374

Mücaz

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

Bölgeler
Tunus

ممن يزعم أن الحجة لا تقوم فيما يسع الناس جهله حتى تتواتر به الأخبار، فحينئذ تتأكد المعرفة، ولهم في صفة التواتر اختلاف وتنازع كثير، تغنيك هذه الجملة عن تفصيله إن شاء الله.

والوجه الثالث: مقالة من يقول إن ورود الحق على الناس بصفته التي هو بها الحجة عليهم في معرفة جميع ما يسعهم جهله من قبل وروده، ولا تعتبر في ذلك عندهم عدة الواصفين قلوا أو كثروا، ولا ينتظر به تواتر الأخبار حتى تتفق أو تختلف، فإلى هذه الوجوه الثلاثة تأوي جميع مذاهبهم في هذا الباب إن شاء الله.

فإن قال: قد فهمت محصول هذه الوجوه الثلاثة المتضمنة لجميع أقاويل الناس فيما سألت عنه من هذا، فأخبرني عن مذهبك في هذه الوجوه، وإلى أيها تميل بجوابك؟ قيل له: لما كان العدد في الحجة لا يجب القطع به ولو كثر، إذا كان مخالفا للصفة، مع عدم الدلالة في شيء من تلك الأعداد دون شيء كان القول به قولا فاسدا، ولما كان التواتر يتعذر اتفاقه، ولا يتهيأ ايتلافه إلا بعد شكوك معارضة للحجة، بعد كثير سماعها كان القول بأن لا تقوم الحجة، ولا تلزم المعرفة بما دون التواتر قولا مضطربا غير ذي حد معروف، إلا بأن يتواتر الخبر بما لا يدفع له من التواتر اضطرارا، وهذا بعيد الحد. ولما كان هذان الوجهان على ما وصفنا كان الحق في نفسه حجة على من سمعه ، كثير الموردون له أو قلوا، على أنا لا ندفع أن يكون كثير العدد في الحجة، ولا نأبى أن يكون تواتر الخبر فيها موجبا للمعرفة، بل ذلك كله حجة، وما دونه حجة، وإنما الاختلاف في المعنى الذي لا تقوم الحجة ولا تلزم المعرفة إلا به. فإن قال: فإني أراك تذهب إلى أن الحق في نفسه حجة على من سمع به، ولم تلتفت إلى عدة القائلين في ذلك، فهل تقول إن الواحد من الناس في الحق حجة؟ قيل له: نعم إن الواحد حجة في جميع دين الله، إذا كان هو من أهل دين الله، ولا يوجد على ما وصف من حجة الله مزيد، ولا لما قال من ذلك خلاف.

Sayfa 178