Müstahtacın Manasına Ulaşmak İçin Gerekenler

Al-Khatib al-Shirbini d. 977 AH
5

Müstahtacın Manasına Ulaşmak İçin Gerekenler

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Araştırmacı

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Yayıncı

دار الكتب العلمية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1415 AH

Yayın Yeri

بيروت

الْحَمْدُ لِلَّهِ ــ [مغني المحتاج] الْقُرْآنِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: فِي الْبَقَرَةِ، وَآلِ عِمْرَانَ، وَطَهَ، وَ" الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " صِفَتَانِ مُشَبَّهَتَانِ بُنِيَتَا لِلْمُبَالَغَةِ مِنْ رَحِمَ بِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ، أَوْ بِجَعْلِهِ لَازِمًا، وَنَقْلِهِ إلَى فَعُلَ بِالضَّمِّ. وَالرَّحْمَةُ لُغَةً: رِقَّةٌ فِي الْقَلْبِ تَقْتَضِي التَّفَضُّلَ وَالْإِحْسَانَ، فَالتَّفَضُّلُ غَايَتُهَا، وَأَسْمَاءُ اللَّهِ - تَعَالَى - الْمَأْخُوذَةُ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ إنَّمَا تُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ الْغَايَاتِ الَّتِي هِيَ أَفْعَالٌ دُونَ الْمَبَادِئِ الَّتِي تَكُونُ انْفِعَالَاتٍ، فَرَحْمَةُ اللَّهِ - تَعَالَى - إرَادَةُ إيصَالِ الْفَضْلِ وَالْإِحْسَانِ أَوْ نَفْسُ إيصَالِ ذَلِكَ فَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ عَلَى الْأَوَّلِ وَمِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ عَلَى الثَّانِي، وَالرَّحْمَنُ أَبْلَغُ مِنْ الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى كَمَا فِي قَطَعَ بِالتَّخْفِيفِ وَقَطَّعَ بِالتَّشْدِيدِ، فَإِنْ قِيلَ: حَذِرٌ أَبْلَغُ مِنْ حَاذِرٍ. . أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ، وَبِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُتَلَاقِيَانِ فِي الِاشْتِقَاقِ مُتَّحِدَيْ النَّوْعِ فِي الْمَعْنَى كَغَرَثٍ وَغَرْثَانَ لَا كَحَذِرٍ وَحَاذِرٍ لِلِاخْتِلَافِ، وَقُدِّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ اسْمُ ذَاتٍ، وَهُمَا اسْمَا صِفَةٍ، وَالذَّاتُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الصِّفَةِ، وَالرَّحْمَنُ عَلَى الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ، إذْ لَا يُقَالُ لِغَيْرِ اللَّهِ بِخِلَافِ الرَّحِيمِ، وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي التَّرَقِّي مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى كَقَوْلِهِمْ: عَالِمٌ نِحْرِيرٌ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْعَلَمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمُنْعِمُ الْحَقِيقِيُّ الْبَالِغُ فِي الرَّحْمَةِ غَايَتَهَا، وَذَلِكَ لَا يَصْدُقُ عَلَى غَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ رَجَّحَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ عَلَمٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا دَلَّ عَلَى جَلَائِلِ النِّعَمِ وَأُصُولِهَا ذَكَرَ الرَّحِيمَ، كَالتَّابِعِ وَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ لِيَتَنَاوَلَ مَا دَقَّ مِنْهَا وَلَطُفَ، فَلَيْسَ مِنْ بَابِ التَّرَقِّي بَلْ مِنْ بَابِ التَّعْمِيمِ وَالتَّكْمِيلِ وَلِلْمُحَافَظَةِ عَلَى رُءُوسِ الْآيِ. فَائِدَةٌ: قَالَ النَّسَفِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: قِيلَ: الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الدُّنْيَا مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ: صُحُفُ شِيثٍ سِتُّونَ، وَصُحُفُ إبْرَاهِيمَ ثَلَاثُونَ، وَصُحُفُ مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ عَشْرَةٌ، وَالتَّوْرَاةُ لِمُوسَى، وَالْإِنْجِيلُ لِعِيسَى، وَالزَّبُورُ لِدَاوُدَ، وَالْفُرْقَانُ لِمُحَمَّدٍ، وَمَعَانِي كُلِّ الْكُتُبِ مَجْمُوعَةٌ فِي الْقُرْآنِ، وَمَعَانِي كُلِّ الْقُرْآنِ مَجْمُوعَةٌ فِي الْفَاتِحَةِ، وَمَعَانِي الْفَاتِحَةِ مَجْمُوعَةٌ فِي الْبَسْمَلَةِ، وَمَعَانِي الْبَسْمَلَةِ مَجْمُوعَةٌ فِي بَائِهَا، وَمَعْنَاهَا: بِي كَانَ مَا كَانَ، وَبِي يَكُونُ مَا يَكُونُ، زَادَ بَعْضُهُمْ: وَمَعَانِي الْبَاءِ فِي نُقْطَتِهَا. (الْحَمْدُ لِلَّهِ) بَدَأَ بِالْبَسْمَلَةِ ثُمَّ بِالْحَمْدَلَةِ اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَعَمَلًا بِخَبَرِ: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ - أَيْ حَالٍ يُهْتَمُّ بِهِ - لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَقْطَعُ» أَيْ نَاقِصٌ غَيْرُ تَامٍّ، فَيَكُونُ قَلِيلَ الْبَرَكَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ رَوَاهَا أَبُو دَاوُد «بِالْحَمْدُ لِلَّهِ» وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَغَيْرِهِ بَيْنَ الِابْتِدَاءَيْنِ عَمَلًا بِالرِّوَايَتَيْنِ، وَإِشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، إذْ الِابْتِدَاءُ حَقِيقِيٌّ وَإِضَافِيٌّ، فَالْحَقِيقِيُّ حَصَلَ بِالْبَسْمَلَةِ، وَالْإِضَافِيُّ بِالْحَمْدَلَةِ، أَوْ أَنَّ الِابْتِدَاءَ لَيْسَ حَقِيقِيًّا بَلْ أَمْرٌ عُرْفِيٌّ يَمْتَدُّ مِنْ

1 / 89