Medeni Toplum ve İslah Kültürü: Arap Düşüncesine Eleştirel Bir Bakış
المجتمع المدني وثقافة الإصلاح: رؤية نقدية للفكر العربي
Türler
العالم الآن بصدد أن يصوغ، من خلال الشبكة الفضائية، ما يسمى المخ الكوكبي، ويعني التفاعل المتبادل أخذا وعطاء بين علماء العالم ومفكريه وباحثيه، وهناك أيضا دعوة لما يسمى المصادر المفتوحة عبر الشبكة الفضائية، حيث لا أسرار يخفيها باحث أو مبدع، وإنما تفاعل حر مفتوح بين كل علماء العالم وباحثيه، وطبيعي أن ليس بإمكان مجتمع ما أن يسهم بنصيب إيجابي إلا إذا كان مجتمعا منتجا للمعرفة، وله علماؤه المبدعين، وله القدرة على التحاور والأخذ والعطاء، وبدون هذا يظل المجتمع أشبه بمنطقة في المخ أصابها عطب وعاطلة عن الفعل مما يضاعف من فرص ضمورها.
لذلك ربما يكون من باب التفاؤل القول؛ نحن الآن عند مفترق طرق، وأمامنا الفرصة الأخيرة للاختيار، إن كانت هناك قدرة وعزم على الاختيار، لا نود أن يكون حديثنا في المطلق حديثا نظريا محضا، بل أن نتحدث عبر الحقيقة والواقع وبمنهج علمي، نتحدث عن بشر، عن مجتمع حقيقي يمثل ظاهرة اجتماعية/ثقافية/سياسية/أو اقتصادية في الزمان والمكان، ظاهرة هي جزء من واقع أيكولوجي، أعني واقعا متفاعل العناصر على صعيد متكامل من بشر وبيئة اجتماعية، وعلاقات، ومناخ وبيئة جغرافية، وغير ذلك من مؤثرات تخلق من الجميع ظاهرة واحدة، الإنسان - المجتمع مكون عضوي فيها مع نظرة نقدية مقارنة للذات وللآخر، ولعل هذه هي السبيل إلى الإنجاز، بدلا من تكرار السؤال قرنا بعد قرن، وجيلا بعد جيل، لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا ؟
الحديث عن مجتمع مدني نظري غير قائم، حديث في فراغ وفضاء ميتافيزيقي يبدو بليغا وينتهي بنهاية الخطاب دون إثمار، لذا حري أن ينصب الحديث على واقع عياني تاريخي متعدد الأبعاد، في ضوء هدف محدد وفهم نقدي لهذا الواقع وللهدف معا، وإذا كان المجتمع المدني مجتمع مواطنة ومواطنين، إذن ليكن بحثنا عن مقومات المواطنة والمواطن في الواقع الحياتي باعتبار هذا شرطا وسبيلا للتحرك قدما.
إحدى قضايانا الأولى هي بناء الإنسان المصري في مناخ من الإنجاز والتقدم والحرية، أو لنقل هي تمكين المجتمع من خلال تمكين الإنسان العام المصري، رجلا وامرأة وطفلا
Human Empowerment ، وأن يتم هذا من خلال التنشئة والتعليم والإعلام والمناخ السياسي الحزبي والأمني، وتوفر الوعي بالذاتية والفردية، والوعي الموضوعي بالتاريخ والفعالية الإيجابية الاجتماعية، ولن نكون في هذا استثناء بين المجتمعات التي عرفت سبيلها إلى النهضة.
لهذا نؤكد أن التطور الحضاري للمجتمع ليس مجرد حيازة لإنجازات العصر، بل مشاركة إيجابية في إبداعها، وأذكر هنا ما قاله شرايبر في كتابه «التحدي الأمريكي» في خمسينيات القرن العشرين وهو يتنبأ بتحدي الولايات المتحدة لأوروبا ودفعها إلى مستوى بلدان من المرتبة الثانية، إذ قال: «ليس الأمر فقط امتلاك جهاز ما، بل القدرة على صيانة الجهاز وتطويره»، وأذكر أن هذا ما فعلته اليابان ومن بعدها الصين ونمور شرق آسيا، وكيف أن القدرة على الصيانة والتطوير حددت مسارات أنشطة اجتماعية عديدة ومنها التعليم، هذا بينما نحن هنا عاجزون حتى عن أن نعالج القمامة وقش الأرز وحرائقهما.
