كل أرض .
عبد الرحمن ، أعاد الله من بركاته ، فلم تر لولى قبله كرامة كهذه الكرامة ، والرجاء بركته وبركة الصالحين أن تصبح كل دار للإسلام دار إقامة حتى تتم شرائط الإيمان ، ويعود شمل الإسلام مجتمعا كأحسن مما كان ، وما ينكر لمن لكرامته ابتداء هذا التمكين في الوجود ، أن كل حق ببركته إلى نصابه يعود .
بنقلهما في إبلاغ هذه البلاغة ، فقد حضرا وأعادا كل قول حسن من حوالي أحواله ، وخطرات خاطره ، ومنتظرات ناظره ، ومن كل ما يشكر ويحمد ، ويعنعن حديثهما فيه عن مسند أحمد .
دواعي الود الجميل ، فلتنظر إلى ما ظهر من مآثره في موارد الأمر ومصادره ، ومن العدل والإحسان بالقلب واللسان ، والتقدم بإصلاح الأوقاف والمساجد والربط ، وتسبيل السبيل للحج إلى غير ذلك .
Sayfa 80