Mücaz
الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة
وقد قال بعض علمائنا: بأن الواحد لا يكون حجة، ولو أنه أتى بصفة الحق التي لا يوجد عليها مزيد، ولا لها خلاف حتى يكون ذلك الواحد في الغاية من العلم بجميع دين الله، فذهب بقوله إلى أن يكون القائم بالحق منظورا إليه، معمولا على قوله، لا تعتري الشكوك (¬1) عند الضعفاء ممن تقوم عليه الحجة فيما يقول به، ولبعضهم إشارات إلى أن الحق في نفسه حجة، لا تعتبر ثقة الواصف له، كما لا تعتبر عدته، كائنا من كان من الناس. وهذه أربعة أقاويل لأصحابنا، تدبروا منها ما قوي مما ضعف، وفيما ذكرت من أقاويل أصحابنا في الحجة دون من سواهم ما ينبئك عن كثرة أقاويل المختلفين من الأمة في ذلك.
فإن قال: ما معنى قول بعض العلماء: إن الحجة فيما يسع الناس جهله أن تعلمه من كتاب الله، أو من سنة رسول الله، أو مما أجمع عليه المسلمون مما دانوا به؟ قيل له: هذا قول غير مختلف فيه، فكل من فهم الحق من الكتاب، أو من السنة، أو من أقاويل المسلمين التي دانوا بها وعرفه منها، كانت معرفته عليه حجة واجبة، وإنما الاختلاف فيمن ورد عليه وجه من الحق، وخوطب به أنه من كتاب الله، أو من سنة رسول الله، أو من آثار الأئمة مما أجمعوا عليه، والمخاطب لا يعلم ذلك، ففي هذا اختلف الناس، متى تقوم الحجة عليه فيه؟
¬__________
(¬1) الشكوك جمع شك، والشك هو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك، وقيل: الشك ما استوى طرفاه، وهو الوقوف بين الشيئين لا يميل القلب إلى أحدهم، فإذا ترجح أحدهم ولم يطرح الآخر فهو ظن، فإذا طرحه فهو غالب الظن، وهو بمنزلة اليقين.
وقال الجويني: الشك ما استوى فيه اعتقادان أو لم يستويا، ولكن لم ينته أحدهم إلى درجة الظهور الذي يبني عليه العاقل الأمور المعتبرة.
والشك كما يطلق على ما لا يترجح أحد طرفيه يطلق أيضا على مطلق التردد. راجع التعريفات 168، والكليات 3: 62، 63.
Sayfa 181