Platon Diyalogları: Euthyphro - Savunma - Crito - Phaedo

Zeki Necip Mahmud d. 1414 AH
87

Platon Diyalogları: Euthyphro - Savunma - Crito - Phaedo

محاورات أفلاطون: أوطيفرون – الدفاع – أقريطون – فيدون

Türler

4

ولم تفصل عنها لتقصد إلى أي مكان آخر، إلا إذا كنت في خدمة الجيش، ولم تسافر كما يسافر الناس، ولم يدفعك حب الاستطلاع إلى رؤية الدول الأخرى لتلم بقوانينها؛ فقد اختصصتنا بحبك لم تجاوز به حدود دولتنا، فكنا نحن أصفياءك المخلصين، وقد رضيت بحكمنا إياك. إن هذه هي الدولة التي أعقبت فيها أبناءك، وإن ذلك لينهض دليلا على رضاك. هذا وقد كنت تستطيع لو أردت أن تقرر عقوبة النفي أثناء المحاكمة، وإن كان الآن ثمة دولة تغلق دونك أبوابها؛ فقد كانت حينئذ تسمح بذهابك إليها، ولكن ادعيت أنك تؤثر الموت على النفي، وأنك لم تبتئس من الموت، ولكن ها أنت ذا الآن قد أنسيت تلك العواطف الجميلة، وترفض أن تحترمنا؛ نحن القوانين التي أنت هادمها. وإنك الآن لتفعل ما لا يفعله إلا العبد الخسيس، فتولي أدبارك هاربا من العقود والعهود التي اقتطعتها على نفسك باعتبارك واحدا من أبناء الوطن. فأجب لنا أولا عن هذا السؤال: أنحن صادقون في القول بأنك اتفقت على أن تحكم وفقا لنا، بالفعل لا بالقول فقط؟ أهذا حق أم كذب؟ بماذا نجيب عن ذلك يا أقريطون ألسنا مضطرين إلى التسليم؟

أقريطون :

ليس عن ذلك منصرف يا سقراط.

سقراط :

أفلن تقول القوانين إذن: «إنك يا سقراط ناقض للمواثيق والعهود التي أخذتها معنا على نفسك اختيارا؛ فما كنت في أخذها عجلان ولا مجبرا ولا مخدوعا، ولكنك لبثت سبعين عاما تفكر فيها، وكنت خلالها تستطيع أن تغادر المدينة إن كنا لم نصادف من نفسك قبولا، أو كنت قد رأيت فيما اتفقنا عليه إجحافا بك. كنت في ذلك مخيرا، وكان في مقدورك أن ترحل إما إلى لاقيديمون أو إلى كريت اللتين كثيرا ما امتدحتهما لحسن حكومتيهما، أو ترحل إلى أية دولة أجنبية يونانية أخرى. ولكنك كنت تبدو، أكثر من سائر الأثينيين جميعا، شغوفا بالدولة، أو بعبارة أخرى، بنا؛ أي بقوانينها (إذ من ذا الذي يحب دولة لا قوانين لها)، فلم تتزحزح عنها قط، ولم يكن العمي والعرج والمقعدون، بأكثر منك قبوعا بها. وها أنت ذا الآن تفر ناقضا ما قطعته من عهود. ما هكذا يا سقراط إن أردت بنا انتصاحا، لا تدع نفسك بهروبك من المدينة موضع السخرية.

