Medeni Toplum ve İslah Kültürü: Arap Düşüncesine Eleştirel Bir Bakış
المجتمع المدني وثقافة الإصلاح: رؤية نقدية للفكر العربي
Türler
التغذية المتبادلة بين الرصيد المنتج أو العائد الاجتماعي في إطار الاستراتيجية، وتجري التغذية في شفافية وحرية المعلومات والتعبير، مناخ ديمقراطي ونقد موضوعي. (9)
فهم عقلاني علمي نقدي لمجريات أحداث العالم وتياراته الفكرية والعلمية والسياسية ... إلخ، وقدراته وإجابة نقدية موضوعية عن المعوقات الذاتية.
إصلاح أم تطوير؟!
إجادة التشخيص خطوة أساسية نحو تحديد العلاج اللازم، وتجري على الألسنة الآن كلمة «الإصلاح» لأنها الكلمة أو النصيحة، الدعوة الواردة على لسان سادة العالم اليوم في نظرنا، وكثيرا ما نكون - إن لم نكن دائما في العصر الحديث - رجع صدى لقضايا الخارج أو متطلباته منا، وهكذا زخرت ساحتنا الإعلامية والثقافية بكلمات مثل: الشمولية، الطريق الثالث، تمكين المرأة، الديمقراطية، التنمية، وغيرها وغيرها، ومنها كلمتا المجتمع المدني والإصلاح.
ولكن ما هو الفارق بين التنمية والإصلاح في حالتنا نحن؟ وهل هي كلمات واضحة المعنى ومحددة للهدف الذي يشكل طوق النجاة لحياتنا، أحسب أن الكلمتين مضللتان من حيث المدلول والهدف المتوقع إنجازه، ومن ثم خاطئتان، الإصلاح إدخال تعديلات على بنية أساسية قائمة وغير مطلوب تغييرها أو تجاوزها، لذلك فإن إصلاح المجتمع المدني في أوروبا أمر واضح، إذ المطلوب الحفاظ على المجتمع المدني، ولكن في إطار منظور جديد لتصويب أخطاء موروثة من عصر التنوير، وتعني التنمية تغيرا كميا على صعيد أفقي، مع الحفاظ على البنية الاجتماعية الأساسية والواقع الثقافي وهيكل العلاقات، ويكفي هنا مؤشرا على التنمية كمثال زيادة متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي، لذلك كانت التنمية في أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية كلمة صحيحة للدلالة على الحفاظ على البنية الليبرالية الديمقراطية مع إعادة تنشيط الإنتاج ودعم دولة الرفاه.
ولكن التطوير تغير كيفي على صعيد رأسي، انتقال المجتمع من طور إلى طور من حيث الإنتاج وأدواته والثقافة والعلاقات الاجتماعية وهيكل المؤسسات ودورها في القوانين الاجتماعية الحاكمة وفعالية الإنسان العام باعتباره قوة مشاركة إيجابية وبناءة ومسئولة، لهذا كان انتقال اليابان من عصر «الطوكوجاوا» إلى عصر «الميجي» تطويرا لا تنمية، أي انتقال إلى مرحلة حضارية جديدة، هي حضارة التصنيع بكل مقتضياتها، لم ينقلها ما سمي «الإصلاح الأمريكي» وإنما صراع اليابانيين من أجل بناء بلدهم الذي أوجزه شعار «أمة غنية وجيش قوي»، ودفعها هذا إلى التهام تكنولوجيا الغرب وعلومهم والمشاركة الإيجابية، بل والسبق في تطويرهما، وهذا هو ما يصدق على الصين؛ إذ كانت نظراتها منذ خمسينيات القرن العشرين ليست إصلاح البنية الأساسية القائمة آنذاك للمجتمع الصيني، بل تطوير الصين والانتقال بها إلى حضارة عصر العلم والتكنولوجيا، والآن عصر المعلوماتية واقتصاد المعرفة، وفرض هذا عليها، مثلما فرض على اليابان وعلى الغرب، سياسات جديدة في التعليم والعلم والثقافة الاجتماعية والإعلام ... إلخ، ولهذا يبقى السؤال بالنسبة لمصر: إصلاح أم تطوير؟
مصر والتغيير
