وأما ما ذكروا من الشركة فتهويل من القول لا محصول له؛ وذلك أن للشركة موضعين: أحدهما حقيقة، والثاني استعارة ومجاز.
الحقيقة من ذلك كالرجلين يشتركان في ملك مال من إرث أو تجارة، عبدا كان أو حيوانا، أو غير ذلك من المال، فيكون كل واحد منهما شريك صاحبه على قدر التسميات، وذلك لاتفاق جهاتهما في الملك، فهذه حقيقة الشركة، وكل هذا الذي قلنا اشتركاه بينهما فهو لله ملك ومال، قال: (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) (¬1) والعبد من ذلك عبد لله، وهو مع ذلك تعالى غير موصوف بالشركة لهما، ولا لأحدهما، ولا يقال لهما ولا لأحدهما: إنه شريك لله تعالى عن ذلك، لاختلاف جهات الملك.
¬__________
(¬1) سورة النور آية رقم 33، وتكملة الآية: (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم).
Sayfa 46