لهذا فإننا إذ نطالب بالتطوير الحضاري لا التنمية ولا الإصلاح، فإن هذا يعني أن يكون التطوير إبداعا ومنطلقا ذاتيا، وقبولا للتحدي، وتأكيدا للهوية التي طالما بحثنا عنها إلا في كلمات بعيدة عن الفعل الاجتماعي الذي هو جوهرها، ويعني التطوير الحضاري أيضا إعادة تشكيل البيئة الاجتماعية وعلاقاتها وفقا لمقتضيات العصر على الأصعدة المحلية والإقليمية والعالمية، بنية أو منظومة محلية داخل منظومة أعلى في تفاعل إيجابي متبادل، ومن ثم قدرة على الفعل الإنتاجي الإبداعي، ويعني كذلك بناء مجتمع مدني، بالمعنى سالف الذكر، ويحمل خصوصية التاريخ والواقع، مجتمع مؤسسات حرة معبرة عن كل أنشطة المجتمع، ويعني تطوير التعليم والإعلام والأنشطة السياسية وتنظيماتها وضمان فعاليتها الحرة.
إنه تطوير شامل لكل مناحي الحياة، ولا يأتي التطوير استجابة لرأي فرد، وإنما استجابة لحوار إيجابي بين المؤسسات الرسمية والأهلية أو المدنية، مثال ذلك: إن تطوير التعليم لا يكون برأي رئيس أو وزير ولا حتى برأي وزارة، وإنما الوزارة إحدى المؤسسات، تشاركها المؤسسات التعليمية والحزبية والمؤسسات الاجتماعية الأهلية للعلماء والباحثين والمعلمين ورجال الصناعة والاقتصاد وكل من يعنيهم أمر التعليم، تعليما عاما أم جامعيا، مع دراسة لوضع التعليم في البلدان المنافسة أو المماثلة وطبيعة التحديات التي نعد المواطن لمواجهتها من خلال آلية التعليم باعتبار التعليم وظيفة لغاية، وهنا يكون للمؤسسات الرسمية والأهلية دور متكامل، وتكون سياسة التعليم تعبيرا عن ذلك الجهد المؤسسي الجمعي وتكون آلية مدنية لتحقيق هدف منشود.
وإن مقتضيات حركة التطور الحضاري وثقافته أن نبحث طبيعة الموروث أو التراث الثقافي وتجلياته السلوكية في عملية ما يمكن أن نسميه بناء الموطن الملائم تاريخيا، ومدى ما يتصف به من مرونة أو جمود وعطاء في عالم يستلزم قدرة دينامية كبيرة على التكيف والتفاعل، وجدير بالذكر أن جميع التراثات الثقافية للمجتمعات في مراحل تقدمها ونهوضها يجري تجديد التفكير بشأنها وتأويلها بما يتلاءم مع مقتضيات الحركة التكيفية للمجتمع، والتراث عملية تراكمية لثقافات اجتماعية متجددة تؤكد صلاحيتها الاحتياجات الاجتماعية العملية.
ولهذا دعوت يوما في دراسة سابقة إلى دراسة طبيعة ما يمكن أن نسميه مجازا «الجينوم الثقافي العربي» ومفاتيحه، مكوناته الشعورية واللاشعورية التي انتقلت عبر الأجيال وتجلياتها في التاريخ من حيث قابلية التغيير والتجديد والفاعلية والتفاعلية، وطبيعة القيم التي تشكل محورا للوجود والسلوك وإليها ينصرف مخاضنا وجهدنا.
Bilinmeyen sayfa