358

فأما هرمس وكل المتقدمين من أهل فارس والبابليين واليونانيين فإنهم كانوا ينظرون إلى البيت الذي لذلك الشيء وإلى صاحبه وإلى الكوكب الدال عليه بطبيعته وإلى السهم المنسوب إلى ذلك المعنى وموضعه من البروج وحال صاحبه منه وإلى مقارنة الكواكب السهم ونظرها إليه وتسييره وانتقاله في البروج الاثني عشر فيحكمون على قدر ما يدل عليه ووجدنا ما عملوا من ذلك صوابا

فأما العلة في استخراج السهام فظاهرة بينة عند من فهم دلالات الكواكب وذلك من جهتين إحداهما أنه لما كانت الكواكب إذا قرب بعضها من بعض وإذا تقارنت أو إذا تباعد أحدهما من صاحبه بمقدار درجة أو أقل أو أكثر حدث له منه مزاج ودلالة على الخير أو الشر خلاف ما كان دل عليه في الوقت الآخر وأظهر ما يكون هذا في الكوكبين اللذين يدلان على شيء واحد دلالة طبيعية وذلك كالشمس وزحل اللذين يدلان على حال الأب فاحتيج إلى معرفة بعد ما بينهما في كل وقت من الأوقات ليعرف منه دلالة الدليلين وقوتهما وضعفهما في ذلك الوقت فلهذه العلة استخرجوا السهام

والجهة الثانية أن الأشياء التي تدل عليها النجوم إنما تعرف وتستخرج باجتماع دليلين أو ثلاثة على شيء واحد وهذه الأدلاء ربما اشتبهت دلالتها لأنه ربما كان للشيء الواحد دليلان أحدهما ليلي والآخر نهاري أو يكون أحدهما أقوى دلالة من الآخر أو يكون أحدهما دليلا على الابتداء والآخر دليل على التمام فتشتبه الدلالة فيها فلذلك احتاجوا إلى استخراج السهام واستعمالها لينظروا إلى السهم إلى أي الأدلاء يكون أميل فيحكمون عليه

Sayfa 820