257

Mücaz

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

Türler

وقد ذهب قوم من أهل القدر في تأويل هذه الآية من قوله: (يضل من يشاء ويهدي من يشاء) إلى أن ذلك على وجه التسمية، والحكم عليهم بالضلالة وبالهداية، وقال فريق منهم: يضلهم: ينسبهم إلى الضلالة، ويهديهم: يبين لهم ويرشدهم، فخالفوا بين الحكمين، وليس ما ذهبوا إليه من ذلك بشيء، ونحن جميعا ننسب الهادي إلى الهداية ونسميه بها، ونحكم بها عليه، وننسب الضال إلى الضلالة ونسميه بها، ونحكم بها عليه. فما معنى هذه الإضافة التي أضافها الله إلى نفسه، واستخص بها دون خلقه بأنه: (يضل من يشاء ويهدي من يشاء) (¬1) ؟ وما فائدتها لو كان الأمر على ما ذهب إليه أهل القدر من ذلك؟ مع إطباق أهل اللغة على أنهم لا يجدون شيئا من لغة العرب أفعلت الرجل بمعنى نسبته، وإنما يقال: في معنى نسبته فعلت: كفرت الرجل، وخينته وسرقته، وخطأته، وظلمته، وضللته، وفسقته، وفجرته، ولحنته، ولا يقال في مثل هذا أفعلته، وأنت تريد نسبته إلى ذلك. هكذا حفظ من الأصمعي (¬2) والكسائي (¬3)

¬__________

(¬1) الآية 93 من سورة النحل.

(¬2) هو عبد الملك بن قريب بن علي، أبو سعيد الأصمعي: راوية العرب، وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان، نسبته إلى جده أصمع. كان الرشيد يسميه شيطان الشعر. قال الأخفش: ما رأينا أحدا أعلم بالشعر من الأصمعي. وقال أبو الطيب: كان أتقن القوم لغة، وتصانيفه كثيرة منها: الأضداد وخلق الإنسان، وللمستشرق الألماني وليم أهلورد كتاب سماه "الأصمعيات"، توفي عام 216 ه. راجع جمهرة الأنساب 234، وابن خلكان 1: 288، وتاريخ بغداد 10: 410.

(¬3) هو علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي، أبو الحسن الكسائي، إمام في اللغة والنحو والقراءة، من أهل الكوفة، ولد في إحدى قراها، وتنقل في البادية، وسكن بغداد، وتوفي بالري عام 189 ه، وهو مؤدب الرشيد العباس وابنه الأمين، له تصانيف منها: (معاني القرآن)، "والمصادر"، و"النوادر"..راجع غاية النهاية 1: 535، وابن خلكان 1: 230، وتاريخ بغداد 11: 403، وطبقات النحويين 138.

Sayfa 59