وَهُوَ الَّذِي ميز ولَايَة السُّوق عَن أَحْكَام الشرطة الْمُسَمَّاة بِولَايَة الْمَدِينَة فأفردها وصير لواليها ثَلَاثِينَ دِينَارا فِي الشَّهْر ولوالي الْمَدِينَة مائَة دِينَار وَكَانَ يُقَال لأيامه أَيَّام الْعَرُوس واستفتح دولته بهدم فندق الْخمر وَإِظْهَار الْبر وتملى النَّاس مَعَه الْعَيْش وخلا هُوَ بلذاته وَطَالَ عمره وَفَشَا نَسْله
وَقَالَ الرَّازِيّ إِنَّه الَّذِي أحدث بقرطبة دَار السِّكَّة وَضرب الدَّرَاهِم باسمه وَلم يكن فِيهَا ذَلِك مذ فتحهَا الْعَرَب وَفِي أَيَّامه أَدخل للأندلس نَفِيس الجهاز من ضروب الجلائب لكَون ذَلِك نفق عَلَيْهِ وَأحسن لجالبيه وَوَافَقَ انتهاب الذَّخَائِر الَّتِي كَانَت فِي قُصُور بَغْدَاد عِنْد خلع الْأمين فجلبت إِلَيْهِ وانتهت جبايته إِلَى الف ألف دِينَار يَفِ السّنة وَهُوَ الَّذِي اتخذ للوزراء فِي قصره بَيت الوزارة ورتب اخْتلَافهمْ إِلَيْهِ فِي كل يَوْم يستدعيهم مَعَه أَو من يخْتَص مِنْهُم اَوْ يخاطبهم برقاع فِيمَا يرَاهُ من امورالدولة وَكَانَ سعيدًا قَالَ ابْن مفرج مَا علمنَا أَنه خرج عَلَيْهِ مَعَ طول أَيَّامه خَارج خلا مَا كَانَ من مُوسَى بن مُوسَى بن قسي بِنَاحِيَة الثغر الْأَعْلَى وَلم يشْغلهُ النَّعيم عَن وصل الْبعُوث إِلَى دَار الْمغرب
وَكَانَ مكرمًا لأصناف الْعلمَاء محسنًا لَهُم وَكَانَ يخلوا بكبير الْفُقَهَاء يحيى بن يحي كثيرا ويشاوره وسرق بعض صقالبته بدرة فلمحه وَلما عدت الْبَدْر نقصت فَأَكْثرُوا التَّنَازُع فِيمَن أَخذهَا فَقَالَ السُّلْطَان قد أَخذهَا من لَا يردهَا وَرَآهُ من لَا يقفحه فإياكم عَن العودة لمثلهَا فَإِن كَبِير الذَّنب يهجم على استنفاد الْعَفو فتعجب من إفراط كرمه وحيائه
وَمن توقيعاته البليغة وَمن لم يعرف وَجه مطلبه كَانَ الحرمان أولى بِهِ وَمن مَشْهُور شعره قَوْله فِي جَارِيَته طروب الَّتِي هام بهَا
1 / 46