المكى والمدنى، وكان أول مصحف ابن مسعود: البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، على اختلاف شديد، وكذا مصحف أبى وغيره.
وأخرج ابن أشتة فى المصاحف من طريق إسماعيل بن عباس، عن حبان بن يحيى، عن أبى محمد القرشى، قال: أمرهم عثمان أن يتابعوا الطوال، فجعلت سورتا الأنفال التوبة فى السبع، ولم يفصل بينهما ب «بسم الله الرحمن الرحيم».
وذهب إلى الأول جماعة منهم القاضى فى أحد قوليه. قال أبو بكر بن الأنبارى: أنزل الله القرآن كله إلى السماء الدنيا، ثم فرقه فى بضع وعشرين، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث، والآية جوابا لمستخبر، ويوقف جبريل النبى ﷺ على موضع الآية والسورة، فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف كله عن النبى ﷺ فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن.
وقال الكرمانى فى البرهان: ترتيب السور هكذا هو عند الله فى اللوح المحفوظ على هذا الترتيب، وعليه كان ﷺ يعرض على جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه، وعرضه عليه فى السنة التى توفى فيها مرتين، وكان آخر الآيات نزولا: ﴿وَاِتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ﴾ فأمره جبريل أن يضعها بين آيتى الربا والدين.
وقال الطيبى: أنزل القرآن أولا جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزل مفرقا على حسب المصالح، ثم أثبت فى المصاحف على التأليف والنظم المثبت فى اللوح المحفوظ.
قال الزركشى: والخلاف بين الفريقين لفظى؛ لأن القائل بالثانى يقول: إنه رمز إليهم ذلك لعلهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته، ولهذا قال مالك: إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبى ﷺ مع قوله بأن ترتيب السور باجتهاد منهم، فآل الخلاف إلى أنه: هل هو بتوقيف قولى أو بمجرد إسناد فعلى بحيث يبقى لهم فيه مجال للنظر، وسبقه إلى ذلك أبو جعفر بن الزبير.
وقال البيهقى: فى المدخل كان القرآن على عهد النبى ﷺ مرتبا سوره وآياته على الترتيب إلا الأنفال وبراءة لحديث عثمان السابق، ومال ابن عطية إلى أن كثيرا من السور كان قد علم ترتيبها فى حياته ﷺ كالسبع الطوال والحواميم والمفصل، وأن ما سوى ذلك يمكن أن يكون قد فوض الأمر فيه إلى الأمة بعده.
وقال أبو جعفر بن الزبير: الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية ويبقى منها قليل يمكن أن يجرى فيه الخلاف كقوله اقرأوا الزهراوين: البقرة وآل عمران. رواه مسلم.
وكحديث سعيد بن خالد: قرأ ﷺ بالسبع الطوال فى ركعة. رواه ابن أبى شيبة فى مصنفه، وفيه أنه ﵊ كان يجمع المفصل فى ركعة.
1 / 14