متألِّقةً في جبين الزمن، حتى إنَّ هذه الكتبَ التي دُوّنت في الحديث لتعدُّ من أكبر مفاخر هذه الأمّة على الإطلاق.
* * *
وإذا يمَّمنا وجوهَنا شطرَ القرن الثاني من الهجرة، يُطالعنا اسمُ الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز؛ إذ عرضتْ له فكرةُ تدوين الحديث النبويِّ، فأوعز إلى ابن شهاب الزهري يأمرُه بتدوين حديث رسول الله ﷺ، وجَمْعه. كما كتب إلى قاضي المدينة أبي بكر بن حزم الأنصاري قائلًا: "انظرْ ما كانَ من حديث رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فاكْتُبْهُ".
* * *
ويُعَدُّ موطَأُ الإمام مالك ﵀ من أهمِّ كتب الحديث المدوَّنة، ومن أقدمها في القرن الهجري الثاني.
وقد نَضِجَ عِلمُ الحديثِ في القرن الهجري الثالث؛ إذ يُعتبر العصرَ الذَّهبي لتدوين الحديث، وجَمْعه. وقام بذلك علماءُ جهابذةٌ، مما جعل أسسَ الحديث تترسَّخُ، إذ تمَّ تشييدُ صَرْحه على المسانيد أو الأبواب.
وظهرت الكتب الستة، وتلقَّت الأمةُ بالقبول والصحة كلًّا من صحيحي البخاري ومسلم، وقد خُدِما كثيرًا: شرحًا، وتهذيبًا، واختصارًا، واستخراجًا عليهما؛ مما يُنبئ بالمكانة العليا التي انتهيا إليها في مختلف مراكز الإشعاع العلمي في الدولة الإسلامية.
* * *
وظهر الإمام مسلم في العصر الذهبي للفكر الإسلامي، حيث ازدهرت الثقافةُ العربية الإسلامية، وترعرعت العلوم، وتوهَّجت المعرفة، ولمعت شخصياتُ كبارِ
1 / 9