Alfred North Whitehead ile Müzakereler
محاورات ألفرد نورث هوايتهد
Türler
فقالت مسز هوايتهد: «كان ذلك من زمان بعيد.» وروت لنا أنها كانت على ظهر باخرة إيطالية أقلعت من نابلي، وقد لقي البحار الذي كان يقلع السفينة مشقة في فك حبل زورقه، وصاح القبطان الذي كان يقف قريبا من إحدى الخادمات وطوقها بذراعيه، فصاحت، وعم الصياح بين الملاحين، واستطاع البحار أن يخلص نفسه، ولكن بداية الرحلة على هذه الصورة لم تكن قط تدعو إلى الاطمئنان.
قلت: «إن أردتم مثالا لبراعة البريطانيين في الملاحة، فإليكم هذه القصة، وهي حديثة العهد جدا، وقد رواها صبي نجا من حريق الباخرة مورو كاسل، وهو شاب من فيلادلفيا، رواها لجون رتشاردز أحد أساتذته القدامى في سنت بول؛ أمسك بحبل كان معلقا بقضيب الباخرة، وتشبث به أربع ساعات وهو في شك من التهام النار للحبل، ثم ماذا حدث؟ أبحرت السفينتان الأمريكيتان، ولم تفعلا إلا قليلا، بل لعلهما لم تفعلا شيئا، ثم ابتعدتا. وأخيرا عند منبثق الصباح أتت السفينة البريطانية، ويقول جون إن الصبي الأمريكي روى القصة ثلاث مرات دون أن يدرك أنه كان يكرر ما يقول، وذكر أثر ما اتصف به البحارة الإنجليز من كفاية هادئة وتدريب حسن على نفسه، وكانت السفن شديدة التلاصق حتى استطاع أن يسمع طقطقة الأذرعة التي تحمل السفينة وصليل القطع الحديدية، ثم طرق أذنه صوت هادئ رزين انبعث من الضابط الأول ورن فوق سطح الماء، وهو يقول للرجل المسئول من أحد قوارب النجاة: «مستر هوكنز، إن قاربك بطيء، اهبط به إلى الماء أيها اللعين.»»
والظاهر أن هذه القصة قد بعثت في نفس الأستاذ هوايتهد سرورا شديدا، ولكنه قال: «ربما صاح بالأمر - فيما أعتقد - رجل لاتيني شديد الحماسة وحصل على مثل هذه النتيجة.»
ثم انتقل الحديث إلى السفن الأمريكية الطويلة السريعة في القرن التاسع عشر، أو سفن جلستر للصيد في القرن العشرين، حيث بلغ كل طراز منهما قمة الإتقان، بحيث أصبح عملا فنيا، حتى حلت محل الأولى سفن تجارية، وحلت محل الثانية سفن تندفع بقوة الاحتراق الداخلي.
وقال هوايتهد: «أذكر أن الإتقان يسبق التغير دائما، ويدل على اقتراب نهاية عهد من العهود.»
وانتقل هذا الحوار من مائدة الطعام إلى حجرة الجلوس، حيث كنا نحتسي أقداح القهوة، وعندئذ ذكر مضيفنا: «أن القدرة على الاختراع في أمريكا ليست ابتكارا غير مسبوق كما ينسب إليها هذا الفضل دائما، ولكنها توجد غالبا في مخترعات الدرجة الثانية التي تنشر السلعة وتعمم استعمالها.» وواصل حديثه قائلا: «إنكم لم تبتكروا السيارة. إنما الفرنسيون هم الذين فعلوا ذلك. أما ما قمتم به فهو تحويرها بحيث تصلح للجماهير.» - «نعم. أوليس الجانب الأكبر من هذه القدرة على الاختراع ينتهي إلى جهاز لنقل الأجسام، ونقل الأفكار، ولا ينتهي إلى التفكير نفسه؟ فما رأيك في التفكير المبتكر؟ لو كانت هذه الولايات المتحدة منعزلة كقارة أطلنطيق الخرافية، ماذا كان يبقى لنا لنذكر به؟»
فقال هوايتهد: «إن تعميمكم لتعلم القراءة والكتابة، ورفع مستوى الراحة والرفاهية بين الجماهير، يعد في ظني من أعظم الأعمال في تاريخ البشر. في البلدان القديمة وفي الأزمنة السابقة - حتى في أحسن الظروف - كانت الثقافة تنتشر بين أفراد طبقة صغيرة عليا فقط، لا تزيد عن عشرين في المائة على الأكثر، وأعتقد أن إمداد الجماهير بمستوى من المعيشة ملائم على الأقل يعد خدمة كبرى للمدنية.»
وسألت قائلا: «إن هذا لا يعدو مجرد الرفاهية المادية وراحة الناس، أليس كذلك؟» ووافقني الأستاذ بري.
وقال بري: «إن الفنون الحقيقية هي علوم الجمال، والعلوم، والفلسفة. أما ما عدا ذلك فجهود ثانوية، وليس من الجهود العظمى.»
وصاحت مسز هوايتهد قائلة: «ما أعجبكم أيها الأمريكان! إنكم دائما تحطون من شأن أنفسكم!»
Bilinmeyen sayfa