الحديث عن الإصلاح في مصر ليس جديدا، ولكن الجديد أنه مطلب خارجي، وهذا أمر بحاجة إلى دراسة نقدية تحليلية لخروجه عن طبيعة الأمور على الرغم من وقوع الحدث، عرفت مصر في تاريخها الحديث على مدى القرنين الأخيرين مرحلتين من صعود قرين دعوة للإصلاح، ثم انحسار قرين صمت أو إعداد لحمل جديد، وأخفقت المرحلتان أو انحسرتا مبتسرتين دون أن تبلغ أي منهما مداها المأمول، واعتدنا في الحالتين أن نرد الفضل إلى مؤامرات الاستعمار، أي إلى سبب خارجي فقط، دون أن نكمل النظرة النقدية بالبحث عن أسباب كامنة في ذاتنا، في ثقافتنا باعتبار الثقافة هي المحدد للسلوك، لذلك لم تقترن دعوات الإصلاح بنزعة شك في الموروث والأطر الفكرية النافذة أو المعتمدة، ويلاحظ أننا رددنا مرارا السؤال: لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا؟ ولم نقرأ بعد إجابة صحيحة، وجدير بالذكر أن المجتمعات عادة حين تواجه صدمة الفشل تسأل أحد سؤالين: ما الخطأ فينا؟ والذي جعلنا فريسة للفشل؟ أو «من فعل بنا هذا»؟ السؤال الأول سألته اليابان وأوروبا والصين وماليزيا وغيرها عند تعبئة الجهود للنهضة، السؤال الثاني هو السؤال الذي اعتدنا نحن أن نسأله، والإجابة مؤامرة الآخر، ثم ينسدل الستار دون رؤية نقدية للذات.
المرحلة الأولى للإصلاح أو التغيير مع أواخر القرن الثامن عشر، وأثمرت مع مطلع القرن التاسع عشر، وكان نظام حكم محمد علي، كما سبق أن وصفناه في كتابنا «التراث والتاريخ»، مناسبة لا سببا للإصلاح أو التطوير الذي يستهدف مصر حضارة وتاريخا وإنسانا، وأعني به الفلاح المصري، وزار مصر آنذاك وفد ياباني، مثلما زار عددا من الدول المتقدمة آنذاك، ليدرس كيف تكون النهضة، وعرفت مصر أعلاما مثل رفاعة الطهطاوي إمام النهضة الثقافية المصرية الحديثة، والذي كان امتدادا - أو تلميذا - لمثقفين ومفكرين إصلاحيين عاشوا في مصر مثل الشيخ حسن العطار وغيره، عرفت في المجال العسكري أحمد عرابي، ابن الأرض السوداء وفلاحي مصر، الذي أعلن أنه لم يكن يريد امتيازا ولا تميزا لمصري دون شركسي أو تركي، أي عبر عن مفهوم تنويري لمجتمع مدني منشود، ثم من بعدهما جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وغيرهما، وانحسرت حركة الإصلاح مع انحسار طموحات محمد علي وتقييد أطماعه، ولكن بقي منها ما لم يستطع أحد أن يمحوه، ألا وهو خروج المصري الفلاح لأول مرة في تاريخه خارج المعزل الذي حاصره منذ غزو الفرس، خرج ليتعلم ويشارك إذا ما تهيأت له الفرصة.
وشهدت مصر في أواخر القرن التاسع عشر ميلاد زعماء إصلاح أو تغيير ليبراليين جدد احتلوا الساحة على مدى النصف الأول من القرن العشرين: طه حسين، علي عبد الرازق، سلامة موسى، أحمد لطفي السيد، أحمد أمين، فؤاد صروف، شبلي الشميل، عباس العقاد، علي مشرفة، وآخرين، وتجلى هذا كله في تنظيمات دستورية ومؤسسات اجتماعية وسياسية وتعليمية امتدت أصداؤها وتأثيراتها إلى أنحاء المنطقة العربية، واستهدفت الجهود بناء مجتمع مدني على غرار الغرب، وشهدت الساحة الثقافية صراعات فكرية حول قضايا التقليد والتجديد، تحديث أم تغريب؟! ... إلخ، ولم تبلغ الحركة كامل عنفوانها ونضجها، وانحسرت مع النصف الثاني من القرن العشرين وإن تباينت أسباب الانحسار أو الانتكاس على مدى فترات الحكم الثلاثة في النصف الثاني من القرن العشرين، والتي اتصفت بخاصية واحدة مشتركة، وهي تعطيل الفعالية الحرة الفردية والجماعية للمواطن المدني المصري، ومن ثم المجتمع المدني الذي كان مشروعا تطوريا على مدى النصف الأول من القرن ولم يتحقق.
Bilinmeyen sayfa