فيفصل بينهم، وهو قول الحسن ومجاهد. قال الحسن: يعني بأمره وقضائه، وكذلك قال أبو صالح -صاحب التفسير-: وجاء أمر ربك أي قضاؤه. فإن قالوا: ما معنى قوله: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناضرة} (¬1) وقوله: {تحيتهم يوم يلقونه سلام} (¬2) ؟ قلنا: فقد قال أيضا: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} (¬3) فهو إذن يرى عند امتداد جميع الظل، فإن قالوا: إنما أراد ألم تر إلى امتداد الظل كيف مده الله، قيل لهم: من أين جاز لكم أن تحملوه على المجاز دون المعقول؟ فإن قالوا: من قبل أن الله تعالى لا يوصف بالظهور عند جميع الظلال، قيل لهم: نعد هذا الجواب في جميع ما سألتم عنه من هذا ومثله، فنقول في قوله: {من كان يرجو لقاء ربه} (¬4) و{يوم يلقونه} (¬5) و {هم بلقاء ربهم كافرون} (¬6) إنما هو على معنى يلقون ما وعد لهم من الثواب والعقاب، ولو كان ذلك ما يتوهمونه من أن المؤمنين يلقونه ويرونه دون الكافرين لما قال: {بل هم بلقاء ربهم كافرون} (¬7) ، وأنتم تزعمون أن الكافرين لا يلقونه، وقوله: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناضرة} (¬8) فقد قال أهل التفسير: إن النظر ها هنا على معنى الانتظار (¬9) .
¬__________
(¬1) سورة القيامة آية رقم 23.
(¬2) سورة الأحزاب آية رقم 44.
(¬3) سورة الفرقان آية رقم 45.
(¬4) سورة الكهف آية رقم 110، وسورة العنكبوت آية رقم 15.
(¬5) سورة الأحزاب آية رقم 44، وتكملة الآية {سلام وأعد لهم أجرا كريما}.
(¬6) سورة السجدة آية رقم 10، وقد جاءت الآية في المطبوعة بدون (بل).
(¬7) سورة السجدة آية رقم 10.
(¬8) سورة القيامة آية رقم 23.
(¬9) قال الطبري: حدثنا أبو كريب قال: ثنا عمر بن عبيد، عن منصور عن مجاهد {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناضرة} قال: تنتظر الثواب.
وعن مجاهد أنه سئل: إن ناسا يقولون إنه يرى، قال: يرى ولا يراه شيء.
Sayfa 134