Dumyat Tarihi Özeti
مجمل تاريخ دمياط : سياسيا واقتصاديا
Türler
وكان موقع هاتين المدينتين ممتازا من الناحيتين الحربية والتجارية، بل لعلهما كانتا تفوقان دمياط القديمة في هاتين الناحيتين؛ فتنيس كانت جزيرة في الطرف الشرقي من البحيرة التي كانت تحمل اسمها (بحيرة تنيس أو المنزلة الحالية)، كما كانت هي والفرما تقعان في نهاية خط مستقيم تقريبا يمتد عبره طريق قوافل صحراوي يصل بينهما وبين ميناء البحر الأحمر الهام القلزم (أو السويس الحالية)، فكانت تجارات الشرق التي تصل إلى القلزم تحمل منه عبر هذا الطريق إلى الفرما، حيث تحملها سفن البحر الأبيض المتوسط إلى سواحل الشام وآسيا الصغرى واليونان، وهاتان المدينتان - إلى هذا كله - أقرب إلى هذه السواحل من دمياط.
دمياط في العصر العربي
(1) الفتح العربي
فإذا كان الفتح العربي (سنة 20ه/640م) فإنا نجد هذه المدن الثلاث تقاوم مقاومة عنيفة، فلا تخضع إلا بعد جهاد مرير، ومعرفتنا بأخبار دمياط التفصيلية تبدأ بحوادث هذا الفتح؛ فقد وجه الجيش العربي - بعد استيلائه على حصن بابليون - فرقا منه بقيادة البطل العربي المقداد بن الأسود لإخضاع مدن الشاطئ الشرقي. وتقول الرواية العربية إن المدينة وقت الفتح كان يحيط بها سور قوي، وإن جندها بقي يقاوم مدة طويلة داخل هذا السور، فلما طال الحصار جمع «الهاموك» - حاكم المدينة - أصحابه وشاورهم في الأمر، فنصحه سوادهم بالتسليم، ولكنه خالفهم وظل يقاوم، وكان له ابن يسمى شطا، فخرج إلى المسلمين في الليل، ودلهم على عورات البلد، فلم يشعر الهاموك إلا والمسلمون يكبرون على سور المدينة ويدخلونها، ثم سار الجيش العربي إلى تنيس، فلقي من حصانة موقعها - كجزيرة تحيط بها المياه - ومن حاميتها نضالا أشد وأعنف. وتعود الرواية العربية فتذكر أنه عندما اشتد النضال للاستيلاء على تنيس تقدم شطا لمساعدة العرب - ومعه ألفان من الجند - فأعلن إسلامه، واشترك في قتال أهل تنيس فأبلى بلاء حسنا إلى أن استشهد في ليلة الجمعة النصف من شعبان سنة 21ه (19 يوليو 642) فقبر حيث هو الآن خارج دمياط.
وهذه الرواية العربية لا تقف طويلا أمام النقد التاريخي؛ فإن مدينة شطا - التي يقال إنها سميت باسم هذا القائد المدفون بها - كانت موجودة ومعروفة بهذا الاسم قبل الفتح، كما أن حاكم دمياط في ذلك الوقت معروف أيضا، وقد ذكر المؤرخ حنا النقيوسي أنه كان يسمى «حنا» لا «شطا» ولا «الهاموك»، غير أننا مع هذا لا نستطيع أن نتجاهل بعض الحقائق الثابتة المتصلة بهذا الحادث؛ فالمؤرخون العرب يذكرون أن هذا البطل قد استشهد يوم الجمعة النصف من شعبان سنة 21ه، وهذا التاريخ يقابل التاسع عشر من يوليو سنة 642م، وهو العام الذي تم فيه فتح هذه المنطقة، كما أن التقاويم تثبت أن هذا اليوم كان يوم جمعة حقا، فإذا قرنا هاتين الحقيقتين بحقيقة ثالثة، وهي وجود قبر خاص في قرية شطا لا يزال قائما، ولا يزال أهالي دمياط يحتفلون بذكرى صاحبه في النصف من شعبان من كل سنة حتى اليوم، استطعنا أن نصل إلى حل معقول، وهو أن قائدا رومانيا انضم إلى العرب فعلا أثناء حربهم لدمياط وتنيس، وأنه استشهد في هذا التاريخ ودفن في هذا المكان، أما اسمه الحقيقي فلسنا نعرفه، ولكن هذا الاسم لم يكن شطا على كل حال، وإذا كان كذلك فإنه لم يكن قطعا حاكما لدمياط أو ابنا لحاكمها. (2) دمياط في عصر الإمارة
