فلما جعل الفاعلان في الطرفين وهما الحرارة والبرودة بقي المفعولان بهما في الوسط وهما اليبوسة والرطوبة فلما كان الغالب على الأرض اليبس وعلى الهواء الرطوبة جعلت الأرض في الترتيب تحت النار وجعل الهواء تحت الأرض وإنما فعلوا ذلك لعلتين أما إحداهما فلمجانسة الأركان بعضها لبعض لأن يبس الأرض مجانس لحرارة النار ورطوبة الهواء مجانسة لبرودة الماء والعلة الثانية أن الحرارة لما كانت أقوى الفاعلين واليبس أقوى المنفعلين وكان الغالب على النار الحرارة وعلى الأرض اليبوسة بدؤوا بأقوى الفاعلين وهو النار فجعلوه في الطرف الأول ثم وضعوا تحته أقوى المنفعلين وهو الأرض لأن اليبس دون الحرارة في القوة فأما الهواء فجعلوه تحت الأرض لأن اليبس على الأرض أغلب والرطوبة على الهواء أغلب والرطوبة دون اليبس في القوة فصار الهواء دون الأرض وفوق الماء في الترتيب وإنما صار الهواء فوق الماء ليصير الفاعلان اللذان هما الحرارة والبرودة في الطرفين والمنفعلان اللذان هما اليبوسة والرطوبة في الوسط
Sayfa 202