Burhani Çevresi
المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه
Araştırmacı
عبد الكريم سامي الجندي
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
وقال أبو علي الدقاق في «كتابه»: إذا كان القيء بحيث يمنعه من الكلام كان ملء الفم، وإن كان لا يمنعه لا يكون ملء الفم، وقال الحسن بن زياد: إن كان القيء بحيث لا يمكن للرجل ضبطه وإمساكه كان ملء الفم، وإن كان يمكن ضبطه وإمساكه لا يكون ملء الفم.
زاد على هذا بعض المشايخ، فقال: إن كان القيء بحيث لا يمكن ضبطه وإمساكه إلا بتكلف كان ملء الفم، وإن كان بحيث يمكن ضبطه وإمساكه من غير تكلف، لا يكون ملء الفم. وإليه مال كثير من المشايخ، وهو الصحيح. وكان الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني ﵀ (يقول) الصحيح أنه مفوض إلى صاحبه إن وقع في قلبه أنه قد ملأ فاه، فقد ملأ فاه.
وجهُ القياس في القليل: أن الخارج من غير السبيلين لما كان حدثًا يجب أن يستوي فيه القليل، والكثير كالخارج من السبيلين.
وجه الاستحسان: أن ما روي عن علي ﵁ أنه عد الأحداث، وذكر من جملتها دسعة تملأ الفم، وهكذا روي عن عمر ﵁، والدسعة: القيء، فقد قيداه بملء الفم، والمعنى أن الحدث هو الخارج النجس، والخروج هو الانتقال من الباطن إلى الظاهر، والفم ظاهر من وجه باطن من وجه، حقيقة وحكمًا.
أما من حيث الحقيقة: باطن (من) وجه فلأن للفم اتصالًا بالباطن بمنفذ أصلي، ألا ترى أنك متى ضممت شفتيك صار باطنًا كالبطن (٦ب١) وظاهر من وجه؛ لأن له اتصالًا بالوجه بمنفذ أصلي، ألا ترى أنك لو فتحت شفتيك صار الفم ظاهرًا كالوجه، وأما من حيث الحكم باطن من وجه، فإنه لا يجب غسله في الوضوء كما لا يجب غسل الباطن، وإذا جمع الصائم ريقه في فمه ثم ابتلعها لم يفطره كما لو انتقل الطعام من زاوية البطن إلى زاوية، ظاهر من وجه فإنه يجب غسله في الجنابة كما يجب غسل وجهه، وإذا كان ظاهرًا من وجه باطنًا من وجه وفّرنا على الشبهين حظهما، فجعلناه باطنًا فيما بينه وبين البطن، فالمنتقل إليه من البطن كالمنتقل من زواية البطن إلى زواية أخرى، وجعلناه ظاهرًا فيما بينه وبين الوجه، فالمنتقل منه إلى الوجه كالمنتقل من الظاهر إلى الظاهر.
قلنا والقيء إذا كان قليلًا، وتفسيره الصحيح: أن يمكنه الإمساك من غير تكلف لا تقع الحاجة فيه إلى فتح الفم، فتبقى النجاسة في الفم صورة، وفي البطن معنى، فلا يتحقق الخروج من الباطن إلى الظاهر فبعد ذلك إن ابتلعه فبها، وإن ألقاه قائمًا وجد الخروج من الظاهر إلى الظاهر، وإنه ليس يعتبر هذا إذا كان قليلًا مرة واحدة.
وإن قاء مرارًا قليلًا قليلًا
1 / 63