وحسبك أن ترى أي خير تقدمه لنفسك أو لأصدقائك، إن أنت اعتديت أو أخطأت على هذا الوجه. أما أصدقاؤك فالأرجح أن يشردوا نفيا، وأن يسلبوا حق انتسابهم للوطن، أو أن يفقدوا أملاكهم. أما عن نفسك أنت، فلو تسللت إلى إحدى المدن المجاورة، إلى طيبة أو ميغارا مثلا، وهما مدينتان تسيطر عليهما حكومة حازمة، فستدخلهما عدوا يا سقراط، وستناصبك حكومتاهما العداء، وسينظر إليك أبناؤهما الوطنيون بعين ملؤها الشر لأنك هادم للقوانين، وسيقر في عقول القضاة أنهم كانوا في إدانتهم إياك عدولا. فأغلب الظن أن يكون مفسد القوانين مفسدا للشبان، وأن يكون بلاء ينزل بالغفلة على بني الإنسان. فلم يبق لديك إلا أن تفر من هذه المدن المنظمة، ومن ذوي الفضل من الرجال، ولكن أيكون الوجود حقيقا بالبقاء على هذه الحال؟ أم أنك ستغشى هؤلاء الناس في صفاقة يا سقراط لنتحدث إليهم؟ وماذا أنت قائل لهم؟ أفتقول ما تقوله هنا من أن الفضيلة والعدالة والتقاليد والقوانين أنفس ما أنعم به على الناس؟ أيكون ذلك منك جميلا؟ كلا ولا ريب. أما إن فررت من الدول ذوات الحكم الحازم، إلى تساليا حيث أصدقاء أقريطون، وحيث الإباحية والفوضى، فسيجدون متاعا في قصة هروبك من السجن، مضافا إليها ما يبحث على السخرية من التفصيل عن كيفية تنكرك في جلد عنزة أو ما عداه من أسباب التنكر، وعما بدلته من ملامحكم كما جرت بذلك عادة الآبقين. ليس ذلك كله ببعيد، ولكن ألن تجد هناك من يذكرك بأنك وأنت هذا الشيخ الكهل، قد نقضت أشد القوانين تقديسا، من أجل رغبة حقيرة في استزادة الحياة زيادة ضئيلة؟ قد لا تجد إذا استرضيتهم، ولكن لا تلبث أن تثور منهم سورة الغضب، حتى يصكوا مسمعيك بما يجللك عارا. إنك ستعيش، ولكن كيف؟ متعلقا للناس جميعا وخادما للناس جميعا. وماذا أنت صانع؟ ستأكل في تساليا وتشرب؛ لأنك قد غادرت البلاد لكي تصيب في الغربة طعاما لغدائك، وأين ترى ستكون تلك العواطف الجميلة التي تبديها حول العدل والفضيلة؟ قل إنك راغب في الحياة من أجل أبنائك لتتعهدهم تربية وإنشاء، ولكن أأنت مصطحبهم في تساليا، فتقضي عليهم بذلك ألا يكونوا أبناء الوطن الأثيني؟ أذلك ما ستمنحهم إياه من نفع؟ أم أنت تاركهم واثقا بأنهم سيكونون أحسن رعاية وتربية ما دمت أنت حيا، حتى ولو كنت غائبا عنهم؛ إذ يعني بهم أصدقاؤك؟ هل تخيل لنفسك أنهم سيعنون بهم ما أقمت في تساليا، أما إن صرت من أهل العالم الآخر، فلن يعنوا بهم؟ كلا، فإن كان من يسمون أنفسهم أصدقاء، أصدقاءك حقا ، فإنهم لا شك معنيون بأبنائك.

اصغ إلينا إذن يا سقراط، نحن الذين أنشأناك. لا تفكر في الحياة والأبناء أولا، وفي العدل آخرا، بل فكر في العدل أولا، وارج أن تصيب البراءة عند ولاة العالم الأدنى. فإن فعلت ما يأمرك به أقريطون، فلن تكون أنت ولا من يتعلق بك كائنا من كان، أسعد أو أقدس أو أعدل في هذه الحياة ولا في أية حياة أخرى. فارحل الآن بريئا، مجاهدا لا فاعلا للرذيلة، ضحية الناس لا ضحية القوانين. أما إن صممت أن ترد الشر بالشر والضر بالضر، ناقضا ما قطعته أمامنا على نفسك من عهود ومواثيق، مسيئا إلى أولئك الذين ينبغي ألا يمسهم من إساءتك إلا أقلها؛ أعني نفسك، وأصدقاءك، ووطنك، ونحن، فسننقم عليك ما دمت حيا، وستستقبك قوانين العالم الأدنى وهي إخوتنا، عدوا؛ لأنها ستعلم أنك لم تدخر وسعا في هدمنا. اصغ إذن إلينا، لا إلى أقريطون.»

هذا هو الصوت الذي كأني به يهمس في مسمعي، كما تفعل نغمات القيثارة في آذان المتصوف. أقول إن هذا هو الصوت الذي يدوي في أذني فيمنعني من أن أستمع إلى أي صوت سواه، وإني لأعلم أن كل ما قد تقوله بعد هذا سيذهب أدراج الرياح. ومع هذا، تكلم إن كان لديك ما تقوله.

أقريطون :

Bilinmeyen sayfa