Medeni Toplum ve İslah Kültürü: Arap Düşüncesine Eleştirel Bir Bakış
المجتمع المدني وثقافة الإصلاح: رؤية نقدية للفكر العربي
Türler
هي الهوية الأصلية الطبيعية للأشخاص، وتتجلى الهوية المدنية تلقائيا حال زوال العوائق وعوامل القهر والقسر.
وهكذا كانت دعوة فلاسفة التنوير ومفكريه هي الانتقال إلى مجتمع مدني يكفل الوحدة والتضامن الاجتماعيين، وإعمال العقل الفردي المستقل، وبذا يكون المجتمع المدني هو المجتمع المستنير، وكذا المواطن المدني هو المواطن المستنير.
ويقول إيمانويل كانط في كتابه «ما هو التنوير؟»: «المواطن المدني المستنير في المجتمع المدني هو من يتحلى بالجرأة على استخدام العقل المستقل ذاتيا، المبرأ من انحيازات عرقية أو طائفية أو دينية أو طبقية ... إلخ، فهذه هويات خاصة طائفية جزئية، وإنما المواطن المدني عقل مستقل وهوية مدنية، يفكر لذاته مستقلا عن القواعد التي تفرضها سلطة خارج الذات: البابا أو الأمير أو الطبقة أو المهنة ...» ويقول كانط أيضا: «المثقف المستنير في المجتمع المدني هو الأنا المفارقة أو المتعالية
Transcendental Ego
المنفصل تماما عن الالتزامات والمعتقدات الجزئية الطائفية وصولا إلى معرفة الحق الكلي
Universal Truth ».
وهنا يوحد كانط بين المواطن المدني والذات العارفة المبرأة من كل انحيازات جزئية والتي يصفها بالذات المحضة أو الذات المدنية
Identity ، والإنسان المستنير إنسان صاحب عقل نقدي، يفكر ويتعلم من موقف مغاير تماما، أو لنقل يعبر عن هوية مختلفة تماما عن الموقف الجزئي الخاص المنحاز، وهذا هو موقف الباحث، ويوجد بين المواطن المدني والذات العارفة النقدية المحضة؛ لما يحققه أو يجسده من انفصال أو تعال عن الالتزام بالمعتقدات والقيم الجزئية الطائفية الشمولية، أي الحاكمة لكل شئون حياته من زاوية الطائفة دون المجتمع الأكبر.
وهذا هو أساس الثقافة المدنية والمواطنة المدنية، الباحث أو المواطن المدني لا يتكلم بلسان طائفة أو طبقة أو عقيدة محدودة، بل بلسان العقل الكلي العام المتحرر من الالتزامات والانحيازات الجزئية الطبقية، وبذا يكون حديثه عن الجميع وللجميع باعتباره مجتمعا أكبر عالميا، أي يتكلم من منطلق الهوية المدنية، هوية المرء بوصفه عضوا في مجتمع مدني، مجتمع الإنسانية جميعها.
وحسب هذا التصور يكون المثقف بمعناه الجديد، والذي نفتقده نحن الآن في عالمنا العربي، هو الأنا المتعالية الذي يحرص إراديا وعقليا على الاحتفاظ بمسافة نقدية فاصلة بينه وبين الانحيازات الجزئية العرقية أو الدينية أو السياسية ... إلخ، وأن يكون بينه وبين المجتمع السياسي، أي السلطة السياسية المسافة ذاتها، إن المثقف - المواطن المدني - موقف، هويته أو ذاتيته مستقلة تماما، وعقل نقدي محض بغية الوصول إلى معرفة الحق الكلي، وهذا هو التطابق أو التوحد بين المواطن المعياري المثقف، وبين الذات العارفة المحضة، وتمثل هذه المسافة الفاصلة أساسا للثقافة المدنية، إنها تهيئ معيارا واضحا لتطوير القدرات الصحيحة للمواطنة الحداثية، وإذا كانت فكرة الذات العارفة المحضة المستقلة ذاتيا عن السياق باتت أسطورة الآن، إلا أن هذا لا ينفي دور وواجب وهدف المثقف المدني - المواطن - في الالتزام بالمسافة الفاصلة عن المجتمع السياسي ضمانا لصدق وبراءة التعبير عن المجتمع المدني في شموله داخل مساحة التوتر المتصل بين المجتمعين: السياسي (السلطة) والمدني (الجمهور).
Bilinmeyen sayfa