وخلصت مصر للعرب بعد إتمام فتحها، وعين على دمياط وتنيس ولاة من المسلمين يحكمونهما، غير أن معظم أهليهما ظلوا على دينهم المسيحي سنين طويلة بعد ذلك، ولم تنس الدولة البيزنطية أنها قد فقدت - بخروجها من مصر - خير أملاكها ؛ فظلت قرونا طويلة تغير على شواطئ مصر الشمالية بأساطيلها؛ عساها تستطيع استردادها، وكانت أولى هذه المحاولات في عهد الوالي العربي الثاني على مصر «عبد الله بن سعد بن أبي السرح» ولكن أساطيل الروم هزمت في موقعة ذات الصواري، ولم تثنهم هذه الهزيمة عن عزمهم، فظلوا يغيرون على سواحل مصر، وإنما اتجهت غاراتهم بعد ذلك عن الإسكندرية إلى موانئ مصر الشرقية: الفرما وتنيس ودمياط؛ مما دفع الخلافة الإسلامية وولاة مصر من العرب إلى العناية كل العناية بتحصين هذه الموانئ وتزويدها بالحاميات تقيم وترابط فيها دائما للدفاع عنها برا وبحرا.
وقد قام جند دمياط وحاميتها في القرون الإسلامية الأولى بواجبهم خير قيام، فردوا عن المدينة غزوات الروم المتتابعة، كما كانوا يسهمون في إخضاع الثورات الداخلية التي كان يقوم بها سكان الحوف الشرقي (أي الأراضي الواقعة شرقي الدلتا)، وكانت غالبيتهم من الأقباط.
تعددت غارات الروم على دمياط في القرون الثلاثة الهجرية الأولى، وقد أشار المؤرخون إلى بعضها، وهي التي حدثت في السنوات: 90ه/709م و121ه/738م و238ه/853م و245ه/859م و247ه/861م و357ه/968م، وكانت أخطر هذه الغارات وأهمها الغارة التي وفدت على دمياط في سنة 238ه/853م في عهد ولاية عنبسة بن إسحاق على مصر.
ففي تلك السنة وفد الروم إلى دمياط يحملهم أسطول كبير يزيد على ثلاثمائة سفينة، واستطاعوا أن ينزلوا إلى المدينة ويستولوا عليها، فقتلوا عددا كبيرا من سكانها وسبوا النساء، وساعدهم على هذا كله خلو المدينة وقتذاك من حاميتها وجندها، فقد انتهز والي مصر «عنبسة بن إسحاق» فرصة عيد الأضحى من تلك السنة، وأراد أن يحتفل بطهور ولديه حتى يجمع بين العيد والفرح، واحتفل لهذا احتفالا كبيرا، فدعا إليه حاميات دمياط وتنيس والإسكندرية ليشتركوا في هذا الحفل، ويبدو أنه كان للروم عيون وجواسيس في هذه الثغور، فأبلغوهم خبر استدعاء حامياتها، فانتهزوا هذه الفرصة السانحة، وانقضوا على دمياط صباح يوم عرفة، فقتلوا ونهبوا وأسروا. ولكن الكتب التاريخية تروي أن عنبسة كان قد غضب على قائد من قواد دمياط يدعى أبو جعفر بن الأكشف؛ فسجنه في بعض أبرجة المدينة، فلما اشتد الخطب بنزول الروم، مضى إلى أبي جعفر في سجنه بعض أعوانه، فكسروا قيده وأخرجوه، والتفوا حوله، وانضم إليهم نفر من أهل المدينة وتقدموا جميعا لمحاربة الروم حتى هزموهم وأخرجوهم من المدينة، فنزحوا عنها إلى تنيس فلم يقدروا عليها، وعادوا إلى بلادهم.
وبلغ الخبر إلى عنبسة في عاصمته - الفسطاط - فنفر في الحال بجند مصر، ولكنه وصل إلى دمياط متأخرا بعد مغادرة الروم لها، فأخذ يعنى بتحصين المدينة.
Bilinmeyen sayfa