إليها في العشرين من رمضان . واستصحب معه العساكر ، وسار لا يقيم إلا بمقدار ما يتؤيد الزائر من الأهبة أو يتزود الطائر من النخبة . وتقدم الأمير شمس الدين سنقر الأشقر جاليشا ، فوقع على ألف فارس من التتار مقدمهم كراي ، فانهزموا . ثم وصل الخبر بأن العدو قد قربوا وثابوا ووثبوا . ورتب السلطان الجيش اللجب كما يجبه ، وأراهم من نوره ما لا يخفى على بصر ولا يحتجب . وكان العدو ليلته تلك بايتا على النهر الأزرق ، فأقبل المسلمون ، وترتب المغل أحد عشر طلبأ ، كل طلب يزيد على ألف مقاتل . وعزلوا عسكر الروم عنهم ، وجعلوهم طلبة واحدة بمفرده . فانصبت الخيل عليهم انصباب السيل ، وبطلت الحيلة منهم وبقي الخيل ، فشمروا عن السواعد ، ووقفوا وقفة رجل واحد ، وعاجت المنايا على نفوسهم وعاجلت . وللوقت خذلوا وجدلوا ، ولبطون السباع وحواصل الطيور خصلوا . وثاب السلطان إليهم ووثب عليهم ، وانهزمت منهم جماعة يسيرة . وعدل السلطان إلى المنزلة التي كان العدو نازلا بها ، فنزلها ، وإلى أموالهم فتموها ، وأسر منهم جماعة لم يمسهم أذى . وأسر من الأمراء الروميين : مهذب الدين بهلا زنكي بن البرواناه حاكم الروم ، وولد أخته ، والأمير نور الدين بن حاجا ، والأمير قطب، الدين أخو الأتابك ، وسيف الدين سنقرجاه السيواسي ، ونصرة الدين صاحب سيواس ، والأمير كمال الدين العارض بالروم ، وقريب البرواناه ، وحسام الدين كياوك ، وعلائ الدين على بن البرواناه ، وسيف الدين بن على شير التركماني . ومن أمراء المغل : يزيرك صهر أبغا ، ورق قرابته ، وجنوكر ، وبردكه ، وماديه . والذين حضروا في الأحسان : الأمير سيف الدين جاليش ، النائب بالروم ، وهو أمير دار - يعني أمير العدل للمظالم - وظهير الدين موج ، مشرف الممالك ومرتبته دون الوزارة ، والأمير نظام الدين أوحد بن شرف الدين بن الخطير وأخوته ، وحسام الدين قاضي قضاة الروم ، ومظفر الدين جاف ، وأولاد الأمير ضياء الدين بن الخطير ، وسيف الدين كجكا الجاشنكير ، ونور الدين المنجنيقي ، وأولاد رشيد الدين صاحب ملطية ، وأمير على صاحب كركر . وأما البرواناه ، فإنه شمر الذيل ، وامتطى هربا . وأخذ البرواناه السلطان غياث الدين ، والصاحب الوزير فخر الدين وزوجته ابنة غياث الدين ، صاحب أرزن الروم . وتوجهوا إلى وقات . وزوجته هذه تسمى كرجي خاتون ، ولها أربعمائة جارية ، وكانت أمها ملكة الكرج . وتوقات مكان حصين مسافة أربعة أيام من قيسارية .
جميع القتلى من المغل ، ولم يكن فيهم أحد من العساكر الإسلامية ، فغضب ، وأيقن أن البرواناه واطأ عليهم المسلمين ، فأخذه من المكان الذي آوى إليه وعنفه على ما بدا منه من المواطأة ، ثم قتله شر قتلة .
المعروفة يمان ، وهي قريب الكهف والرقيم ، ويطوف بها جبال كأنها أسوار . ومررنا على قرية أوتراك ، ومنها على حصن سمندو ، وأشرفتا على خان قرطاي بعد ذلك ، وهو مبني بالحجر المنحوت الأحمر بناء محكما ، وله مئلات متسعة ، ودواوين متفرقة ومجتمعة . ونزلنا على قريب من عسيب ، وفيه قبر امرىء القيس ، وهو الذي يقول فيه :
Sayfa 59